السياسة
تخفيض الإنفاق العسكري الروسي بعد غزو أوكرانيا
تواجه روسيا تحديات اقتصادية تدفعها لخفض إنفاقها العسكري لأول مرة منذ غزو أوكرانيا، تعرف على تأثير ذلك على مستقبل الصراع.
تحليل خفض الميزانية العسكرية الروسية
أعلنت روسيا لأول مرة منذ غزوها الشامل لأوكرانيا قبل أكثر من ثلاث سنوات عن خطط لخفض ميزانيتها العسكرية بشكل طفيف في عام 2025. يأتي هذا الإعلان في ظل ضغوط اقتصادية متزايدة تواجهها البلاد، مما يبرز حدود قدرة الكرملين على مواصلة تمويل الحرب. وفقاً لمسودة الميزانية المقدمة إلى البرلمان الروسي، ستنخفض نفقات الدفاع الوطني إلى نحو 156 مليار دولار من أكثر من 163 مليار دولار هذا العام، مع انخفاض أكبر عند احتساب التضخم المتوقع بنسبة 7.
دلالات الأرقام وتأثيرها الاقتصادي
يعكس هذا الانخفاض التحديات الاقتصادية التي تواجهها روسيا، والتي تتضمن تراجع إيرادات النفط والغاز بشكل ملحوظ. فقد انخفضت الإيرادات المتوقعة من هذه المصادر الحيوية من 135 مليار دولار في عام 2024 إلى 100 مليار دولار هذا العام. يُعزى ذلك إلى العقوبات الغربية وانخفاض أسعار النفط العالمية، مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الروسي الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات الطاقة.
ورغم التباطؤ الطفيف في الإنفاق العسكري، يظل الإنفاق الروسي أربعة أضعاف مستويات عام 2021. حيث يُعد الإنفاق البالغ أكثر من 160 مليار دولار هذا العام هو الأعلى منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. بالمقارنة، فإن ميزانية أوكرانيا تُعتبر أقل بكثير وتواجه أزمة حقيقية تحتاج فيها إلى حوالي 20 مليار دولار لتغطية نفقاتها للعام القادم.
التحديات الاقتصادية والضغوط المحلية
إذا قررت روسيا توسيع إنفاقها العسكري مرة أخرى، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على المواطنين الروس عبر رفع الضرائب أو اللجوء إلى الاقتراض الداخلي. هذه الخطوات قد تعيق جهود الحكومة في تمويل الحرب دون التأثير السلبي على الشعب ومنع أي معارضة داخلية محتملة.
ساعدت أسعار النفط المرتفعة سابقًا في دعم الإنفاق العسكري الروسي، ولكن مع تراجع الأسعار والعقوبات المفروضة، أصبحت الخيارات محدودة أمام الكرملين لمواصلة نفس المستوى من التمويل دون تأثيرات سلبية واضحة على الاقتصاد المحلي.
السياق الاقتصادي العالمي والمحلي
على الصعيد العالمي، يعكس الوضع الاقتصادي الحالي لروسيا تأثير العقوبات الغربية التي فرضت عليها بسبب غزو أوكرانيا. هذه العقوبات لم تؤثر فقط على قطاع الطاقة بل امتدت لتشمل قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا والمالية. كما أن انخفاض أسعار النفط العالمية يزيد من تعقيد الموقف الاقتصادي للبلاد.
محليًا، يسعى الرئيس فلاديمير بوتين لإظهار قدرة روسيا على الصمود أمام الضغوط الاقتصادية والسياسية لتحقيق أهدافه الاستراتيجية في أوكرانيا. ومع ذلك، فإن التحديات الاقتصادية المتزايدة قد تجبر الحكومة الروسية على إعادة تقييم أولوياتها المالية والاستراتيجية.
التوقعات المستقبلية
من المتوقع أن تستمر الضغوط الاقتصادية على روسيا إذا لم يحدث تغيير جذري في سياستها الخارجية أو إذا لم تتحسن الظروف الاقتصادية العالمية بشكل كبير.
قد تضطر الحكومة الروسية إلى اتخاذ خطوات تقشفية إضافية أو البحث عن مصادر جديدة للإيرادات لتعويض النقص المالي الناجم عن انخفاض إيرادات الطاقة والعقوبات الدولية المستمرة.
في المقابل، تأمل أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون أن تؤدي الضغوط الاقتصادية المتزايدة والتقدم المحدود لروسيا عسكريًا إلى دفع الكرملين نحو حلول سلمية للصراع الدائر.