Connect with us

ثقافة وفن

قبس في عتمة الرقمنة

لا يبدو أنه ثمة ما يستطيع أن يمنح جوهرنا تماسكاً يبقي عليه فاعلاً وخلاقاً ويورثه ثباتاً على غرار ما يفعله الإمساك

لا يبدو أنه ثمة ما يستطيع أن يمنح جوهرنا تماسكاً يبقي عليه فاعلاً وخلاقاً ويورثه ثباتاً على غرار ما يفعله الإمساك بكتاب وتقليب صفحاته واستشعار ملمسها وتتبع الجمل وتدوين الملاحظات في الحيز الفقير بين السطور وتظليل النصوص التي تثير فضولنا وإعجابنا.

فالقراءة تنطوي على مزيج من الإغناء والدهشة يتجلى سخاؤهما من خلال الأعمال التي كتبت بهدوء وصدق حميمين وأحيلت بمهارة إلى خفوتنا المرتعش لتكسيه سكينة وطمأنينة وتقتفي أثر نتوءاته فتملأها ضياءً وبريقاً.

وتفترض ديمومة ذلك الأثر البليغ استمرار القارئ في عملية البناء المعرفي على نحو رصين ومتقن وبجهد متأنٍ يمنح حدسه سُبلاً متنوعةً لأن يكون فاعلاً وقادراً على خوض تجارب فرضية تحاكي واقعاً متوعداً واجتراح مساءلة نقدية ودربة عقلية تخلقان حساً سليماً يتلمس مثالية الحلول.

بيد أن ما يبدو أنه يسهم على نحو بليغ في صياغة القارئ ليس سوى أحد الامتيازات المتاحة له والتي تفوق في فضائلها الإغناء المعرفي والإثراء الأدبي إلى ازدهار فكري يورثه القدرة على التحليل والربط والاستنتاج إلى جانب الزخم الماتع الذي يخلقه شعوره بأن ثمة من تعتمل في ذهنه ذات الأفكار ويشاركه ذات النظرة نحو الأشياء ما يعزز من وجودها ويخلق كثافة عقلية تملأ الثقوب التي تنفذ من خلالها أسئلة مقلقة كلماذا وكيف؟

وفي إزاء الشعور الماتع الذي يعتري القارئ وهو يلتقط ثمار الكتب ويودعها سلة أفكاره ثمة ما هو أربى وأوفر لمن أوتي إلى جانب شغفه القرائي ملكَة الكتابة، إذ يتجاوز متعة تذوق الضوء نحو لذة خلق اللحظة التي تضيء قتامة الفرص ويقفز من مرتبة النظر نحو الكلمات التي تعلو وتهبط إلى صناعة أخرى دؤوبة وآسرة ومن موقع مراقبة جملة بدينة إلى اكتشاف ما تنطوي عليه من ألم ورغبة.

وكما أن المتعة التي يحظى بها القارئ تكمن في قدرته على التعاطي مع الدهشة المخبأة أسفل الطبقة الرقيقة للجمل المتسقة بإجلال وإكبار وإيلائها ما تستحق من التقدير والإبقاء على بريقها متوهجاً حتى يحظى بتلك اللحظة السحرية التي تثير حماسته وتشعره بالتجلي والاكتمال ليبدأ دوره في استدعاء حكمته الخاصة، فإن متعة الكاتب تكمن في قدرته على صناعة الدهشة وإطعامها لب القارئ وتتجلى من خلال براعته في وصف الموجودات الغامضة على نحو دقيق وجاذب، وهي عملية تكاملية يبني من خلالها القارئ والكاتب عالماً قرائياً مزدهراً وثرياً يجد فيه الأول خلاصاً من اغترابه النفسي فيما يسكن في روع الآخر قلقه الوجودي.

بيد أن تلك الثنائية المترعة بالشغف باتت تواجه تراجعاً لم تعهده منذ نشأتها في أواسط الألفية الرابعة قبل الميلاد، ففي ظل التطور التقني الذي تحول عن مزاحمتها العقل الجمعي إلى محاولة اقتلاعها منه بدءاً من تدفق القراء والكُتاب على حد سواء إلى الفضاء الافتراضي لمواكبة الثورة الرقمية لا من خلال تسليط الضوء على المنتج الأدبي واستبانته فحسب بل لمزاولة وقراءة الإبداع من خلال الوسيط الجديد، وليس انتهاءً بالوسائط الرقمية التي احتلت وقت القراءة وأبقت الذهن الجمعي على اتصال مستمر بمحفزاتها ما خفض جودة الانتباه وجعل قراءة كتاب تبدو أمراً شاقاً ومضنياً.

وقد استشرف المتخصصون المستقبل الذي تعكف التقنية على صياغته على صعيد القراءة ونمطها الجديد فمن خلال كتابها «أيها القارئ عد إلى وطنك» تصف الدكتورة «ماريان وولف» المتخصصة في علم الأعصاب الإدراكي وعلم اللغة النفسي التنموي في قراءة الدماغ، والتي عملت خلال العقدين الماضيين على دراسة عقل القارئ والعقبات التي تواجه تطوره والتحولات المغنية التي تطرأ على القارئ إبان انغماسه في قراءة كتاب ولكنها من خلال تحليلها الدقيق لبنية الدائرة المرنة للدماغ القارئ تخلص إلى «صعوبة استدعاء القارئ لذات التركيز أثناء قراءته من خلال الشاشات المضيئة والأجهزة الرقمية» وتؤكد بقاءه منجذباً إلى محفزات التقنية التي تجذرت في روعه وما يفضي إليه ذلك من بناء معرفي هش، ناهيك عن افتقاده إلى تفاعل ما دعته «القشرة الحسية الجسدية» التي يلامس القارئ من خلالها أوراق كتابه، مع «الخلايا العصبية الحركية في الدماغ» ما يقلل من قدرة العقل على التحليل وإنتاج الرؤى والأفكار الجديدة وكذلك هو الأمر بالنسبة للكاتب عطفاً على حاجته المستمرة إلى القراءة التي تمده بالقدرة على تطوير أدواته وإنتاج رؤاه.

ما يدل على أن قراءة الكتاب الورقي والأدب بشكل خاص بوصفه الأكثر ملامسة للشعور الإنساني تتحول في إزاء الزحف التقني الذي يزداد شراسة ويضيق الخناق على المخيلة البشرية وتتبدل أمام الرغبة المتوثبة لمواكبة التغيرات اللحظية والشعور المتنامي بحتمية التطوير وضرورة الاكتشاف من ملاذ آمن قادر على خلق رؤى نبيلة ومشعة تصعد بموجات التفكير والإحساس نحو مستوى عالٍ من الوعي والإدراك، إلى مسألة بالغة التعقيد تفرض على القارئ بذل جهد مضاعف للتخلص من قيود التقنية قبل أن يخلو بكتابه ويسافر إلى فضائه الداخلي.

وعطفاً على أن مخيلة القارئ تتطور بفعل العوامل الطبيعية والبيئية التي تحيط به بما في ذلك الطريقة التي يقرأ بها والتي تجغرف انتماءه إلى الدوائر المحيطة به معرفياً ولغوياً وفسيولوجياً فما يبدو أنه طفرة عشوائية أنتجت أبداعاً رقمياً تخلق فجأة ونما حتى شكل انزياحاً مهماً للمفهوم الأصيل ونحا به قسراً نحو جمل قصيرة ومعانٍ مقتضبة وصور وامضة لا تتجاوز طبقة العقل الرقيقة فخلق شكوكاً متزايدة حول صعوبة التفكير من خلال الكتاب الذي يبدو شاسعاً ورحباً إزاء عقارب الساعة اللاهثة، يبدو هذا الفضاء الافتراضي قد خلق قارئه وكاتبه الرقميين وسلالته القرائية وأشاع ثقافة رقمية ستنمو إلى أن تتلاشى قدرة الأدب على منح قصة هائمة في الهواء صوتاً لتتحدث به إلى القارئ وتجيبه عن تلك الأسئلة التي تملك في ذواتها حيوات خاصة وتذهب بعيداً في أعماقه وتتضاءل قدرة المعرفة على تعرية أيديولوجيا مارقة تهدد النسق البشري وتعادي نظمه.

فتمدد العالم الافتراضي بات على مقربة من البقع الأثيرة في عقلي القارئ والكاتب على حدٍّ سواء، وقد صبغ جزءاً كبيراً من مخيلتهما بلونه الأزرق وباتت محفزاته هاجساً يلتصق بذهنيهما وهو تغير حتمي إذا ما استمر فسيتحول إلى استعباد تقني وستتحول امتيازات القارئ والكاتب إلى انطوائية فكرية وعزلة اجتماعية تضيق من خلالها العاطفة وتتسع دائرة اللا اكتراث، وتنمو عبثية المعنى ولن يعود القارئ والكاتب الذي كاناه، ولذلك «لا يمكن معالجة الوضع الحالي، وإلى أن يحصل ما ننتظره لا بد لنا أن نكون حماة مميزات الكتاب» كما يرى «جيرالد بيسلي»، مدير المكتبات في جامعات ألبرتا الكندية.

والحقيقة أنه أياً كانت الأدوات المتطورة التي يملكها المقروء الرقمي وما سيصل إليه بفعل رقمنة الحياة، فهو لن يصبح شكلاً تعويضياً عن المكتبة والكتاب الورقي على الحد الأدنى للمعنيين والمهتمين بالبناء المعرفي الرصين الذي يبقي على امتيازات قارئه وافرة وغنية، ولكنه سيظل وجهةً في فضاء جاذب لقارئ يحاول مواكبة عصره الرقمي حتى إذا ما تفقد يوماً مخزونه المعرفي واختبر قدرته على الاستنتاج أدرك أنه بحاجة لأن يرفأ نسيج دماغه ويضيء عتمة الرقمنة بقبس ورقي؛ ولذلك فنحن معنيون جميعاً بحماية كل ما هو مطبوع لنبقي على الامتيازات التي يمنحنا إياها.

Continue Reading

ثقافة وفن

تعليق مفاجئ من عاصي الحلاني على طلاق ابنته «ماريتا»

علق المطرب اللبناني عاصي الحلاني، لأول مرة، على انفصال ابنته الفنانة ماريتا عن زوجها المنتج الفني كميل أبي خليل،

علق المطرب اللبناني عاصي الحلاني، لأول مرة، على انفصال ابنته الفنانة ماريتا عن زوجها المنتج الفني كميل أبي خليل، الأمر الذي تم أخيراً وتداولته الكثير من المواقع والصفحات الفنية اللبنانية دون تعليق أحد من الطرفين أو الأسرة.

وأكد الحلاني خلال تصريحات تلفزيونية لقناة «mtv» اللبنانية، أن كل شيء قسمة ونصيب وأن الحياة مستمرة، وأنه يتمنى الخير للجميع، حيث قال: «الحياة هي قسمة ونصيب.. ثمة أزواج يكملون مع بعضهم والبعض الآخر لا يحالفهم الحظ وكل إنسان يفعل ما يراه مناسباً له».

وتابع الحلاني: «تعاملنا مع الأمر بشكل طبيعي والحياة مستمرة، وماريتا بتطير العقل وأنا بتمنى الخير للكل، مثل ما بتمنى لعيلتي، الحياة مابتقفش ودائماً الإنسان بيمر بتجارب في حياته».

وجاء هذا الانفصال بعد أقل من عامين على زواجهما، وكان ذلك بعد حذف ماريتا جميع الصور التي تجمعها بكميل من حساباتها الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما فتح باب التساؤلات حول انفصالهما.

أخبار ذات صلة

وفيما لم يصدر تعليق مباشر من الطرفين، أكدت مصادر لبنانية مقربة من الأسرة لبرنامج «et بالعربي» خبر الانفصال رسمياً، مشيرة إلى أن ماريتا انفصلت عن زوجها بعد زواج لم يستمر أكثر من عامين.

يذكر أن ماريتا الحلاني احتفلت بزفافها على كميل أبي خليل في شهر يونيو عام 2023 وسط أجواء مبهجة بحضور الأسرة والأصدقاء من مشاهير الفن والإعلام، وحظي الزفاف بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر الكثيرون من المتابعين عن سعادتهم وقدموا التهاني للعروسين.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يهنئ القيادة بنجاح موسم الحج 1446هـ

رفع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، التهنئة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل

رفع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، التهنئة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بمناسبة نجاح موسم الحج لهذا العام 1446هـ.

وقال وزير الثقافة: «إن النجاح الذي تحقق جاء ثمرة لتوجيهات كريمة من مولاي خادم الحرمين الشريفين ومن متابعة وإشراف من سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وما سخرته قيادة المملكة العربية السعودية من جهود وإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن، ليؤدوا شعيرتهم بكل يسر وطمأنينة»، مقدماً شكره إلى جميع العاملين من جميع القطاعات لما قدموه من خدمة الحجاج.

أخبار ذات صلة

وأشار إلى أن خدمة ضيوف الرحمن، ثقافة راسخة في وجدان السعوديين تتوارثها الأجيال، وتُجسد استشعارهم لشرف المكان والزمان, سائلاً الله -عز وجل- أن يديم الأمن والرخاء والنماء على هذه البلاد في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده.

Continue Reading

ثقافة وفن

بعد غياب عن مهرجان موازين.. شيرين عبد الوهاب تلتقي جمهورها المغربي

أعلنت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب إحياءها حفلاً غنائياً ضخماً مع جمهورها المغربي والعربي يوم 28 يونيو الجاري

أعلنت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب إحياءها حفلاً غنائياً ضخماً مع جمهورها المغربي والعربي يوم 28 يونيو الجاري 2025، ضمن فعاليات مهرجان «موازين» الشهير بالمغرب.

وتقدم شيرين الحفل بقيادة المايسترو مدحت خميس، ومن المقرر أن تقدم لجمهورها باقة متنوعة من أغانيها القديمة والحديثة التى يتفاعل معها الجمهور ومنها «اللي يقابل حبيبي»، «مشاعر»، «كدابين»،«متحاسبنيش»، «بص بقى»، «بتمنى أنساك»، «صبري قليل»، «آه يا ليل»، «على بالي» وغيرها من الأغنيات.

ومن جانبها، روجت شيرين عبد الوهاب لبوستر الحفل عبر حسابها الرسمي بموقع «إنستغرام»، وكتبت معلقة:«جمهوري الحبيب الغالي عيد سعيد عليكم.. انتظروني فى حفل موازين المغرب».

وفي وقت سابق، عادت شيرين عبد الوهاب لطرح أغانيها الجديدة عبر المنصات الموسيقية، في أول خطوة فعلية لها بعد انتهاء أزمتها القانونية مع روتانا.

أخبار ذات صلة

وتعد أغنية «أكتر وأكتر» آخر أغاني شيرين عبد الوهاب الدعائية لصالح إحدى شركات الاتصالات، بالتزامن مع بداية شهر رمضان الماضي، وهي من كلمات أيمن بهجت قمر، وألحان عزيز الشافعي.

وظهرت ابنة شيرين عبد الوهاب برفقتها خلال الإعلان، بجانب ظهور الفنان ماجد الكدواني برفقة أسرته، كما ظهرت والدة كابتن مصطفى شوبير حارس مرمى النادي الأهلي رفقته.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .