السياسة

مشروع «المنزل الذكي» في «كاوست»يحقق المرتبة البلاتينية في تصنيف نظام (LEED)

تواصل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) بصفتها أحد المراكز الرائدة في البحث العلمي في المملكة العربية

تواصل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) بصفتها أحد المراكز الرائدة في البحث العلمي في المملكة العربية السعودية، دفع حدود الابتكارات ونقلها من أفكار في المختبرات إلى تطبيقات واعدة في العالم الحقيقي. ومن بين الأدوات المهمة التي تساعد الجامعة على تحقيق هذه الرؤية الطموحة؛ مختبر كاوست للتقنية الذكية (كاوست سمارت) وجهوده في إرساء مفاهيم «المدينة الذكية» داخل الحرم الجامعي وتفعيله المواهب والخبرات الفريدة في مجتمع الجامعة من باحثين ومبتكرين حتى أصبحت كاوست مختبراً حياً يحظى باعترافات دولية في مجال المدن الذكية.

وفي هذا السياق، حصل مشروع المنزل الذكي في كاوست مؤخراً على المرتبة البلاتينية في نظام (LEED) للريادة في تصميمات الطاقة والبيئة محققاً المركز الثاني في التصنيف العالمي بنتيجة 94. ويمثل هذا إنجازاً مهماً بحد ذاته خصوصاً أن هذا المنزل الذكي جرى تطويره من منزل عادي قائم مقارنة بصاحب المركز الأول في التصنيف الحاصل على نتيجة 95 الذي تم بناؤه من الصفر بتصميم صغير. لكن منزل كاوست الذكي كان أكبر حجماً وجرى تعديله من قبل الجامعة وشركائها في البناء، وهي شهادة حية على قدرة كاوست على تطوير البنى التحتية الحالية لتلبية أهداف الاستدامة المستقبلية. وهذه هي المرة الثانية التي تحقق الجامعة فيها المرتبة البلاتينية في تصنيف نظام (LEED) للريادة في تصميمات الطاقة والبيئة في العالم.

جدير بالذكر، أن كاوست عملت مع شركة الاستشارات الابتكارية تري هاوس (Treehouse)، ومقرها المملكة المتحدة، قبل وقت قصير من تفشي جائحة فايروس كورونا في العالم، للتشاور مع مجتمع الجامعة حول نيتها بناء نظام للمنازل الذكية في الحرم الجامعي. وتمت مقابلة أكثر من 100 من أفراد المجتمع كجزء من عملية بحث مكثفة ومحددة لتطوير بيوت المستقبل بالشراكة مع شركة مقاولات البناء السعودية «بيتور»، وتبلورت هذه الجهود بمشروع بناء «المنزل الذكي» تكلل بالنجاح.

تعتمد متطلبات الحصول على اعتراف (LEED) على عدة عوامل رئيسية مثل الاستهلاك الكلي للطاقة وطرق البناء والمواد والعناصر المستخدمة. وهي متطلبات تم استيفاؤها في المنزل الذكي في كاوست حيث جرى توصيله بما مجموعه 120 لوحاً شمسياً موزعة بالتساوي في جميع الأنحاء، ومجموعة من الألواح الشمسية المائية التي توفر 7 إلى 10 لترات من مياه الشرب يومياً المستخرجة من رطوبة الغلاف الجوي، ونظام اكتشاف التسرب للإبلاغ الفوري عن الحوادث التي يتعرض لها سكان المنزل.

المشروع عبارة عن تعاون بين كاوست سمارت وإدارة المرافق وخدمات المجتمع بهدف إثراء التجربة المعيشية للناس ومعالجة تحديات الاستدامة. وسيكون بمثابة اللبنة الأساسية للمدن الذكية التي تضع الاستدامة وتعزيز الحفاظ على موارد الطاقة ورفاهية الناس في مقدمة أولوياتها.

المختبر الحي

تأتي فائدة مشروع المنزل الذكي في كاوست ليس فقط من كونه مشروعاً ابتكارياً يعزز مفاهيم المدن الذكية فحسب، بل يعمل أيضاً كمختبر حي لتمكين التقنيات التي يجري تطويرها في الجامعة. وسعياً لتحقيق هذا الهدف، تم دمج الابتكارات التقنية الخاصة بالمنازل من 8 شركات ناشئة في كاوست مع التركيز على 4 مجالات رئيسية: الطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية، والتقنية الذكية، والهندسة المعمارية.

يقول ماثيو إيرلي، نائب الرئيس لإدارة المرافق في كاوست: «تمتلك كاوست بصفتها جامعة للعلوم والتقنية خبرات بحثية كبيرة ممثلة بأعضاء هيئة التدريس والباحثين الدوليين الذين استفدنا جداً من مشاريعهم التعاونية وشراكاتهم البحثية في تطبيق 8 تقنيات ناشئة تستخدم مشروعنا للمنزل الذكي كمختبر لأنظمتها المختلفة. وهذا يجعل منزلنا الذكي بمثابة مختبر حي سيستمر في التطور مع تقدم التقنية».

3 شركات ناشئة في كاوست توفر التقنيات اللازمة لدعم شبكة المنزل الذكي من الألواح الشمسية، التي تشغل بطارية المنزل. حيث تقوم شركة أيريس (Iyris) الناشئة في كاوست، التي اندمجت الآن مع شركة مزارع البحر الأحمر، بتقديم تقنية الألواح الشمسية (Onyx Solar)، وتقوم شركة (Mirai Solar) بتوفير المظلات الكهروضوئية والألواح الشمسية القابلة للطي، كما تقوم شركة نوماد الناشئة حلاً لتنظيف الألواح الشمسية من الاتربة والغبار دون ماء.

ومن السمات التي يمكن ملاحظتها على الفور عند زيارة المنزل الذكي في كاوست مدى الهدوء داخل حجراته مقارنة بالمنازل المكيفة العادية. ويرجع ذلك لنظام الطاقة الحرارية الأرضية المستخدم في تبريد المنزل. حيث حفر فريق البناء 18 بئراً حول مبنى المنزل، على عمق 80م تحت الأرض. وتعمل شبكة مغلقة من الأنابيب تحت الأرض على دفع المياه من المنزل إلى أسفل إلى الأرض، حيث يتم امتصاص الحرارة الزائدة منها ثم إعادة المياه المبردة إلى نظام التدفئة والتهوية وتكييف الهواء. ويدور الهواء على عمق 2.5م في 6 أنابيب تحت الأرض موزعة حول المنزل بطول تقريبي يصل لـ40م قبل دخول وحدة الهواء النقي.

وقدمت شركة سنور (SaNoor) الناشئة في كاوست حلول كابلات الألياف الضوئية ووحدات أجهزة الاستشعار في جميع أنحاء المنزل لتشغيل نظام الكشف عن التسرب في المنزل. بالطبع، أحد الجوانب الأساسية للمنزل الذكي هو مجموعة هذه التقنيات الذكية التي تساعد على تسهيل حياة المستخدمين. ويشمل ذلك أيضاً أجهزة استشعار الحركة للإضاءة، والتحكم في الوصول الذكي، والستائر الآلية، ونظام هبوط الطائرات دون طيار من شركة كاوست الناشئة فرناس إيرو (Firnas Aero).

كان التصميم المعماري للمنزل الذكي أمراً محورياً جرت مناقشته في مرحلة الاستشارات الأولية مع مجتمع الجامعة. وجرى اعتماد 6 اتجاهات للتصميم الاستراتيجي للمنزل شملت حاجة المستخدمين إلى الارتباط بالطبيعة، وتوفير مساحة معيشة قابلة للتخصيص وللتكيف مع الاحتياجات المتغيرة بمرور الوقت، فضلاً عن الإدارة الفعالة للموارد.

كما قدمت 3 شركات ناشئة في كاوست حلولاً لتحسين أثر المنزل الذكي على بيئته الطبيعية المباشرة. حيث تلعب الرمال المقاومة للماء التي طورتها شركة ساندإكس (SandX) دورا حيويا في منع تبخر الماء من جذور النباتات المحلية في حديقة المنزل. وقدم فريق (Darwin21) مركباً حيوياً يضاف إلى الغطاء النباتي لجعله أكثر مقاومة للظروف القاحلة. وتطور شركة إدامة للحلول العضوية، حلول إعادة تدوير النفايات العضوية للبيئات الصحراوية وتقليل كميات المياه المستخدمة في الري.

ويتم أيضا استكشاف بعض التقنيات الجديدة في المنزل الذكي تشمل اختبار استخدام الطائرات الصغيرة دون طيار لتنظيف أسطح الألواح الشمسية المثبتة على الهياكل الهشة حول المنزل، مثل الشرفات والبيوت الزجاجية الصغيرة. وتقوم شركة أوفيرا، الناشئة في كاوست باستخدام تقنية الأشعة فوق البنفسجية لتقليل التلف المرتبط بنفايات الطعام وزيادة الوعي البيئي والاستدامة.

الوصول إلى صفرية الانبعاثات

تم تصميم المنزل الذكي في كاوست لتقليل بصمته الكربونية من خلال تحسين كفاءة الطاقة وتكامله مع الطاقة المتجددة. فالمنزل صفري الانبعاثات خلال النهار، ما يعني أنه ينتج نفس كمية الطاقة التي يستهلكها. يقول سيد البدر، مدير إدارة مشاريع البناء في كاوست: «نهدف إلى أن يصل المنزل الذكي في كاوست إلى صفرية الانبعاثات. ونحن نحقق حالياً ذلك خلال النهار، بفضل ضوء الشمس والتقنيات المبتكرة التي تم تضمينها في المنزل، ولكن يظل التحدي قائما للوصول إلى صفرية الانبعاثات خلال الليل. فالمنزل الذكي يعمل على بطارية واحدة، لا يمكنها حالياً تلبية جميع متطلبات المنزل الكهربائية في الليل. ولكن الهدف هو تطوير تقنيات جديدة، بالشراكة مع الباحثين والشركات الناشئة والبائعين الخارجيين، للوصول إلى صفرية الانبعاثات الشاملة في المستقبل».

ومن بين سمات توفير الطاقة التي تساعد المنزل الذكي على الوصول إلى صفر انبعاثات خلال النهار، تجهيزه بأنظمة التحكم الذاتي للمنزل مثل أجهزة الاستشعار لاكتشاف وجود الأشخاص في الغرفة وضبط الإضاءة ودرجة حرارة وفقاً لذلك. وتساعد أيضا مادة العزل للمنزل الخارجي المختارة بعناية في منع تسرب الهواء البارد والمحافظة على برودة الغرف. حتى مياه الصرف الناتجة عن الاستحمام والمستخدمة للغسيل تتم إعادة تدويرها من خلال نظام مائي دائري يعيد المياه المعالجة لاستخدامها في أنظمة المراحيض وري الحدائق. وهذا يوفر نحو 40٪ من استهلاك المياه مقارنة بالمنازل التقليدية المماثلة.

حصول مشروع المنزل الذكي في كاوست على المرتبة البلاتينية لنظام (LEED) للريادة في تصميمات الطاقة والبيئة في العالم يؤكد استحقاقه ليكون نموذجاً يحتذى به للمنطقة وخارجها، ويظهر قدرة التفكير التعاوني والنظرة المستقبلية لكاوست والتزامها الكبير ببناء مستقبل أكثر استدامة في المملكة العربية السعودية.

يذكر أنه تم عرض تفاصيل مشروع البيت الذكي كاملة في تقرير موسع بثته قناة «إم بي سي» الشهر الماضي.

Trending

Exit mobile version