أسدل الستار مساء اليوم الخميس على منافسات بطولة كأس العرب 2025، التي استضافتها قطر بنجاح كبير، حيث توج المنتخب المغربي باللقب للمرة الثالثة في تاريخه، عقب فوزه المثير في المباراة النهائية على نظيره الأردني بنتيجة 3-2. واحتضن ملعب لوسيل، أيقونة كأس العالم 2022، هذا العرس الكروي العربي وسط حضور جماهيري غفير وأجواء احتفالية عكست شغف المنطقة بكرة القدم.

تأتي هذه النسخة لتؤكد على الأهمية المتزايدة لبطولة كأس العرب، التي عادت بقوة تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في نسخة 2021، والتي كانت بمثابة بروفة تنظيمية ناجحة لدولة قطر قبل استضافة المونديال. وقد أثبتت البطولة مجدداً قدرتها على جمع الأشقاء العرب في منافسة رياضية شريفة، تبرز تطور مستوى كرة القدم في المنطقة وتعزز الروابط بين شعوبها.

المباراة النهائية جاءت على قدر التوقعات، حيث قدم المنتخبان أداءً تكتيكياً وفنياً عالياً. واستطاع المنتخب المغربي، الذي دخل البطولة كأحد أبرز المرشحين، حسم اللقاء بفضل خبرة لاعبيه وقدرتهم على استغلال الفرص، ليضيفوا إنجازاً جديداً لكرة القدم المغربية التي تعيش أزهى فتراتها بعد الإنجاز التاريخي بالوصول لنصف نهائي كأس العالم 2022. في المقابل، قدم المنتخب الأردني بطولة استثنائية، مؤكداً التطور الكبير الذي يعيشه هو الآخر، خاصة بعد وصوله لنهائي كأس آسيا 2023، وأثبت “النشامى” أنهم قوة كروية صاعدة لا يستهان بها في القارة.

وعقب مراسم التتويج، كشف الاتحاد المنظم عن قائمة الفائزين بالجوائز الفردية، والتي جاءت لتكريم النجوم الذين أبدعوا طوال مشوار البطولة:

• جائزة أفضل لاعب في البطولة: ذهبت الجائزة عن جدارة واستحقاق إلى نجم خط وسط المنتخب المغربي، محمد حريمات. قدم حريمات أداءً ثابتاً ومؤثراً، حيث كان بمثابة الرئة التي لا تهدأ في وسط الملعب، وتميز بقدرته على الربط بين الدفاع والهجوم وبناء اللعب، ليكون أحد أهم أسباب تتويج “أسود الأطلس” باللقب.
• جائزة أفضل حارس مرمى (القفاز الذهبي): نال الحارس المغربي مهدي بلعبيد الجائزة، تقديراً لتصدياته الحاسمة التي منحت فريقه الأمان والثقة. لعب بلعبيد دوراً محورياً في قيادة منتخب بلاده نحو منصة التتويج، خاصة في الأدوار الإقصائية التي تتطلب تركيزاً عالياً.
• جائزة هداف البطولة (الحذاء الذهبي): خطف المهاجم الأردني المتألق علي علوان الأضواء بتتويجه هدافاً للبطولة برصيد 6 أهداف. ورغم خسارة فريقه في النهائي، إلا أن علوان قدم أداءً هجومياً لافتاً، وأثبت حسه التهديفي العالي وقدرته على صناعة الفارق، ليكون خير ممثل للكرة الأردنية في قائمة المتوجين.

في ليلة كروية عربية بامتياز على أرض قطر، كتب المنتخب المغربي فصلاً جديداً من فصول تألقه، مُتوجاً نفسه بطلاً لكأس العرب 2025 بعد فوز مثير ومستحق على نظيره الأردني في المباراة النهائية. هذا التتويج لم يكن مجرد انتصار، بل كان تأكيداً على العصر الذهبي الذي تعيشه الكرة المغربية، وجاء بفضل بصمات واضحة لثلاثة من نجوم دوري روشن السعودي الذين كانوا بمثابة حجر الزاوية في هذا الإنجاز التاريخي، وذلك في بطولة شهدت غياب المنتخب السعودي عن المشهد الختامي بعد خروجه من الدور نصف النهائي.

خلفية تاريخية وسياق البطولة

تعود بطولة كأس العرب، التي تقام تحت مظلة الفيفا، لتؤكد مكانتها كأهم تجمع كروي للمنتخبات العربية. وتأتي نسخة 2025 لتكمل مسيرة النجاح التي شهدتها نسخة 2021، والتي استضافتها قطر أيضاً. دخل المنتخب المغربي البطولة وهو يحمل على عاتقه إرث الإنجاز التاريخي في كأس العالم 2022، حيث أصبح أول منتخب عربي وأفريقي يصل إلى نصف النهائي، ما رفع سقف التوقعات وجعله المرشح الأبرز للقب. في المقابل، قدم المنتخب الأردني بطولة استثنائية، مستلهماً قوته من وصوله لنهائي كأس آسيا 2023، ليثبت أنه قوة كروية صاعدة لا يستهان بها في المنطقة.

حمدالله.. قناص يحسم المواعيد الكبرى

كان عبدالرزاق حمدالله، مهاجم نادي الشباب السعودي، هو العنوان الأبرز لقصة النجاح المغربية. فخبرته الطويلة في الملاعب السعودية وحسه التهديفي الفريد جعلاه اللاعب الحاسم في الأوقات الصعبة. في المباراة النهائية، ترجم حمدالله الضغط المغربي إلى هدفين ثمينين في شباك الأردن، ليؤكد أنه رجل المواعيد الكبرى. ولم يقتصر تألقه على النهائي، بل كان حاسماً أيضاً في نصف النهائي أمام الإمارات، ليختتم البطولة كأحد أبرز نجومها، ويقدم دليلاً قاطعاً على أن دوري روشن يصنع نجوماً قادرين على التألق في المحافل الدولية.

صلابة دفاعية وتوازن في الوسط بصناعة سعودية

لم يكن الإنجاز ليتحقق بفضل الهجوم وحده. في الخط الخلفي، شكل مروان سعدان، مدافع نادي الفتح، صخرة دفاعية حقيقية. قاد سعدان دفاع “أسود الأطلس” بخبرة وهدوء، ونجح في إبطال مفعول الهجمات الأردنية المنظمة، مانحاً فريقه الثقة اللازمة للبناء من الخلف. وفي وسط الميدان، برز دور أشرف المهديوي، لاعب نادي التعاون، الذي دخل بديلاً اضطرارياً في وقت مبكر من النهائي بعد إصابة زميله. ورغم صعوبة الموقف، أثبت المهديوي جودته العالية، حيث سيطر على إيقاع اللعب وربط بين الخطوط بكفاءة، ليساهم في الحفاظ على التوازن ومنح فريقه الأفضلية في معركة الوسط.

تأثير دوري روشن وأهمية الإنجاز

يُعد هذا التتويج المغربي شهادة نجاح لدوري روشن السعودي، الذي بات وجهة لأبرز المواهب العربية. إن تألق حمدالله وسعدان والمهديوي يثبت أن قوة المنافسة والاحترافية العالية في الدوري السعودي ترفع من جاهزية اللاعبين وتصقل مهاراتهم، ما ينعكس إيجاباً على منتخباتهم الوطنية. وعلى الرغم من غياب “الأخضر” السعودي عن النهائي، إلا أن بصمة الدوري كانت حاضرة بقوة في منصة التتويج، وهو ما يعزز من مكانة الدوري كأحد أقوى الدوريات في القارة الآسيوية والمنطقة العربية. هذا اللقب يرسخ مكانة المغرب كقوة كروية مهيمنة عربياً وأفريقياً، ويفتح الباب لمزيد من النجاحات المستقبلية لأسود الأطلس.