Connect with us

ثقافة وفن

كيف سارت مجريات 4 عقود بين السعودية و«أوبك»؟

أثار كتاب أصدره أخيراً الخبير السعودي في شؤون النفط إبراهيم المهنا، اهتماماً واسع النطاق، خصوصاً في الغرب، إذ

أثار كتاب أصدره أخيراً الخبير السعودي في شؤون النفط إبراهيم المهنا، اهتماماً واسع النطاق، خصوصاً في الغرب، إذ يمثل النفط عصب الاقتصاد العالمي، وتعدّ السعودية أكبر مُصدِّر للنفط في العالم، منذ أكثر من نصف قرن من الزمان، وعلى رغم أن بوسع روسيا والولايات المتحدة إنتاج كميات أكبر، إلا أنهما تستهلكان ما تنتجانه، في حين تقوم السعودية بتصدير معظم ما تنتجه.

ويعدّ كتاب المهنا؛ الذي صدر عن سلسلة سياسات الطاقة العالمية، وطبعته جامعة كولومبيا بعنوان: «قادة النفط: وصف من الداخل لأربعة عقود من النفط في السعودية وسياسة الطاقة العالمية لأوبك»؛ مادة دسمة بالنسبة إلى خبراء شؤون النفط الساعين إلى اكتشاف خيوط السياسة النفطية السعودية.

وشغل المهنا منصباً رفيعاً في وزارة النفط والثروة المعدنية (سابقاً) خلال الفترة من 1989 إلى 2017، ويمثّل الكتاب المذكرات الخاصة بمؤلفه خلال عمله في الوزارة، كما يعتبر دراسة جيدة للسياسة النفطية السعودية، وتاريخ منظمة أوبك منذ ثمانينات القرن العشرين.

وتدور مذكرات المهنا بوجه عام حول ست أزمات نفطية، خصوصاً أزمة عام 1990، حين أقدم صدام حسين على غزو الكويت واحتلالها، ما أثار مخاوف كبيرة من احتمال وقوع نقص خطير في إمدادات النفط. وبادرت السعودية لزيادة إنتاجها من النفط؛ ما حال دون تحقق الأزمة، وكذلك أزمة سنة 2008، حين ارتفع استهلاك النفط، ما أدى إلى زيادة كبيرة في سعر السلعة الإستراتيجية الحيوية، ووقعت الأزمات الأربع الأخرى في أعوام 1985، و1997، و2014، و2020. وكانت تلك الأزمات ناجمة عن هبوط أسعار النفط، وليس ارتفاعها.

وأهم النقاط التي يمكن أن يخرج بها القارئ لكتاب المهنا أن من الخير للجميع أن تكون أسعار النفط معتدلة، ويمكن التكهن بتحركها صعوداً وهبوطاً، ويرى المهنا أن المشكلة الحقيقية تكمن في «الهشاشة»: أن تكون الأسعار مرتفعة، ولا تكون منخفضة، ويشير المؤلف إلى حادثتين حاول خلالها كبار مستهلكي النفط أن يضعوا حداً لسعر النفط لا يتجاوزه، ففي عام 2008 اقترحت الحكومة البريطانية ألا يتجاوز سعر النفط من 60 إلى 90 دولاراً البرميل، غير أن الاقتراح انهار سريعاً؛ إذ بقيت الأسعار فوق 90 دولاراً للبرميل على المدى القصير، قبل أن تهبط لاحقاً إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل.

وفي عام 2020 أدى انهيار الطلب على النفط، إثر اندلاع نازلة فايروس كورونا الجديد، إلى انخفاض أسعار النفط، إلى درجة هددت بعض شركات النفط الأمريكية بالإفلاس، واضطر ذلك الرئيس الأمريكي -آنذاك- دونالد ترمب إلى التدخل، إذ إنه وعلى النقيض من الدور الأمريكي المعتاد، ساعدت إدارته في إقناع منظمة (أوبك) بخفض إنتاجها، بهدف تعزيز أسعار النفط، وعلى رغم أن ارتفاع أسعار النفط يعد مصلحة مباشرة للمملكة؛ فإن المهنا يتمسك بأن السعودية في الغالب تتخذ قراراتها في هذا الشأن من خلال وجهة نظر بعيدة المدى، فهي تدرك أن ارتفاع سعر النفط فوق مستوى بعينه يضر بالاقتصاد العالمي، وبالأوضاع الاقتصادية للشركاء التجاريين، وينبئنا المؤلف أن للمملكة أحياناً حوافز سياسية يمكن أن تحققها من وراء خفض الأسعار.

ويشير المهنا إلى أن السعودية تتخطى مسألة العائدات النفطية التي يمكنها تحقيقها على المدى القصير، وأن المملكة تحرص على ضرورة استقرار أسواق النفط، وعلى الحفاظ على علاقات طيبة بين كبار منتجي النفط ومستهلكيه على حد سواء.

ويفرد المهنا فصولاً في كتابه لثلاثة من وزراء النفط السعوديين الذين بقوا في مناصبهم سنوات عدة، وهم الدكتور أحمد زكي يماني (1962-1986)، وهشام محيي الدين ناظر (1986-1995)، وعلي النعيمي (1995-2016). وتحدث المؤلف بإسهاب عن هشام ناظر والنعيمي لأنه عمل معهما، واستند في حديثه عن الدكتور أحمد زكي يماني إلى استنطاق مسؤولي الوزارة الذين عملوا فيها خلال فترة تولي يماني منصبه، ويطلق المهنا حكمه على كل من ثلاثتهم، ولا يخلو ذلك من توجيه بعض الملاحظات.

وخلف الدكتور هشام محيي الدين ناظر الدكتور يماني وزيراً للبترول والثروة المعدنية، وقام ناظر بإحداث تغييرات كان لا بد منها في وزارة البترول والثروة المعدنية، لكن المهنا يشير بوجه الخصوص إلى أن هشام ناظر ركّز على جلب مواهب جديدة لفريق موظفي الوزارة، في حين أن المهنا يرى أنه كان ينبغي له أن يركز على إحداث إصلاح إداري أكثر شمولاً.

جاء النعيمي وزيراً خلفاً لهشام ناظر، إذ شق طريقه من بداية السلم الوظيفي في شركة أرامكو، قبل تأميمها وبقي النعيمي على رأس وزارة البترول والثروة المعدنية أكثر من عقدين، ويتمسك المهنا، في كتابه، ويشير إلى أنه على رغم كثرة محاسن النعيمي كوزير؛ فإنه يتسم أحياناً بالعناد، وعدم المرونة، فقد رفض تغيير سياسته النفطية بعدما أحدث إنتاج النفط الصخري الأمريكي تخمة في أسواق النفط، أدت إلى هبوط أسعار النفط خلال الفترة من 2014 إلى 2016.

وحل محل النعيمي خالد الفالح، وتمت تسمية الوزارة وزارة الطاقة، ورأى المهنا أن مشكلة الفالح تتمثل في أنه أفرط في وعوده، وكان يعتمد بشكل أكثر مما يلزم على المستشارين الأجانب.

ويرى المهنا أن السعودية دولة مهمة في أوبك. وخلص إلى أن السعودية ظلت تتحمل وحدها فترة طويلة أعباء خفض الإنتاج الذي تقرره أوبك، وأنها بحاجة إلى استعادة حصتها السوقية. كما أن الوزير النعيمي كان يرفض أيضاً فرض قيود على إنتاج النفط السعودي خلال 1997-1998.

ويشير المهنا إلى أن التخمة النفطية التي حدثت خلال الفترة 2014-2016 شكلت تحدياً كبيراً، لأن إنتاج النفط الصخري الأمريكي أضاف إمدادات كبيرة للعرض النفطي. وخلص صنّاع السياسة النفطية السعوديون إلى أن منظمة أوبك لم تعد قادرة وحدها على التحكم في السوق النفطية. وكان لزاماً عليهم أن يتواصلوا مع المنتجين الآخرين خارج المنظمة، خصوصاً روسيا، ولم يكن الأمر سهلاً في البداية، فقد أكد نائب وزير النفط والثروة المعدنية -آنذاك- الأمير عبد العزيز بن سلمان، عند لقائه بوزير النفط الروسي الإكسندر نوفاك، أن السعودية ليست طرفاً في مؤامرة مع الولايات المتحدة لإضعاف روسيا، من خلال الضغط على أسعار النفط باتجاه تنازلي، وكان كاتب العمود في صحيفة «نيويورك تايمز» توماس فريدمان وآخرون زعموا أن انخفاض أسعار النفط -آنذاك- كان مسعى سعودياً أمريكياً لمعاقبة روسيا على إقدامها على غزو جزيرة القرم والمناطق الشرقية من أوكرانيا. غير أن السعودية ورسيا تمكنتا بمرور الزمن من تجاوز الشكوك، وأقاما علاقة قوية أضحت الأساس لتحالف ما يعرف بـ«أوبك بلس»، الذي تم إعلانه رسمياً في عام 2019. وخلص المهنا إلى أن المملكة وروسيا هما قائدتا «أوبك بلس» حالياً.

ويشير المهنا إلى أن وزارة الطاقة تمثل المملكة في المؤتمرات الدولية المتعلقة بالتغير المناخي. وأوضح أن الوزارة كلفت بمسؤولية الترويج لبيئة نظيفة، ومعالجة قضايا التغير المناخي. وأضاف المهنا أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ظل يولي قضية المناخ اهتماماً خاصاً. وأضاف أن السعودية تريد أن يأتي 50% من طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2023، ولعل تغيير مسمى الوزارة من البترول والثروة المعدنية إلى الطاقة ينم عن التشديد على تلك القضية، ويتمسك المهنا بأنه على رغم الحاجة إلى نوع ما من أنواع الانتقال في مسألة الطاقة؛ إلا أن ذلك لا يعني الموافقة على تحول سريع عن الطاقة الأحفورية.

يماني يعتمد على «دائرة ضيقة»

يصف المهنا الدكتور أحمد زكي يماني بأنه رجل دقيق، لكنه يقول إنه لم يحصل على أي تدريب حقيقي في الشؤون

الاقتصادية. وأنه كان يعتمد كلياً على دائرة ضيقة ممن يثق بهم. وعلى النقيض مما كتبه جيفري روبنسون في ترجمته للدكتور أحمد زكي يماني، التي صدرت سنة 1988، تحت عنوان «يماني.. الحكاية من الداخل»؛ وقلل يماني من شأن إنتاج النفط من جانب دول ليست عضواً في منظمة أوبك، في أماكن منها بحر الشمال. وكان يبدو أنه واثق من أن سوق النفط ستتحول بالكامل إلى الوجهة التي يريدها. ولذلك عمد يماني إلى خفض كمية كبيرة من الإنتاج النفطي خلال الفترة من مطلع ثمانينات القرن الـ 20 إلى منتصفها. وقرر فجأة خلال 1985-1986 زيادة الإنتاج، ما أدى إلى انهيار أسعار النفط!

المشكلة الحقيقية لمنظمة أوبك

يقدم كتاب المهنا صورة جيدة الوضوح لديناميكية العمل في منظمة أوبك، ويرى أن مشكلة أوبك

تتمثل في أنها لا توجد فيها سلطة قادرة على إلزام دولها الأعضاء بالقرارات التي يتم الاتفاق عليها. وهي مشكلة حقيقية

حين يتعلق الأمر بالأوقات التي تحدث فيها فائض في الإنتاج النفطي. وفي هذه الحال يجب أن تقوم المنظمة بإقناع دولها الأعضاء بخفض إنتاجهم، والتخلي عن بعض عائداتها النفطية. ويذكر المهنا حالات قام فيها أعضاء بارزون في المنظمة بازدراء قرار المنظمة بشأن تحديد حصص إنتاج كل دولة، وأعلنوا عزمهم على إنتاج أكبر كمية يمكن أن تتحملها السوق.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .