أدانت محكمة الاستئناف في جدة مواطناً أحرق وجه زوجته بماء النار بزعم أن شريكة حياته «لا تطيعه وحرمته من رؤية أولاده». وجاء الحكم النهائي بسجن الزوج 10 سنوات وتعويض المعتدى عليها 100 ألف ريال «إرش إصابة» مع التعهد المشدد بعدم التعرض لها قولا أو فعلا.
وطبقا للحيثيات التي اطلعت عليها «عكاظ» سكب الزوج ماء النار على وجه الزوجة ولاذ بالفرار، إذ تطوعت المحامية السعودية في اللجنة الوطنية لرعاية السجناء نجود قاسم بالدفاع عن الضحية على مدى 5 سنوات من المداولات القضائية، مع فريق عمل قانوني ومختصات من جمعية حماية الأسرة، وانتهى ملف الواقعة بالاقتصاص للزوجة المحروقة بحكم نهائي.
«مقدر الشجاج» يحدد نسبة العجز
اطلعت المحكمة على التقرير الطبي بشأن إصابة الزوجة، وتبيّن تعرضها لحروق بالوجه والرأس من الناحية اليسرى والظهر واليدين مع وجود ندبات وتشوهات، وقدرت نسبة العجز بـ 25 %. ولتقدير قيمة الاصابة قررت إحالة الملف لـ«مقدر الشجاج» لتقدير إرش الاصابة، وفي وقت لاحق أفاد «المقدر» أن إرش الإصابة يقدر بنسبة العجز 25 % من دية العمد بمبلغ مائة ألف ريال، وصدر حكم ابتدائي بسجن الزوج خمس سنوات. إلا أن محكمة الاستئناف نقضت الحكم واعتبرته قليلا في حقه كون ما أقدم عليه عمل شنيع. وقررت المحكمة مجددا الحكم بسجنه في الحق العام عشر سنوات، وألزمته بدفع مائة ألف ريال في الحق الخاص تعويضا للضحية عن ما لحقها من ضرر بليغ.
فسخ نكاح واستنجاد بالحماية
اطلعت «عكاظ» على حالة الزوجة المحروقة، إذ تعرضت من زوجها لحرق بالبنزين على وجهها وأجزاء من جسدها تسبب في تشوهها. وكانت جمعية حماية الأسرة باشرت الحالة حيث أفادت الجمعية أن الزوجة الضحية متزوجة من مواطن منذ 25 عاما وأنجبت له طفلين، وقالت الأم في شكواها الأولية أن زوجها غير سوي وسلوكه غير جيد واضطرت إلى طلب فسخ نكاحها منه بسبب سوء عشرته، وقدمت دعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية، كما قدمت لاحقا دعوى جنائية ذكرت فيها أن زوجها حاول قتلها بسكب مادة البنزين عليها وإشعال النار فيها ما تسبب لها في حروق من الدرجة الثانية في الوجه وفروة الرأس والعين والظهر واليدين وتقرر علاجها في وحدة الحروق تحت العلاج والملاحظة الطبية، واطلعت «عكاظ» على تقرير طبي يفيد أن الزوج يعاني من اكتئاب نفسي مزمن لكنه واع ومدرك ولا يعاني من أعراض نشطة للمرض العقلي.
دعمنا الأم وأطفالها
قال رئيس لجنة محامي تراحم المستشار أشرف السراج لـ«عكاظ» إن فريق عمل تشكّل من محامين ومحاميات لمتابعة قضية الضحية أمام المحكمة الجزائية ومحكمة الأحوال الشخصية، وأفاد أنه تم تحرير دعوى في الحق العام والخاص من المحامية نجود قاسم التي بذلت جهودا كبيرة برفقة فريق عمل، لافتا إلى المتابعة المتواصلة من رئيس اللجنة الوطنية المستشار أحمد الحمدان الذي أكد على تقديم المساندة القضائية والعون للمرأة المتضررة وتم توفير سكن لها في البداية ومتابعة وضعها.
60 شهرا تعقيب لملف القضية
قالت المحامية نجود قاسم : الحكم النهائي جاء بعد سلسلة من الإجراءات في القضية والمتابعة أمام المحاكم والنيابة والشرطة والإمارة والمحافظة حتى تم ضبط الزوج الهارب وتقديمه للعدالة بناء على قرار قضائي بجلبه بالقوة الجبرية.
وأضافت قاسم، أن زملاء وزميلات من المحامين شاركوا في دعم القضية ـ وتطوع جميعهم للدفاع عن الزوجة التي لم تكن على علم أو دراية بحقوقها. مؤكدة أن القضاء قال كلمة الفصل واقتص من الزوج في الحق العام والخاص. وقالت إنها عاشت متاعب كثيرة، إذ إن القضية كانت شائكة ومعقدة ومتداخلة وفيها كثير من المصاعب.
كما أن القضية تخللتها في البداية جائحة كورونا وجرت متابعة التقارير الطبية الصادرة بحق الزوجة مع عشرات البلاغات والمذكرات والمراجعات للجهات المختصة وصدر حكم ابتدائي وتم الاعتراض عليه حتى صدر حكم نهائي بات نافذا.