في خطوة تعكس عمق الشراكة الرياضية المتنامية بين إيطاليا والمملكة العربية السعودية، احتفل نادي إنتر ميلان العريق بالذكرى السنوية الأولى لتأسيس “أكاديمية إنتر جدة”، وذلك في حدث مميز أقيم عشية مشاركة الفريق في بطولة كأس السوبر الإيطالي بالرياض.

جاء الاحتفال ليؤكد على نجاح المشروع الذي انطلق قبل عام، حيث شهد اليوم مشاركة واسعة من المواهب الشابة والمجتمع المحلي. أقيمت الفعالية في ملاعب الأكاديمية بجدة، بحضور شخصيات بارزة يتقدمهم نائب رئيس النادي وأسطورته، خافيير زانيتي، وقائدة فريق إنتر للسيدات سابقًا، ليزا ألبورغيتي. وقد شارك في الأنشطة الرياضية ما يقارب 200 طفل، وبحضور إجمالي فاق 400 شخص من الأهالي والضيوف، مما خلق أجواءً حماسية عكست شغف المجتمع المحلي بكرة القدم وقيم “النيراتزوري”.

السياق العام: استثمار رياضي ضمن رؤية 2030

يأتي تأسيس أكاديمية إنتر في جدة كجزء من استراتيجية النادي للتوسع العالمي، ولكنه يكتسب أهمية خاصة لتزامنه مع التحولات الكبرى التي تشهدها الساحة الرياضية في المملكة العربية السعودية. ففي إطار “رؤية السعودية 2030″، أصبحت المملكة وجهة عالمية لاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، مثل كأس السوبر الإيطالي والإسباني، وسباقات الفورمولا 1، والبطولات العالمية للملاكمة والجولف. هذا الانفتاح لم يقتصر على استضافة البطولات، بل امتد ليشمل استقطاب استثمارات تهدف إلى تطوير البنية التحتية الرياضية وتنمية المواهب المحلية، وهو ما تمثله أكاديميات الأندية الأوروبية الكبرى مثل إنتر ميلان.

أهمية المشروع وتأثيره المتوقع

على المستوى المحلي، تلعب أكاديمية إنتر جدة دورًا محوريًا في صقل المواهب الكروية الناشئة في المملكة. فهي لا توفر فقط تدريبًا على أعلى مستوى وفقًا للمناهج الفنية المعتمدة في النادي الإيطالي، بل تغرس في نفوس الصغار قيمًا رياضية أساسية مثل الانضباط، والعمل الجماعي، والاحترام. ويُتوقع أن تساهم هذه الأكاديمية، وغيرها من المشاريع المماثلة، في رفع مستوى كرة القدم السعودية على المدى الطويل، وتوفير رافد جديد للمنتخبات الوطنية.

أما على الصعيد الدولي، فإن هذا المشروع يعزز من الحضور العالمي لعلامة إنتر ميلان التجارية في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة ذات قاعدة جماهيرية واسعة وشغوفة بكرة القدم الأوروبية. كما يفتح المشروع آفاقًا جديدة للنادي لاكتشاف المواهب الواعدة خارج أوروبا، ويعمق الروابط الثقافية والرياضية بين البلدين. إن نجاح أكاديمية جدة في عامها الأول هو شهادة على قدرة كرة القدم على بناء الجسور وتوحيد الشعوب، وتأكيد على أن الاستثمار في الشباب هو الاستثمار الأمثل للمستقبل.

يدخل منتخب مصر، صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بكأس الأمم الأفريقية بسبعة ألقاب، غمار المنافسات القارية التي يستضيفها المغرب، وعينه على استعادة عرش القارة السمراء الذي غاب عنه منذ عام 2010. “الفراعنة”، بقيادة المدرب الوطني حسام حسن، يخوضون البطولة وسط حالة من الترقب الممزوج بالتشاؤم، في مهمة تبدو محفوفة بالتحديات لإعادة كتابة التاريخ وإضافة النجمة الثامنة.

سياق تاريخي: من الثلاثية الذهبية إلى سنوات الجفاف

لا يمكن الحديث عن طموحات مصر دون استحضار تاريخها العريق في البطولة. لا تزال أصداء الجيل الذهبي تحت قيادة المدرب حسن شحاتة تتردد في الأوساط الكروية، ذلك الجيل الذي حقق إنجازاً غير مسبوق بالفوز باللقب ثلاث مرات متتالية في 2006، 2008، و2010. ضمت تلك الكتيبة الأسطورية نجوماً بحجم محمد أبوتريكة، وعصام الحضري، وأحمد حسن، ووائل جمعة، الذين فرضوا هيمنة مصرية مطلقة على القارة. لكن منذ ذلك الحين، دخل المنتخب في مرحلة من عدم الاستقرار، ورغم وصوله إلى المباراة النهائية في نسختي 2017 و2021، إلا أنه خسر اللقب في المرتين، مما عمّق من شعور الجماهير بالحسرة والشوق إلى منصات التتويج.

أهمية الحدث: رهان على المستقبل وتأكيد للزعامة

تحمل هذه البطولة أهمية كبرى على كافة الأصعدة. فعلى المستوى المحلي، يمثل الفوز باللقب طوق نجاة للكرة المصرية ويعيد الثقة للجماهير، كما أنه سيكون بمثابة شهادة نجاح للمدرب حسام حسن الذي يرتبط مستقبله مع المنتخب بشكل وثيق بنتائج هذه البطولة، حيث ينص عقده على ضرورة الوصول إلى نصف النهائي لضمان استمراره. إقليمياً، ستكون استعادة اللقب رسالة قوية للمنافسين التقليديين بأن مصر عادت لتؤكد زعامتها الأفريقية. أما دولياً، فالتتويج باللقب سيعزز من مسيرة نجوم المنتخب المحترفين، وعلى رأسهم محمد صلاح، الذي يفتقد سجله الحافل بالألقاب مع الأندية إلى تتويج قاري كبير مع منتخب بلاده.

تحديات قائمة وآمال معقودة على صلاح

تسود حالة من القلق الشارع المصري بسبب تذبذب أداء المنتخب في الفترات الأخيرة، وآخرها الخروج المخيب للآمال من كأس العرب. وقد زادت تصريحات المدرب حسام حسن حول قلة عدد المحترفين المؤثرين في الفريق من حدة الجدل، حين أشار إلى أن المنتخب يعتمد بشكل أساسي على “محترفين وربع”، في إشارة إلى محمد صلاح نجم ليفربول، وعمر مرموش لاعب آينتراخت فرانكفورت، ومصطفى محمد مهاجم نانت، قبل أن يتراجع عن تصريحاته مؤكداً ثقته في جميع اللاعبين. ورغم هذه الأجواء، تبقى الآمال معقودة على محمد صلاح، القائد والهداف التاريخي، لقيادة زملائه نحو المجد. فصلاح، الذي حطم كل الأرقام الممكنة في أوروبا، يدرك أن الفوز بكأس الأمم الأفريقية سيضعه في مكانة أسطورية مختلفة في تاريخ الكرة المصرية.

يستهل المنتخب المصري مشواره في المجموعة الثانية التي تضم منتخبات جنوب أفريقيا وأنجولا وزيمبابوي. وقد شدد حسام حسن على صعوبة المهمة، مؤكداً أنه “لا توجد مباريات سهلة في هذا المستوى”، وأن الهدف هو “الوصول لأبعد نقطة وتحقيق مشاركة تاريخية”. بين إرث الماضي الثقيل وتحديات الحاضر الصعبة، يقف منتخب الفراعنة على أعتاب اختبار حقيقي سيحدد ما إذا كان قادراً على استعادة بريقه المفقود والعودة مجدداً ملكاً متوجاً على عرش أفريقيا.