وراء الملابس البالية والوجوه الشاحبة المصطنعة، تمتد الأيادي أمام أبواب المساجد وإشارات المرور بحثاً عن «صدقة» من العابرين. في الأسواق قصص لا بد أن تروى عن أناس أجادوا ارتداء عباءة التسول واللعب على عواطف النساء والرجال والشباب ما يحتم على الجهات المعنية ملاحقة هذه الفئة. وكشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أن الأجانب يشكلون الغالبية العظمي، وأن مهمة متابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم تعنى بها الجهات الأمنية.
التسول في مفهومه العام، ظاهرة قديمة متجددة تطل برأسها بين الحين والآخر متخذاً طرقاً عديدة للانتشار حتى أضحى كأنه عمل منظم تقوم بها جماعات وشبكات تستغل طيبة وكرم المواطنين ودأبهم على الإحسان وفعل الخير، وتتمثل الآثار السلبية للظاهرة في ارتداء بعض المتسولين الزي السعودي في محاولة لكسب العطف وربح التجاوب، فالمعلوم أن الجهات المعنية تتكفل برعاية المحتاجين وإعانتهم والإنفاق عليهم دون تمييز. فظاهرة التسول في بعض الأحيان تصبح مدخلا لارتكاب الجرائم المنظمة. والواقع يشير إلى إن معالجة الظاهرة لا يمكن أن تتحقق إلا بتطبيق نظام المكافحة في نظامه الجديد بالتنسيق التام بين وزارة الداخلية ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في جميع مناطق السعودية.
فرز الحالات
تهدف إدارة مكافحة التسول من مكاتب وزارة الموارد البشرية إلى تحقيق أسس التوجيه والإصلاح السليمة للمتسولين، إذ يوجه ذوي العاهات والعجزة إلى دور الرعاية الاجتماعية للاستفادة من خدماتها، ويحال المرضى إلى المستشفيات المتخصصة، إذ تقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة دون مقابل، أما المحتاجون مادياً فتصرف لهم المساعدات المالية من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية بعد دراسة حالاتهم، كما يحال الصغار والأيتام الذين تنطبق عليهم لوائح دور التربية إلى هذه الدور، إذ توفر لهم الإقامة المناسبة والتنشئة الاجتماعية السليمة، أما المتسولون الأجانب الذين يشكلون نسبة عالية فإن مهمة متابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم تعنى بها الجهات الأمنية المختصة.
وكشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، انها تملك 4 مكاتب تتولى استضافة المقبوض عليه من قبل الجهات الأمنية، ويتم بحث حالة المقبوض عليه في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والصحية مع تقديم الخدمات الاجتماعية الصحية والنفسية والاقتصادية للمواطنين؛ حسب احتياج كل حالة والقيام بالرعاية اللاحقة لهم.
وطبقا للتوصيات، فإنه قد حان وقت إنشاء قاعدة بيانات لتسجيل كل حالة يتم القبض عليها، ورصد كل حالة تقدم لها وزارة الموارد الخدمات المنصوص عليها في النظام.
مراعاة حقوق حسني النية
منحت المادة الرابعة من نظام مكافحة التسول وزارة الداخلية في حدود أحكام النظام مسؤولية التنسيق مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من خلال: دراسة الحالة الاجتماعية، والصحية والنفسية والاقتصادية للمواطنين الذين يتم القبض عليهم، تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية بحسب احتياج كل حالة، وذلك وفقاً للأنظمة والقرارات ذات الصلة، وإرشادهم للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية والخيرية، ومتابعتهم من خلال الرعاية اللاحقة، وإنشاء قاعدة بيانات بالاشتراك مع وزارة الداخلية، وتسجيل كل حالة يتم القبض عليها، وكذلك كل حالة تقدم لها وزارة الموارد البشرية الخدمات؛ وذلك لإثبات حالة امتهان التسول، ونشر الوعي بمخاطر التسول في الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وإعداد الدراسات والبحوث وعقد الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة بمكافحة التسول.
وبحسب النظام، تصادر، بحكم قضائي، جميع الأموال النقدية والعينية التي حصل عليها المتسول، أو التي من شأنها أن تستعمل فيه، فإن تعذر ضبط أي من تلك الأموال؛ حكمت المحكمة المختصة بغرامة تعادل قيمتها وذلك مع مراعاة حقوق حسني النية؛ حيث تتولى النيابة العامة التحقيق في المخالفات الواردة في النظام، وإقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة.
السجن والغرامة والإبعاد
يعاقب كل من امتهن التسول أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده بأي صورة كانت على امتهان التسول؛ بالسجن مدة لا تزيد على 6 أشهر، أو بغرامة لا تزيد على 50 ألف ريال، أو بهما معاً. كما يعاقب كل من امتهن التسول أو أدار متسولين أو حرض غيره أو اتفق معه أو ساعده بأي صورة كانت، على أي من ذلك ضمن جماعة منظمة تمتهن التسول؛ بالسجن مدة لا تزيد على (سنة)، أو بغرامة لا تزيد على 100 ألف ريال، أو بهما معاً. ويبعد عن المملكة كل من عوقب من غير السعوديين -عدا زوجة السعودي أو زوج السعودية أو أولادها- بعد انتهاء عقوبته وفق الإجراءات النظامية المتبعة، ويمنع من العودة للمملكة؛ باستثناء أداء الحج أو العمرة كما تجوز مضاعفة العقوبة في حالة العودة، بما لا يتجاوز ضعف الحد الأقصى المقرر لها.
تواصل الجهات الأمنية في السعودية مهماتها في ضبط المتسولين وتطبيق نظام مكافحة التسول المعتمد في الـ2 من صفر للعام الحالي وتطبيق مواده بقوة وحسم في مختلف مناطق المملكة، وذلك في إطار الحملة التي تقوم بها وزارة الداخلية؛ ممثلة بالأمن العام في مكافحة التسول بمختلف صوره وأشكاله، وحثَّ الأمن العام على الإبلاغ عن المتسولين على الرقم (911) بمنطقتي مكة المكرمة والرياض، و(999) في جميع مناطق المملكة مع التأكيد على أهمية تقديم التبرعات عبر منصات التبرُّع الرسمية لضمان وصولها إلى مستحقيها. وبدأت شرط المناطق في القبض على المتسولين، وإحالتهم إلى جهات التحقيق.