غيب الموت اليوم الرسام السعودي، يوسف عثمان الشغدلي، أحد رواد الفن التشكيلي في مدينة حائل بعد تعرضه لوعكة صحية ألمت به وعلى إثرها انتقل لجوار ربه
حيث يعد رائداً من رواد الفن التشكيلي في المملكة بشكل عام، ومنطقة حائل على وجه الخصوص؛ منذ أكثر من 30 عاماً، وهذا الفنان يحمل مشعل الفن التشكيلي، ويسير به في دجى الأيام أينما حل وارتحل.
الشغدلي ومن خلال عمله الطويل في التوجيه والإشراف التربوي وتعليم مادة التربية الفنية، قدّم تجاربه التشكيلية لمعلمي التربية الفنية ولطلاب التعليم العام جيلاً بعد جيل، ولم تفته أي مناسبة تشكيلية على صعيد الوطن إلا وأسهم فيها بذراعه وقدحه وبكل ما تتحرك به حواسه، إيماناً منه بأهمية الفن بوصفه الذاكرة البصرية المعبّرة عن مكنونات الإنسان؛ ماضيه وحاضره ومستقبله وأشواقه، وحضرت أعماله – الغنية بالتراث والحداثة معاً – بقوة في المشهد التشكيلي السعودي والعربي؛ إذ بدأ في مرحلته الأولى فناناً واقعياً، ثم تناول بخبرته الناضجة كثيرا من الموضوعات الملهمة، وعالجها بما ناسبها من الأساليب والمدارس الفنية المختلفة، مع ميل لتوظيف الخط العربي، والتصميم الجرافيكي في لوحاته التعبيرية البديعة.
واضطلع الشغدلي على مدى العقود الثلاثة الماضية بدور ريادي بوصفه فناناً ملتزماً ومنتمياً ومنحازاً إلى جهات الفن والإبداع، حيث آمن بأن العمل الفني التشكيلي بمنزلة البوتقة التي تنصهر فيها كل مقومات الإبداع الإنساني، فهو لغة أخرى ناطقة تبدو أكثر فصاحة وبلاغة من أي لغة أخرى، وأن مدى الظلم الذي وقع على لغتنا البصرية على مر العصور لا يعدله ظلمٌ آخر، وأن طريق الإبداع لا تنتهي فيه جولة إلا لتبدأ جولة أخرى أكثر بياضاً واتساعاً.
كانت الرؤية التشكيلية المعجونة بتراث حائل القديم هي المرشد الأول للفنان يوسف الشغدلي، فالتاريخ يشهد له أنه قامة زاهية من قامات التشكيل على مستوى بلادنا الحبيبة، ومن أوائل الفنانين التشكيليين الذين جعلوا من لوحاتهم نافذة لبوح القرى الوادعة بأشجارها وطيورها ووديانها وجبالها وأنماطها المعمارية والحضارية المتنوعة،
ويعد الفنان الشغدلي من روّاد مهرجان الجنادرية الوطني السنوي، حيث قضى سنوات طويلة في هذا المهرجان مواكباً وزائراً ومتابعاً لأغلب ما يطرح فيه منذ بداياته، ومساهماً ورافداً رئيساً لبيت حائل في الجنادرية برؤاه الفنية المبدعة، حيث أسهم في تقديم صورة حائل بطبيعتها وتنوع بيئاتها، تلك الصورة التي تمتزج فيها الحياة المعاصرة والتاريخ القديم معاً، بنقوش صخورها وملامح هويتها المعمارية الغائرة في التاريخ وهو الملمُ بمفردات تراثها الزاخر، والبارع في قراءته وتحليله واستلهامه وتوظيفه في رؤاه المعاصرة تشكيلاً وتنظيماً وعرضاً.
يقول الدكتور عبد العزيز بن رشيد العمرو وكيل جامعة حائل: تنامت محبة الفن التشكيلي في داخل الفنان الداخل حتى باتت شجرة كبيرة وارفة الظلال؛ حيث كان ولا يزال قائداً وداعماً بوعي المتخصص وقدرات الخبير لجميع الأنشطة الفنية؛ فدعمُه للمواهب الشابة وعلى امتداد مسيرته الحافلة أمر يشار إليه بالبنان؛ مقيماً عديدا من الدورات في الرسم والتصوير والتصميم الجرافيكي والخط العربي وغيرها.
يضيف العمرو: حصل مبكراً وفي بدايات حياته الفنية على الميدالية البرونزية في معرض الفنون التشكيلية بجامعة الملك سعود عام 1398هـ، والميدالية الفضية عام 1399هـ، وكأس المركز الأول في معرض الفنون التشكيلية الأول الذي نظمته بلدية منطقة حائل عام 1407هـ، كما رَأَس جمعية الثقافة والفنون في حائل، ولجنة الفنون التشكيلية فيها مدة طويلة، وحصل على عديد من شهادات التقدير وجوائز الاقتناء، وأما اهتمامه المتزايد بالتصوير الفوتوغرافي والخط العربي فقد جعله من المواكبين المعدودين في المنطقة لهذه المجالات الفنية البديعة، وكان عضواً في الوفد الزائر لتونس الخضراء لحضور فعاليات مهرجان الحرف والإبداع عام 2006م، كما تم ترشيحه للجنة الفرز والتحكيم في مسابقة السفير الذي تنظمه وزارة الخارجية عام 1431هـ.