الإتجار بالأشخاص من أخطر صور الجريمة المنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان وتمس كرامته وتشكل خطراً على حياة ضحاياها وجرّمته القوانين الدولية، وعرفت جريمة الإتجار بالأشخاص بكل «عملية تتم بغرض بيع أو شراء أو خطف أشخاص، سواء أكانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً، أو استغلالهم في القيام بأعمال على غير رغبتهم في ظروف غير إنسانية، ويدخل في ذلك استغلال الأطفال في التسول والعمل». وشدد رئيس هيئة حقوق الإنسان، رئيس لجنة مكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص، الدكتور عواد صالح العواد، أن السعودية لا تتسامح أو تتهاون في محاربة الإتجار بالأشخاص وتضييق النطاق على جرائمه، وستمضي بحزم لبلوغ أفضل المستويات في مكافحة هذه الجريمة ومحاسبة وردع مرتكبيها، ومواصلة جهودها بما يعزز المحافظة على مجتمع يتمتع فيه أفراده ببيئة تحمي وتراعي حقوقهم. وعدّت المملكة مكافحة الإتجار بالأشخاص على رأس أولوياتها، وبذلت في سبيل ذلك جهوداً جبارة أشاد بها الجميع، لمنع أي سلوك ينطوي على الإتجار بالأشخاص، وكشفت أحكام قضائية حزم القضاء في التعامل مع تلك الجرائم وبما يتناسب مع طبيعة كل جريمة.
السجن للمتاجرين.. والعقوبات تتضاعف في حالات
المستشار القانوني سيف أحمد الحكمي، أوضح أن استخدام شخص، أو إلحاقه، أو نقله، أو إيواءه، أو استقباله من أجل إساءة الاستغلال تعد من جرائم الإتجار بالأشخاص. وشدد على أن المادة الثانية من نظام مكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص حظرت الإتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال بما في ذلك إكراهه أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعه أو خطفه، أو استغلال الوظيفة أو النفوذ، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر من أجل الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسراً، أو التسول، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء، أو إجراء تجارب طبية عليه.
وأضاف الحكمي، أن المادة الثالثة حددت عقاب كل من ارتكب جريمة الإتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة، أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بهما معاً. كما شددت المادة الرابعة العقوبات في حالات منها إذا ارتكبت الجريمة جماعة إجرامية منظمة، إذا ارتكبت ضد امرأة أو أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإذا ارتكبت ضد طفل حتى لو لم يكن الجاني عالماً بكون المجني عليه طفلاً، وإذا استعمل مرتكبها سلاحاً، أو هدد باستعماله.
وبيّن الحكمي أن العقوبة تشدد إذا كان مرتكبها زوجاً للمجني عليه أو أحد أصوله أو فروعه أو وليّه، أو كانت له سلطة عليه، أو إذا كان مرتكبها موظفاً من موظفي إنفاذ الأنظمة، كما تشدد إذا كان مرتكبها أكثر من شخص، وإذا كانت الجريمة عبر الحدود الوطنية، إذا ترتب عليها إلحاق أذى بليغ بالمجني عليه، أو إصابته بعاهة دائمة.
المعجب: نيابة مستقلة بجرائم الإتجار
أكد النائب العام سعود بن عبدالله المعجب، ريادة المملكة في حماية الحقوق ورعاية الضمانات؛ وفق أنظمتها والمعاهدات والمواثيق الدولية ذوات العلاقة التي انضمت إليها، والمؤكد عليها بموجب أحكام ونصوص النظام الأساسي للحكم.
وقال: شرَّعت المملكة أنظمة خاصة تعنى برعاية المصالح المحمية في هذا الشأن، وأقرت العقوبات النظامية حال الجناية عليها، ومن ذلك أحكام «نظام مكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص» الذي نظم الإجراءات الواجب اتخاذها لمكافحة تلك الجرائم، والعقوبات المقررة بحق مرتكبيها، وأوجب لضحاياها حقوقاً وضمانات خاصة.
ونوه المعجب، بدور النيابة العامة المتعلق بحماية المصالح الجزائية في هذا الجانب، وما توليه لضحايا جرائم الإتجار بالأشخاص، من خلال؛ تخصيص نيابة مستقلة تعنى بجرائم الإتجار بالأشخاص، والتفتيش على أماكن إيواء الضحايا، والتحقيق والادعاء في هذه الجرائم، وتقديم مرتكبيها للمساءلة الجزائية، وتدريب الكفاءات النيابية من أعضاء النيابة العامة على كيفية التحقيق في مثل تلك الجرائم، إضافة للتحقيقات المالية المصاحبة لتلك الجرائم، وآلية مقابلة الضحايا وفقاً لأحدث الأساليب والتجارب الدولية، والمطالبة بمعاقبة من يشرع، أو يسهم في تلك الجرائم، والمطالبة بمعاقبة صاحب الصفة الاعتبارية؛ إذا ارتكبت الجريمة بعلمه، إلى جانب تتبع متحصلات تلك الجرائم، وطلب مصادرتها، والتعاون مع الجهات الضبطية والقضائية محليّاً ودوليّاً؛ لمكافحة تلك الجرائم العابرة للحدود.
تشغيل الأطفال في التسول محظور ومجرّم
الخبير الأمني اللواء متقاعد مسعود العدواني، أكد أن استغلال الأطفال في التسول جريمة تهدد المجتمع والأمن وتنتهك حقوق الطفل. وأشار إلى أن عصابات الإتجار بالبشر تستغل الصغار وكبار السن بأبشع الطرق، وهذه جريمة يعاقب عليها القانون وتدخل في مفهوم جرائم الإتجار بالبشر.
وأضاف: أن إجبار الأطفال على التسول يعد مخالفة لنظام حماية الطفل، خصوصاً أن الضحايا يتعرضون للتهديد بالإيذاء حال رفضهم تعليمات من يتولون تشغيلهم من عصابات تنتهك حقوقهم، كما يتعرضون للإيذاء بدنياً ونفسياً والإصابة بعاهات دائمة، فضلاً عن تعرضهم إلى الخضوع والتهديد والعيش في أماكن سيئة تضر صحتهم، لذا فإن استغلال الأطفال في التسول سلوك محظور ومجرّم بنص النظام.
«الموارد»: الاحتفاظ بوثائق العامل.. ممنوع
أكدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الحقوق التي يجب الحصول عليها من قبل العامل، وقالت: إن الإخلال بها من قبل أصحاب العمل يعد نوعاً من جرائم الإتجار بالأشخاص.
وبيّنت الوزارة، أن الحقوق تشمل احتفاظ العامل بوثائقه الرسمية، وقراءة العقد قبل التوقيع والحصول على نسخة منه، ورفض التوقيع على المستندات دون رضى العامل، وعدم تحميله الرسوم المالية لتجديد وثائقه الرسمية، والحصول على المعاملة الإنسانية الحسنة. وبينت أن الحقوق تتضمن رفض العمل لغير صاحب العمل ما لم يكن وفق النظام، والحصول على أجره في الوقت المحدد، والحصول على فترات راحة أثناء العمل، والحصول على عقد عمل مكتوب أو موثق حسب القرار الوزاري المنظم لذلك. وجاء في قائمة الحقوق، الحصول على قيمة تذاكر السفر والخروج النهائي ونقل الخدمات، ورفض العمل تحت أشعة الشمس أو في الظروف المناخية السيئة دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، في الفترات المحددة بقرار من الوزير.
«الأمن العام»: نستقبل البلاغات على مدار الساعة
أكد مدير الأمن العام الفريق محمد البسامي، التزام الأمن العام، بتسخير كل إمكاناته لمكافحة جرائم الإتجار بالأشخاص، بالتعاون مع الجهات المختصة وتطبيق الأنظمة والتعليمات الخاصة بذلك؛ تحقيقاً للعدالة.
وأشار البسامي، إلى أن الأمن العام، يعمل على استقبال البلاغات المختلفة على مدار الساعة، وأن رجال الأمن العام يتخذون الإجراءات الأولية، ويعملون على جمع الاستدلالات وفق نظام الإجراءات الجزائية وتقديم المتهمين للعدالة.