تفاقمت أزمات جماعة الإخوان الإرهابية داخلياً وخارجياً في ظل الرؤية الدولية الموحدة لاجتثاث التنظيم من جذوره وتجفيف مصادر تمويله وقطع دابره تمهيدا لإعلان وفاته ودفنه إلى الأبد، خصوصاً بعد نجاحات قوات الأمن المصرية في إحباط عدد من المخططات الإرهابية لأذرع الجماعة المتطرفة بعد 9 سنوات من ثورة 30 يونيو عام 2013 التي أطاحت بهذه العصابة بعد عام واحد من سيطرتها على الحكم في مصر مستغلين ثورة 25 يناير عام 2011.
وحاولت تمرير مخططاتها في عدد من الدول العربية والغربية، لكنها تلقت الضربة الموجعة من خلال الشارع المصري الذي لفظها وأطاح بها من الحكم.
وزادت تعقيدات الأزمة الداخلية لتنظيم الإخوان بعد الانقسامات والتحركات الألمانية والفرنسية وعودة التنسيق والتعاون الأمني بين مختلف الدول للعمل بقوة ضد جرائم الإخوان العابرة للحدود وإصدار مصر أحكاماً بإعدام عدد من قيادات الجماعة والسجن المؤبد للمتورطين في جرائم الإرهاب وآخرها الحكم بإعدام 10 قيادات والسجن المؤبد لـ167 آخرين.
وفي هذا السياق، قال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والقيادي الإخواني السابق الدكتور إسلام الكتاتني لـ«عكاظ» إن جماعة الإخوان انتهت سياسياً واجتماعياً في مصر، بحبس قياداتها وبلوغ عدد كبير منهم أرذل العمر، واصفاً إياها بأنها حاضنة لكافة تنظيمات العنف والإرهاب حول العالم.
وأكد الكتاتني أن المصالحة بين الحكومة المصرية وجماعة الإخوان أمر ليس وارداً على الإطلاق على الأقل في الأمد المنظور، مشددا على أنه لا يمكن عودة التنظيم إلى المشهد السياسي المصري حتى حال تغير النظام الحالي، لكره الشعب المصري لأفكارهم الهدامة، وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون مكانهم السجن وليس قصور الحكم.
ولفت إلى أن الشعب المصري كان قوياً حين رأى أن بلاده في خطر، لذا خرجت الملايين إلى الشوارع للمطالبة بإسقاط الإخوان، كاشفين الوجه القبيح للجماعة الإرهابية أمام العالم، خصوصا إرهابهم السياسي والفكري للشعب وفشلهم الذريع في تقديم مشروع اقتصادي أو سياسي لمصر، بل كل هدفهم الوصول إلى السلطة وممارسة القهر والإرهاب وتوريط مصر.
ولفت الباحث المصري إلى أن الجماعة الإرهابية صنعتها «أزمة الطبقة الوسطى» على الساحة خلال فترة زمنية معينة، لكن ثورة 30 يونيو أنقذت مصر والعالم العربي وحولت مسارها إلى الطريق الصحيح، مؤكدا أن جماعة الإخوان فشلت في تجنيد عدد من أذرعها العسكرية بفضل الضربات الأمنية الاستباقية التي حققتها وزارة الداخلية المصرية وقوات الجيش خلال السنوات الماضية، وهو ما أدى إلى تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية الخطيرة، وأصبح الشارع المصرى يعيش حالة من الاستقرار الأمني، وزيادة الاستثمارات العربية والأجنبية داخل البلاد. وأكد الكتاتني أن القضاء على مشروع الإخوان الإرهابي لم يتم في مصر وحدها بل في المنطقة بشكل عام، كاشفا أن الجماعة كانت تخطط لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة وشعوب فقيرة.
وكشف حجم الإرهاب الذي وجد في مصر بعد وصول الإخوان للسلطة، موضحا أن التنظيم خطط لنشر التطرف والإرهاب وإثارة الفتن والقلاقل وعلى رأسهم القيادي الإخواني المحبوس محمد البلتاجي الذي ما زالت تدوي في أذن المصريين كلماته حين قال: «إن الذي يحدث في سيناء يتوقف حين يعود الرئيس محمد مرسي إلى الحكم»، وبالتالي يجب إيجاد نخب قوية عربيا لمواجهة التيارات المتطرف والمتأسلم وتجديد الخطاب الديني لمواجهة أفكارهم المتطرفة.
وشدد القيادي الإخواني السابق على ضرورة تعزيز التنسيق بين الدول العربية والإسلامية، وكذلك مع الدول الغربية لمحاربة مصادر تمويل هذا التنظيم وتجفيفها بما يسهل عملية القضاء النهائي والجذري على هذه المليشيا والقبض على المطلوبين الفارين من وجه العدالة ومعاقبتهم على جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعوب والحريات المدنية واستهداف المنشآت العامة.
وتحدث عن الانقسامات التي تضرب صفوف التنظيم والصراعات التي طالت القيادات العليا وهو ما أدى للمرة الأولى في تاريخ الجماعة إلى تبادل الاتهامات بالفساد والخيانة ونشر الغسيل القذر على الملأ، داعيا إلى ضرورة استغلال حالة الانشقاق والتصدع للقضاء على هذه الجماعة، خصوصاً أنها أصبحت في مراحلها الأخيرة بانتظار الإعلان الرسمي عن زوالها وتشييع جثمانها.