تتجه أنظار عشاق كرة القدم السعودية نحو فترة الانتقالات الشتوية المقبلة، حيث تعمل إدارة نادي النصر على تنفيذ خطة طموحة لإعادة هيكلة قائمة الفريق، بهدف تعزيز قدرته التنافسية على الصعيدين المحلي والقاري. وتأتي هذه التحركات كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى سد الثغرات الفنية وتعميق الخيارات المتاحة أمام المدير الفني البرتغالي المخضرم جورجي جيسوس.

هذه الخطوة ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد للثورة الكروية التي يشهدها دوري روشن السعودي منذ انتقال الأسطورة كريستيانو رونالدو إلى صفوف “العالمي” في مطلع عام 2023. هذا الانتقال التاريخي فتح الباب أمام استثمارات ضخمة من قبل صندوق الاستثمارات العامة، مما أدى إلى استقطاب كوكبة من نجوم كرة القدم العالمية إلى الأندية السعودية الكبرى، ورفع مستوى الطموحات بشكل غير مسبوق. وفي هذا السياق، يسعى النصر لمواصلة تدعيم صفوفه للحفاظ على زخمه والمنافسة بقوة على جميع الألقاب الممكنة.

ووفقًا لما كشفه الصحفي الموثوق بن جاكوبس، فإن إدارة النصر، بالتنسيق الكامل مع جيسوس، قد حددت أولوياتها بدقة متناهية. يأتي على رأس هذه الأولويات التعاقد مع جناح أيسر من الطراز العالمي. وقد أعد النادي ملفًا فنيًا شاملاً يحدد المواصفات المطلوبة في هذا المركز، والتي تشمل السرعة، والمهارة في المراوغة، والقدرة على صناعة الأهداف وتسجيلها، ليكون إضافة قوية للخط الأمامي الذي يضم أسماء لامعة مثل رونالدو وساديو ماني.

لم تتوقف طموحات النصر عند هذا الحد، حيث أشار جاكوبس إلى وجود توجه قوي للتعاقد مع لاعب وسط عالمي يمتلك الخبرة والجودة اللازمتين للتحكم في إيقاع اللعب وربط الخطوط. ويأتي هذا التركيز على خط الوسط إدراكًا من الجهاز الفني لأهميته في تطبيق الأسلوب التكتيكي الذي يعتمده جيسوس، والذي يرتكز على الاستحواذ والضغط العالي. ومن المتوقع أن تكون الصفقات القادمة ذات تأثير مباشر وقادرة على صناعة الفارق الفوري داخل الملعب.

إن أهمية هذه التعاقدات تتجاوز حدود التأثير المحلي المتمثل في المنافسة الشرسة مع غريمه التقليدي الهلال على لقب الدوري. فعلى الصعيد الإقليمي، يطمح النصر إلى الذهاب بعيدًا في بطولة دوري أبطال آسيا، والتعاقد مع لاعبين من العيار الثقيل يعزز من فرصه في تحقيق هذا اللقب القاري الغالي. أما دوليًا، فإن كل صفقة عالمية جديدة تبرمها الأندية السعودية تساهم في ترسيخ مكانة دوري روشن كوجهة جاذبة لأفضل المواهب، وتزيد من متابعته وانتشاره العالمي، تحقيقًا لأهداف رؤية السعودية 2030 في القطاع الرياضي.

في ليلة كروية تاريخية، عبّر طارق السكتيوي، المدير الفني للمنتخب المغربي، عن سعادته الغامرة وفخره الكبير بعد قيادة “أسود الأطلس” للتتويج بلقب كأس العرب 2025. جاء هذا الإنجاز عقب مباراة نهائية مثيرة وحابسة للأنفاس أمام المنتخب الأردني الشقيق، انتهت بفوز المغرب بنتيجة 3-2 على أرضية ملعب لوسيل المونديالي في العاصمة القطرية الدوحة، ليكلل بذلك مسيرة مميزة للمنتخب في البطولة.

وفي تصريحاته لوسائل الإعلام بعد المباراة، أرجع السكتيوي الفضل في هذا التتويج إلى الروح القتالية العالية والانضباط التكتيكي الذي أظهره اللاعبون. وقال: “إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. أنا محظوظ بتدريب مجموعة من الرجال داخل المنتخب المغربي، وكانت الجدية والالتزام مفتاح حصد هذا اللقب”. وأضاف السكتيوي مشيداً بالدور المحوري للجماهير المغربية التي آزرت الفريق بقوة: “الحضور الجماهيري والدعم المتواصل شكّل دافعاً قوياً لنا داخل الملعب، لقد كانوا اللاعب رقم واحد وأحد أهم أسباب فوزنا بالبطولة”.

استمرار للتألق الكروي المغربي

يأتي هذا التتويج ليؤكد على العصر الذهبي الذي تعيشه كرة القدم المغربية، ويبني على الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الأول بالوصول إلى نصف نهائي كأس العالم 2022. ويُظهر هذا اللقب، الذي غالباً ما تشارك فيه المنتخبات باللاعبين المحليين أو الصف الثاني، مدى عمق المواهب التي تمتلكها المغرب وقوة منظومتها الكروية. إن الفوز بكأس العرب يثبت أن النجاح ليس مقتصراً على المحترفين في أوروبا، بل هو نتاج عمل مؤسسي متكامل تشرف عليه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.

أهمية تاريخية وإقليمية

تُعد بطولة كأس العرب، التي انطلقت نسختها الأولى عام 1963، من أعرق البطولات الإقليمية وتحمل أهمية خاصة في المنطقة العربية. وهذا اللقب هو الثاني في تاريخ المغرب بعد تتويجه الأول عام 2012، مما يعزز من مكانته كقوة كروية رائدة على الصعيدين العربي والإفريقي. كما أن الفوز باللقب على أرض قطرية يعيد للأذهان الذكريات الجميلة للإنجاز المونديالي، ويؤكد قدرة الفرق المغربية على التألق في المحافل الكبرى.

وعبّر السكتيوي عن رضاه التام عن الأداء العام للفريق طوال مشوار البطولة، مشيراً إلى أن اللاعبين قدموا مستويات مميزة وأظهروا نضجاً كبيراً في التعامل مع ضغط المباريات. وأثنى في ختام حديثه على الدعم اللامحدود الذي قدمته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مؤكداً أن توفير كافة الظروف الملائمة كان له أثر مباشر في تحقيق هذا الإنجاز الذي سيسجله التاريخ بأحرف من ذهب.