العديد من محبّي كرة القدم حول العالم يترقبون موعد فتح وانتهاء سوق الانتقالات؛ حيث تستهدف الفرق، ومع نهاية كل الموسم، تدعيم صفوفها بالعديد من اللاعبين المميزين، وتبدأ إدارات الأندية بتجهيز أوراقها وأموالها استعداداً لموسم جديد؛ استهداف لاعبين، مفاوضات، تمديد عقدٍ من هنا، وإغراءات مالية من هناك، بحثاً عن تعديل أوضاعها للمنافسة بقوة على الألقاب والعودة لمنصات التتويج، أو الثبات في المقدمة وعدم الغياب عن البطولات.. وقبل سقوطها في (الديدلاين)؛ وهو آخر يوم في الميركاتو يُسمح فيه بإجراء صفقات الانتقالات، فبعد هذا التاريخ، لا يمكن لأي نادٍ ضم أو بيع أو إعارة أي لاعب حتى يبدأ الميركاتو التالي، حيث يشهد، عادةً، تسارعاً وتشويقاً ومباغتة في إبرام الصفقات، خاصة من قبل الأندية التي تحتاج لتعزيز صفوفها أو التخلّص من فائضها.
يتم الكشف عن الصفقات الكبرى وتحديثات تشكيلة الفرق قبل بدء الموسم الكروي الجديد. ومن المحتمل أن تشهد فترة الانتقالات الصيفية، تحركات كبيرة في سوق الميركاتو؛ حيث تسعى الأندية الكبرى إلى تعزيز تشكيلاتها بعد مواسم عدة من المنافسة المحتدمة، كما يُتوقع أن تستمر الصفقات الكبيرة والمبالغ الضخمة المدفوعة للاعبين المميزين، خاصة في ظل التدفق المتزايد لرؤوس الأموال في عالم كرة القدم.
سلسلة الصفقات الضخمة طوال عقدٍ من الزمن، أحدثت أرقاماً قياسية على صعيد المبالغ المدفوعة لقاء التعاقد مع لاعبين جدد، وكشفت عن خللٍ ضخم في ميزان البيع والشراء الخاص بهذه الأندية التي تشتري أكثر مما تبيع.
وبما أنّ الأندية الأوروبية صرفت المليارات منذ بدأت عمليات البيع والشراء بمبالغ قياسية، وأن موسم 2022-2023 شهد صفقات جنونية أو مقدّمات للتحضير لها سيعرفها هذا الصيف، إلا أنها مسألة يتوقّع أن تصيب رقماً جديداً هذا الصيف بالنظر إلى وجود أسماء كبيرة عدة في السوق، وأيضاً بسبب حاجة العديد من الأندية الكبرى إلى نجومٍ كبار من أجل تعزيز صفوفها وإحداث تغييرٍ إيجابي في تشكيلاتها.
ولم تكن الصفقة الكبيرة التي نقلت النجم الإنجليزي جود بيلينغهام من بوروسيا دورتموند إلى ريال مدريد (103 ملايين يورو، و30.9 مليون كمتغيّرات) وما قد يلحقها في حال انتقال النجم الفرنسي مبابي، سوى جزءٍ يُكمل سلسلة الصفقات الضخمة؛ التي قامت بها أندية البطولات الكبرى في أوروبا طوال عقدٍ من الزمن، والتي أصابت أرقاماً قياسية على صعيد المبالغ المدفوعة لقاء التعاقد مع لاعبين جدد؛ لتكشف عن خللٍ ضخم في ميزان البيع والشراء الخاص بهذه الأندية التي تشتري أكثر مما تبيع.
وينتظر سوق الانتقالات الصيفية أوروبياً، صفقات ضخمة ستشكّل استكمالاً لمبالغ كبيرة دفعتها الأندية في البطولات الخمس الكبرى طوال الأعوام العشرة الماضية، التي وصلت إلى أرقامٍ كبيرة جداً تعكس خسائر غير مقابل عائدات الأندية نفسها من عمليّات بيع اللاعبين.
وخلال الموسم 2022-2023، صرفت أندية البطولات الخمس الكبرى، في المجموع العام، 5.7 مليار يورو مقابل الصفقات الجديدة؛ وهو رقمٌ يزيد بنسبة 47% عن ذاك الذي صرفته الأندية في موسم 2021-2022. والمفاجأة الصادمة هي أن غالبية الأندية، تدخل إلى السوق بالدَّين، فهي تصرف مئات الملايين هناك؛ لأن لديونها ضمانات تفرزها العقود الرعائيّة المستقبليّة وعائدات النقل التلفزيوني، لذا يظهر الميزان دائماً بأن ما صرفته هو أكثر بكثير مما قبضته في «الميركاتو» الصيفي أو الشتوي.
رغم ذلك، قد يتأثر سوق الانتقالات القادمة بعوامل عدة مختلفة؛ أبرزها قوانين اللعب المالي النظيف، بالإضافة إلى تأثير الأزمة الصحية العالمية التي هددت بشكل مباشر كيان العديد من الأندية.
ملايين دون أرباح
في عمليةٍ حسابية مباشرة لما صرفته أندية البطولات الخمس الكبرى خلال عقدٍ كاملٍ من الزمن، يتبيّن أن الرقم وصل إلى 46.7 مليار يورو مقابل حصولها على 12.3 مليار من خلال عمليات بيع اللاعبين.
هذه المقارنة بالأرقام تطرح تساؤلات حول كيفيّة استمرار هذه الأندية وهي التي تبدو خسائرها واضحة، لكن الجواب أوضح، إذ إن استقدام أي نجمٍ بمبلغٍ كبير، مثلاً، سيعيد على النادي أرباحاً مالية كثيرة من خلال التسويق أو من خلال تحقيق الإنجازات، فيكون التعويض حاضراً في مجال بعيد عن سوق الانتقالات؛ الذي قد ينتقل اللاعب من خلاله إلى نادٍ آخر لاحقاً، وبسعرٍ أقل بكثير مما اشتراه النادي الأول.
وليس مستغرباً أن يكون الدوري الإنجليزي هو صاحب الميزان الأسوأ بين كل البطولات الكبرى مع ناقص 9.8 مليار يورو، إذ إن الأندية الإنجليزية صرفت 18 ملياراً على التواقيع الجديدة خلال 10 أعوام، مقابل حصولها على أقل من نصف الرقم المذكور جرّاء عمليات بيع اللاعبين. أما ثاني الخاسرين، على هذا الصعيد، فهو الدوري الإيطالي مع ناقص 1.36 مليار في ميزان الانتقالات، بينما خسرت الأندية الألمانية 715.4 مليون يورو، مقابل 686.3 مليون للأندية الإسبانية.