السياسة

«وسواسك» قهري !

كثيرون يعانون من مرض الوسواس القهري، ومن الأفكار التسلطية التي تقتحم تفكير المريض مع علمه بأنها سخيفة، ومع ذلك

كثيرون يعانون من مرض الوسواس القهري، ومن الأفكار التسلطية التي تقتحم تفكير المريض مع علمه بأنها سخيفة، ومع ذلك لا يستطيع مقاومتها، وغالباً ما يضطر إلى أداء طقوس حركية حتى يقلل من شعور التوتر والقلق الذي يشعر به حين تتسلط عليه الأفكار، فهل يستطيع التخلص منها دون مراجعة طبيب نفسي؟

يمكن تعريف الوسواس أو اضطراب الوسواس القهري، بنمط من الأفكار والمخاوف غير المنطقيّة، التي يُطلق عليها مصطلح الهواجس، التي تدفع المصاب إلى القيام بسلوكيات متكررة رغماً عن إرادته ولذلك يُطلق عليها سلوكيات قهرية، ومّا يميّز هذه الهواجس والسلوكيات القهرية أنها تؤثر في حياة المصاب من ناحية قدرته على ممارسة الأنشطة اليومية وتسبّب له الانزعاج الشديد، وعلى سبيل المثال قد تكون لدى المصاب مخاوف وهواجس من التلوث بالجراثيم، تدفعه قهراً لغسل اليدين بشكلٍ متكرّر بحيث تتشقق يديه من كثرة غسلهما، ورغم محاولة المصاب تجاهل أو إيقاف تلك الهواجس، إلا أنّه قد لا يستطيع إيقافها دون علاج، إذ إنّ محاولة إيقافها قد تزيد من شعوره بالضيق والقلق، ما يدفعه لأداء السلوكيات القهرية في محاولة لتخفيف التوتر.

هل تأكدت من إغلاق الباب؟

يقول الاستشاري النفسي الدكتور أحمد الجهني، ينبغي القول إنّ الشخص يستطيع التحكّم بأعراض الوسواس من خلال اتباع مجموعة من الخطوات العمليّة حسب برنامج مصمّم للتغلب على أعراضه والتحكم بها، ومن هذه الخطوات، تجنب التهرّب من الهواجس أو المخاوف، إذ إنّ محاولة تجنّب الأفكار والمواقف التي تثير مخاوف المصاب تساعد على تعميق الخوف من الهواجس وتزيد منها بدلاً من التخلّص منها، لذا يُنصح المصاب بتعريض نفسه للمحفزات التي تثير الهواجس لديه، ومحاولة مقاومة الرغبة في القيام بالطقوس القهرية التي يمارسها عادة عند التعرّض لتلك المحفزات، وعند تكرار هذه العملية يلاحظ المصاب تدني مستويات القلق في كل مرة يتعرض فيها لنفس المحفزات وتزداد قدرته على التحكم في ردود الأفعال القهريّة. وكذلك تحديد محفزات الوسواس إذ يساعد تحديد محفزات الوسواس والانتباه لها على تجنّب التعرّض للوسواس، مثل الانتباه بشكلٍ جيد عند قفل الأبواب لمنع الشك بإقفالها في ما بعد.

العلاج.. مقطع صوتي مكرر!

ويُنصح المصاب بالوسواس بمحاولة تغيير انتباهه إلى شيء آخر عند التعرّض لأمر يحفز وساوسه، مثل ممارسة التمارين الرياضيّة، أو الركض، أو المشي، أو الاستماع إلى الموسيقى، إضافة إلى كتابة أفكار ومحفزات الوسواس، كما يُنصح بتدوين الأفكار التي تدور في عقل الشخص المصاب بالوسواس خلال فترة المعاناة من الحالة، والاستمرار في تدوين الأفكار ولو كانت مكرّرة، وينبغي القول إنّ كتابة العبارة نفسها مئات المرات يساعد على فقدان قوة تلك العبارة، الأمر الذي بدوره يساعد على التخلّص من مشكلة الوسواس المتعلّق بهذه الأفكار.

وينصح الدكتور الجهني أيضاً بإنشاء تسجيل صوتيّ حول أفكار الوسواس، ويمكن أن يقوم الشخص المصاب بالوسواس بتسجيل مقطع صوت يتحدث فيه عن الأفكار التي تراوده أثناء الحالة، ويُنصح بالتحدّث حول نوع واحد من الوساوس في كل تسجيل، ثمّ يقوم الشخص بسماع التسجيل الصوتي وتكراره مرّات عدة في أيام متواصلة حتى يشعر باختفاء الخوف من هذا النوع من الوسواس، ويُعيد الطريقة نفسها لكل نوع من المخاوف التي يشعر بها حتى يتخلّص من المشكلة بشكلٍ تام.

إضافة إلى تغيير نمط الحياة، إذ يساعد تغيير نمط الحياة على التغلّب على القلق الناتج من الوسواس القهريّ، مثل ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام، والحصول على عدد ساعات كافية من النوم، وتجنّب تناول الكحول، والتدخين، وتعلّم تقنيات الاسترخاء المختلفة.

العلاج بـ «التخليج» الكهربائي

يوجد عدد من الأدوية التي يمكن استخدامها للمساعدة على التخلّص من مشكلة الوسواس القهريّ، وممّا ينبغي التنويه إليه ضرورة الالتزام بتناول الأدوية المصروفة من قبل الطبيب وعدم التوقف عن تناولها بشكلٍ مفاجئ قبل استشارة الطبيب، إذ إنّ التوقف المفاجئ عن تناول هذه الأدوية قد يؤدي إلى تفاقم أعراض الوسواس القهريّ، وظهور أعراض غير مريحة وخطيرة في بعض الحالات، لعلاج بعض الاضطرابات النفسيّة التي لا تستجيب للأدوية والعلاج النفسيّ، ويتمّ العلاج من خلال استخدام تيّارات كهربائيّة لتنشيط الدماغ أو تثبيطه، وتوجد طرق عدة مختلفة لإيصال الكهرباء إلى الدماغ مثل زراعة أقطاب كهربائيّة داخل الدماغ، أو من خلال وضع الأقطاب على فروة الرأس، أو بتطبيق مجالات مغناطيسيّة على الرأس، ومن الأمثلة على علاجات تحفيز الدماغ؛ المعالجة بالتخليج الكهربائي.

Trending

Exit mobile version