قرار محكمة الاستئناف الفيدرالية وتأثيره على الأصول الأفغانية المجمدة

رفضت محكمة الاستئناف الفيدرالية الثانية في مانهاتن طلب ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 وتفجيرات السفارتين الأمريكيتين في شرق أفريقيا عام 1998 بمصادرة 3.5 مليار دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني (Da Afghanistan Bank – DAB). هذا القرار يعكس تعقيدات قانونية تتعلق بحماية الأصول السيادية بموجب قانون الحصانات السيادية الأجنبية (FSIA).

الحصانة السيادية والأصول المجمدة

أوضحت المحكمة أن البنك المركزي الأفغاني يُعتبر وكالة أو أداة تابعة لدولة أفغانستان، مما يمنع مصادرة أصوله المجمدة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. هذه الحماية تأتي بموجب FSIA، الذي يهدف إلى حماية الأصول السيادية للدول الأجنبية من المصادرة.

رغم ذلك، حاول الضحايا استخدام قانون التأمين ضد مخاطر الإرهاب (TRIA) الذي يلغي بعض الحصانات الممنوحة بموجب FSIA، لكنهم لم يتمكنوا من إثبات أن البنك كان تابعاً لطالبان. هذا الجانب القانوني يعكس التحديات التي تواجهها المحاكم عندما يتعلق الأمر بتحديد السيطرة الفعلية على المؤسسات المالية في الدول ذات الحكومات المتغيرة.

التداعيات الاقتصادية والسياسية

القرار الصادر بنتيجة 2-1 يمثل خسارة لمجموعات الضحايا الذين سعوا للحصول على نصف مبلغ 7 مليارات دولار من الأصول المجمدة. تجميد هذه الأصول كان قد تم بأمر من الرئيس الأمريكي جو بايدن في أغسطس 2021 بعد سقوط كابول وسيطرة طالبان على الحكم.

القاضي خوسيه كابرانيس أكد أنه لم يكن هناك دليل على أن البنك كان يدعم طالبان أو يخضع لسيطرتها عند تجميد الأصول. هذا يبرز أهمية التوقيت والدلائل الملموسة في القضايا المتعلقة بالأموال المجمدة والسيادة الوطنية.

الخلاف القانوني والآراء المتباينة

عارض القاضي ريتشارد سوليفان القرار، معتبراً أنه يتناقض مع هدف TRIA الذي يسعى إلى جعل أي أصول متاحة لضحايا الإرهاب. وأضاف أن أفغانستان لم تعد تُعتبر دولة أجنبية بموجب FSIA، مما يعني أن أصول البنك ليست مشمولة بالحصانة.

هذا الخلاف يعكس التوتر بين الاعتبارات القانونية لحماية الأصول السيادية وحقوق الضحايا في الحصول على تعويضات مالية عن الهجمات الإرهابية.

التوقعات المستقبلية والسيناريوهات المحتملة

في ظل تصنيف الحكومة الأمريكية لطالبان كـ”منظمة إرهابية عالمية”، فإن تخصيص النصف الآخر من الأصول المجمدة لصالح الشعب الأفغاني يشير إلى محاولة لتحقيق توازن بين العقوبات الاقتصادية والمساعدات الإنسانية.

على المستوى العالمي, يمكن لهذا القرار أن يؤثر على كيفية تعامل الدول مع الأموال السيادية المجمدة في المستقبل، خاصةً في السياقات التي تتغير فيها الحكومات بشكل مفاجئ أو غير مستقر.

محلياً, قد يؤدي استمرار تجميد هذه الأموال إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في أفغانستان، حيث يعتمد الاقتصاد بشكل كبير على المساعدات الخارجية والوصول إلى الاحتياطيات الدولية لتلبية احتياجات السكان الأساسية.

في الختام, يبقى السؤال حول كيفية تحقيق العدالة للضحايا دون الإضرار بالشعب الأفغاني العادي قائماً، وهو ما يتطلب حلولاً مبتكرة ومتوازنة تأخذ بعين الاعتبار التعقيدات القانونية والسياسية والاقتصادية المرتبطة بهذه القضية الحساسة.