تشهد نيوم عودة أنواع متعددة من الحيوانات المحلية إلى مواطنها الأصلية، بعد غياب استمر لعشرات السنين، ففي إطار إستراتيجيتها الطموحة لإعادة تأهيل الحياة البرية، نجحت نيوم في إعادة توطين أكثر من 1,100 حيوان تنتمي إلى ستة أنواع مختلفة ضمن محميتها الطبيعية الواسعة.
ويُعدُّ الإنجاز خطوة بارزة نحو استعادة التوازن البيئي في المنطقة، اذ خصصت نيوم 95% من أراضيها للحفاظ على الطبيعة، مؤسِسَة بذلك منظومة بيئية مستدامة، تقوم على إعادة تأهيل الموائل الطبيعية، واستعادة التنوع الحيوي، وتوظيف أحدث تقنيات الرصد البيئي لحماية هذا التراث الطبيعي الثمين.
وأوضحت نيوم أنه عندما أُعيد توطين المها العربي لأول مرة بالمحمية في ديسمبر 2022، شكّل ذلك محطة تاريخية، إذ كانت المرة الأولى التي تطأ فيها هذه الحيوانات رمال شمال غربي المملكة العربية السعودية منذ ما يقرب من 100 عام، وقد انقرض المها العربي من البرية خلال سبعينيات القرن الماضي بسبب الصيد الجائر، إلا أن جهود الحماية في المنطقة أسهمت في زيادة أعداده بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث يعيش اليوم أكثر من 208 من المها العربي في نيوم.
وأكدت أن هذا النوع من الحيوانات متكيف تماماً مع البيئة الصحراوية، إذ يعكس معطفه الأبيض أشعة الشمس، بينما يساعده نظامه التنفسي المعقد في تبريد الهواء الداخل إلى جسمه، والحفاظ على المياه من خلال إعادة تدوير الرطوبة عند الزفير.
وأبانت أن المحمية تحتضن كذلك أكثر من 530 من غزلان الرمال العربية، حيث يُعدُّ غزال الرمال العربي حيواناً صغير الحجم ورشيقاً، يعيش عادة في الكثبان الرملية والمناطق الساحلية المنبسطة في شبه الجزيرة العربية، ويتميّز بسرعته الفائقة، إذ يمكنه الوصول إلى سرعة 100 كيلومتر في الساعة على فترات قصيرة، ولكونه من الحيوانات العاشبة، فإنه يستفيد من الغطاء النباتي الطبيعي الذي عاد إلى المنطقة بعد الحد من الرعي الجائر، واستمرار مبادرة نيوم لإعادة التشجير، التي تم خلالها زراعة 4,7 مليون شجرة وشجيرة وعشبة حتى الآن، كما تحتضن المحمية أيضاً 223 من غزلان الجبال العربية، وهي أغمق لوناً من غزلان الرمال العربية، ويصعب رصدها؛ لكونها تفضل العيش في سفوح الجبال والمناطق الوعرة.
إعادة توطين المها النوبي
أشارت نيوم إلى أنها نجحت في إعادة توطين المها النوبي في المحمية، لتنضم إلى أعداد المها البرية التي عادت طبيعياً إلى المنطقة، والتي كثيراً ما تُرصد عبر كاميرات برنامج المراقبة الخاص بنيوم، كما تعيش المها النوبي في التضاريس الجبلية والصخرية في نيوم، وتُعرف بشكل خاص بقرونها المقوسة المميزة، حيث يتميز الذكور بقرون مقوسة إلى الخلف قد تصل إلى متر واحد، بينما تمتلك الإناث قروناً أقصر ولوناً أفتح، وتُعدُّ المها النوبي بارعة جداً في التسلق، لما تمتلكه من حوافر ذات نعل مطاطي يعمل ككؤوس شفط تساعدها على التنقل على المنحدرات الحادة وتجنب الحيوانات المفترسة مثل الذئاب.
وحول إعادة توطين النعام ذي الرقبة الحمراء، بيّنت نيوم بأن هذا النوع يُعدُّ أكبر وأسرع طائر حي على وجه الأرض، ويصل طول رقبته إلى 2,7 متر، ويزن أكثر من 150 كيلوغراماً، ويعد البيض الذي تضعه إناثه الأكبر بين جميع الحيوانات الحية، حيث يصل طوله إلى 15 سنتيمتراً ووزنه إلى 1,4 كيلوغرام، وسُمي هذا النعام بذي الرقبة الحمراء لأن الذكور تتميز بلون أحمر على رقابها، خصوصاً في موسم التكاثر، حيث تُقدم عروضاً مُتقنة لجذب الإناث.
نعام الرقبة الحمراء تتكيف مع مناخ المنطقة
تتكيف 27 من فراخ النعام ذي الرقبة الحمراء جيداً مع مناخ المنطقة، حيث تتم تربيتها بنجاح في محمية نيوم الطبيعية، وتتغذى على البذور والعشب والأوراق وأحياناً الحشرات أو الحيوانات الصغيرة، وتسمح لها أرجلها القوية بالركض بسرعة تصل إلى 70 كيلومتراً في الساعة، وعلى الرغم من حجمها الكبير، إلا أنها لا تستطيع الطيران.
وإلى جانب ذلك أكدت نيوم أنها نجحت في إعادة توطين «الصقر الوكري»، الذي شوهد آخر مرة في صحراء المملكة قبل أكثر من أربعة عقود، وقد شكل إعادة توطينه في المحمية مناسبة مهمة، إذ يشتهر الوكري بسرعته ومهارته العالية، وتمكنه من الانقضاض على فريسته بسرعة تزيد عن 320 كيلومتراً في الساعة، ويتميز بمظهر ملفت، مع علامات داكنة على صدره وبطنه، وعلامة شارب سوداء مميزة على وجهه الأبيض.
وتأتي عملية إعادة توطين الصقور الوكرية في منطقة بَجّدَة ضمن محمية نيوم في إطار شراكة بين نيوم، ونادي الصقور السعودي؛ وتهدف إلى دعم استعادة أنواع الصقور الأصلية داخل المملكة.