بمناسبة يوم جمهورية الهند السادس والسبعين، أود أن أتقدم بأحر تحياتي وأطيب تمنياتي إلى جميع المواطنين الهنود في المملكة العربية السعودية، وأصدقائنا السعوديين وشركائنا الكرام.
إن يوم 26 يناير مناسبة عظيمة لكل هندي؛ ففي هذا اليوم من عام 1950م، دخل دستور الهند حيز التنفيذ، ما أرسى الأساس لأكبر ديمقراطية في العالم.
إن يوم الجمهورية لا يمثل انتصار التزام الشعب الهندي بالمُثُل الديمقراطية فحسب، بل يمثل أيضًا روح الوحدة والتنوع والشمولية، التي تشكل جوهر أمتنا.
الهند أرض التقدم والوعود، التي تمر بالتغييرات التحويلية، وتوسع البنية الأساسية، وتعزز قطاع التصنيع، وتستفيد من التكنولوجيا لتحسين الإنتاجية، ويبلغ حجم الاقتصاد الهندي ما يقرب من أربعة تريليونات دولار أمريكي، ما يجعله خامس أكبر اقتصاد في العالم، ومن المتوقع أن يصبح ثالث أكبر اقتصاد في غضون خمس سنوات.
في خضم المشهد الاقتصادي العالمي الصعب، اكتسب معدل النمو الملحوظ في الهند بنسبة 8.2% في العام المالي الماضي اهتمامًا عالميًا؛ ففي العقد الماضي، قامت الهند ببناء سبعة مطارات جديدة سنويًّا، ونحو 1.5 إلى 2 من أنظمة المترو سنويًّا، وإنشاء 28 كيلومترًا من الطرق السريعة الوطنية و14 كيلومترًا من خطوط السكك الحديدية يوميًّا. إنها ضاعفت مؤسساتها التعليمية في الفترة نفسها. وفي كل شهر، نجري 13-16 مليار معاملة رقمية غير نقدية. ومن بضع مئات من الشركات الناشئة في عام 2016م، نفخر الآن بأكثر (150,000) شركة ناشئة، بما في ذلك 118 شركة اليوينكورن.
وتستند نظرتنا للعالم إلى بناء الثقة والتعاون. ولم يزل نهجنا هو وضع أنفسنا كـ«فيشوا باندهو» أي شريك موثوق به وصديق جدير بالثقة. لطالما تولت الهند زمام المبادرة في صوت الجنوب العالمي، وكانت في طليعة توفير قوات حفظ السلام لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وتولت زمام المبادرة على الساحة العالمية بشأن أجندة الاستدامة.
تتقاسم الهند والمملكة العربية السعودية روابط الصداقة طويلة الأمد والاحترام المتبادل، وهما شريكان في التقدم والازدهار. ويستمر تعاوننا في مجالات متنوعة مثل التجارة والدفاع والتكنولوجيا في التصاعد، مما يساهم في نمو وتطور بلدينا. وتلعب الجالية الهندية النابضة بالحياة في المملكة العربية السعودية دورًا أساسيًّا في النسيج الاقتصادي والاجتماعي لهذا البلد وهي جسر يربط بين شعبينا، ويعمق روابط الأخوّة والتفاهم المتبادل.
ولقد أعطت الزيارة التي قام بها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إلى الهند في عام 2023م دفعة إضافية لعلاقاتنا المتعمقة. وتواصل الهند والمملكة العربية السعودية زخم التعاون واسع النطاق في إطار مجلس الشراكة الاستراتيجي وفريق العمل رفيع المستوى الذي تم إنشاؤه حديثًا بشأن الاستثمار.
وتشكل العلاقة الاقتصادية محورًا أساسيًّا للشراكة، مع النهج التكميلية للرؤية 2030م والهند المتقدمة 2047 (Viksit Bharat 2047). وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، بينما تعد المملكة العربية السعودية خامس أكبر شريك تجاري للهند. وحافظت الشركات الهندية على حضور قوي في مختلف قطاعات المملكة العربية السعودية وتلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الرؤية 2030م.
وكان العام الماضي عامًا بارزًا للشراكة الدفاعية أيضاً. وتمت أول زيارة رسمية على الإطلاق للهند من قبل معالي الفريق البحري الركن فهد بن عبدالله الغفيلي، رئيس أركان القوات البحرية الملكية السعودية في يناير 2024م. وقام أول وفد وزاري هندي على الإطلاق منذ 12 عامًا بزيارة المملكة العربية السعودية وحضر معرض الدفاع العالمي الثاني بالرياض. وقامت الهند باستضافة أول تمرين ثنائي مشترك للقوات البرية «صدى التنسيق-1». واستمرت العديد من التبادلات الدفاعية وزيارات الطلاب للتدريب والندوات الصناعية في الحفاظ على الزخم.
ومن الجانب الثقافي، قامت السفارة الهندية بالرياض بتنظيم النسخة الثانية من الروعة الثقافية التي استغرقت أسبوعاً – «تعارف الجالية الهندية-Pravasi Parichay» بمشاركة نشطة من الجالية الهندية. كما شاركت الهند في موسم الرياض السنوي 2024م الذي نظمته حكومة المملكة العربية السعودية في إطار مبادرة الوئام العالمي. كما أنه من دواعي الفخر للجالية الهندية ان الدكتور سيد أنور خورشيد، المقيم في المملكة العربية السعودية، حصل على جائزة تقدير الجالية الهندية (Pravasi Bharatiya Samman Award) في هذا العام، وهو أعلى وسام يُمنح للهنود في الخارج.
إن الخطوات التي قطعناها مؤشرة على العمل الذي لا يزال قائماً. وتحت إشراف قيادتنا، لم تتعزز هذه العلاقة في السنوات الأخيرة فحسب، بل إنها وضعت أيضًا طموحات عالية للتنويع والتوسع عبر مختلف القطاعات. وبصفتي سفيرًا للهند، أتطلع إلى مواصلة العمل بشكل وثيق مع شركائنا في المملكة العربية السعودية؛ لتحقيق هذه الأهداف لصالح شعبي البلدين.
وبالنيابة عن حكومة وشعب الهند، بما في ذلك الجالية الهندية المقيمة في المملكة العربية السعودية، أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن أطيب تمنياتي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتمنياتي باستمرار السلام والتقدم والازدهار في المملكة العربية السعودية.