وصفت صحيفة «فايننشال تايمز» الهجوم الروسي على أوكرانيا بأنه «مأساة لا تقاس»، مؤكدة أن الشعب الأوكراني سيدفع تكلفة باهظة.واعتبرت الصحيفة البريطانية في افتتاحيتها أمس، أن عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جلب إلى أوروبا شيئا بدا لمدة طويلة غير وارد، وتم تجنبه حتى في العقود الأخيرة للحقبة السوفيتية، وهو الحرب الساخنة والشاملة بين اثنين من كبرى دولها، الأمر الذي يهدد بمخاطر جديدة على أوروبا والعالم لسنوات وربما عقود قادمة.
وحذرت من أن خطر الحرب الساخنة هو دائماً أنها تتصاعد، وإذا نجح بوتين في ابتلاع أو تحييد أوكرانيا، فهناك خطر أن يشجعه ذلك على توجيه نظره إلى دول البلطيق، وهو ما يلزم حلف شمال الأطلسي بدعم قوات أي من هذه الدول عند مواجهتها القوات الروسية، حتى لو ادعت موسكو أن هذا الأمر استفزاز.
وبحسب الصحيفة، فإنه إذا اختارت أوروبا عدم التصعيد، ولم تؤد حرب بوتين إلى اضطراب نظامه بسرعة من الداخل، فمن المرجح أن تُجر أوروبا إلى حرب باردة متجددة.
وأضافت: إذا نجحت روسيا في الهيمنة على أوكرانيا، كما فعلت مع بيلاروسيا فسوف تخلق مجالا جديدا من النفوذ في أوروبا، ومن ثم ستتواجه الكتل المتنافسة مرة أخرى على طول الحدود الممتدة، وستكون الديمقراطية الليبرالية الغربية في مواجهة مباشرة مع الاستبداد القومي وليس الشيوعي، وفق تعبيرها.
ولفتت إلى أن الأخطار هذه المرة ستكون أكثر وضوحا لأن الزعيم الروسي أظهر اليوم أنه مستعد لتغيير الحدود الأوروبية بالقوة، وقد هدد علانية بحرب نووية بعد أن أمضى 10 سنوات في تحديث جيشه وترسانته الذرية.
ودعت الفايننيشال أوروبا إلى احتواء موسكو حتى تُضطر قيادة جديدة إلى تغيير الاتجاه، الأمر الذي يعني إعادة بناء دفاعاتها واعتماد إستراتيجية لتنويع مصادر طاقتها بسرعة عالية وبتكلفة كبيرة، مختتمة بالقول إنه سيتعين على الديمقراطيات العالمية أن تعيد اكتشاف العزم الذي مكّنها من الانتصار في الحرب الباردة الأخيرة، وما يجري في أوكرانيا حاليا هو تحذير صارخ بأن هذه الديمقراطيات تواجه صراعا جديدا من أجل أن تسود.