بعيداً عمن سيجلس على كرسي الرئاسة الأمريكية، تبقى العلاقات الإستراتيجية التاريخية بين السعودية وأمريكا قوية ومتينة لا تتأثر في جذورها بالمتغيرات الدولية، وإن اهتزت فروعها قليلاً، فهذا أمر طبيعي في ظل التباين في وجهات النظر تجاه بعض القضايا في المنطقة.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعضيده ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، نجحت السعودية في إعادة ترتيب العلاقة بين واشنطن والرياض في جميع المجالات، وصولاً إلى ترتيبات أمنية وعسكرية هي في المحصلة نتاج طبيعي للعلاقات الإستراتيجية التاريخية بين البلدين، وتفاهمات سياسية تتعلق بقضايا المنطقة، التي تتصدى لها السعودية في المحافل الإقليمية والدولية.
والمراقب يلحظ توافقاً في الرؤى في سياسة البلدين تجاه بعض الملفات الشائكة في المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فأمريكا وإن لم تعترف بفلسطين دولة مستقلة إلا أنها ترى أن السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بحل الدولتين، وهو ما تنص عليه المبادرة العربية التي طرحتها السعودية في القمة العربية التي عقدت في بيروت العام 2002، وما زال صداها يتردد في عواصم العالم وأوساط الشعوب.
وتدعم أمريكا التحركات السعودية وتبارك توجهاتها سواء في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحقوق شعبها، أو الأوضاع في سورية والسودان واليمن وليبيا والعراق وصولاً إلى البرنامج النووي الإيراني، إذ يلتقي البلدان في كثير من اللجان التي تعمل على معالجة الأوضاع في الشرق الأوسط، وبما يحقق سلاماً دائماً يضمن للدول والشعوب حقوقها المشروعة.
وتقدّر أمريكا للسعودية نجاحاتها في مواجهة التطرف والإرهاب على الصعيدين المحلي والدولي، وتعاونها المثمر مع المجتمع الدولي في تقديم المعلومات عن مخططات ومؤامرات تستهدف بعض الدول ما حال دون وقوعها، وهو ما يبرهن قدرات الأجهزة الأمنية السعودية ونجاحاتها في هذا المجال، وهو ما كان محل تقدير أمريكا وكثير من الدول، التي كادت تكتوي بنار الإرهاب والتطرف، والتي تُشيد بالسياسات والإجراءات لتنظيم الجهود في مكافحة التطرف، والقضاء على العوامل التي تغذي الانحراف الفكري، والمشاركة الفاعلة في تأسيس مؤسسات دولية متخصصة في مكافحة التطرف.