أكدت السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين ومبادرات ورؤية ولي العهد، أنها تلعب دوراً محورياً في السياسات الاقتصادية والمالية العالمية، وهو ما أكدته سياستها الاقتصادية في المحافظة على أسعار النفط طوال الفترة الماضية، ودفعتها لتخترق مستويات 78 دولاراً للبرميل.
وتعمل السعودية منذ الأزل على انتهاج مبدأ حكيم في التعامل مع أسواق النفط، خصوصا في ظل التغيرات الدائمة في هذا القطاع، لا سيما في ظل جائحة فايروس كورونا.
ووجهت أزمة النفط خلال عام 2020؛ التي ألقت بظلالها على كافة أسواق النفط، رسالة إلى كافة الدول المنتجة والمستهلكة للنفط، أن السعودية قوة اقتصادية وجيوسياسية، وبإمكانها تغيير خارطة السوق النفطية، وهو ما يحسب لها كدولة لها ثقلها الاقتصادي وخبرة وباع طويل في أسواق النفط تحديداً.
إن اتحاد الدول المنتجة للنفط ينعكس أثره على بقية الدول، ويشمل ذلك الدول داخل منظمة أوبك أو خارجها، فتعاون الدول المصدرة ينعكس أثرها إيجاباً على وارداتها، وهو ما دفع أسعار النفط أخيراً للصعود.
وتحرص السعودية دائماً على أهمية التعاون المشترك بين الدول المنتجة للنفط للمحافظة على استقرار أسواق الطاقة، وتنظيم وترتيب جسور الحوار والتعاون بين الأطراف التي لها علاقة بإنتاج النفط كافة، بما فيها منظمة أوبك، وذلك من أجل دعم نمو الاقتصاد العالمي. ولم تتخذ المملكة على مدى عقود أي موقف على الصعيد النفطي، يمكن أن يؤدي إلى اضطراب السوق النفطية، أو تذبذب أسعار النفط بصورة خطيرة، فالسياسات النفطية للسعودية راسخة ومتزنة وتستند إلى التعاون الدولي، ومصلحة الاقتصاد العالمي، في زمن الانفراجات أو الأزمات.
وكانت المملكة دائماً تتصدر الدول النفطية التي تتدخل لحل أزمة، أو للوصول إلى اتفاق نفطي دولي، يصب في مصلحة الأطراف كلها، بصرف النظر عن تعاونها بهذا الشأن أو عدم تعاونها.
وأدوات المملكة في التعاون تصاحبها أدوات ضغط كبيرة لا تتمتع بها أغلبية الدول المصدرة للبترول.
وعلى هذا الأساس، كانت تحسم كثيراً من الخلافات، وتمهد الطرق إلى أفضل تعاون دولي على الصعيد النفطي، ولا سيما في أوقات الأزمات والمحن، خصوصاً في فترات التراجع الكبير لأسعار النفط في الأسواق العالمية.
وعندما تعمق تراجع أسعار النفط قبل خمسة أعوام تقريباً، سارعت السعودية إلى إطلاق برنامج خفض الإنتاج، الذي دخلت فيه دول خارج منظمة الأقطار المصدرة للنفط «أوبك»، وفي مقدمتها روسيا، التي تعد محورا نفطيا مهما على الساحة العالمية. واستطاعت المملكة الحفاظ على هذا البرنامج من خلال المراجعات الدورية له من قبل الدول المعنية، في حين حاول النظام الإرهابي في إيران تعطيل هذا البرنامج بكل الوسائل المتاحة له، إلا أن إصرار الرياض وإستراتيجيتها المؤثرة اقتصاديا وسياسيا على الساحة العالمية، وفّر الحماية لبرنامج خفض الإنتاج، الذي دفع بالفعل الأسعار إلى مستويات مقبولة لكل من المستهلكين والمنتجين، وحافظ على وتيرة النمو للاقتصاد العالمي، وبالطبع ضمن الإمدادات اللازمة للطاقة، ولبى الطلب العالمي بسهولة وانسيابية ضرورية للغاية.
الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، كان واضحاً في الحديث عن دور السعودية على الساحة النفطية العالمية، خصوصاً مع انتهاجها سياسة واقعية لا يمكن أن تؤثر سلباً في الاقتصاد العالمي.
ولأنها مؤثرة وتمتلك الأدوات اللازمة، تمسكت في اجتماع «أوبك» بين المنتجين خارج وداخل هذه المنظمة العالمية، بضرورة الإبقاء على خفض الإنتاج لحماية الأسعار.
ماذا فعلت الرياض؟ اتخذت القرارات الصائبة دون التوصل إلى اتفاق، بعد رفض روسيا مقترح تعميق خفض الإنتاج. وبالتأكيد هذه القرارات كانت سيادية 100 %، رغم أن السعودية آخر من يرغب في توتر نفطي في هذا المجال أو ذاك.
الأمير عبدالعزيز بن سلمان، قالها بوضوح أيضاً، إن السعودية «سئمت القيام بدور المتطوع الذي يتحمل أعباء الآخرين»، وهي في الواقع كانت كذلك من أجل المصلحة الدولية، إضافة إلى مصلحتها الوطنية. ومثل هذا التوجه من قبل وزير الطاقة، استند بالطبع إلى ثقة غير محدودة، حصل عليها من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين.
المهم الآن أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني الأزمة الاقتصادية التي خلّفها وباء كورونا المستجد، والسياسات السعودية النفطية في هذا المجال، تمثل قوة دفع إيجابية في السوق النفطية.
كما أن وتيرة الإنتاج ستكون مناسبة للمتغيرات الاقتصادية الراهنة التي أحدثتها الأزمة، حتى في المرحلة القادمة التي ستشهد ارتفاع وتيرة عودة الحراك للاقتصاد العالمي.
القراءات المستقبلية تشير إلى أن الإمدادات النفطية لن تتأثر على الإطلاق، فضلا عن الأسعار العادلة في السوق، فالصادرات النفطية السعودية ستبقى على ما هي عليه في الشهر القادم، ما يعني ضمان الإمدادات التي تمثل محوراً حساساً، خصوصاً في زمن التعافي الاقتصادي المأمول على الساحة الدولية.