يستقبل صعيد عرفات اليوم (الجمعة) أكثر من مليون حاج، بينهم ٨٥٠ ألف حاج من خارج المملكة، و١٥٠ ألف حاج من الداخل، مرددين تلبية الحج، وملبين نداء ربهم في ركن الحج الأكبر حتى غروب الشمس.
وفي أجواء المشاعر المقدسة، ارتفعت أصوات حجاج البيت الحرام، معطرينها بالتكبير والتهليل ومختلطة نبراتهم الضارعة بدموعهم الهادرة يرتجون وراءها المغفرة، والعودة كيوم ولدتهم أمهاتهم، متوجهين، اليوم التاسع من ذي الحجة للوقوف بجبل عرفة الركن الأعظم للحج، وسط خطط محكمة أعدتها الجهات الأمنية لتسهيل وصولهم إلى مخيماتهم في يسر وسهولة.
وركزت قيادة أمن الحج خطة متكاملة لتوفير مظلة الأمن والأمان وتحقيق السلامة على جميع الطرق التي يسلكها الحجاج من مكة إلى المشاعر المقدسة، إضافة لتنظيم حركة المشاة. وجندت قيادة قوات أمن الحج جميع الطاقات الآلية والبشرية من رجال أمن لتنفيذ خطة تصعيد الحجاج بمشعر عرفات؛ بهدف تسهيل وتسيير عملية التصعيد أمام قوافل الحجيج وتوفير الأمن والسلامة لهم.
ويتدفق ضيوف البيت الحرام إلى صعيد عرفات ليشهدوا الوقفة الكبرى، ثم ينفروا مع مغيب الشمس إلى مزدلفة، ويعود الحجاج إلى منى صبيحة غد العاشر من ذي الحجة لرمي جمرة العقبة «أقرب الجمرات إلى مكة»، والنحر للحاج المتمتع والمقرن فقط، ثم الحلق والتقصير والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة.
من جهة ثانية، أوصت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، حجاج البيت الحرام، بالحرص على أداء نسك الحج، وفق ما شرع الله تعالى وسنّ رسوله (عليه الصلاة والسلام)، والابتعاد عن جميع المعاصي وترك كل ما يسبب الشحناء والبغضاء بين المسلمين من الجدال والمراء والهتافات التي تثير العداوات، مستشهدة بقوله تعالى: (فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ). وذلك حتى تكون الأقوال والأفعال في الحج كلها تدعو إلى الخير والبر والتقوى والتعاون على ذلك، والبعد عن كل ما يسبب الفرقة والاختلاف. ودعت في بيان لها صدر أمس، الحاج إلى الحرص على أداء شعائر الحج ومناسك هذه الشعيرة العظيمة مهتدين ومقتدين في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم امتثالاً لقول الله عز وجل: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، وعملاً بقول النبي (عليه الصلاة والسلام): «لتأخذوا عني مناسككم»، رواه أحمد ومسلم والنسائي.
وقالت: «إن من أعظم ما يقتدى به النبي (صلى الله عليه وسلم) في شعيرة الحج وغيرها من الشعائر أن يخلص الحاج لله وحده، ويجتهد أن تكون أعماله كلها له وحده، في صلاته ودعائه، وفي طوافه وسعيه، وفي جميع عباداته. قال الله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)».
وأوضحت، أن مما حث الله عز وجل الحاج على فعله أن يحرص على فعل الخير بأنواعه لقوله تعالى: (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)، فالكلمة الطيبة والنصيحة، والصدقة والمواساة وإرشاد الضال، وتعليم الجاهل، وغير ذلك كله من الخير الذي يثيب المولى سبحانه عليه، وحَرّض الحجاج ودعاهم إليه.
وأضافت: كما أمر الله عز وجل الحجاج بأن يتزودوا بكل ما ينفعهم في حجهم من النفقة ومن الكتب النافعة التي تعلمهم أداء نسكهم، وأخبر سبحانه أن خير الزاد التقوى، وذلك بأن يتقي الله في نفسه بالإخلاص له سبحانه والبعد عن كل ما يسخطه، ويتقي الله في إخوانه الحجاج فلا يؤذيهم لا بالقول ولا بالفعل، قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ).
وحثت الحاج أن يسأل أهل العلم عن كل ما يشكل عليه حتى يكون حجه على ما شرعه الله وسنه رسوله (صلى الله عليه وسلم)، سائلةً الله تعالى أن يحفظ الحجاج وييسر لهم أداء نسكهم ويتقبل منهم ومن المسلمين أجمعين.
ودعت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، الله سبحانه وتعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين والحكومة الرشيدة على الجهود الكبيرة والخدمات التي تبذلها كل قطاعات الدولة لتيسير هذه الشعيرة العظيمة حتى يؤدي الحجاج مناسكهم بكل يسر وطمأنينة.