Connect with us

السياسة

انتبه.. «نزاهة» ترصدك !

حرب ضروس تشنها السعودية، على الفساد عبر خارطة طريق حازمة، ولي العهد وضع منهجها وأساسها: «لن ينجو أي شخص دخل في قضية

حرب ضروس تشنها السعودية، على الفساد عبر خارطة طريق حازمة، ولي العهد وضع منهجها وأساسها: «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أيّاً من كان.. لن ينجو.. سواءً كان وزيراً، أو أميراً، أو أيّاً من كان.. أي أحد تتوفر عليه الأدلة الكافية سوف يُحاسب».

وتمضي السعودية، قُدماً في ملف مكافحة الفساد، وتخطو خطوات وثّابة نحو تحقيق الإصلاح الشامل والمنشود في كل مفاصل الدولة؛ وفق منظومة عمل متكاملة، تتمتع بأقصى درجات النزاهة والشفافية، التي تضمن تحقيق تطلعات رؤية 2030، وتنفيذ برامجها وأهدافها العامة في بيئة عمل مثالية، خالية من الفساد.

لا حصانة لفاسد

أكدت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، أنه لا حصانة لفاسد مهما كان منصبه ومكانته، وأن الفساد لا يسقط بالتقادم حتى بعد انتهاء العلاقة بالوظيفة، وهي ماضية في تطبيق ما يقضي النظام بحق المتجاوزين دون تهاون. وتعمل الهيئة على حماية المال العام ومحاسبة كل من يستغل وظيفته لتعطيل مشاريع التنمية أو الأنشطة الاستثمارية، أو الإضرار بالمصلحة العامة بأي صورة كانت. وتجدد نزاهة التأكيد في كل مرة أنها ماضية في تنفيذ اختصاصاتها المقررة نظاماً بكل حزم، لكل من تسول له نفسه الإضرار بالمال العام.

وهذا المنهج الواضح يؤكد أن الهيئة لن تحيد عن الاستمرار في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية أو للإضرار بالمصلحة العامة، وهي ماضية في تطبيق ما يقتضي به النظام بحق المتجاوزين دون تهاون.

وبات جلياً أن للأجهزة الرقابية اليد العليا في القبض على الفاسدين والإشارة إليهم؛ إذ أظهرت الإجراءات عزم الحكومة على اجتثاث الفساد والمفسدين مهما كان وضعهم الوظيفي، حفاظاً على ثروات الوطن ومقدراته.

الإطاحة بضابط سابق

أكد مصدر مسؤول في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، أنه تم القبض على ضابط برتبة عقيد متقاعد من رئاسة أمن الدولة لحظة استلامه شيكاً بمبلغ 30 مليون ريال من أصل مبلغ 100 مليون ريال متفق عليه، مقابل ادّعائه بحفظ قضية فساد مالي وإداري منظورة لدى الهيئة مرتبطة برجل أعمال، مستغلاً المعلومات المتوفرة لديه خلال فترة عمله السابقة، وبمساعدة مقيمة (يمنية الجنسية) تدّعي أنها تعمل بمنصب حكومي وأنها من أفراد الأسرة الحاكمة بإحدى دول الخليج، وقيامها بتزوير خطاب يتضمن أمراً لإيهام رجل الأعمال بصحة ما يدّعونه.

وأكد المصدر قيام الاثنين بجمع مبلغ 80 مليون ريال من مواطنين، مدّعيين استثمارها في مشاريع الدولة بمساعدة مقيمين اثنين، وقيامهما بشراء عقارات داخل وخارج المملكة، وشراء مقتنيات ثمينة وتهريبها لخارج المملكة.

وأشار بيان (نزاهة)، إلى أنه تم إيقاف المتهمين على ذمة القضية، وجارٍ اتخاذ الإجراءات النظامية بحقهما. وأكدت الهيئة، أنها مستمرة في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية أو للإضرار بالمصلحة العامة، وأنها ماضية في تطبيق ما يقتضي به النظام بحق المتجاوزين دون تهاون.

واقعة مبنى الفيصلية

شهد شهر ذي الحجة الماضي ضبط مسؤولٍ يعمل وكيلاً لوزارة الثقافة للخدمات المشتركة، بعد تورطه في حادثة انهيار مبنى سكني بحي الفيصلية بمحافظة جدة؛ ما نتج عنه سبع وفيات وثماني إصابات.

‏وباشرت (نزاهة) إجراءات البحث والتقصي، بعد أن تبين وجود مؤشرات بممارسات فساد بإصدار تراخيص البناء للمبنى، وتم تقديم طلب إصدار رخصة بناء تتضمن معلومات مزورة؛ تحتوي على صور معالجة تم تعديلها ببرامج متخصصة توضح أنه تم هدم المبنى خلافاً للواقع مقابل مبلغ 50 ألف ريال، وقام مالك المبنى بتحويل المبلغ لوكيله الشرعي؛ الذي قام بدوره بتسليم المبلغ لأحد العاملين بالمكتب نقداً؛ وقيام مقاول المشروع بالبناء، ما أدى إلى زيادة الأحمال وانهيار المبنى لاحقاً.

وأقر مالك المبنى بقيامه بدفع المبلغ المالي على سبيل الرشوة، مقابل إصدار رخصة بناء للمبنى العائد له بطريقة غير نظامية، وتم إيقاف المذكورين على ذمة القضية، واتخذت الإجراءات النظامية بحقهما.

‏وسبق ذلك إعلان هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) إيقاف الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا، لتورطه بجرائم استغلال النفوذ الوظيفي وغسل الأموال.

هذه رسالة واضحة لكل مسؤول مهما كان منصبه بأنه ليس في منأى عن المحاسبة.

لا لتغليب المصلحة الخاصة

باشرت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد خلال يوليو 2024م، اختصاصاتها ومهماتها من خلال عمل 3010 جولات رقابية، والتحقيق مع 266 مشتبهاً به، من ضمنهم موظفون من وزارات (الداخلية، الدفاع، الحرس الوطني، العدل، الصحة، التعليم، البلديات والإسكان) وإيقاف 149 مواطناً ومقيماً؛ وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية، منهم من أطلق سراحه بالكفالة الضامنة، لتورطهم بتهم (الرشوة، استغلال النفوذ الوظيفي، غسل الأموال).

وتبرهن الإجراءات المتخذة من (نزاهة)، أنه لن ينجو كائناً من كان أضر بالوطن والمواطن، وغلّب مصلحته الخاصة على المصلحة العامة، وتعدَّى على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق، ويمثل حرص الدولة على إطلاق يد (نزاهة) في تطبيق النظام والكشف عن أي انحرافات من أي مسؤول في الدولة.

حماية المُبلِّغ وتحصينه من العقاب

المحامي والمستشار القانوني رامي الشريف، أكد أن ما تقوم به هيئة الرقابة ومكافحة الفساد من جهود، هي دعوة بتشديد الجانب الرقابي في كثير من الوزارات والإدارات الحكومية والخاصة على مشاريعها وعقودها وكيفية الصرف، ما يستوجب منها الاهتمام بالجانب الرقابي وتقديم الفاسدين للعدالة.

وبين أنه لم يعد الأمر صعباً أو معقداً أن يبلِّغ أي شخص عن حالة فساد حتى لو كانت في مقر عمله. فقد كفل النظام حماية المبلغ وعدم إيذائه أو فصله، شريطة أن تكون المعلومات صحيحة وغير كيدية.

وأكد الشريف أن نظام مكافحة الرشوة نص على عقوبات مشددة، ونصت المادة الأولى منه على «كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعاً، يعد مرتشياً ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يؤثر في قيام الجريمة اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به».

غسل الأموال جريمة مركبة

المادة التاسعة، نصت على أنه «من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويعاقب الراشي والوسيط وكل من اشترك بالعقوبة المنصوص عليها في المادة التي تجرمها، ويعتبر شريكاً في الجريمة كل من اتفق أو حرض أو ساعد في ارتكابها مع علمه بذلك متى تمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق أو التحريض أو المساعدة».

وشدد على أنه عندما ترتبط قضايا الفساد بجرائم غسل الأموال فعقوبتها السجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات والغرامة بما لا يزيد على خمسة ملايين ريال، ويمكن تشديد تلك العقوبة في حال كان الجاني يشغل وظيفة عامة وارتبطت الجريمة بالوظيفة العامة فتشدد عقوبة السجن لمدة لا تزيد على 15 سنة وغرامة لا تزيد على سبعة ملايين، وفي حال اتضاح أن هنالك أموالاً مصدرها الجريمة فتتم مصادرتها حتى لو كانت بأيدي الغير.

السياسة

نتنياهو يغرق في وحل غزة

في ظل أوامر الاحتلال بإخلاء عدد من المناطق في غزة، خصوصاً الشجاعية، واستحداث محور موراج الذي يعزل رفح عن باقي القطاع،

في ظل أوامر الاحتلال بإخلاء عدد من المناطق في غزة، خصوصاً الشجاعية، واستحداث محور موراج الذي يعزل رفح عن باقي القطاع، وتزايد جرائم الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في 18 مارس الماضي، لا يزال وضع القطاع المنكوب المحاصر منذ سنوات غامضاً.

وتواصل الآلة الإسرائيلية دكَّ الأحياء في غزة وتدميرها بشكل ممنهج وسط اعترافات لجنود إسرائيليين بأن ما يجري عملية مخطط لها من قبل، رغم أنها تنفذ دون وجود أي مخاطر تواجه الاحتلال، مع أن استئناف الحرب على غزة استند إلى مبررات واهية تأتي في إطار محاولات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الهروب من الأزمة الداخلية نحو الصراعات والحرب؛ بهدف تجنب الملاحقات القانونية والأزمات الداخلية.

وفي هذا السياق، رأى المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة) في تقرير حديث له أن حكومة نتنياهو تواجه أزمات داخلية مُتعددة كادت تعصف بها، منها القانوني المُتعلق بطلب مثوله أمام المحكمة التي تهدد مستقبله السياسي، ومطالبات واسعة باستقالته بتهم تورطه في قضايا فساد ورشاوى في نفس يوم استئناف الحرب على غزة 18 مارس 2025، لذا فإن حاجته لأصوات كتلة (عوتسما يهوديت) بزعامة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، لتمرير الموازنة العامة في البرلمان، الذي كان من بين شروطه العودة للحكومة، واستئناف الحرب، والمُطالبة بإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، الذي أججت إقالته الخلافات داخل الشارع الإسرائيلي، ما يؤكد مصداقية رواية العلاقة بين دوافع الحرب والأزمات الداخلية لحكومة نتنياهو.

وأفاد المعهد بأن حكومة الاحتلال وجدت نفسها محاصرة بين الأزمة الداخلية و«الخطة العربية» التي اعتمدتها القمة العربية لمنع التهجير من قطاع غزة، ما جعل نتنياهو يخشى من تبخر الوعود الأمريكية أمام المشروع العربي، والذي يتعارض مع الأهداف الحقيقية للحرب على غزة والمتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية برمتها وتهجير أهل غزة والضفة المحتلة للدول العربية المجاورة.

ورغم الخلافات الداخلية والهجوم الكبير من المعارضة الإسرائيلية على نتنياهو، إلا أن رئيس الوزراء لا يزال يرى أن غزة هي الميدان الوحيد للهروب من الواقع المرير الذي يواجهه، عبر تنفيذ سلسلة طويلة من الاعتداءات الإسرائيلية، ما يزيد من حجم المأساة الإنسانية ويُعمّق الأزمة التي يَعيشها الفلسطينيون في غزة تحت وطأة الحصار والعدوان.

وبحسب التقرير، فإن نتنياهو لم يوافق على اتفاق وقف إطلاق النار منذ البداية، ولكنه رضخ استجابة لضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قبل أن يتولى منصبه في 20 يناير 2025، وفي المقام الثاني تخفيف الضغوط الداخلية بشأن الدخول في صفقة من أجل إطلاق سراح الرهائن، ولذلك ظل طوال الوقت يبحث عن الحجج من أجل العودة إلى الحرب، من خلال الكثير من المماطلات في الالتزام ببنود الاتفاق، ومحاولة إلقاء المسؤولية على فصائل المقاومة في عدم الالتزام بالهدنة، لكن الواقع الفعلي يبين أن الإرادة الإسرائيلية في التصعيد هي الحقيقية والتي تأتي بدافع كبير من المتشددين داخل حكومة الليكود.

ومن الواضح أن نتنياهو وفريقه يرون أن هُناك فرصةً تاريخيةً من أجل إحداث تغيير كامل وشامل في «ميزان القوى» لصالح الاحتلال بشكل حاسم، سواء في مواجهة فصائل المقاومة، أو ما يتعلق بإحداث تغيير استراتيجي في «ميزان القوى» في الشرق الأوسط ككل، وصولًا إلى تغيير التصورات بشأن مُستقبل القضية الفلسطينية، وفرض أمر واقع جديد يتم فيه تخطي كافة التصورات القديمة بشأن الوضع في الأراضي المحتلة، سواء ما يتعلق بالسلام الشامل أو حل الدولتين، وكذلك بالنسبة لسيادة إسرائيل على حِساب حدود دول جوارها الإقليمي.

ولفت تقرير (رصانة) إلى أن نتنياهو يراهن على استئناف القتال كوسيلة لتنفيذ خطة التهجير، وتفريغ قطاع غزة من سُكانه. وقد تجلى ذلك بوضوح في عدم وفاء الحكومة الإسرائيلية منذ بداية الاتفاق بتوفير المعدات والبيوت المتنقلة وكل ما يلزم لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة في القطاع، بل أوقف دخول المساعدات وأحكم الحصار على القطاع بما في ذلك إمدادات الطاقة والمياه، وكان واضحاً أن هناك إصراراً إسرائيلياً على دفع الفلسطينيين إلى مُغادرة أراضيهم، ولعل العودة للقتال تعكس الرغبة في مواجهة الخطة العربية من أجل إعادة إعمار غزة.

المراقب للوضع وما يجري من جرائم إبادة إسرائيلية في غزة وحرب تجويع وتدمير، يرى أن نتنياهو غارق في أزمات وليس أزمة واحدة ويحاول البحث عن منقذ عبر الذهاب إلى وحل غزة، لكن يبدو أن التحديات كبيرة أمام مسار أهدافه، التي في مقدمتها الحراك الداخلي الرافض لمسار الحرب خصوصاً من قبل ذوي الأسرى، الذين يرون أن الحرب هدفها سياسي بحت يخص نتنياهو وتحالفه المتشدد، وأنها محاولة للهروب من المحاكمات والملاحقات القانونية وتمرير قانون الإصلاح القضائي، وجرائم الإبادة والملاحقات الدولية لنتنياهو.

وأكد التقرير أن تمسك الفلسطينيين بأرضهم والدعم العربي المطلق لهم يضع مشروع نتنياهو على كف عفريت، بل يعزز موقف الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.

ربما كانت مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب داعمة لمشروع نتنياهو المتشدد، لكن بالمجمل فإن استمرار الضغوطات الدبلوماسية العربية، وجرائم الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة على يد الاحتلال الإسرائيلي قد تجعل ترمب يعيد حساباته ويضغط في سبيل العودة إلى مسار الهدنة وضرورة تحقيق السلام. لكن السؤال الأهم، وفق تقرير المعهد، هو: في ظل جرائم الإبادة وتصاعد الغضب الدولي، هل يغرق مستقبل نتنياهو في وحل غزة؟.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

السياسة

طبية «سلمان للإغاثة» تقدم خدماتها لـ954 مستفيداً في عبس

واصلت العيادات الطبية المتنقلة التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في مديرية عبس، بمحافظة

واصلت العيادات الطبية المتنقلة التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في مديرية عبس، بمحافظة حجة، تقديم خدماتها العلاجية للمستفيدين.

وراجع العيادات 954 مستفيداً خلال فبراير 2025م؛ منهم 331 مستفيداً في عيادة علاج ومكافحة الأمراض الوبائية، و271 مريضاً في عيادة الطوارئ، و344 مستفيداً في عيادة الباطنية، فيما راجع 8 أشخاص عيادة التوعية والتثقيف.

وفي الخدمات المرافقة، استفاد 355 شخصاً من قسم الخدمات التمريضية، كما صُرفت الأدوية لـ896 فرداً، فيما راجع عيادة الجراحة والتضميد 28 مريضاً، في حين نُفذت 8 أنشطة للتخلص من النفايات.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

السياسة

تحديات على طاولة الشرع

تتسع دائرة المطالبات الداخلية والخارجية في سورية من أجل ترسيم هيئة وشكل الدولة الجديدة وملامح الإدارة بكل مفاصلها

تتسع دائرة المطالبات الداخلية والخارجية في سورية من أجل ترسيم هيئة وشكل الدولة الجديدة وملامح الإدارة بكل مفاصلها السياسية والأمنية والخدمية، ولعل هذه المطالبات محقة إلى درجة بعيدة في دولة يتوق الشعب إلى رسم ملامحها، على الرغم من أن الطريق إلى الوصول إلى هذا الهدف يحتاج المزيد من الصبر والإرادة معاً في دولة خرجت من حفرة مظلمة وحقبة استمرت 65 سنة من الفساد وانحلال مؤسساتها.

ثمة تحديات أمام الإدارة الجديدة في سورية ما زالت قائمة بعد أربعة أشهر تماماً على سقوط نظام بشار الأسد، ولعل هذه التحديات سترافق الدولة الجديدة لفترة طويلة نتيجة الظروف الإقليمية والدولية ونتيجة الزلزال الكبير الذي حدث في سورية في الثامن من ديسمبر عام 2024، هذا الزلزال غيّر موقع سورية الجيوسياسي والإستراتيجي ونقلها من محور إلى اللامحور -حتى الآن-. لذا فإن هذه التحديات ستكون الشغل الشاغل للحكومة السورية وتعتبر بمثابة الاختبار، خصوصاً أن الجميع يراقب سلوك الإدارة الجديدة، البعض يراقب من منطلق التقييم السياسي لاتخاذ موقف، والبعض الآخر يتصيد الأخطاء في عمل هذه الإدارة، لكن في كل الأحوال لن تتمكن هذه الإدارة من إقناع العالم بإيجابياتها إلا بتحقيق الإنجازات وتجاوز التحديات في حدود الإمكانات المتاحة.

التحدي الداخلي

ولعل أبرز هذه التحديات على المستوى الداخلي تتجسد في توفير الأمن والاستقرار والقضاء على مظاهر انتشار السلاح، أو الأدق جمع هذا السلاح من الأطراف المسلحة التي كانت جزءاً من الثورة على مدى سنوات، هذه العملية (جمع السلاح)، على الرغم من التوافقات بين وزارة الدفاع وهذه القوى العسكرية، إلا أنها مسألة تحتاج إلى هندسة أمنية من نوع فائق الدقة، إذ ما زالت هذه القوى المتناثرة على مدار 14 عاماً تحتاج إلى مزيد من الثقة والقناعة ببناء المؤسسة العسكرية على أكمل وجه، بحيث تكون الذراع الأساسية في توفير الأمن، الذي يعتبر الأولوية الآن في الحالة السورية.

يرافق التحدي الأمني وعملية توحيد البندقية، العمل بإرادة حقيقية على مسألة السلم الأهلي، ففي 30 يناير الماضي تحدث الرئيس أحمد الشرع في خطاب تعيينه رئيساً للمرحلة الانتقالية عن ضرورة بناء السلم الأهلي والتسامح مع الماضي وعدم تحميل المكونات السورية مسؤولية جرائم وممارسات النظام السابق الوحشية، هذه العملية تحتاج إلى ما يشبه العقد الاجتماعي بين الإدارة الجديدة والمجتمع السوري، خصوصاً الطائفة العلوية، لذا كان قرار رئاسة الجمهورية في التاسع من مارس الماضي بتشكيل لجنة السلم الأهلي من ثلاثة أشخاص حكيماً يدرك أهمية هذه المسألة ذات الطابع الاجتماعي.

تحديات دبلوماسيةأما التحدي الثاني هو المنهجية الدبلوماسية للإدارة الجديدة، التي تعتبر الواجهة السياسية للدولة، وهي بكل تأكيد تحت المجهر الدولي لتقييم هذه الإدارة، ولا شك أن مثل هذه المهمة ستكون الأكثر حساسية في المرحلة القادمة، وليس سراً أن العالم يراقب بدقة السلوك السياسي والدبلوماسي للإدارة الجديدة، بعد أن كانت الخارجية السورية حقيبة أمنية بغلاف دبلوماسي على مدى سنوات الحكم البائد في سورية، وبعد أن انتهت حقبة الأسد ذات الخطاب الإقصائي، بات من اللازم في المرحلة القادمة رسم شكل الدبلوماسية السورية وصناعة خطاب متوازن قادر على التعبير عن الشعب السوري بالدرجة الأولى ويطمئن الإقليم أن سياسة نظام بشار الأسد السابقة القائمة على الابتزاز والتدخل في شؤون الدول لن يكون لها وجود في صورة الدولة الجديدة، لذا كان تصريح وزير الخارجية أسعد الشيباني في خطاب القسم خلال تعيين الحكومة الجديدة في بداية الشهر الجاري، يركز على بناء علاقات دولية متوازنة ورصينة قائمة على الاحترام المتبادل، وهذه المهمة الأساسية للدبلوماسية السورية لتثبت للعالم أنها قادرة على التغيير من نهج الأسد المخادع دبلوماسياً إلى نهج موثوق بالأفعال قبل الأقوال.

كل هذه التحديات السابقة مرتبطة بالمحور الأخير الذي يجمع كل خيوط اللعبة في سورية، وهو تجاوز العقوبات الدولية والانفتاح الدولي على سورية اقتصادياً، وبالدرجة الأولى وبشكل واضح وصريح الانفتاح الأمريكي الذي يعتبر بوصلة الدول.

تفاؤل سوري

وحتى الآن لا ترى الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة التعامل والتعاون مع الإدارة السورية الجديدة. صحيح أن هذا مبعث للقلق بالنسبة للشعب السوري والإدارة الجديدة، إلا أنه في الوقت ذاته ليس رفضاً، وهو ما يفتح الباب لكي تثبت الإدارة الجديدة قدرتها على التعاون الإقليمي والدولي، لذا فإن المطالب الأمريكية التي سلمتها ممثلة الخارجية الأمريكية ناتاشا فرانشيسكا لوزير الخارجية أسعد الشيباني في 17 أبريل في مؤتمر بروكسل حول سورية، تشير إلى منهج أمريكي مقبول يقوم على «جس» الاستجابة من قبل إدارة الشرع، وأياً كانت واقعية هذه المطالب إلا أن واشنطن وضعت سكة للتعامل مع الإدارة الجديدة تقوم على إظهار حُسن النية وإمكانية التعامل مع الإدارة الأمريكية.

وقد كان تصريح الخارجية الأمريكية قبل أيام أن الإدارة الأمريكية تعمل على مراجعة العقوبات، إشارة تثير التفاؤل في الأوساط السورية والعربية، لتخرج سورية من هذه القائمة التي خلفها الأسد على مدار 14 عاماً، لكن ماذا عن سلوك الإدارة الجديدة؟

بكل واقعية؛ يمكن القول إن السياسة السورية الآن على المستوى الداخلي والخارجي صفر «استفزازات»، بل إن الكثير ممن يتابع المشهد السوري يرى إرادة قوية من الشرع بضرورة اتباع سياسة الصبر الإستراتيجي على الأوضاع الصعبة التي تمر بها سورية، ويمكن القول إنه حتى الآن لم تصدر أي تصريحات على مستوى الخارجية أو على مستوى رئاسة الجمهورية تثير حفيظة أو قلق الدول، وهذا بحد ذاته مؤشر جيد على الإيجابية في التعاطي السياسي، والرغبة في نقل سورية من قاع الحفرة.

بالطبع المسألة ليست سهلة على الإطلاق، ولعل حجم الملفات التي تقبع فوق طاولة رئيس الجمهورية، خصوصاً أنه قرر أن يكون المشرف المباشر على سلوك الحكومة، فضلاً عن الملفات الأمنية والدولية، يزيد على الرئيس المسؤوليات، وبالتالي فإن أية خطوة في سورية هي الآن تحت الرادار الدولي والإقليمي، وهذا قدر سورية أن تكون دوماً تحت الرادار.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .