تُعد العلاقات الثنائية بين السعودية واليونان تاريخية ومميزة ومستمرة، إذ إن العلاقة بين الدولتين لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل تمتد لتشمل التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والدفاعي والأمني والثقافي والسياحي وغيرها من الجوانب.
وكان رئيس وزراء الجمهورية الهيلينية (اليونان) قام بزيارة إلى المملكة في 26 أكتوبر 2021، التقى خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، واتفق الجانبان على بحث إمكانية إنشاء صندوق استثماري مشترك.
ورحب الجانب السعودي بدخول القطاع الخاص اليوناني بشراكة مباشرة مع القطاع الخاص السعودي في مجالات محطات تحلية المياه، ومياه الشرب، وخطوط نقل المياه، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، والسدود في المشاريع الجاري تنفيذها والمشاريع المستقبلية، وتنظيم أنشطة تجارية في المجال الزراعي، لمناقشة إمكانيات الاستثمار في الصناعات الزراعية والغذائية والسمكية والحيوانية.
وشدد الجانبان على تعظيم الاستفادة من أوجه التقاطع بينهما في قطاع الطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية والدوائية، والخدمات اللوجستية.
وتناولت المباحثات، في حينها، مناقشة فرص التعاون المستقبلية بين البلدين لفتح مجالات نوعية للتعاون الاقتصادي وتسهيل التفاعل المستمر بين قطاعي الأعمال السعودي واليوناني، وتمكين الشراكات التجارية والاستثمارية المتاحة في إطار رؤية المملكة 2030، للارتقاء بحجم التبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين، كما تم تأسيس مجلس الأعمال السعودي اليوناني.
واتفقا على العمل لترتيب عقد منتديات استثمار سعودية – يونانية بشكل دوري تجمع عدداً من كبار رجال الأعمال ورؤساء القطاع الخاص من البلدين، وأن تتم الاستفادة من منصة مجلس الأعمال السعودي اليوناني الذي تم توقيع اتفاقية إنشائه بين مجلس اتحاد الغرف السعودية واتحاد الشركات اليونانية (SEV) أخيراً، في تنظيم تلك المنتديات والعمل على تبادل الخبرات في مجال التدريب والتعليم البحري، وتعزيز التعاون بين الإدارات البحرية في مجال بناء وصناعة السفن وتنظيم عمليات نقل الركاب بين البحار.
وفي مجال التعاون الدفاعي والأمني، الذي يعد واسع النطاق ومتعدد الأبعاد، اتفق الجانبان على العمل على رفع مستوى وجاهزية ومهارة قواتهما العسكرية من خلال التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة، والقيام بالتنسيق والتعاون وتبادل الخبرات العسكرية لتحقيق أمن البلدين واستقرار المنطقة، والعمل على توطين التقنية والصناعات العسكرية والمساندة. كما أشاد الجانبان بما تم تحقيقه من تعاون في المجالات الأمنية، ورغبتهما في تعزيز وتطوير ذلك التعاون بما يخدم تحقيق الأمن والاستقرار في البلدين.
وفي قطاع الثقافة، امتاز البلدان بتنوعهما الثقافي العريق، وما يوليه البلدان من جهود بارزة للحفاظ عليه ومشاركته مع العالم، وتنطلق رؤية المملكة 2030 وفق فلسفة جديدة لإحياء التراث العربي والإسلامي في الجزيرة العربية، وتعزيز إسهام السعودية في الثقافة والفنون والحضارة العالمية، وفي هذا الإطار أكد الجانبان على بحث سبل رفع مستوى الحراك والتبادل الثقافي بين البلدين.
القضايا السياسية والدولية
في ظل توافر التفاهم المشترك والتعاون المتبادل، الجانبان السعودي واليوناني متفقان في القضايا السياسية والأزمات في منطقة الشرق الأوسط والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً في ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلام الدوليين، ووقف كافة أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم، كما أنهما ملتزمتان التزاماً تاماً بالقانون الدولي على أساس المبادئ الرئيسية لحرمة الحدود، وسلامة أراضي الدول ذات السيادة، بما في ذلك الحقوق السيادية على مناطقها البحرية وفقاً للقانون الدولي، ولاسيما اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وكذلك التزام جميع الدول بالامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. وقد ثمّن الجانب اليوناني الجهود الكبيرة التي تبذلها السعودية لحفظ الأمن والسلم الإقليمي والدولي.