إلغاء زيارة المبعوث الأمريكي إلى جنوب لبنان وسط توترات سياسية

ألغى المبعوث الأمريكي توم براك زيارته إلى مدينتي صور والخيام في جنوب لبنان اليوم (الأربعاء)، بعد تصاعد التوترات السياسية والدعوات للتظاهر احتجاجاً على تصريحاته المثيرة للجدل. تأتي هذه الخطوة في أعقاب تصريحات أدلى بها براك خلال مؤتمر صحفي، وُصفت بأنها “مهينة” بحق الصحفيين اللبنانيين.

خلفية التوترات

وصل براك صباحاً إلى ثكنة فرنسوا الحاج في بلدة مرجعيون على متن طوافة، وسط انتشار مكثف للجيش اللبناني لتأمين الزيارة. ومع ذلك، انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر رفضاً لحضور براك، خاصة من قبل مجموعات مثل “شباب صور”، الذين وصفوه بـ”المندوب السامي الجديد”.

تأتي هذه الاحتجاجات نتيجة لتصريحات براك التي اعتبرها البعض مهينة للصحفيين اللبنانيين والأجانب، حيث وصف سلوكهم خلال المؤتمر الصحفي بأنه “فوضوي” و”حيواني”. وقد أثارت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة من نقابة محرري الصحف اللبنانية والرئاسة اللبنانية التي أصدرت بياناً تأسف فيه على تصريحات الضيف الأمريكي.

القضايا الأمنية والسياسية

تزامنت زيارة براك مع قضايا حساسة تتعلق بالسيادة اللبنانية وسلاح حزب الله. فقد ربط المبعوث الأمريكي بين خطة حصر السلاح اللبناني والانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها إسرائيل، مخالفة لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر الماضي.

وأشار براك إلى أن إسرائيل أبلغته بعدم رغبتها في احتلال لبنان، لكنها لن تنسحب إلا بعد الاطلاع على خطة لبنان لنزع سلاح حزب الله. وأوضح أن لبنان سيقدم مقترحاً في 31 أغسطس لإقناع حزب الله بالتخلي عن سلاحه، مشيراً إلى أن المقترح لن يكون بالضرورة عسكرياً.

ردود الفعل المحلية والدولية

أثارت تصريحات وتصرفات براك موجة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية والإعلامية اللبنانية. وقد أكدت الدعوات للتظاهر على أهمية التمسك بالسلاح كوسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، ما يعكس تعقيدات المشهد السياسي والأمني في البلاد.

الموقف السعودي:

وفي هذا السياق المعقد، تبرز المملكة العربية السعودية كمراقب دبلوماسي مهم للوضع في لبنان. تسعى السعودية دائماً لدعم الاستقرار الإقليمي وتوازن القوى بما يخدم مصالح الأمن والسلام في المنطقة. ومن المتوقع أن تستمر الرياض في لعب دور محوري عبر دعم الجهود الدبلوماسية الرامية لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني في لبنان.

تحليل واستنتاجات

تعكس الأحداث الأخيرة مدى تعقيد الوضع السياسي والأمني في لبنان وتأثير العوامل الخارجية عليه. إن إلغاء زيارة المبعوث الأمريكي يشير إلى حساسية الوضع وإمكانية تصاعد التوترات إذا لم تُدار بحكمة ودبلوماسية عالية المستوى.

يبقى السؤال حول كيفية تحقيق التوازن بين المطالب الداخلية المتعلقة بالسيادة وبين الضغوط الدولية لنزع السلاح وضمان الأمن الإقليمي مفتوحًا للنقاش والتحليل المستمرين.