حذرت جامعة الدول العربية من التداعيات العميقة للتحولات التكنولوجية، خاصة صعود الذكاء الاصطناعي، على سوق العمل في الدول العربية، داعية إلى ضرورة وضع استراتيجيات استباقية لتقليل المخاطر وحماية حق العمل.
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر العمل العربي في دورته الـ51، والذي يتزامن مع الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس منظمة العمل العربية، أن الأوضاع الاقتصادية العالمية تشهد حالة من «انعدام اليقين»، حيث أصبح «كسر القواعد» سمة العصر، مدفوعاً بالتغيرات التكنولوجية المتسارعة التي تعيد تشكيل طبيعة العمل.
وأشار «أبو الغيط» إلى أن الذكاء الاصطناعي، الذي يغزو قطاعات مثل الصناعة، الخدمات، الصحة، والتعليم، يهدد معدلات التوظيف، حيث تختفي وظائف تقليدية بينما تظهر أخرى جديدة تتطلب مهارات متقدمة، مستشهداً بالتحول التاريخي من المجتمعات الزراعية إلى الصناعية، مشيراً إلى أن الثورة التكنولوجية الحالية قد تكون «أخطر في أثرها»، مما يستلزم استعداداً فورياً لمواجهة اضطرابات سوق العمل.
ودعا الأمين العام للجامعة العربية إلى وضع العنصر البشري في صلب السياسات التنموية، مؤكداً أن حماية حق العمل وتقليل البطالة، خاصة بين الشباب، يمثلان «أولوية قصوى» للحكومات العربية، وأوصى بتطوير برامج تدريب وإعادة تأهيل لإعداد العمال للوظائف الناشئة، مع تحديث التشريعات والتنظيمات النقابية لتتماشى مع التغيرات المتسارعة.
وشدد أبو الغيط على أن «التكيف والمرونة» أصبحا مبدأين أساسيين لصياغة سياسات العمل في ظل التحول الرقمي، مع الإصرار على مكافحة بطالة الشباب، التي وصفها بـ«أخطر الآفات الاجتماعية والسياسية».
التنديد بحرب الإبادة
وفي سياق إقليمي مشحون، أعرب أبو الغيط عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني في مواجهة «حرب الإبادة» التي تهدف إلى «سلخه من وطنه»، مشيداً بجهود منظمة العمل العربية ومنظمة العمل الدولية لدعم فلسطين، مشيراً إلى أن حصول فلسطين على صفة دولة مراقب في المنظمة الدولية في نوفمبر 2024، مع توقعات بمنحها عضوية كاملة في يونيو 2025، سيسمح لها بالمشاركة بوفد ثلاثي يمثل الحكومة، العمال، وأصحاب العمل.
وأشاد أبو الغيط بأهمية تناول مؤتمر منظمة العمل العربية لقضية «التنويع الاقتصادي كمسار للتنمية»، والذي يدعو إلى إصلاحات هيكلية، تقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية، والاستثمار في التكنولوجيا وريادة الأعمال، مؤكداً على أهمية دور الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج لضمان انتقال عادل نحو اقتصادات مستدامة، ومناقشة موضوعات مثل استراتيجية ريادة الأعمال، السياسات الاجتماعية للحد من الفقر، والعناقيد الاقتصادية كمدخل للتنمية المستدامة.
وتأسست منظمة العمل العربية عام 1965 كجزء من منظومة جامعة الدول العربية، بهدف تعزيز التعاون بين الحكومات، أصحاب العمل، والعمال في الدول العربية لتحسين ظروف العمل، وضع تشريعات عادلة، ودعم النقابات لضمان التوازن في علاقات العمل، والتي تحتفل في 2025 بالذكرى الستين لتأسيسها، وسط تحديات اقتصادية وعمالية كبرى، تشمل التحولات التكنولوجية، خاصة انتشار الذكاء الاصطناعي، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب (تتجاوز 25% في بعض الدول العربية وفقًا لمنظمة العمل الدولية).
و يأتي مؤتمر العمل العربي في دورته الـ51 كمنصة لمناقشة هذه التحديات، مع التركيز على قضايا مثل التنويع الاقتصادي، ريادة الأعمال، والسياسات الاجتماعية للحد من الفقر. كما يعكس الحدث التزام المنظمة بدعم القضية الفلسطينية، حيث تم الاحتفاء بحصول فلسطين على صفة دولة مراقب في منظمة العمل الدولية في نوفمبر 2024، مع توقعات بمنحها عضوية كاملة في يونيو 2025.