Connect with us

السياسة

«الشورى» يُمطر «بنك التنمية» بالمطالبات ويُعدّل نظام مهنة المحاسبة

عقد مجلس الشورى، أمس (الثلاثاء)، جلسته العادية برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل فهم السُّلمي، وأصدر قراراً

عقد مجلس الشورى، أمس (الثلاثاء)، جلسته العادية برئاسة نائب رئيس المجلس الدكتور مشعل فهم السُّلمي، وأصدر قراراً طالب فيه بنك التنمية الاجتماعية التوسع في خدماته الإدارية والفنية لتغطية كافة المناطق، وبما يضمن استدامة المشاريع والعمل على تحسين تجربة العملاء، ورفع نسبة مؤشرات رضاهم والتوسع في تحفيز القطاع الخاص للمشاركة في المسؤولية الاجتماعية وحوكمة ودراسة التوسع في قبول الضمانات من المستفيدين، لتشمل أنواعاً وفئات جديدة من القطاع الخاص وغير الربحي. وأكد المجلس، على البنك متابعة وتقييم فعالية الشراكات الاستراتيجية الحالية والمستقبلية، بما يُسهم في رفع كفاءة طلبات التمويل وتقليل الازدواجية.

وفي شأن آخر، وافق على تعديل عددٍ من مواد نظام مهنة المحاسبة والمراجعة وتعديل عدد من المواد ومنح هيئة الزكاة والضريبة والجمارك صلاحية وضع المعايير والشروط الخاصة الواجب توفرها في المرخصين قبل التعامل معها لتقديم خدمات الزكاة والضريبة نيابة عن المكلفين.

وفي قرار آخر، طالب الشورى، صندوق التنمية الصناعية بتحديد مستهدفات سنوية لدعم وتحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات الأولوية للاقتصاد.

ودعا المجلس، في قراره، الصندوق إلى تطوير استراتيجية إدارة المخاطر بما يتوافق مع ضمان حماية الأصول، وتحقيق مستهدفات الصناعة ودراسة تبني نموذج التمويل الجماعي من خلال المنصات المالية المرخصة. وفي قرار آخر، طالب المجلس، جامعة الجوف، بإعادة النظر في هيكلها التنظيمي، لضمان توافقه مع الأهداف الاستراتيجية وحاجات الجامعة الحالية والمستقبلية وتنمية مواردها الذاتية من خلال الاستفادة من الميزات النسبية لمنطقة الجوف، وإلى توسيع نطاق الشراكات مع الجامعات والمراكز البحثية العالمية، لتعزيز التعاون في مجالات البحث والابتكار، بما يسهم في جودة البرامج الأكاديمية وتطويرها.

وناقش مجلس الشورى التقرير السنوي لوزارة السياحة، وأبدى أعضاء المجلس عدداً من الملحوظات والآراء، وأشادت الدكتورة سارة قاسم، بمبادرات وبرامج الوزارة لتحفيز توطين القطاع، مشيرةً إلى أهمية قيام الوزارة بتقديم حوافز استثمارية للمستثمرين لخلق جاذبية للوظائف المستهدفة في الإدارات العليا.

دراسات وأبحاث أكاديمية عن السياحة

طالب العضو عبدالله آل طاوي، وزارة السياحة، بمدِّ جسور التعاون وعقد الاتفاقيات مع المراكز البحثية والمنظمات الأكاديمية؛ سواء الحكومية أو الخاصة، لإعداد وإجراء الدراسات العلمية والأبحاث الاكاديمية المرتبطة بالقطاع السياحي. فيما أشار اللواء طيار ركن علي العسيري، إلى أهمية أن تعمل وزارة السياحة على قياس مستوى رضا المستفيدين من خدماتها المتعلقة بالمستثمرين والمشغلين في القطاع السياحي.

وفي مداخلة لها على التقرير، طالبت الدكتورة غادة الهذلي، الوزارة بعقد المزید من الشراكات مع الجامعات والمراكز البحثیة والجهات ذات العلاقة لتشجیع البحث العلمي مع تحدید الأولویات البحثیة للوزارة في ذات المجال.

دعم مشاريع الموهوبين

أبدى أعضاء المجلس عدداً من الملحوظات والآراء بشأن ما تضمنه التقرير السنوي لجامعة الملك خالد. وطالب الدكتور متعب المطيري، الجامعة برفع مساهمتها المجتمعية في دعم مشاريع الموهوبين من أبناء المنطقة، وهو ما يحقق دورين أساسيين من أدوار الجامعة؛ وهما البحث العلمي وخدمة المجتمع.

كما طالب الدكتور سالم آل جربوع، جامعة الملك خالد، ببناء مصادر دخل استثمارية متنوعة ومستدامة وإقامة برامج وأنشطة تتوافق مع استراتيجية المنطقة، نظراً لما تمتلكه منطقة عسير من مميزات جذب سياحي، مشيراً إلى أهمية دراسة افتتاح كليات أكاديمية أو تطبيقية في المحافظات الطرفية والبعيدة عن مقر الجامعة.

فيما طالب الدكتور محمد العقيل، الجامعة بتوحيد أنظمتها المالية لتجنُّب الازدواجيَّة والتَّضارب في الإجراءات والمعايير الماليَّة، ولتوحِّد البيانات والتَّقارير الماليَّة.

النجار للصندوق السياحي: ما سبب التعثر؟

لاحظ عضو المجلس الدكتور عبدالله عمر النجار، على التقرير السنوي لصندوق التنمية السياحي، أن هناك تعثّراً وتأخراً في مشروعات الصندوق، وطالب صندوق التنمية السياحي بتوضيح أسباب التأخر في إنجاز مشاريعه والعمل على تكثيف الجهود لمتابعتها وإنجازها في الوقت المحدد؛ لأن بعض هذه المشاريع استراتيجية وتشغيلية تمس أعمال الصندوق وتؤثر على كفاءة الأداء فيه.

وأكد النجار أهمية السياحة الريفية ودورها في دعم قطاع السياحة في المملكة، ودعا صندوق التنمية السياحي إلى دعم السياحة الريفية من خلال دعم القطاع السياحي الريفي في المملكة وبما يتوافق مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للسياحة.

ولاحظ أن برنامج الاستدامة المالية وفق رؤية 2030، يدعو الجهات الحكومية لنهج آلية عمل متزنة للتخطيط المالي تسهم في الحفاظ على استدامة وقوة الاقتصاد السعودي، وتحقق التوازن المالي لضمان الاستدامة المالية وتحسين جودة التخطيط المالي لكل قطاعات الدولة، مما يمهد الطريق لمستقبل مالي أكثر استقراراً وأماناً، لكون صندوق التنمية السياحي إحدى الجهات الحكومية التي تخدم قطاعاً مهماً وحيوياً وواعداً وهو دعم استثمارات القطاع الخاص في السياحة، والشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز حالة الاستثمار. واقترح النجار؛ بحكم أن الصندوق لديه خطة استراتيجية شاملة ومعتمدة وتشمل استدامة رأس مال الصندوق كأحد الأهداف الاستراتيجية للصندوق، تعديل توصية تطوير إيرادات الصندوق؛ لتكون على النحو التالي «على صندوق التنمية السياحي العمل على تطوير منظومة إيراداته الذاتية من خلال تنمية وتنوع استثماراته بما يحقق له الكفاءة والاستدامة المالية».

تقييم تجربة جامعة المؤسس في الاعتماد الأكاديمي

ناقش مجلس الشورى التقرير السنوي لجامعة الملك عبدالعزيز، ودعا الدكتور عبدالله الوقداني، الجامعة للعمل على تقييم تجربتها الواسعة والعريقة في الاعتماد الأكاديمي للبرامج العلمية.

من جانبه، طالب الدكتور فيصل البواردي، الجامعة بإعادة النظر في مؤشرات الأداء الرئيسية الحالية من خلال تطويرها وبناء منهجية فعالة لقياسها وخطة عملية للتغلب على التحديات التي تواجهها، لضمان دعم اتخاذ القرارات لتحسين العملية التعليمية، وتكامل مخرجات الجامعة مع حاجات سوق العمل والخطط التنموية.

فيما أشاد الدكتور أسامة عارف، بتميّز الجامعة في شتى المجالات الأكاديمية؛ ومنها تقدم الجامعة في التصنيفات العالمية والعربية، والنقلة النوعية في التطوير الرقمي لبوابة القبول، والتميّز البحثي في المجالات العلمية وغيرها مما أكسب الجامعة سمعة مميزة أكاديمياً في مجالات عدة محلياً وإقليمياً ودولياً. ودعا طارق فقيه الجامعة إلى عقد شراكات مع القطاعات التي تستهدفها برامجها التعليمية لتأهيل خريجيها للانخراط في سوق العمل.

وفي مداخلة له، طالب الدكتور سالم الشهراني، الجامعة بالنظر في تطوير كلية السياحة وتمكينها من مواكبة طلب السوق المتزايد على هذا القطاع، وإنشاء معامل حديثه واستقطاب خبرات مهنية تمكن الكلية من نقل الخبرة العملية والأكاديمية معاً.

السياسة

خطيب المسجد الحرام: اجتنبوا الكذب على القيادات والعلماء واحذروا حملات الحج الوهمية المخادعة

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله -عز وجل-.

وقال فضيلته في خطبة

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله -عز وجل-.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: «في زمان كثرت فيه الفتن الظلماء، وعمت محن الدهماء، وفي أغوار الأحداث وأعماقها تتألق قضية فيحاء عريقة بلجاء، من الضرورات المحكمات، والأصول المسلمات، ومن أهم دعائم العمران والحضارات، إنها قضية الأمن والأمان، والاستقرار والاطمئنان».

وأوضح أن الأمن أول دعوة دعا بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حيث قال: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)، فقدَّم الأمن على الرزق، بل جعله قرين التوحيد فجمع في دعائه بين أمنين عظيمين؛ الأمن العام الشامل لحفظ الأنفس والأبدان، والأمن العقدي، الذي يُراعى فيه التوحيد الخالص لله تعالى، وهذا معنى عظيم من معاني الإيمان الذي جاءت به شريعة الإسلام.

وبين أنه منذ أشرقت شمس هذه الشريعة الغراء ظللت الكون بأمن وارف، وأمان سابغ المعاطف، لا يستقل بوصفه بيان، ولا يخطه يراع أو بنان.

وقال: «تلك هي المنهجية الإسلامية الصحيحة لهذه القضية الشاملة الربيحة، قضية الأمن والأمان، فهما جنبان مكتنفان للإيمان، منذ إشراق الإسلام، إلى أن يُحشر الأنام، فلقد أعلَى الإسلام شأنها، ورفع شأنها، من خلال التزام الإيمان والتوحيد وجانب الوسطية والاعتدال والابتعاد عن الإفراط والتفريط في كل أمور الحياة».

ولفت النظر إلى أن من قضايا العصر المؤرقة التي رمت الإنسانية بشرر، واصطلى بها العالم الإسلامي وتضرر، ذلكم الغزو الفكري المتتابع، والاستهانة بعقول البسطاء المتراقع المصادم لشريعة الإسلام، والمضاد لهدي خير الأنام، لم تنشب آثاره، تتأرجح بعقول بعض الشباب الأغرار، ومن يغرر بهم، ويقتل لهم في الذرى والغوارب لذا فإن من أهم أنواع الأمن: الأمن الفكري، بل هو لب الأمن وركيزته، لأن الأمم والأمجاد والحضارات إنما تقاس بعقول أبنائها وأفكارهم، لا بأجسادهم وقوالبهم.

وحذر فضيلته من الاختراقات الإلكترونية بشتى صورها وأنواعها، وجرائم الذكاء الاصطناعي الذي أصبح متاحًا للجميع، مبينًا أنه أمام تلك الأنشطة الإجرامية متعددة الأوجه؛ فإن الواجب الوقوف صفًا واحدًا في وجه كل من يحاول شق الصف وإحداث الفرقة والخلل، بالكذب على القيادات والرموز والعلماء بمقاطع مكذوبة، أو أقوال منتحلة من خلال تفعيل الأمن المجتمعي، والإبلاغ عن كل ما يخل به، فهو ضرورة حتمية لمعرفة أساليب النصب والاحتيال، وكيفية التعامل معها والوقاية منها، وحملات الحج الموهومة والمضللة؛ لوقاية المجتمع من الجرائم المستحدثة التي تنتهك الحقوق والحريات، وتستهدف الدين والأنفس والعقول والأعراض والأموال، وأن من البشائر والآمال أن نسبة الوعي بهذه الحرب محل إشادة وتقدير، فلا تهزها الشائعات المغرضة، والافتراءات الكاذبة، التي هي نتاج أحقاد مفضوحة مكشوفة، ولهذا فإن الوعي المجتمعي أساس الأمن المجتمعي، محذرًا البعض أن يكون أدوات أو مطايا للأعداء دون أن يشعروا، بتصديق تلك الترهات.

ورأى الشيخ عبدالرحمن السديس أن الناجحين والطموحين أفرادًا ومؤسسات، ودولًا وكيانات، تتناوشهم سهام الحاسدين والحاقدين في كل مكان وزمان.

وأكد أن من أعظم النعم والآلاء نعمة الأمن والأمان؛ فبلادنا بحمد الله آمنة وهي بحفظ الله محفوظة، مشددًا على أهمية أمن الحرمين الشريفين وقاصديهما، ذلك أن الحج عبادة شرعية، وقيم حضارية، تلبية ورجاء ودعاء، وذكر ونداء، وخشوع وصفاء، وتوبة وثناء، فهو نظام كامل، ومنهج شامل، وعبادة خالصة، مؤكدًا أهمية التزام الأنظمة والتعليمات والتوجيهات ومنها: لا حج إلا بتصريح، وهو من لوازم شرط الاستطاعة، تحقيقًا للمقاصد الشرعية الكبرى في جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وإثراء تجربة القاصدين والزائرين الدينية والقيمية، وأنه يجب تعاون المواطنين والمقيمين والمسلمين جميعًا في هذا الجانب الأمني المهم.

وأوصى إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بضرورة الوحدة والاعتصام لمواجهة المخاطر والتحديات، خاصة مآسي إخواننا المستضعفين وأحبتنا المكلومين في فلسطين العزيزة، والمسجد الأقصى المبارك، فلا ننساهم من دعائنا، ونبتهل إلى الله أن يكشف عنهم ما نزل بهم، وينصرهم على عدوهم.

كما تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن سيرة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – بوصفها منهجًا ودستورًا يصلُحُ بها حالُ البشرية جمعاء في كل زمان ومكان، وتمثّل رسالة تنبضُ بالحياة، تُحيي القلوب والضمائر، وترسّخ مبادئ العدل والرحمة والمساواة، وتُلغي كل تفاضُلٍ زائف بين البشر قائم على العِرق أو المال أو اللون أو الجِنس، وتمنحُ البصيرة في زمن الفتن.

وأوضح الشيخ عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم أن سيرة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – تُمثّل رحلة مفعمة بالدروس من المهد إلى اللّحد، من خلوته في غار حِراء حيث بدأ الوحي، إلى مِنبر المدينة حيث أُعلنت الرسالة، من يُتمٍ وابتلاءٍ إلى ريادةٍ وتمكين، من أول نداءٍ بالعلم: «اقرأ» إلى آخر وصية خالدة «الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانُكُم».

ويسرد إمام المسجد النبوي السيرة العظيمة لنبي الرحمة والهدى – صلى الله عليه وسلم – مبينًا أنه وُلِد يتيمًا، لكن اليُتم ليس ضعفًا، وإن بدا في ظاهره حرمانًا، فهو حافزٌ للنبوغ، ودافعٌ للتوكُّل على الله أولًا، ثم الاعتماد على النفس بثقة وثبات، فحين يلتقي اليُتم بالإرادة، يتحوّل إلى شعلة تضيء الطريق، وهذا ما تجلّى في سيرة النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم -، وسِيَر العُظماء قبله وبعده، فكم من يتيم خطّ اسمه في سجلّ الخالدين، وارتقى بالإيمان، وتسلّح بالعلم، وسما بالعمل، حتى أصبح من روّاد النهضة، وصُنّاع الحضارة.

أخبار ذات صلة

وبين أن النبي – عليه الصلاة والسلام – تزوّج خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، فكان زواجًا أُسّس على حبٍّ صادقٍ، ووفاءٍ ثابت، ومودة ورحمة، وشراكة صادقة، وأي بيت تُبنى دعائمه على هذه القيم النبيلة لا تهزّه العواصف، ولا تفته الخلافات، ولا ينهار أمام أتفه الأسباب.

وأضاف: وفي سن الأربعين، وبينما كان النبي يختلي بنفسه في غار حراء، متأملًا في ملكوت الله، نزل عليه جبريل عليه السلام، يحملُ أعظم نداءٍ سَمعتهُ البشرية: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ». نداءٌ لم يكن مجرد أمرٍ بالقراءة، بل إعلانٌ لميلادِ أمة، شعارها القراءة باسم الله، ومنهجُها العلم، وحِصنُها الإيمان، فبدأت الرسالة الخالدة بـ«اقرأ» لِتؤسّس إنسانًا يعي، وعقلًا يُفكّر، وقلبًا يؤمن، وأمة تنهضُ على نورٍ من الوحي.

وتابع فضيلته بقوله: عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته، وقد ارتجف جسدُه من هول أول لقاء بالوحي، فلم يجِد مأوىً أحنّ ولا أصدق من حضن خديجة، رضي الله عنها، فاحتوته بسكينة المرأة الحكيمة، وثبات القلبِ المُحبّ، وقالت كلمتها الخالدة التي سكنت قلبه، وبدّدت خوفه: «كلا، أبشر، فوالله لا يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصِلُ الرّحِم، وتصدُقُ في الحديث، وتحمل الكلَّ، وتُقرئ الضيف، وتُعين على نوائب الحقّ»، وبناء على ذلك لن يُخزي الله أبدًا، من سار على هدي نبيّه، فجعل الإحسان طريقه، والرحمة خُلُقه، والنبوّة قدوته.

وأضاف الشيخ عبدالباري الثبيتي أن المنهج النبوي في الدعوة كان مؤسسًا على التوجيه الإلهي: «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ» فانطلقت دعوته بكلمة طيبة تلامسُ القلوب، وصبرٌ جميلٌ يغلبُ الصُّدود، يردُّ على الجهل بالحِلم، ويقابل القسوة بالرفق، كانت دعوة النبي – صلى الله عليه وسلم- رحمة تسري، لا سطوة تُفرض؛ قال تعالى: «وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ»، رحمة بالحائر، ورفقٌ بالجافي، وحِلمٌ على من أساء، حتى في أشدّ المواقف، لم يُقابل الجهل بجهلٍ، ولا الغِلظة بغِلظة، بل قاد القلوب إلى الله باللين، وفتح المغاليق بالمحبة.

وذكر أن زمننا هذا كثُرت فيه الأصوات، وارتفع فيه الجدل، وقلّ فيه الأسلوبُ الحكيم، ونحن في أمسّ الحاجة للعودة إلى ذلك المنهج النبوي الراشد، منهجٌ يُخاطب العقول بالحكمة، والقلوب بالرحمة، ويدعو إلى الله برفقٍ يُحيي، لا بغلظةٍ تُنفّر.

وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أنه إذا تحدثنا عن خُلُق النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -، فلن توفيه الكلمات قدره؛ فهو خُلُق تجسّد، ورحمة تمشي، فكان الصفحُ عنده سجيّة، والكرم عادة، والتواضع طريقًا، وكان يعفو عمن ظلمه، ويصلُ من قطعه، ويُكرم من أساء إليه، يُواسي الحزين، ويمسح على رأس اليتيم، ويَرحمُ الصغير، ويوقِّر الكبير، لا يُفرّق بين غنيٍ وفقير، يجلس بين أصحابه، يُصغي إليهم ويؤانسهم، كأنه واحدٌ منهم، ومع ذلك كانت له هيبة تملأ النفوس، ومحبةٌ تأسر القلوب.

وتابع قائلًا: كان عليه الصلاة والسلام قائدًا يُربّي الرجال على الإيمان والصِدق، وحاكمًا يُدير دفة أمة، ويُقيم أركان حضارة، وزوجًا حنونًا يرعى شؤون بيتِه بمحبة ومسؤولية، وعبدًا شكورًا يقوم بين يدي ربه في جوفِ الليل حتى تتفطّر قدماه، ومُصلحًا حكيمًا يُداوي عِلل المجتمع بالرحمة والعقل والبصيرة، وفي كل جانب من هذه الجوانب كان النبي – صلى الله عليه وسلم – نموذجًا فريدًا، ومُعلمًا للقدوة والاقتداء.

وذكر أنه في حجته الأخيرة، وقف النبي – صلى الله عليه وسلم – على صعيد عرفات، تُحيطُ به أمواج من القلوب المؤمنة، أكثر من 100 ألف نفسٍ، تُنصت بخشوعٍ، لِتشهد أعظم بيانٍ عرفه التاريخ.

وأورد الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي ما تضمنته خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، مبينًا أنه رسم فيها للأمة خارطة الطريق، وحدّد فيها معالم البقاء وعوامل العزّ، وأعلن فيها المساواة بين البشر، وأبطل كل تفاضُلٍ زائفٍ قائم على النَسَب أو المال أو اللون أو الجنس، وغَرَس في القلوب ميزانًا ربانيًا واحدًا هو التقوى، ثم أوصى بالنساء خيرًا، وحذّر من الظُلم، وذكّر بحرمة الدماء والأعراض، وأرسى مبادئ العدل والرحمة، وختم عليه الصلاة والسلام خطبته العظيمة بوصيةٍ خالدة، هي حبل النجاة، ودستورُ الفلاح في الدنيا والآخرة، فقال: «تركتُ فيكم أمرين؛ لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما: كتابُ الله، وسُنّتي».

وأضاف أنه بعد أن بلّغ النبي -صلى الله عليه وسلم- الرسالة، وأدى الأمانة، وربّى أمة، وأقام حضارةً، اشتد عليه المرض في أيامه الأخيرة، لكنه لم يغفل عن أمته، بل كانت آخر وصاياه: «الصَّلاة الصَّلاة وما ملكت أيمانكم»، لعِظمِ شأنها، وجلالة قدرها.

وختم إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة مُذكرًا بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ خرج إلى الناس في لحظاته الأخيرة، يتأمّلهم بعين المحبة، وكأن قلبهُ يطوفُ بهم مودّعًا، ثم عاد إلى بيته، وأسلم روحه الطاهرة في حِجر عائشة رضي الله عنها، وارتجّت المدينة، لكن نوره لم ينطفئ، وسُنتهُ لم تَغِبْ، بل بقيت حية في قلوب المؤمنين راسخة في حياة الأمة، فمات الجسدُ، لكن بقي الأثر، وبقيت الأمانة في أعناق هذه الأمة، ليسيروا على هديه، ويحيوا سُنّته، ويُبلّغوا رسالته للعالمين، فمن أحبّ النبي حقًا فليقتفِ أثره، وليُحيي سُنته في نفسه وأهله ومجتمعه، فالمحبة الصادقة ليست ادعاء باللسان، بل اتباع بالأفعال.

Continue Reading

السياسة

«العمال الكردستاني» يتجه إلى حل نفسه وإلقاء السلاح

فيما لم يكشف حزب العمال الكردستاني عن تفاصيل القرارات التي اتخذها خلال اجتماع عقده هذا الأسبوع وصفه بـ«الناجح»،

فيما لم يكشف حزب العمال الكردستاني عن تفاصيل القرارات التي اتخذها خلال اجتماع عقده هذا الأسبوع وصفه بـ«الناجح»، أفادت مصادر مقربة بأن الحزب وافق على دعوة زعيمه بحل نفسه.

وأفاد في بيان، أصدره اليوم (الجمعة)، بأن «المؤتمر الثاني عشر للحزب عقد بنجاح في مناطق الدفاع المشروع في الفترة من 5 إلى 7 مايو الجاري بناء على دعوة القائد عبد الله أوجلان منذ أكثر من شهرين للحزب بحل نفسه وإلقاء السلاح.

وقال إن «قرارات ذات أهمية تاريخية اتخذت على أساس دعوة القائد لنزع السلاح وحل الحزب»، مكتفياً بأنه سيعلن «في المستقبل القريب جداً» عن تلك القرارات.

وكان أوجلان المسجون في إمرالي منذ عام 1999 دعا في إعلان وصف بالتاريخي نهاية شهر فبراير الماضي، وتلاه نواب أتراك من «حزب الشعوب للعدالة والديموقراطية» (ديم) المؤيد للأكراد، زاروه في سجنه حينها، «جميع المجموعات المسلحة إلى إلقاء السلاح وحل حزب العمال الكردستاني».

ووصف مراقبون دعوة أوجلان بأنها مهمة جداً، خصوصاً أنها قد تنهي حملة التمرد التي يشنها الحزب الكردستاني ضد الدولة التركية منذ عام 1984، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص.

وأوجلان هو مؤسس حزب العمال الكردستاني عام 1978 في تركيا، لكنه دخل بعد عامين إلى سورية في عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. ثم بدأ الحزب، الذي تصنفه أنقرة إرهابياً، القيام بعمليات عسكرية عام 1984 في تركيا وإيران، سعياً لإنشاء وطن قومي للأكراد.

ثم توارى أوجلان عن الأنظار داخل سورية حتى عام 1998، حين اتهمت أنقرة دمشق بدعمها حزب العمال الكردستاني، وهددت باجتياح سورية إذا لم تتخل عن دعمها للرجل، ما أدى إلى عملية معقدة لخروجه من الأراضي السورية.

وتوجه الزعيم الكردي إلى أوروبا، حيث حاول الحصول على حق اللجوء السياسي، لكنه لم ينجح في مسعاه، حتى تمكنت المخابرات التركية من اعتقاله في 15 فبراير 1999 في العاصمة الكينية نيروبي، ليتم نقله بطائرة خاصة إلى أنقرة لمحاكمته.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

السياسة

5 وزراء سنغاليين سابقين أمام القضاء بتهم «الفساد»

أحالت السلطات السنغالية 5 وزراء سابقين من حكومة الرئيس السابق ماكي سال إلى المحكمة العليا للعدالة، على خلفية اتهامات

أحالت السلطات السنغالية 5 وزراء سابقين من حكومة الرئيس السابق ماكي سال إلى المحكمة العليا للعدالة، على خلفية اتهامات باختلاس أموال عامة خُصصت لمواجهة جائحة كوفيد-19. واستند القرار الذي جاء بعد تحقيقات موسعة إلى تقرير صادر عن محكمة الحسابات في ديسمبر 2022، كشف مخالفات مالية جسيمة في إدارة صندوق الطوارئ الذي بلغت قيمته نحو 700 مليار فرنك أفريقي، نحو 2.2 مليار دولار تقريباً.

وأفصح التقرير عن وجود ثغرات في الشفافية وسوء استخدام الموارد، ما دفع النيابة العامة إلى فتح تحقيقات جنائية.

وأعلن المدعي العام مباكي فال أن الوزراء الخمسة، الذين لم تُكشف أسماؤهم رسمياً في البداية، يواجهون اتهامات بالفساد والاختلاس وسوء الإدارة. وكشفت تقارير إعلامية أن من بين المتهمين مصطفى ديوب، ومنصور فاي، وهما من أبرز الشخصيات في حكومة سال السابقة.

وأُحيل الملف إلى الجمعية الوطنية المخوّلة بالتصويت على إحالة الوزراء إلى المحكمة العليا للعدالة، وهي الهيئة الوحيدة المختصة بمحاكمة أعضاء الحكومة في مثل هذه القضايا. وشملت التحقيقات 27 مسؤولاً آخرين بينهم موظفون كبار ورجال أعمال يُشتبه في تورطهم في شبكة فساد أوسع نطاقاً.

وقوبلت خطوة محاكمة الوزراء وكبار المسؤولين بترحيب واسع من الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني، التي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن الفساد المالي، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة في البلاد.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .