السياسة
الرياض تؤثر في نيويورك: تحركات جديدة ومفاجئة
السعودية تقود دفة الدبلوماسية في مؤتمر نيويورك، معيدة القضية الفلسطينية للواجهة بجرأة وتأثير غير مسبوقين.
فلسطين على طاولة السياسة الدولية: دور المملكة العربية السعودية في مؤتمر حلّ الدولتين
عادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية، ليس عبر ساحات الاشتباك التقليدية، بل من خلال قنوات الدبلوماسية والسياسة. في مؤتمر حلّ الدولتين الذي انعقد في نيويورك، برزت المملكة العربية السعودية كلاعب رئيسي، حيث فرضت حضورها كمحرك لا كمشارك فحسب، وسعت لفتح نافذة جديدة في جدار الصمت العالمي حول القضية الفلسطينية.
مشاركة دولية واسعة وتجاهل أمريكي وإسرائيلي
رغم تجاهل واشنطن للدعوة ومقاطعة تل أبيب للمؤتمر، إلا أن أكثر من 120 دولة ومنظمة دولية حضرت اللقاء. لم يكن هذا التجمع مجرد رسالة رمزية بل محاولة جادة لكسر احتكار الغرب لمسار التسوية وبناء هندسة إقليمية جديدة تؤكد أن القضية الفلسطينية لا تزال حاضرة بقوة على الساحة الدولية.
دور سعودي بارز في هندسة خارطة الطريق
في هذا السياق الدولي المتغير، كانت المملكة العربية السعودية هي الطرف الذي أخذ على عاتقه مهمة هندسة خارطة طريق عملية تتجاوز الشعارات التقليدية وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته. وقد تزامنت هذه الجهود مع استعدادات فرنسية للاعتراف بدولة فلسطين وتحركات أوروبية تميل نحو ذات الوجهة.
خطاب الأمير فيصل بن فرحان: تأسيس لمرحلة جديدة
خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، ألقى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خطاباً بدا مؤسساً لمرحلة جديدة في التعامل مع القضية الفلسطينية. أكد فيه أنه “لا يمكن أن يكون هناك سلام في المنطقة من دون قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”. ورغم أن هذه العبارة ليست جديدة بمضمونها، إلا أنها جاءت في سياق سياسي جديد يعكس تحول الرياض إلى فاعل دبلوماسي نشط يطرح ويقترح ويدفع باتجاه الحلول العملية.
ملامح خارطة الطريق السعودية
وفق ما رشح من المؤتمر، لم تكتفِ المملكة بالطرح النظري بل قدمت ملامح خارطة طريق شاملة تتضمن دعماً مالياً عاجلاً للفلسطينيين وإعادة هيكلة السلطة الفلسطينية ومقاربة أمنية تضمن نزع سلاح الفصائل خارج إطار الدولة. بين السطور، بدا واضحاً أن السعودية تعد العدة لتحويل شعار “حل الدولتين” من وثيقة سياسية إلى مشروع تنفيذي تقوده هي بدلاً من تركه رهينة الانقسامات الإقليمية والدولية.
التحديات والآفاق المستقبلية
يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان هذا المؤتمر سيشكل لحظة مفصلية تقود إلى تغيير حقيقي أم أن الواقع الدولي المتشابك لا يزال يمنح إسرائيل هامش المناورة للهروب من الاستحقاقات؟ إن التحديات التي تواجه تنفيذ حل الدولتين عديدة ومعقدة وتشمل الانقسامات السياسية الداخلية الفلسطينية والمواقف الإسرائيلية المتشددة بالإضافة إلى التوازنات الإقليمية والدولية.
ختاماً, يبدو أن المملكة العربية السعودية تسعى بجد لتغيير قواعد اللعبة الدبلوماسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية عبر تبني نهج عملي ومتوازن يسعى لجمع الأطراف المختلفة حول رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة. يبقى نجاح هذه المبادرة مرهوناً بتعاون المجتمع الدولي واستعداده لتحمل مسؤولياته التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.