كأول حدث في تاريخ الولايات المتحدة، يربح «فرانكلين روزفلت» بأربع حملات انتخابية متتالية والتي تُقدر نحو 13عاماً، «1932-1945».
كسب «روزفلت» ثقة واحترام الكثير على مستوى البلاد، وقد أثبت إرادته الصلبة من خلال مكافحته «شلل الأطفال» الذي أُصيب به عام 1921 أثناء قضاء إجازته في جزيرة كامبو بيلو، فيما كان يشغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة حينها، وقد تسبب ذلك في إقعاده بصورة دائمة، ورغم تهديد المرض مستقبله السياسي لم يمنعه ذلك من المضي قدماً.
بدأت مسيرة «روزفلت» السياسة بانخراطه مع الحزب الديمقراطي عام 1910 حيث حاز على مقعد في مجلس الشيوخ، ومروراً بتعيينه محافظاً لولاية نيويورك لفترتين متتابعتين، وانتهاء بفوزه بحملته الانتخابية الأولى عام 1932 رغم كثرة الانتقادات التي واجهها من الحزب الجمهوري أثناء الانتخابات والتي تتمثل في التشكيك على مقدرته في إدارة الأزمة الاقتصادية الحادة التي كانت تعيشها الولايات المتحدة آنذاك وإدارة البلاد عموماً، رغم ذلك تمكن بالفوز بفضل الخطابات التي ألقاها، فقد وعد بمحاربة الكساد ومساندة العاطلين عن العمل، كما تضمنت خطاباته تنمية المجالات الاقتصادية كافة.
وبالفعل خلال توليه فترة رئاسته حقق إصلاحات اقتصادية في مجالات عدة، وخلق ملايين فرص عمل للشباب العاطل، وقد نال على شعبية واسعة ومؤيدين بصفه، ونظراً لذلك فقد تم ترشحيه للمرة ثانية للمنصب الرئاسي عام 1936 وفاز به بواقع 61% من الأصوات.
لم تمض مدة زمنية طويلة حتى عادت الولايات المتحدة لمحاربة أزمة اقتصادية أخرى سنة 1937، مما اضطر «روزفلت» تنفيذ تشريعات صارمة للمساعدة في إخراج أمريكا من هذه الأزمة، وقد بدأ الاقتصاد يستعيد عافيته مجدداً بحلول عام 1938.
من ثم توالت انتصاراته الرئاسية حيث ترشح عام 1940 وفاز بالانتخابات، بالرغم من اعتراض كل من نائبيه «جون نانس» و «جيمس فارلي» في بادئ الأمر خوضه للانتخابات مرة أخرى، لرغبتهما الشديدة في ترشيح نفسيهما، وقد شجعهما «روزفلت» على ذلك ولم يعارضهما، لكن في النهاية كانت الأنظار متجهة إلى فرانكلين، وأحرز تقدماً على نظيره من الحزب الجمهوري «ويندل ويلكي» بواقع 55% من الأصوات في مقابل 45% لـ«ويندل».
كانت آخر المعارك الانتخابية للرئيس الأميركي «فرانكلين روزفلت» في عام 1944 حيث انتصر على نظيره المرشح من الحزب الجمهوري «توماس ديوي» الذي حاول أن يبرر أحقيته في التربع على كرسي الرئاسة، من خلال الإفصاح عن الحالة الصحية المتدهورة لـ«روزفلت»، لكن الأخير نبه الناخبين بأن «توماس» يفتقر للخبرة السياسية الخارجية، محذراً من تغيّر الرؤساء والإدارات في أوج الحرب العالمية الثانية، وبالفعل حاز على 53% من الأصوات معلناً انتصاره بينما منافسه حصل على 46%، لكن يبدو أن توماس كان محقا بشأن حالة روزفلت الصحية حيث كان يعاني من ضغط الدم وتصلب الشرايين بعد مرور أيام من توليه الرئاسة، واستمر صراعه مع المرض حتى الـ12 من إبريل عام 1945 أثناء قضاء عطلته في ولاية جورجيا، حين عانى فرانكلين من صداع شديد فجأة ودخل في غيبوبة نتيجةً لتعرضه نزيف بالمخ، وبعد ذلك بساعات قليلة توفى، رغم مرور 83 يوماً فقط على فوزه بالانتخابات.
مع مرور «فرانكلين روزفلت» بأربع حملات انتخابية إلا أنه لم يتجرأ أي من منافسيه بإلقاء انتقادات حول سياسات إدارة روزفلت الداخلية والخارجية التي من أبرزها:
1- وضع حلول للأزمة المصرفية عام 1933، حين كانت الصناعة المصرفية في حالة تدهور وأعلنت أكثر من نصف البنوك إفلاسها، فيما استطاع «روزفلت» استعادة ثقة المواطنين في الحكومة والمؤسسات البنكية.
2- إنشاء مؤسسات رعاية اجتماعية للمدنيين حيث تم توظيف ما يقرب ثلاثة ملايين شاب ينتمون إلى الأسر الفقيرة.
3- الاهتمام بالقطاع الزراعي ووضع خطط تنموية، مما تسبب في زيادة الدخل القومي من الزراعة.
4- إنشاء إدارة لتقديم المساعدات المالية لذوي الدخل المحدود.
5- تقديم مِنح ومساعدات للولايات والمدن عن طريق إدارة الأعمال العامة لإقامة مشاريع عملاقة، مع محاولة تثبيت الأسعار وخلق روح المنافسة الشريفة.
6- العمل على توفير الكهرباء لأهالي المناطق الريفية بعد إهمالها لوقت طويل.
• أما فيما يخص السياسات الخارجية:
1 – استئجار قناة بنما ذات الموقع الإستراتيجي، واستغلالها ضد دول المحور في الحرب العالمية الثانية.
2 – شن هجوماً ساحقاً على الأسطول الياباني بعد مهاجمته للقطع البحرية الأمريكية في ميناء «بيرل هاربر» وإعلان دخول الولايات المتحدة للحرب على إثرها.
3 – إصرار الرئيس «روزفلت» على الاستسلام غير المشروط لدول المحور في الحرب العالمية الثانية، وقد استثمر انتصارات حلفائه.
4 – تطوير الأبحاث المتعلقة بالقنبلة النووية التي انفجرت بعد أشهر قليلة من وفاة «روزفلت».
5 – ساهم في تحقيق الاستقرار العالمي ودعمَ وثيقة «إعلان الأمم المتحدة» والتي عرفت لاحقا باسم «الأمم المتحدة».