وهو يغادر العمل السياسي بشكل نهائي، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المليشيات المسلحة بـ«الوقحة والقاتلة»، وذلك بعد ساعات من ارتكابها مجزرة المنطقة الخضراء التي سقط فيها 33 قتيلاً وعشرات الجرحى معظمهم من أنصاره.
وفي تفاصيل المشهد العراقي والأسباب التي دفعت الصدر للاعتزال المفاجئ تكمن بعض الأسرار؛ أبرزها فحوى رسائل إيرانية نقلت إلى الصدر بشكل مباشر تحمل تهديدات صريحة بأن طهران لن تسمح لأي كان بإعاقة مخططاتها في العراق أو الاعتراض على وجود وكلاء وموالين لها، وأنها على استعداد لحرق الأخضر واليابس للحفاظ على ما حققته منذ الإطاحة بالنظام السابق.
وفي رسالة نقلها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى الصدر جاء التهديد أكثر وضوحاً، ومفاده أن أية محاولات لإزاحة إيران عن الملف العراقي ستقود إلى شلال من الدم.
وفي هذا السياق، كشف مرجع عراقي لـ«عكاظ» سر الساعات الأخيرة التي سبقت اتخاذ مقتدى الصدر قراره باعتزال العمل السياسي، مؤكداً أن الصدر أخذ جميع التهديدات الإيرانية على محمل الجد وتعامل معها بقدر كبير من المسؤولية الوطنية وعقد عدة اجتماعات مع أركان تياره العسكري وبحثوا قوة المليشيات التابعة لطهران في العراق عتاداً وعدداً. وأفاد المصدر بأن نتيجة المداولات انتهت إلى أن أية مواجهة مع «عملاء الملالي» ستدخل العراق في أتون حرب أهلية طاحنة. وتحت وطأة التهديد الإيراني وحقناً للدم العراقي، قرر الصدر مغادرة الساحة السياسية ليس خوفاً أو رعباً من هذا التهديد وإنما لحقن الدماء، باعتبار أن أية مواجهة لن تكون متكافئة. واعتبر المرجع العراقي أن انسحاب الصدر من المشهد السياسي من شأنه أن يتيح لإيران عبر وكلائها السيطرة على مفاصل الدولة، محذراً من أن العراق يدخل الآن مرحلة من الفوضى السياسية وفقدان هيبة الدولة وتفاقم الفساد حال تربع «العملاء» على سدة الحكم من خلال تشكيل الحكومة المرتقبة.