عرف العالم الإسلامي صوت القارئ راغب مصطفى غلوش، عبر صوت المذياع، فهو أحد أعلام القراء البارزين، وكان شديد التعلّق بشيخه مصطفى اسماعيل، فورث عنه طلاوة الصوت. وغلوش من مواليد قرية برما، مدينة طنطا، وفي الرابعة عشرة من عمره ذاع صيته فتوالت إليه الدعوات من القرى والمدن القريبة من قريته، للقراءة في شهر رمضان عام 1953م، وكان عمره (15 عاماً).
اتجه الشيخ راغب إلى قبلة العلم القرآني بمدينة طنطا، فالتحق بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي، وتولّاه بالرعاية الشيخ إبراهيم الطبليهي.
استطاع القارئ الشاب راغب غلوش أن يصنع له مجداً، قبل أن يبلغ الثامنة عشرة حتى جاء حق الدفاع عن الوطن فتقدم للتجنيد عام 1958م وكان عمره 20 عاماً، يقول غلوش: «ونظراً لالتحاقي بقوات الأمن المركزي بالدراسة كنت أتردد دائماً على مسجد الإمام الحسين لأصلي وأتطلع لأن أقرأ ولو آية واحدة بأكبر مساجد مصر والقاهرة وأشهرها، وكنت حريصاً على تقديم نفسي للمسؤولين عن المسجد حتى تتاح لي الفرصة لأقرأ عشراً أو أرفع الأذان في هذا المسجد الكبير، فتعرفت على شيخ المسجد المرحوم الشيخ حلمي عرفة، وقرأت أمامه ما تيسر من القرآن فأعجب بي جداً.. وذات يوم أفصحت له عما أتمناه وطلبت منه أن يسمح لي بالأذان وقراءة عشر قبل إقامة الصلاة، فقال لي: يا راغب إذا تأخر الشيخ طه الفشني فسيكون لك نصيب وتؤذن العصر وتقرأ العشر.. فدعوت الله من كل قلبي أن يتأخر الشيخ طه الفشني وكأن أبواب السماء كلها كانت مفتحة، فاستجاب الله لي وتأخر الشيخ طه الفشني واقترب موعد الأذان فقال لي الشيخ حلمي جهز نفسك واستعد، وقال لملاحظ المسجد خذ راغب علشان يؤذن فأخذني، وأوقفني بجوار الشيخ محمد الغزالي حتى انتهى من إلقاء الدرس بحلول موعد أذان العصر. فكنت أؤذن كما لو أن الشيخ مصطفى هو الذي يؤذن، وكل ذلك وأنا مرتدٍ الزي العسكري الذي لفت أنظار الناس إليّ، وكان هذا في رمضان والصوت في الصيام يكون رحيماً وناعماً وجميلاً عذباً، وقرأت العشر وبدأت بسورة الحاقة فانقلب جو المسجد إلى ما يشبه سرادق في ميدان واندمجت في التلاوة بتشجيع الناس لي، ووصل وقت التلاوة إلى أكثر من نصف ساعة، وعدت إلى المعسكر وفرحتي لا توصف».
دخل الشيخ راغب لامتحان الإذاعة المصرية، فكان من السبعة الناجحين من 160 قارئاً، فزادت ثقته بنفسه، لكونه قطع ثلاثة أرباع المسافة في طريق الوصول إلى الإذاعة واقترب جداً من الدخول بين كوكبة من مشاهير القراء بالإذاعة وكانوا كلهم أفذاذاً ومشاهير وأصحاب شهرة عالية، وخلال أقل من شهر دخل اختبار التصفية وكان التوفيق حليفه فأدى أداءً رائعاً ورأى علامات البشرى في وجوه أعضاء اللجنة، قائلاً «ازددت طمأنينة وثباتاً وثقة بنفسي وزالت الرهبة»، ونسي أنه أمام لجنة امتحان وقدم كل ما لديه من جهد وإمكانات مع الحرص الشديد على الأحكام، وانشغل بإنهاء إجراءات تسليم مهماته وإخلاء طرفه من بلوكات الأمن بانتهاء مدة تجنيده التي لم يتبق عنها إلا 20 يوماً فتم اعتماده قارئاً بالإذاعة، وكان أصغر قارئ بالإذاعة في عصرها الذهبي وذلك عام 1962م.