لا يليق بهذا النادي إلا العشق ولا بتاريخه إلا الهوى ولا بإدارته ولاعبيه إلا الإعجاب.
هو رمز من رموز العشق لكنه لا يدخل في دائرة الأساطير، فهو رمز حي باقٍ، ثبتت محبته في القلوب كما ثبتت في الراحتين الأصابع.
لا يؤمن عشاقه بقول القائل نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى، فلا هوىً سواه فهو الأول والأخير من المهد إلى اللحد.
بين مدرجاته عاشق يرى بعينيه وآخر يرى بقلبه لا يعنيه أن تبصر عيناه الاتحاد ولا أن يتابع أداء لاعبيه فهو ساكن في فؤاده ويرتع في قلبه ويسري في شرايينه، حاله كحال الشاعر الذي يقول:
تقولين ما تقولين ما كنت أفهم حرفًا يمر
وصوتك كان يهدهد روحي ويحملني على جناح أغر
يحلق بي حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر.
نعم هو محلق بقلبه مع معشوقه الأثير وبسمعه مع صوت الأهازيج ووقع الأهداف، كحال الشاعر الذي شغله الصوت عن إدراك الكلمات.
إنها حالة عشق نادرة حملتها أقدامه بين آلاف المزدحمين الذين لا يراهم ولكنه يعيش بروحه بين أصواتهم ودموعهم التي فاضت بها عيونهم فرحاً بالانتصار الثمين.
لقد فاق الكفيف البصير بعشقه قيس ليلى، وعنترة عبلة، وجميل بثينة، وكُثَيْر عزَّة.
قلت ذات يوم إن عشاقه ينتشرون في ربوع الوطن فقال البعض هذا كلام مبالغ فيه، وهاهم قد أتوا من خارج الوطن من عُمَان وقطر والإمارات وهذه حالة خاصة لم أسمع بحدوثها مع فريق آخر، عدا أولئك الذين تسمَّروا أمام شاشات التلفاز في الوطن العربي الكبير، وصدق من وصفها بالأمة الاتحادية.
نعم هي أمة يكاد يُلقي بها عشقُها في أَتُّون الجنون، ويوشك كذلك أن يُلقي بلاعبيه إلا لاعبًا واحداً أحسبه قد وقع في أَتُّون الجنون وهو رومارينيو.
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم العشقُ أعظم مما بالمجانيــن
العشقُ لا يستفيق الدهرَ صاحبُه وإنما يُصرَعُ المجنونُ في حين.
نعم، هم في حالة عشق لن يستفيقوا منها ولن يجدي معها دواء أبقراط ولا علاج جالينوس ولو نفع الطب مع العشق لما سطَّر ابن سينا الطبيب الفيلسوف رسالته في ماهية العشق.
عندما لبسوا شعار النمور كانوا على يقين بقوتهم وثقتهم بأنفسهم وسلطتهم في الميدان، لا يأكلون إلا من صيد أيديهم ولا يقتاتون على فرائس الغير كالضباع، ولا يبنون آمالهم على سقوط الآخرين ولا أمانيهم على حملة الكروت.
وكما كان النمر أيقونة أسطورية روحية في بعض المعتقدات القديمة هاهو الاتحاد يسطع كأيقونة للعشق في تاريخ الرياضة العربية.
في شارع الصحافة يستقر ناديه وهو تاريخها الرياضي وسجلها الذهبي فلم تكن قبله تدور عجلتُها ولا تُطبع حروفها فهو صانع الصحافة الرياضية التي قدمت للوطن أعلام الصحفيين وبدونه لا طعم لها ولا بريق.
البارحة استعاد الشارع بهجته وتاريخه ببطولة الدوري فغاص بالعشاق الذين تغنوا بمشية النمر
(ويمشي كدا).. نعم من حقهم أن يمشوا كما يشاؤون وقد رضعوا عشق الاتحاد من المهد وباقون على العشق إلى اللحد.
ألف مبروك يا عميد.