بادئ ذي بدء ما معني رؤية؟
تُعرّف الرؤية لغة بحسب معجم المعاني الجامع على أنّها رؤية الأمور بشكل سليم، والإبصار بالعين والقلب، وهي أيضاً عبارة عن بيان تصدره الدولة لما تنوي أن تكون عليه في المستقبل، وتُوضع الرؤية من قبل الإدارة العليا للمساعدة على التخطيط والتوجيه، ويمكن القول إنّ مصطلح الرؤية يجيب عن كثير من الأسئلة مثل؛ ماذا تريد الدولة أن تصبح عليه؟ وإلى أين ستصل في مسيرتها؟ وتحدد الرؤية خططها المستقبلية في التنمية، حتى تصل إلى الصورة المثالية، وتشتمل الرؤية أيضاً بمفهومها على كثير من المعاني، كالتصورات والتوجهات، والطموحات، والآمال والافتراضات العقلية، وتعتبر أساس أي تطور تسعى الدولة لتحقيقه، من خلال تعاون أفراد الدولة والتزام كل منهم بعمله، ويجب أن تتصف الرؤية بالوضوح، والبساطة والإيجاز.
أما قبل بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، انطلقت المملكة العربية السعودية في رحلة تحوّل نحو مستقبل واعد ومشرق، مع رؤية السعودية 2030 التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء، في عام 2016م بحيث تمثل رؤية السعودية 2030 خارطة طريق طموحة ترتكز على مكامن القوة التي وهبها الله لهذه الأرض، وهي: العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، والموقع الاستراتيجي بين ثلاث قارات.
وإذ وضعت الرؤية في صميم أولوياتها تمكين المواطنين، وتنويع الاقتصاد، وتعزيز ريادة المملكة العالمية، كانت محاورها الثلاثة هي بناء مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وصُمّمت الرؤية ليتم تنفيذها وفق ثلاث مراحل رئيسية، تمتد كل مرحلة منها لخمس سنوات، وتبنى على نجاحات المرحلة التي تسبقها؛ بدأت بإرساء أسس التحول عبر إصلاحات هيكلية واقتصادية ومالية واجتماعية واسعة النطاق، واستمرت في مرحلتها الثانية بدفع عجلة الإنجاز، والتركيز على تعظيم الفائدة من القطاعات ذات الأولوية، عبر استراتيجيات تنموية، فيما ستعزز المرحلة الثالثة من استدامة أثر التحول والاستفادة من فرص النمو الجديدة. بفضل ما حققته الرؤية حتى اليوم، تشهد المملكة أثر التحول على كافة الأصعدة، وتتولد فيها فرص النمو والفرص الاقتصادية بتسارع لا مثيل له، ويستمر التقدم في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، من خلال برامج تحقيق الرؤية والاستراتيجيات الوطنية المتكاملة، والمشاريع الطموحة، لترسيخ أثرٍ دائمٍ يستمر إلى ما بعدها، ويدفع بالمزيد من التطورات والمنافع للمملكة العربية السعودية وشعبها. تشكل رؤية السعودية 2030 مستقبلًا تسير فيه الثقافة والابتكار جنبًا إلى جنب، يواكب التغيرات العالمية السريعة، ويستفيد منها، لتفتح المملكة آفاقًا أرحب لمواطنيها، والمقيمين على أراضيها، وزائريها من العالم أجمع.
الجدير بالذكر أن برنامج الاستدامة المالية كان قد أُغلق في 04 فبراير 2025 كأحد أول برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، بعد تحقيق أهدافه وقدرته على إحداث الأثر المستدام منه من خلال دمج أعماله ضمن عمل الجهات المعنية ذات الارتباط به ليصبح عدد برامج تحقيق الرؤية اليوم 10 برامج.
ووفقاً للتقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 كان البرنامج قد أطلق في عام 2016 تحت مسمى برنامج التوازن المالي، حيث أسس قاعدة قوية لنظام مالي متين وقابل للتكيف، وساهم في تحسين التخطيط المالي، وتعزيز الشفافية، ووضع سياسات تدعم تحقيق ميزانية أكثر توازناً واستدامة، ومع مرور الوقت توسع دوره ليشمل تعزيز الانضباط المالي وضمان القدرة المالية العامة ليصبح أول برنامج من برامج تحقيق الرؤيـة يستكمل تنفيذ خطته، وهناك العديد والعديد من الإنجازات الحضارية التي تحققت بالمملكة خلال فترة وجيزة من الزمن بمجالات عدة قد يصعب حصر جميعها في هذا المقال، والتي شملت الصحة والتعليم والصناعة والاتصالات وتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ومكافحة الفساد والطاقة النظيفة والمتجددة بما في ذلك الفضاء والقضاء، وغيرها من المجالات التي حققت للمملكة مراتب ودرجات عليا عربياً وإقليمياً بل وحتى دولياً.
ولعل من نافلة القول إن رؤية 2030 خطة جريئة قابلة للتحقيق لأمّة طموحة تعبر عن أهدافنا وآمالنا على المدى البعيد، وتستند إلى مكامن القوة والقدرات الفريدة لوطننا، وترسم تطلعاتنا نحو مرحلة تنموية جديدة غايتها إنشاء مجتمع نابض بالحياة يستطيع فيه جميع المواطنين تحقيق أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم في اقتصاد وطني مزدهر.
وقبل الختام بين يديك عزيزي القارئ بعض منجزات الرؤية المباركة:
• تسهيل الحصول على الخدمات الصحية الطارئة خلال 4 ساعات بنسبة تتجاوز 87%.
– خفض معدل وفيات حوادث الطرق سنويًّا إلى 13.5 وفاة لكل 100 ألف نسمة.
– ارتفاع نسبة الممارسين للرياضة مرة واحدة على الأقل أسبوعيًّا إلى 19%.
– ارتفاع نسبة تملّك المساكن إلــى 60%.
– ارتفاع عدد المواقع التراثية القابلة للزيارة في المملكة عام 2020 إلى 354 موقعاً.
– وصول عدد عناصر التراث الثقافي غير المادي المسجل لدى اليونسكو إلى 8 عناصر.
– ارتفاع عدد مواقع التراث العمراني المسجلة في سجل التراث الثقافي الوطني إلى 1,000 موقع.
– أتمتة عملية الحصول على تأشيرة العمرة لتصبح مدة الحصول عليها 5 دقائق فقط.
– إطلاق «التأشيرة السياحية الإلكترونية» التي يمكن الحصول عليها إلكترونيًّا خلال دقائق.
– ارتفاع نسبة نمو قطاع السياحة في المملكة ليصبح الأسرع نموًّا في العالم بنسبة 14%.
– إطلاق أكثر من 2000 فعالية رياضية وثقافية وتطوعيّة، بحضور ما يزيد على 46 مليون زائر.
– تضاعف عدد الشركات العاملة في قطاع الترفيه إلى أكثر من 1,000 شركة.
– خلق ما يزيد على 101 ألف وظيفة حتى نهاية عام 2020 في قطاع الترفيه.
– إنشاء سبع محميات طبيعية ملكية في عامي 2018 و2019 لحفظ الأنواع النباتية والحيوانية.
– تصدر المملكة الإنتاج العالمي لتحلية المياه المالحة بأعلى طاقة إنتاجية بلغت 5.9 ملايين م3 يوميًّا.
– خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بلغ 28 مليون طن سنويًّا.
– الإعلان عن مشروعات عملاقة للمحافظة على البيئة وأحدثها مبادرتا «السعودية الخضراء» و «الشرق الأوسط الأخضر».
– تضَاعُف أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1,5 تريليون ريال.
– نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية لتصل إلى 17.625 مليار ريال.
– إطلاق مشروعات كبرى لتسهم في رفاهية المجتمع وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات العالمية، ومن أهمها: نيوم، والقدّية، ومشروعات البحر الأحمر، وغيرها.
– ارتفاع قيمة ملكية المستثمرين الأجانب في سوق الأسهم السعودي بنسبة 195.9% لتصل إلى 208.3 مليار ريال.
– إنشاء مركز «فنتك السعودية» بهدف فتح الخدمات المالية لأنواع جديدة من الجهات الفاعلة في مجال التقنية المالية.
– تقدم السوق المالية السعودية «تداول» لتصبح واحدة من أكبر 10 أسواق مالية حول العالم.
– تقدم المملكة إلى المرتبة 12 في مؤشر توفّر رأس المال الجريء في تقرير التنافسية العالمية 2020.
– تحقيق المملكة المركز الثالث عالميًّا في مؤشر حماية أقلية المستثمرين.
– تقدم المملكة في تقرير التنافسية العالمي 2020 إلى المرتبة 24 عالميًّا.
– زيادة مشاركة المرأة السعودية في القوى العاملة إلى 33.2%.
– نمو نسبة الناتج المحلي غير النفطي من الناتج المحلي الإجمالي إلى 59% في عام 2020.
– ارتفاع الإيرادات غير النفطية إلى 369 مليار ريال في عام 2020.
– ارتفاع عدد المصانع بنسبة 38% ليصبح 9,984 مصنعاً.
– إطلاق مبادرات رائدة في القطاع الصناعي، منها: إطلاق برنامج «صنع في السعودية»، وبرنامج «شريك».
– حلول المملكة في المركز الأول في التنافسية الرقمية على مستوى مجموعة العشرين.
– تحقيق المركز الأول عالميًّا في سرعة الإنترنت على الجيل الخامس.
– نشر أكثر من 12 ألف برج يدعم تقنية الجيل الخامس وتحقيق المرتبة السادسة ضمن مجموعة العشرين في المؤشر العالمي للأمن السيبراني.
– التوسع في تغطية شبكة الألياف الضوئية حيث غُطي 3.5 ملايين منزل في المناطق الحضرية بشبكات الألياف الضوئية في عام 2020.
– جذب أكبر استثمارات التقنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصفقات تجاوزت ستة مليارات ريال في قطاع الحوسبة السحابية.
– تأسيس المملكة مجموعة أوبك بلس لمنتجي البترول.
– افتتاح أول مشروعات مبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة، وهو مشروع محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء.
– الإعلان عن مشروعات أخرى لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، في مناطق مختلفة من المملكة.
– تركيب أكثر من عشرة ملايين عداد إلكتروني ذكي، في خطوة باتجاه رقمنة قطاع الكهرباء.
– اعتماد تطوير حقل الجافورة العملاق للغاز الطبيعي، واكتشاف خمسة حقول جديدة للزيت والغاز، ومواصلة تكامل قطاعي البترول والبتروكيميائيات.
– وصول عدد الجامعات والكليات إلى 63 جامعة وكلية، في الوقت الذي بلغت فيه البحوث العلمية المنشورة 33,588 بحثاً.
– ارتفاع نسبة الالتحاق برياض الأطفال إلى 23%.
– رفع نسبة التوطين في قطاع الصناعات العسكرية لتصل إلى 8%.
– إطلاق برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية، والترخيص لـ 91 شركة محلية ودولية.
– إصدار أكثر من 197 تشريعاً في مختلف المجالات، شملت أنظمة وتنظيمات ولوائح وترتيبات تنظيمية.
– رفع معدل نضج الخدمات الحكومية الرقمية إلى 81.3%.
– استرداد الخزينة العامة من تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في الأعوام الثلاثة الماضية.
– زيادة نسبة إنجاز محاكم التنفيذ إلى 82%، ونسبة إنجاز محاكم الأحوال الشخصية إلى 59%.
– تعزيز منظومة القضاء المتخصص، وتفعيل التقاضي على درجتين، وتفعيل التقاضي الإلكتروني.
– إطلاق وتوقيع اتفاقيات توطين مع الجهات الإشرافية المختلفة بهدف رفع نسب التوطين في القطاعات نتج عنها توظيف ما يزيد عن 422 ألف مواطن ومواطنة.
– بلغ عدد المسجلين في منصة التطوع 533,950 متطوعاً ومتطوعة.
– توفير السكن الملائم للمشمولين بخدمات الضمان الاجتماعي ومن في حكمهم من خلال تأمين أكثر من 46 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة.
– إطلاق منصة جود الإسكان لإشراك المجتمع في تقديم يد العون العطاء الخيري السكني عبر منصة موثوقة وبالتعاون مع 121 جمعية خيرية.
ختاماً:
رؤية 2030 خطة جريئة قابلة للتحقيق لأمّة طموحة.
إنها تعبر عن أهدافنا وآمالنا على المدى البعيد، وتستند إلى مكامن القوة والقدرات الفريدة لوطننا. وهي ترسم تطلعاتنا نحو مرحلة تنموية جديدة غايتها إنشاء مجتمع نابض بالحياة يستطيع فيه جميع المواطنين تحقيق أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم في اقتصاد وطني مزدهر.
وإذ أضع بين يديك عزيزي القارئ هذا الجهد أؤكد على الوقوف احتراماً وتقديراً لخادم الحرمين الشريفين ولمهندس الرؤية وعرابها وصانعها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
وبعد سنكون في بلدنا المعطاء على موعد مع مستقبل مشرق ومزدهر، يملؤه التطور والابتكار والريادة في مختلف المجالات. بإذن الله، حيث ستكون المملكة العربية السعودية في طليعة الدول التي تساهم في بناء مستقبل أفضل للجميع.