للشاعر محمد بن ظافر الشمراني، حظوة اجتماعية، تضم الشعبي والنخبوي، فهو شاعر عرضة من الصعب مجاراته، شاعر فصيح لا يقل موهبة عن كبار الشعراء، وهو إنسان لطيف المعشر، رقيق القلب، ودود المشاعر، ولا تملك إلا محبته خصوصاً عند التعرف عليه من قُرب، هنا نصّ مسامرتنا معه:
وُلدت في يوم استثنائي
• متى كانت ساعة القدوم للدنيا؟
•• لا أدري بالضبط، لكنها على ما يبدو ساعة فرح لقلبَي والديّ، عليهما الرحمة والرضوان، نقشها أخي الأكبر على وعاء نحاس أراني إياه ذات يوم وقال إن ذلك كان عام 1381هـ.
• أي موسم وُلدت فيه؟
•• الموسم الاستثنائي الذي جمع بين الربيع والخريف معاً، هل تصدق؟!
• ماذا يعني الانتماء لمحافظة بيشة؟
•• بدء حياة جديدة يكتنفها الغموض والتوجس من عدم التقبل، هذا في البدايات، أما الآن فأنا أعيش بيشة بكل أحاسيسي.
• هل نشأت في بيئة قروية، وعلى ماذا استيقظ وعيك المبكر من الأحداث والمواقف والناس؟ •• نعم نشأت في بيئة قروية بسيطة لا يعكر صفوها إلا اليُتم وتبعاته.
استيقظ وعيي على أحداث صورتها ذات شعر:
صبيحة مات أبوي وغطرفت في بيتنا الأحزان
بَعَدْني في الثلاث سنين طفلٍ رايحٍ غادي
أشوف الناس تبكي بس ماعَرف السبب وش كان
ولا أدري ليه أنا اللي كنت وحدي ساكت وهادي
وأرى طاقة قماش أبيض بيد واحد من الشيبان
وقف دون الستار ومن وراه امتدت أيادي
وكهلة مقبلة تحمل على ذرعانها الريحان
يسابقها الشذا من كل غصنٍ مورقٍ نادي
وفي الآخر خذوا حاجة وشالوها على عيدان
وأنا ظليت أتابعهم إلين اجتازوا الوادي.
سرحت بالبقرة • كيف كان أوّل يوم صيام في حياتك؟
•• يوم طويل على غير العادة تخللته بعض المخالفات.
• ما موقف والدتك من صومك المبكر، وهل أذنت لك بقطع الصيام بحكم الإرهاق؟
•• شجعتني والدتي على الصيام فعلاً لكنها لم تلزمني ولم تراقبني، أو لعلها لم تشعرني بذلك على الأقل، بيد أنها زرعت في نفسي أن الله يرى ما تقوم به فافعل ما يرضيه.
• على ماذا كانت تتسحر الأسرة في ذلك الوقت؟
•• على بعض ما تنبت الأرض من «القراص» والثفاء ونحوهما.
• ما النشاط المنزلي الذي كنت تُكلّف به؟
•• لا شيء من ذلك، فبعد وفاة أبي بيعت الأغنام وتوقف الزرع وتبقت معنا بقرة حلوب، ربما سرحت بها بعض الأيام ولكن إلى غير بعيد.
• أي فرق أو ميزة كنت تشعر أنك تتميز بها عن أقرانك؟
•• كنت متفوقاً في دراستي ولا أرضى بغير المركز الأول.
• من تتذكر من زملاء الطفولة؟
•• كثير.. لكن أقراني من الجيران ظلوا أقرب للذاكرة، ومنهم حمدان بن ماشي ومحمد بن صالح قريش وحامد بن أحمد الحبي وعبدالله بن عمار.
• لماذا يسكننا حنين لأيامنا الأولى في الحياة؟
•• ربما لأنها أول ما وَسَم قلوبنا وعقولنا وترك بصماته هناك.
• أين شعرت بحالة الانفصال عن القرية وتغير عليك النمط المعيشي؟•• حين جرفتني دوامة المدينة وانغمست في صراع حياتها.
حقائبنا وحظائر الحيوانات• متى بدأت علاقتك بالتعليم؟•• عام 1387هـ.
• ما المواقف العالقة بالذهن من تلك المرحلة؟•• أشياء كثيرة منها:
– كنا نفترش الأرض ونكتب على صناديق الشاي أو ما شابه.
– حقائبنا في البداية كانت من القماش يفصّلها الخياط الوحيد في القرية.
– بعض فصولنا كانت حظائر للحيوانات جرى تنظيفها واعتمادها.
– حصولي على أحد المراكز المتقدمة (الثالث) على مستوى منطقة بيشة التعليمية حين كانت تضم نجران والنماص وغيرهما.
• ما برنامجك الرمضاني من الفجر إلى السحور؟
•• أداء صلاة الفجر، ثم قراءة ما تيسر من القرآن في المسجد أو في المنزل، بعد الضحى أخلد إلى النوم حتى الظهر ثم أعود للنوم حتى العصر، بعد صلاة العصر أمكث في المسجد لقراءة ما تيسر على الأقل نصف ساعة، بعدها أخرج للتسوق وشراء ما ينقص على أهل البيت، ثم الإفطار والمكوث مع الأهل حتى أذان العشاء.. بعد التراويح أتناول عشاء خفيفاً ثم أمارس رياضة المشي ساعة أو نحوها، بعدها أنام إلى أن يحين وقت السحور وهكذا.
• أي الطبخات أو الأكلات أو الأطباق تحرص على أن تكون على مائدتك الرمضانية خصوصاً المحلية؟
•• الشوربة والسمبوسة وبعض الخضروات.
• هل تتابع برامج إذاعية أو تلفزيونية في رمضان، وما هي؟
•• نادراً ما أتابع التلفاز، أما الإذاعة فلم تعد في ثقافتي اليومية إلا حين أكون على طريق سفر.
قديمك نديمك • لماذا يتناقص عدد الأصدقاء كلما تقدم بنا العمر؟
•• لعل لتقدم السن دوراً في ذلك.
• ما حكمتك الأثيرة، وبيت الشعر، واللون الذي تعشق؟
•• من الحكمة أني أحفظ الكثير، لكن أقربها صدقاً إليَّ «قديمك نديمك».
ومن الشعر:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يُغر بطيب العيش إنسان
أما الألوان فالأبيض أهمها، وربما أعجبني اللون البنفسجي، غير أن الأخضر عشق أزلي.
• هل لك ميول رياضية، وما فريقك المفضل؟
•• مارست الكرة الطائرة لاعباً في نادي الزيتون، ومدرباً في نادي البشائر، ولكني أميل إلى متابعة كرة القدم وأحب النادي الأهلي كثيراً.
• أي قصيدة ترى أنها توزن بماء الذهب؟
•• قصيدة:
وُلِدَ الـهُدى فَالكائِنات ضِياءُ
وَفَمُ الـزَمانِ تَـبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالـمَلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
لأمير الشعراء أحمد شوقي، رحمه الله.
عصرنا أجمل• أي زمن أو عصر كنت تتمنى لو أنك عشت فيه؟
•• لا أجمل من عصرنا هذا، لكن ربما أخذني الحنين إلى عصر الفتوحات واتساع الدولة الإسلامية.
• تميزت بيشة في مواسم مضت بتنظيم مهرجاناتها واحتفالات كنت أنت أحد عوامل التميز فيها، حدثنا عن تلك المواسم باختصار، ولماذا اختفت؟
•• منذ استلم سياف آل خشيل دفة التعليم في بيشة، شكلت الأنشطة جانباً مهماً من جوانب التربية والتعليم، ولحسن حظي كنت ممن ساهم في هذا الجانب.. طالباً من خلال المشاركات في أنشطة مدارس سبت العلاية المتوسطة والثانوية، ومعلماً ومشرفاً للنشاط الثقافي في الإدارة.
طبعاً كان دوري يتمثل في كتابة القصائد والأوبريتات الوطنية وما شابه ذلك، منها ما نُفذ في الملاعب المجمعة أو في المدارس، ومنها ما نُفذ في أماكن أخرى كالمسارح في بيشة وفي أبها، ومنها ما لم يُنفذ لأسباب مختلفة.
أما لماذا اختفت فلا أدري لماذا بالضبط، لكن ربما تغيرت اهتمامات التعليم كلياً.
رسائلي إلى هؤلاء
• لديك ثلاث رسائل.. لمن توجهها؟
•• سأكتفي برسالة واحدة، أوجهها شكراً لكل من كانت له بصمة في حياتي: زملاء وشعراء وأصدقاء وأقارب ومعارف، وفي مقدمتهم أستاذي الجليل، المرحوم بإذن الله، محمد بن سعيد بالريش، وأستاذي الجليل، أطال الله في عمره، سياف بن عامر بن خشيل وغيرهما الكثير.