فيما أعلنت روسيا بشكل مفاجئ اليوم(الثلاثاء) عودة جزء من قواتها المنتشرة قرب الحدود الأوكرانية إلى قواعدها، لا تزال الدول الغربية تتخوف من غزو روسي وشيك.
لكن صورا لأقمار صناعية أظهرت قيام روسيا بتعزيز وجودها العسكري على طول الحدود. وقال غلين غرانت أحد كبار المحللين في مؤسسة البلطيق للأمن والمتخصص في القضايا العسكرية الروسية لـ«فرانس 24»: «هذه الصور تظهر أكبر خدعة في التاريخ العسكري الحديث أو هي ترجمة لرغبة روسية حقيقية في إظهار درجة استعدادها للقيام بعملية عسكرية ضخمة».
ولم يخفِ تشاؤمه بخصوص إمكانية حدوث حرب بين روسيا وأوكرانيا. ويعتقد أن صور الأقمار الصناعية الجديدة التي نشرتها مؤسسة التصوير الفضائي الأمريكية «ماكسار» تضيف عناصر جديدة مقلقة إلى وضع قاتم أصلا.
لكن هل تسمح لنا التحركات العسكرية الروسية الجديدة كما أوضحتها صور الأقمار الصناعية ماكسار بمعرفة المزيد عن نوايا موسكو؟ «إذا قارنا هذه الصور مع تلك التي التقطت قبل شهرين، فمن الواضح أن الجو العام يبدو أكثر عدوانية ويعطي انطباعا بمستوى أكبر من الاستعداد الروسي»، كما قال تريسي جيرمان المتخصصة في العمليات العسكرية الروسية في كينغز كوليدج لندن. ويعتقد محللون تحدثوا لـ«فرانس 24»، أن انتشار القوات الروسية في كل مكان، من جنوب الحدود إلى شمالها، يمكن أن يؤدي أيضا إلى خلط الأوراق. فموسكو كانت واضحة منذ البداية في إظهار قدرتها على تجميع قواتها سراً؛ ومن خلال توسيع خيارات الهجوم المحتمل، يأمل الجيش الروسي في خداع الأوكرانيين وحلفائهم وتمويه موقع ضربته الأولى.
إلا أن «عسكرة الحدود المفرطة» يمكن أن تكون إشارة إلى عدم احتمال حدوث قتال،، إذ ربما ترغب موسكو في استهداف أوكرانيا أو الناتو. وفي هذه الحالة يجب أن تفكر في الطريقة الأكثر نجاعة وسرعة لإضعاف هذه المنظمة، ولن يكون هذا من خلال غزو أوكرانيا، بل عبر «الحفاظ على مستوى توتر عسكري دائم وقوي على الحدود». وعلى حد تعبير لاعب الشطرنج الشهير آرون نيمزوفيتش، في أحد أعماله الخاصة بنظريات لعبة الشطرنج وهو كتاب «النظام الذي اتَّبِعه»، فإن «التهديد بفعل ما هو أشد وطأة من تنفيذه». ويعتقد أحد المحللين أن الوجود القوي والمتزايد للجيش الروسي على الحدود الأوكرانية قد يكون «طريقة للتلاعب بأعصاب دول الناتو وإجبارها على الكشف عن مواقفها» مضيفا «لقد رأينا بالفعل أن هناك خلافات بين مواقف الدول المنضوية ضمن حلف الناتو، حيث تُظهر الولايات المتحدة وبريطانيا استعدادا أكبر لدعم أوكرانيا عسكريا أكثر من ألمانيا. في حين حاولت فرنسا بمفردها لعب الورقة الدبلوماسية». ولفت إلى أن «الناتو كان يعاني بالفعل من نقاط ضعف في السابق، ومن المحتمل أن روسيا تأمل في أن ينهار الحلف من الداخل إن حافظت على مستوى كافٍ من الضغط».