Connect with us

ثقافة وفن

بلال المصري: أغوصُ ولا أتسلّق

للشاعر اللبناني بلال المصري صوتٌ هامسٌ، يُشعرك عندما تلتقيه أنه ابن ناس، ليس كائناً استعراضياً، ولا مُفاخراً

للشاعر اللبناني بلال المصري صوتٌ هامسٌ، يُشعرك عندما تلتقيه أنه ابن ناس، ليس كائناً استعراضياً، ولا مُفاخراً بما يُنجز، نجح في أن يحمي ذائقته من استهلاك المعيش، ويرتقي بلغته رغم وعورة المسالك، وراقت تجربته لنقاد كُثر، وحظيت بالاحترام ليخرج من عتمة المرايا، ويتصاعد تصاعد الياسمين، ويُبحر إبحار مفتونين بالسجال مع الأنواء دون التعثر بموجة.. وهنا نص حواري معه:

• ما الذي أغراك بقصيدة النثر؟

•• بالنسبة لي لا يمكن أن أرى الشعر خارج قصيدة النثر؛ لأنها ببساطة غير متكلفة لا بالشكل ولا في المضمون، وتمنح الشاعر مساحات حرة للتعبير دون الحواجز والضوابط الموجودة في الأشكال الأخرى من الشعر العامودي الى التفعيلة حيث تأسرك الحواجز والقيود، وتربك خيال الشاعر وتضعه أمام طريق إذا زاح عنه سقط، وهذا ما لا تجده في قصيدة النثر التي تمنحك السير في كل الاتجاهات وهي تحاكي العصر وتفتح آفاقاً جديدة نحو مناطق عميقة داخل الإنسان، وتسهم في تجديد اللغة في المعنى والتركيب، وتبرز تصورات وخيالات غير مطروقة. قصيدة النثر هي مستقبل الشعر وتمثل ضمير الإنسانية ووجدانها.

• هل أسهمت مجلتا شعر ومواقف في تأهيل أرضية في لبنان؟

•• دون شك كان لهما دور كبير في تأهيل أرضية ليس في لبنان وحسب، بل على امتداد الوطن العربي عموماً. لقد منعت المجلتان من دخول بعض البلاد العربية في حينه من أجل تقويض جهودهما، مع ذلك تمكنتا من الاستمرار في إشاعة مذاهب الحداثة ورسختا وجود قصيدة النثر في الثقافة العربية. كما تعلم مجلة مواقف أسسها الشاعر والمفكر الكبير أدونيس بعد أن غادر مجلة شعر عام 1963 وكتب افتتاحية العدد الأول قائلاً: «لن يكون هناك موضوعات مقدسة لا يجوز بحثها». ولكن ما حدث لاحقاً أنه لم تستطع المجلة طرح الموضوعات التي كان يطمح أدونيس لإثارتها مما أدى إلى إقفال المجلة بشكل نهائي؛ لأنها فقدت مبرر وجودها. والجدير ذكره أنه كتب في عددها الأول المفكر السعودي عبدالله القصيمي إلى جانب العديد من المفكرين والشعراء اللبنانيين والعرب.

• لمن الريادة لبنانياً في الشعر الحديث؟

•• بالنسبة لي أعتقد أن الريادة لبنانياً في الشعر الحديث لشعراء من الجيل الأول من أمثال يوسف الخال وخليل حاوي وأونسي الحاج، ثم يليهم شعراء من أمثال بول شاوول وبسام حجار، ثم شاعرات من أمثال عناية جابر وصباح زوين وغيرهم من الشاعرات والشعراء البارزين وصولاً لجيل الشعراء المجايلين والشباب حيث قائمة الأسماء تطول وتبرز تجارب شعرية غنية ومتقدمة جداً لشاعرات وشعراء مميزين من أبرزهم الشاعرة سمر دياب التى صدر لها ثلاث مجموعات شعرية متتالية تجربتها الشعرية مميزة وتستحق الثناء.

• كيف انعكس الواقع المادي على مستقبل القصيدة؟

•• صحيح أننا نعيش في واقع مادي تحكمه المصالح والصفقات وتسليع القيم، ولا يقيم وزناً للعواطف والمشاعر الإنسانية، وهنا تكمن مهمة قصيدة النثر بالتحديد المحصنة بذاتها، التى تمتلك القدرة على مقاومة هذا الواقع والتأثير فيه لتشكل قصيدة النثر، بل الشعر على العموم جبهة يقودها شعراء العالم من أجل السلام والمحبة والعدل ولجم الواقع المادي الذي تفرضه الرأسمالية العالمية التي صنعت كل هذه الحضارة لغاية واحدة هي تحقيق الربح المادي حتى ولو تم سحق البشرية بأكملها.

• لماذا لا يزال جمهور قصيدة النثر محدوداً؟

•• على العكس تماماً حسب اطلاعي فإن جمهور قصيدة النثر بازدياد مستمر لا سيما بين الشباب، وهذا ما أرصده من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات الشعرية، ولكن دعني أقول شيئاً هنا جمهور قصيدة النثر ليس جمهوراً كلاسيكياً تقليدياً على الإطلاق، فجمهور قصيدة النثر يسهم أيضاً في صناعتها عبر مئات، بل آلاف المحاولات للكتابة والتجريب، هو جمهور يتفاعل ويتأثر ويكتب القصيدة تعبيراً عن حبه وشغفه بها ومن هنا يجب أن نميز.

ليس كل من كتب قصيدة النثر شاعراً؛ لأن بلوغ هذه المرتبة يحتاج إلى مقومات عالية جداً، وأن معظم من يكتبون قصيدة النثر هم جمهورها الحقيقي وشعراؤها قلة قليلة. وهذه ميزة قصيدة النثر أنها تغوى الجمهور للاندفاع نحو الكتابة وتأسر فيهم على نحو تستنفر مشاعرهم وعواطفهم وتعطيهم الجرأة للتعبير عنها ومشاركة الشعراء في عملية التجريب والبحث عن الصور والرؤى الشعرية الجديدة وغير المطروقة.

• أين ترى العناية بالفنون والآداب عربياً؟

•• تتبنى اليوم دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً دوراً ريادياً بالعناية بالفنون والآداب من خلال الإعلاء من شأن المسرح والفنون والشعر، وأيضاً السينما، وهذا ما شهدناه أخيراً في المملكة من مهرجان السينما إلى الجوائز الشعرية المتتالية التي تمنح لشعراء ومثقفين عرب وسعوديين إلى النهضة الكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية والتحول الجذري في مسارها التاريخي نحو الحداثة بكل معانيها، وكان آخر تجلياتها استضافة الشاعر العربي الكبير أدونيس في رحابها لأكثر من مرة خلال عام، كل هذا يؤكد أن المملكة تنحاز إلى الحداثة وترى فيها مستقبل الثقافة العربية دون أن نغفل كل ما تقدمه الأندية الأدبية من أنشطة وحراك ثقافي واسع النطاق داخل المملكة وخارجها عبر طباعة الكتب الأدبية لشعراء وروائيين عرب.

• ما أثر الحروب والأزمات على القصيدة اللبنانية؟

•• لبنان نموذج خاص للغاية، لقد ترعرعت قصيدة النثر منذ الخمسينيات في مناخ سياسي واقتصادي يتعرض دائماً إلى الهزات، واستمرت مسيرتها في كل الحروب التي تعرض لها لبنان بداية مع ثورة الـ1956 وصولاً إلى الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وما تلا ذلك من حروب أهلية واعتداءات إسرائيلية مما جعل من القصيدة اللبنانية قصيدة قلقة وساخطة حيناً وأحياناً قصيدة ثائرة وحالمة لها مفرداتها الخاصة ورؤيتها العالية وشأنها الرفيع في الثقافة العربية. لقد قدمت القصيدة اللبنانية نموذجاً حداثياً شكل في مختلف مراحله وعي ووجدان الإنسان العربي.

• بماذا ترد على من يعد القصيدة الحديثة استلاباً؟

•• لا أتفق مع هذا الكلام على الإطلاق. فأنا أعتبر أن قصيدة النثر هي جزء من تطور القصيدة العربية التي تطمح لمحاكاة العصر من خلال الشكل والمضامين الجديدة على نحو يمكننا من تقديم رؤية جديدة وإضافة على مخزون الشعر العربي، فدون التجديد في كافة الأشكال الأدبية والفنية تفقد تلك الفنون والأداب معناها وقيمتها وتصبح الثقافة العربية خارج الزمن دون التفاعل مع الحركة الحداثية التي تحصل في العالم، فالبعض يفضل أن يبقى في الماضي أما نحن نسعى لصناعة مستقبل القصيدة على طريقتنا.

• من «عتم المرايا»، إلى «تصاعد الياسمين كالرصاص»، إلى «خفيفاً كزيت يضيء»، إلى «أسماؤك كثيرة وخبزنا قليل»، هل من ذروة سنام لهذه المجاميع؟

•• أكتب في إطار التجريب والبحث، الكتابة عندي عملية حفر وتنقيب وغوص في أعماق الإنسان وليست محاولة لتسلق القمم، فالنظر إلى الأشياء من فوق يجعلها أقل من حجمها، ويجعلك أيضاً أكبر من حجمك الطبيعي بكثير. ومسار الكتابة عندي يسير بشكل متعرج، وأعتبر شعري نهراً ينحدر من الأعلى يقاوم المعوقات التى تواجهه يجرف كل ما في طريقه حتى بلوغ البحر ينتهي فيه مع ذلك يبقى عذباً وله نبرته الخاصة التي أعمل عليها منذ البدايات.

• لماذا الانتقال من القصيدة للمسرح؟

•• منحني المسرح مساحات شاسعة للتعبير دون أن أتخلى عن المناخ الشعري خلال عملية الكتابة، وفتنني المسرح بكل معنى الكلمة، وأبهرتني لعبة الحوار المدهشة التي تبني الأحداث الدرامية لتتراكم وتتصاعد وتتشكل الأسئلة الكبيرة فى هذا الفضاء الرحب حيث يتجاوز الكاتب نفسه ثم يعود إليها مشحوناً وقلقاً من عواقب تلك الحوارات التي من أول نتائجها اكتشاف الذات وإمكاناتها المجهولة من خلال لعبة الحوار الذي يؤجج الانفعالات الإنسانية الحقيقية التى دونها لا يكون لهذا الحوار أي قيمة، أضف إلى ذلك كتابة السيناريو المسرحي التي تمثل طبيعة المشهد على خشبة المسرح وحركة الممثلين بالنسبة لي أكتبها مثلما أكتب قصيدة بصرية.

ما أريد قوله الكتابة المسرحية بالنسبة لي ورشة عمل للتجريب والبحث عن الشعر بمعناه العميق.

• متى شعرت بالحاجة لكتابة الرواية؟

•• منذ بدايات تجربتي الشعرية وأنا لدي رغبة لمحاولة كتابة الرواية، وفي عام 2006 بعد أن استقللت بسكنٍ بعيدٍ عن العائلة كتبت أولى محاولاتي، ثم وببساطة أتلفت الرواية بأكملها، وبعدها بأشهر عاودت كتابة رواية أخرى لتصدر لاحقاً عن مؤسسة أروقة عام 2014 في القاهرة ضمن منشورات نادي نجران الأدبي. وبعدها كررت المحاولة مرة أخرى وكتبت رواية «الأخيب» التى لم تنشر حتى الآن ثم عملت على كتابة دراما تلفزيونية وكتبت سيناريو من ثلاثين حلقة، ولكني اليوم وبعد كل هذه المحاولات في كتابة الرواية والمسرح أريد أن أعود إلى وطني الشعر وأستقر فيه إلى الأبد.

• من أين ينبع قلقك على الثقافة العربية؟

•• هذا سؤال مهم للغاية صحيح أن الثقافة العربية تزدهر وتتقدم في أكثر من بلد عربي، وتشكل مشهداً ثقافياً بارزاً حتى على المستوى العالمي، لكن الذي يقلقني أن معظم الحراك الثقافي تخضع لاستراتيجية سياسية لها مشروعها واعتباراتها وأولوياتها وتعمل لمصلحتها وخدمة أهدافها، وهذا قد ينتج على المدى الطويل مشهداً ثقافياً عربياً سطحياً لا يعبر عن حقيقة الواقع ولا عن إرادة المثقفين أنفسهم؛ لذلك نأمل أن تتم خصخصة المؤسسات الثقافية عموماً وفتح آفاق حرة للعمل الثقافي ودعمه دون مقابل وجعل الثقافة كياناً مؤثراً بالسياسة وليس العكس ومعبراً عنها، وهذا ما سيجعل الأمور تتقدم نحو الأفضل، فعندما تضع المثقف في قالب معين وتأسره لا تتوقع منه أن يبدع، وعندما تحوله إلى موظف في مؤسسة لا تتوقع منه أن يبدع، وعندما تستكتبه في مواضيع معينة دون إعطائه الحرية الكاملة لا تتوقع منه أن يبدع.

• هل أطاح المشاهير بالبرج العاجي للمثقفين؟

•• أولئك الذين يقيمون في أبراجهم العاجية لا يصلح أن نسميهم مثقفين أصلاً.. فهم منفصلون عن الواقع، والأجدر بهم أن يلتحموا بالناس ويستلهموا أعمالهم من تجارب معاشة، وأن يتلمسوا قضايا الناس الأساسية وهمومهم، ويقدموا الحلول من خلال الاشتغال على أعمالهم الأدبية بمختلف أصنافها، وهذا ما سيحقق عملية اتصال وتواصل إيجابية ويعزز المشهد الثقافي ويجعل له قيمة وشأناً لدى أوساط عامة الناس.

• كثيرون لا يعرفون أنك اشتغلت في المملكة عملاً يدوياً، كم استمر؟

•• صحيح لقد عملت في المملكة العربية السعودية سنوات عدة، ومررت بأوقات صعبة، ولكن رغم كل الصعوبات التي مررت بها وجدت في المملكة إخوة وأصدقاء احتضنوني ووقفوا إلى جانبي وقدموا لي كل الدعم والعون اللازم للاستمرار، وأحب أن أخص بالذكر الصديق والأخ الكبير مسعد الحارثي الذي وقف إلى جانبي كأنني أحد أبنائه، لقد انقطعت أخباره منذ زمن طويل وآمل أن يكون بخير، وأغتنم هنا الفرصة لأشكره على حفاوته واهتمامه. وبالنسبة لتواجدي في المملكة في تلك الفترة الممتدة من 2008 وحتى عام 2012 تقريباً شاركت بالحياة الثقافية في المملكة وقدمت العديد من الأمسيات الشعرية في جدة والمنطقة الشرقية، كما استضافني الأصدقاء في سيهات ضمن ملتقى الوعد الثقافي، وأيضا في نجران ضمن فعاليات مهرجان قس بن ساعدة. وأود أن أذكر قصة هنا في تلك الفترة كان يجب أن ألتقى الشاعر الكبير محمد الثبيتي بعد أن رتب اللقاء صديقي مسعد الحارثي، ولكن بسبب مرض الشاعر محمد الثبيتي تم تأجيل اللقاء ثم توفي الشاعر وفاتني هذا اللقاء الذي كنت أنتظره بشغف، وهذا الشيء الوحيد الذي حزنت لأجله خلال تواجدي في المملكة.

• من هم أصدقاؤك الشعراء الذين تراهن عليهم؟

•• في الأساس أراهن على الشعر أنه سينقذ العالم من بأسه ومن غضبه، العالم بائس وغاضب، الطبيعة غير راضية عن أفعال الإنسان والبشرية رغم كل التطور الذي نشهده تسير نحو الهاوية والدمار؛ لأنها تفقد إنسانيتها وبدل أن تكون الآلة في خدمة الإنسان صار الإنسان يخدم الآلة وسيتحول لعبد لها إن لم ينقذه الشعر. لكن لماذا الشعر لأنه ببساطة ضمير ووجدان الإنسان وعاطفته الحية. وبالعودة لسؤالك فأنا أراهن على أصدقائي الشعراء جميعاً ومنهم صديقي الشاعر اللبناني علي حمام وهو رفيق دربي في الكتابة منذ نعومة أظفارنا وأجد في تجربته صوتاً شعرياً متميزاً وله بصمته الخاصة. كما أراهن على صديقي الشاعر السعودي صالح زمانان هذا الشاعر الفذ صاحب الصوت الشعري النجراني إذ يحتوى نصه الشعري على لغة شعرية متفردة وعالية. كما أراهن على الكثير من أصدقائي الشعراء وأذكر منهم: الشاعرة اللبنانية رنيم ضاهر وصديقي الشاعر المصري فتحي عبدالسميع وأيضا الشاعر العراقي عبود الجابري وغيرهم الكثير من الأسماء الشعرية الكبيرة.

• لمن تقرأ من مجايليك من الشعراء السعوديين؟

•• كما تعلم أنني على اطلاع لا بأس به بالمشهد الشعري السعودي؛ لذلك أنا أقرأ للكثير من الشعراء المجايلين ومنهم الشاعر الرائع أحمد الملا وصديقي الشاعر محمد خضر وأيضاً صديقي الشاعر على الحازمي والشاعر عبدالله ثابت وأيضا الشاعر الذي اختفى فجأة من المشهد الشعري السعودي ولم أعد أعرف عنه شيئاً وهو عيد الخميسي والعديد من الأسماء الشعرية الأخرى اللامعة.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .