عقدت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمقرها الرئيسي في الرياض، أمس (الأربعاء)، ملتقى تكريمياً لحامل لوائها الأول الأمير بدر بن عبدالمحسن – رحمه الله- تحت مسمى «الثقافة والفنون في حضرة البدر»، وسط حضور كبير من أحبة البدر الذين عبروا عن تقديرهم لإرث الأمير الراحل، وأهمية الحفاظ على مسيرته الثقافية والفنية الفريدة.
وقال رئيس الجمعية عبدالعزيز السماعيل في كلمته: «مرحباً بكم في جمعية البدر التي استمرت ووفت بوعوها لكل المبدعين طوال 50 عاماً، وستستمر وتتألق رغم الظروف والصعوبات التي تعترضها حالياً، ونحتفل هذه الليلة بذكرى الأمير بدر بمشاركة نبيلة من الأمراء والأصدقاء ممن عايشوا وشهدوا حياته، وثمنوا إبداعه وعطاءه الزاخر والكبير، وأكدوا بحضورهم معنى الحب والوفاء له».
وقدم مدير عام الجمعية خالد الباز جلسات الملتقى بكلمة قال فيها «كان البدر، فكانت القصيدة والفن والجمال، وكانت أولى مؤسسات الثقافة والفنون في وطننا الحبيب»، مشيراً إلى دور الأمير الراحل في تأسيس جمعية الثقافة والفنون «هذا البيت الذي رعاه البدر وليداً، وآزره فتياً، واختصه بألا يخلفه بعده أحد، إذ لم يقبل أن ينضوي في جلباب الوظيفة، مذ غادر رئاسة الجمعية إلى أن غادر جسداً، وها هو بيننا حياً في كل حين أثراً، وهذا أثره وإرثه وثراؤه، فطب بدر الوطن خالداً في القلوب والوجدانات، وفي ضمير الحب ونخيل البلاد».
وأضاف الباز «كم وددت الإطالة في نسج هذا التقديم، لكننا في حضرة الذاكرة، ذاكرة الوفاء، للبدر الاستثناء، وحين يحضر حديث الذاكرة فسيبطل تيمم بوح الانطباع».
من جهته أوضح الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد أن نور البدر لم يغرب عن حياته حتى هذه اللحظة، لافتاً إلى رحلة الغربة التي جمعتهما معاً نهاية الستينات، ومشيراً إلى التعاون معه في ملحمة فنية تاريخية تحتفي بمسيرة الوطن عام 1999 عندما سطر بمشاعره كلمات أوبريت «فارس التوحيد»، وكذلك توافقهما على الاهتمام بالفروسية والحصان العربي من المنظور الثقافي.
وتحدث الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز عن روعة كلمات الأمير الراحل قائلاً «كنا دائماً نقول إن بدر يكتب الكلمة، لكني أعتقد أن الكلمة هي التي تكتب بدر، لأن عشقها له تختلف عن عشقها لأي إنسان آخر»، مستشهداً ببعض كلماته عن الجنادرية، والحروف التي تجسد إحساسه بالبيئة أينما حل في الصحراء والبر وفي الليل والنهار.
وبدوره، تناول الأمير فهد بن خالد بن عبدالله الجانب الإنساني والعائلي للأمير بدر بن عبدالمحسن، موضحاً أنه كان قريباً من الجميع وليس أهله فقط، بل وكان يعز «غضبه وهمومه» حتى لا يبينها ولا يؤذي أحداً بها.
وتضمن برنامج الملتقى عرض فيلم «في حضرة البدر» الذي أنتجته الجمعية ويسلط الضوء على مسيرة البدر الفنية وتأثيره في الساحة الثقافية، وكذلك «ميدلي البدر» الذي يشمل فقرات غنائية قدمتها الفرقة الموسيقية من قصائد البدر المغناة في الوطن مثل «فوق هام السحب» و«حدثينا يا روابي نجد»، وفقرة أخرى عن الأغاني العاطفية ومنها «صوتك يناديني» و«المسافر راح»، وكذلك عرض مشهد من روايته «توق» بإخراج بندر الحازمي.
وصاحب الملتقى إقامة معارض قدمت مجموعة من الأعمال الفنية التي تمثل رؤى الأمير وكلماته وإبداعاته، منها معرض للرسم الحي شارك فيه نخبة من كبار الفنانين السعوديين منهم الدكتورة ألطاف حمدي وعثمان الخزيم وهيلة السعودي ومحمد مجرشي وعبدالله المحيا، وفي الخط العربي الفنان سلطان العيسي، وفي فن الجرافيتي الفنان فؤاد الغريب، وكذلك إقامة معرض للفن التشكيلي يتضمن 37 لوحة فنية تعبر عن مختلف المدارس الفنية التي أبدعها 17 فناناً من كبار الفنانين التشكيليين على مستوى المملكة.
وتعد الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون الكيان الرائد في خدمة الحراك الثقافي والفني بإرث ممتد منذ تأسيسها عام 1973حتى الآن وتنتشر في كافة مناطق المملكة المعمورة بعدد 16 فرعاً، تساهم في إثراء الحراك وزيادة النشاط الثقافي والفني عبر مجالاتها الأربعة وهي المسرح والفنون الأدائية، والفنون البصرية، وكذلك الأفلام والموسيقى، وتمكين المبدعين في مختلف مناطق المملكة من اكتساب مهاراتهم وتطوير مواهبهم.
وحققت الجمعية عدداً من الشراكات البناءة تجاوزت 60 جهة حكومية وخاصه، وساهمت في زيادة عدد الأعضاء لأكثر من 11 ألف عضو، كما أن الجمعية تمتاز بمرونة كبيرة في تنفيذ المشاريع والبرامج وبتحقيق أثر كبير في المجتمع المستهدف بحكم تراكم الخبرات والموثوقية المكتسبة من جميع الشرائح المجتمعية المستفيدة من خدماتها.