الصين تستعرض قوتها الدبلوماسية والعسكرية في قمة شنغهاي

في لحظة تاريخية تُعتبر الأكثر مواتاة لبكين منذ سنوات، يستعد الرئيس الصيني شي جينبينغ لاستقبال زعيمي روسيا والهند في قمة منظمة شنغهاي للتعاون بمدينة تيانجين. هذه القمة تأتي قبل احتفالات عسكرية ضخمة في بكين بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، مما يسلط الضوء على قدرة الصين على جمع شركاء من “الجنوب العالمي” تحت مظلتها.

تحالفات جديدة في ظل تراجع الثقة بالولايات المتحدة

حضور فلاديمير بوتين وناريندرا مودي، إلى جانب قادة من دول ناشئة كتركيا وماليزيا وباكستان، يعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الدولية. فروسيا وجدت في الدعم الصيني غطاءً سياسيًا بعد عزلة الغرب، فيما دفعت الرسوم الأميركية المضاعفة على السلع الهندية مودي لإعادة النظر في علاقاته بواشنطن والتوجه شرقًا.

هكذا تحوّلت سياسات ترامب التجارية وتقاربه مع الكرملين إلى فرصة ذهبية لشي لإظهار أن بكين باتت مركز جذب دبلوماسي لا يمكن تجاهله. الرسالة التي تبعث بها بكين واضحة: عالم ما بعد الحرب الباردة لم يعد أحادي القطب، والصين باتت في قلب المعادلة.

العرض العسكري: أكثر من مجرد استعراض قوة

أما العرض العسكري المرتقب في بكين، فسيكون أكثر من مجرد استعراض للقوة؛ إذ تسعى الصين لإعادة صياغة الذاكرة التاريخية للحرب العالمية الثانية لتأكيد أن النصر تحقق بفضل تضحيات الصين والاتحاد السوفيتي، وليس الغرب وحده. هذا “الصراع على الذاكرة” يوازيه صراع سياسي على قيادة النظام العالمي.

تحاول بكين وموسكو تقويض الرواية الغربية وترسيخ شرعية نفوذهما عبر هذه الأحداث الرمزية والاستراتيجية. ويرى محللون أن ما يجري ليس مجرد احتفال أو قمة دورية، بل هو إعادة تموضع استراتيجي للصين التي تسعى لاستغلال تصدع التحالفات الغربية وتراجع ثقة بعض الدول في واشنطن لتقديم نفسها شريكًا بديلًا قادرًا على موازنة النفوذ الأميركي.

توقعات مستقبلية: هل تتغير قواعد اللعبة؟

مع استمرار تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين وبين القوى الناشئة مثل الصين وروسيا والهند، يبدو أن العالم يتجه نحو نظام متعدد الأقطاب. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف ستؤثر هذه التحالفات الجديدة على النظام العالمي الحالي؟ وهل ستنجح الصين بالفعل في تقديم نفسها كقوة بديلة للنفوذ الأمريكي؟

الأيام القادمة قد تحمل الكثير من المفاجآت والتغيرات الجذرية. ولكن المؤكد هو أن الصين تلعب دوراً محورياً ومتزايد الأهمية على الساحة الدولية.