دعا البيان الختامي للقمة العربية الطارئة بشأن فلسطين في القاهرة اليوم (الثلاثاء) مجلس الأمن الدولي لنشر قوات دولية لحفظ السلام في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن يكون ذلك في سياق تعزيز الأفق السياسي لتجسيد الدولة الفلسطينية، مؤكداً أن السلام هو خيار العرب الإستراتيجي.
وقال البيان الذي تلاه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، إن السلام هو خيار العرب الإستراتيجي، وإن مفهوم العرب للسلام هو رؤية الدولتين التي لا بد من العمل عليها لمنح أفق سياسي وأمل للشعب الفلسطيني، وإلا ستتكرر دائرة العنف المفرغة، مشدداً على أن الأولوية استكمال اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي نرى أنه يتعرض لتحدٍّ كبير اليوم بسبب تراجع الطرف الإسرائيلي عن التزاماته بالدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تتضمن استمرار تبادل الأسرى، وإنهاء الحرب، ووقف العدوان، والانسحاب بشكل كامل من القطاع، بما في ذلك من محور فيلادلفيا.
وأشار إلى ضرورة التنسيق في إطار اللجنة الوزارية العربية الإسلامية برئاسة السعودية، لإجراء الزيارات والاتصالات اللازمة من أجل شرح الخطة العربية لإعادة إعمار غزة، وهذا عمل نتعهد القيام به في الفترة القادمة، واليوم يمثل المحطة الأولى في مسار طويل، وأتمنى ألا يكون شاقاً.
وشدد البيان على ضرورة تكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وفي سياق العمل على إنهاء كافة الصراعات بالشرق الأوسط، مع تأكيد الاستعداد للانخراط الفوري مع الإدارة الأمريكية، وكافة الشركاء في المجتمع الدولي، لاستئناف مفاوضات السلام بغية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي لإقامة الدولة الفلسطينية.
وجدد البيان التأكيد على الموقف العربي الواضح، الذي تم التشديد عليه مراراً، بما في ذلك بإعلان البحرين الصادر في 16 مايو 2024، بالرفض القاطع لأي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه أو داخلها، وتحت أي مسمى أو ظرف أو مبرر أو دعاوى، باعتبار ذلك انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية وتطهيراً عرقياً، كما أدان سياسات التجويع والأرض المحروقة الهادفة لإجبار الشعب الفلسطيني على الرحيل من أرضه، مع التشديد علي ضرورة التزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتي ترفض أي محاولات لتغيير التركيبة السكانية في الأرض الفلسطينية.
وندد البيان بالقرار الصادر أخيراً عن الحكومة الإسرائيلية بوقف ادخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وغلق المعابر المستخدمة في أعمال الإغاثة، والتأكيد على أن تلك الإجراءات تعد انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، معرباً عن رفضه استخدام إسرائيل لسلاح الحصار وتجويع المدنيين لمحاولة تحقيق أغراض سياسية.
وحذر البيان من أن أي محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطيني أو محاولات لضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، سيكون من شأنها إدخال المنطقة في مرحلة جديدة من الصراعات، وتقويض فرص الاستقرار، وتوسيع رقعة الصراع ليمتد إلى دول أخري بالمنطقة، وبما يعد تهديداً واضحاً لأسس السلام في الشرق الأوسط، وينسف آفاقه المستقبلية ويقضي على طموح التعايش المشترك بين شعوب المنطقة والتأكيد في هذا الصدد على الجهود التي تقع على عاتق الأردن ومصر في مواجهة مخاطر التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.
وأكد البيان اعتماد الخطة المقدمة من مصر بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والدول العربية واستناداً إلى الدراسات التي أجريت من قبل البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة، بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة، والعمل على تقديم كافة أنواع الدعم المالي والمادي والسياسي لتنفيذها، وكذلك حث المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على سرعة تقديم الدعم اللازم للخطة، والتأكيد على أن كافة هذه الجهود تسير بالتوازي مع تدشين مسار سياسي وأفق للحل الدائم والعادل بهدف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته والعيش في سلام وأمان.
وأشار إلى أن الأولوية القصوى استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لمرحلتيه الثانية والثالثة، وأهمية التزام كل طرف بتعهداته، وخصوصاً الطرف الإسرائيلي، وبما يؤدي إلى وقف دائم للعدوان على غزة وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بما في ذلك من محور «فيلادلفيا»، ويضمن النفاذ الآمن والكافي والآني للمساعدات الإنسانية والإيوائية والطبية، دون إعاقة وتوزيع تلك المساعدات بجميع أنحاء القطاع، وتسهيل عودة أهالي القطاع إلى مناطقهم وديارهم، والتنويه إلى الدور الإيجابي الذي اضطلعت به ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين بالتعاون مع مصر وقطر، والبناء على تلك الجهود بالعمل مع الرئيس الأمريكي على وضع خطة تنفيذية متكاملة لمبادرة السلام العربية.
ورحب البيان الصادر عن القمة بعقد مؤتمر دولي في القاهرة، في أقرب وقت، للتعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة، داعياً المجتمع الدولي إلى المشاركة فيه للتسريع في تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره بعد الدمار الذي تسبب به العدوان الإسرائيلي، والعمل على إنشاء صندوق ائتماني يتولى تلقي التعهدات المالية من كافة الدول ومؤسسات التمويل المانحة، بغرض تنفيذ مشاريع التعافي وإعادة الإعمار.
وشدد البيان على ضرورة التنسيق فى إطار اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة لإجراء الاتصالات والقيام بالزيارات اللازمة للعواصم الدولية من أجل شرح الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتعبير عن الموقف المتمسك بحق الشعب الفلسطيني بالبقاء على أرضه وحقه في تقرير مصيره.
وكلف البيان وزراء الخارجية العرب والأمين العام للجامعة بسرعة التحرك على المستوى الدولي، لاسيما بالأمم المتحدة ومع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بالتنسيق مع العضويين العربيين غير الدائمين بمجلس الامن الجزائر والصومال، في إطار جهودهما الملموسة في دعم القضايا العربية عموماً والقضية الفلسطينية خصوصاً، لبحث التحركات والإجراءات التي يمكن اتخاذها في مواجهة المحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك العمل على حشد الضغوط الدولية لفرض انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة، بما فيها في سورية ولبنان، عبر التنسيق اللازم من خلال مجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة العربية بالعواصم المختلفة.
ورحب البيان بالقرار الفلسطيني بتشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، التي تتشكل من كفاءات من أبناء القطاع، لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية للعودة إلى غزة، تجسيداً للوحدة السياسية والجغرافية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وثمّن البيان الطرح المقدم من الأردن ومصر لتأهيل وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية بما يضمن قدرتها على أداء مهماتها في حفظ الأمن في قطاع غزة على الوجه الأكمل، مع التأكيد في هذا الصدد أن ملف الأمن هو مسؤولية فلسطينية خالصة، ويتعين أن يدار من قبل المؤسسات الفلسطينية الشرعية وحدها وفقاً لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد، وبدعم كامل من المجتمع الدولي.
ورحب البيان بجهود دولة فلسطين المستمرة في إطار الإصلاح الشامل وعلى جميع المستويات، والعمل على بناء مؤسسات قوية ومستدامة قادرة على تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني، وسعيها لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، في أسرع وقت ممكن، عندما تتهيأ الظروف، ومواصلة القيادة الفلسطينية، عبر برنامج الحكومة، تنفيذ إصلاحات جوهرية تهدف إلى تحسين جودة الخدمات العامة والنهوض بالاقتصاد وتمكين المرأة والشباب وتعزيز سيادة القانون ومبادئ الشفافية والمساءلة والتنويه بأن جهود الإصلاح داخل دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية هي خطوات ضرورية لتمكين المؤسسات الوطنية الفلسطينية من أداء مهماتها بفعالية في مواجهة التحديات، والحفاظ على وحدة القرار الوطني، وتعزيز قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود وتحقيق تطلعاته المشروعة في الحرية والاستقلال. والتأكيد على أهمية توحيد الصف الفلسطيني ومختلف الأطراف الوطنية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وطالب البيان بوقف العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية بما في ذلك الاستيطان والفصل العنصري وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتدمير البنى التحتية والاقتحامات العسكرية للمدن الفلسطينية، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة، مؤكداً رفضه الكامل، وإدانته لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين داخلياً من مخيمات ومدن الضفة الغربية أو لضم أجزاء من الضفة تحت أي مسمي أو ذريعة، الأمر الذي يهدد بتفجير الموقف برمته بشكل غير مسبوق، وبما يزيد الوضع الإقليمي اشتعالاً وتعقيداً.
ودعا البيان بمناسبة شهر رمضان إلى خفض التصعيد في كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك عبر وضع حد للخطابات والممارسات التي تحرض على الكراهية والعنف، مؤكدة أدانتها بشدة.
وطالب البيان بضرورة السماح للمصلين بالوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، وممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأمان، وبما يحافظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة والتأكيد على ضرورة احترام دور إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية بصفتها صاحبة الصلاحية الحصرية في إدارة جميع شؤون المسجد الأقصى في إطار الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات، والتأكيد أيضاً على دور لجنة القدس ووكالة بيت مال القدس الشريف.
وأعلن البيان دعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية، باعتبارها رئيساً للجنة العربية الإسلامية المشتركة بشأن غزة والاتحاد الأوروبي، والنرويج، والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، المقرر عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في يونيو 2025.
وأكد البيان على الدور الحيوي الذي لا بديل عنه لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) للقيام بولايتها الممنوحة لها بموجب قرار الأمم المتحدة بإنشائها في مناطق عملياتها الخمس وخصوصاً في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، ودعوة المجتمع الدولي والدول المحبة للسلام إلى تقديم الدعم السياسي والقانوني والمالي لها لضمان استمرارها في أداء مهماتها، ومطالبة الأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم إزاء تعطيل دور إحدى وكالاتها المتخصصة عن ممارسة مسؤولياتها وواجباتها الإنسانية، ورفض أي محاولات أو إجراءات لتقليص دورها أو إلغائها، ضمن الخطط الممنهجة لتصفية قضية اللاجئين أصحاب الحق في العودة إلى بلادهم، مع التشديد في هذا السياق على إدانة التشريعين اللذين أقرهما الكنيست الإسرائيلي في أكتوبر 2024 لحظر وكالة «الأونروا»، وهي الخطوة الإسرائيلية التي تعكس استخفافاً مرفوضاً بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي برمته.
وشدد البيان على ضرورة التعاون مع الأمم المتحدة، لإنشاء صندوق دولي لرعاية أيتام غزة من ضحايا العدوان الإسرائيلي الغاشم، الذين يناهز عددهم نحو 40 ألف طفل وتقديم العون وتركيب الأطراف الصناعية للآلاف من المصابين لاسيما الأطفال الذين فقدوا أطرافهم، وتشجيع الدول والمنظمات على طرح مبادرات ذات صلة أسوة بمبادرة «استعادة الأمل» الأردنية لدعم مبتوري الأطراف في قطاع غزة.
وحث البيان الدول على الالتزام بتنفيذ الرأيين الاستشاريين لمحكمة العدل الدولية وأوامرها بشأن جرائم إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، مع التشديد على ضرورة ملاحقة جميع المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والجرائم التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني من خلال آليات العدالة الدولية والوطنية والتذكير بأن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم. وتحميل إسرائيل المسئولية القانونية والمادية عن جرائمها في غزة وسائر الأرض الفلسطينية المحتلة.
وكلف البيان لجنة قانونية من الدول العربية الأطراف باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، لدراسة اعتبار تهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه والطرد والنقل الجبري والتطهير العرقي والترحيل خارج الأرض الفلسطينية المحتلة، وخلق ظروف معيشية طاردة للسكان من خلال التدمير واسع النطاق والعقاب الجماعي والتجويع ومنع وصول الغذاء ومواد الإغاثة، جزءاً من جريمة الإبادة الجماعية.
وأكد البيان على ضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بجميع بنوده والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701، وإدانة الخروقات الإسرائيلية لهما، ومطالبة إسرائيل بالانسحاب الكامل من لبنان إلى الحدود المعترف بها دولياً، وبتسليم الاسرى المعتقلين في الحرب الأخيرة والعودة إلى الالتزام بمندرجات اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل لعام 1949، والوقوف مع الجمهورية اللبنانية وأمنها واستقرارها وسيادتها.
وأدان البيان الاعتداءات الإسرائيلية على سورية والتوغل داخل أراضيها الذي يُعد خرقاً فاضحاً للقانون الدولي وعدواناً على سيادة سورية وتصعيداً خطيراً يزيد من التوتر والصراع، مطالباً المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتحرك الفوري لتطبيق القانون الدولي وإلزام إسرائيل بوقف عدوانها والانسحاب من الأراضي السورية التي احتلتها في خرق واضح لاتفاق الهدنة للعام 1974، وإعادة التأكيد على أن هضبة الجولان هي أرض سورية محتلة، ورفض قرار إسرائيل ضمها وفرض سيادتها عليها.
وكلّف البيان الأمين العام لجامعة الدول العربية بمتابعة تنفيذ هذا البيان وعرض تقرير بشأنه على القمة العربية في دورتها العادية الـ34 القادمة، معرباً عن تقديم الشكر لمصر على استضافتها مؤتمر القمة الطارئ.