يبدو أنه أضحى ضرورياً تأكيد المؤكد، هو أن إسرائيل تنتهج أخطر أسلوب لتمزيق شمل المنطقة والعرب منذ إعلان الدولة العبرية في عام 1948. وتحت ذريعة حماية نفسها انتقلت من مرحلة تدمير غزة، وتشريد سكانها، وقتلهم جوعاً وعطشاً، إلى مرحلة احتلال جنوب سورية، وإذكاء الفتنة بين المكونات السورية، بدعوى أنها تحمي دروز سورية. وفي الوقت نفسه، يصطلي لبنان كل يوم بالغارات والقذائف الإسرائيلية، حتى يصبح حديقة خلفية لإسرائيل. ويضاف إلى ذلك مساعي بنيامين نتنياهو الحثيثة لضرب منشآت إيران النووية والعسكرية. يتوهم رئيس الوزراء اليميني المحاط بالمحاكمات والفضائح، أن الاستمرار في هذه الوحشية والدموية سيحقق لإسرائيل أمنها، في حين أن ذلك سيزيد الأحقاد عليها. وقد يؤدي إلى جعل محاولات تصالح العرب معها عسيرة، إذا لم تكن مستحيلة. فكيف للعرب والشرق الأوسط أن يأمنا غدر حكومة نتنياهو، التي تتنكر لأي وقف للنار تمهره بتوقيع وزرائها؟ تتمثل محنة نتنياهو في أنه أسلم لجامه بالكامل إلى المتطرفيْن في عداء العرب في فلسطين وخارجها سموتريخ (وزير المالية)، وبن غفير (وزير الأمن)، اللذين أعادا إسرائيل إلى خُرافة «من النهر للبحر»، ومن «النيل إلى الفرات»، وضم غزة والضفة إلى إسرائيل، خلافاً لمقررات 1948، و1967، و1973، و1974. وهي عقلية يستحيل التصالح معها. ولن تؤدي إلا إلى مزيد من الكراهية لإسرائيل، ولإذكاء نار التطرف في صفوف العرب. وإذا كانت القوى الغربية تريد وضع حد للنزف بين العرب وإسرائيل، فليس أمامها سوى الاعتراف بالدولة الفلسطينية جنباً إلى جنب إسرائيل، وممارسة أقصى قدر من الضغط عليها لتعود إلى رشدها، وتدرك الأهمية الحاسمة لإحلال السلام، وتغليب مبدأ المصالح، والتعايش، والسلام. فمنذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، أخذ نتنياهو يرضي حليفيْه المتطرفيْن بتحقيق أهدافهما المتمثلة في قتل العرب، واحتلال أراضيهم، وقتل نسائهم وأطفالهم. لن يتحقق ازدهار في المنطقة إلا في ظل السلام. ولن يكتب الاستقرار لأي جزء من أرجائها في أتون هذه الإبادة، والتدمير، والتدخلات.