تجلّل فضاء محافظة المخواة، ظهر أمس الإثنين بالسواد، وخيّمت غيوم حُزن قاتمة على الوسط التربوي، والمجتمع الأهلي في تهامة الباحة وسراتها وباديتها، لفقدها نموذجاً من المعلمين الوديعين، المُزكّى بحُسن الخلق من زملاء المهنة، والمعارف والأصدقاء.
واستعادت قرية (الحليمة)، في وادي ممنا؛ سيرة عطرة وملامح رجولة ابنها (سعيد) الذي عرفته من طفولته، وكان له من اسمه نصيب، فسعيد اسم على مسمى، ومكمن سعادته في إسعاده الآخرين، وخدمة كل من يقصده، والقيام بالواجبات الاجتماعية، والحرص على المواقف الإنسانية، ومقابلة الجميع بوجه بشوش، وابتسامة نقيّة.
أنهى معلّم التربية الرياضية (سعيد علي حسين ٤٥ عاماً)، يومه الدراسي الحافل في مدرسة عمر بن عبدالعزيز بوادي ممنا في محافظة المخواة؛، واختتم دوام يوم الإثنين بأداء صلاة الظهر مع زملائه، وودّعهم بابتسامته المعهودة، مؤملاً تجدد اللقاء بهم في صباح غدٍ الذي لن يأتي، وانطلق بسيارته عند الساعة الواحدة ظهراً، عائداً لمنزله في حي القفيل بالمخواة، والأمل يحدوه بلقاء أسرته المكونة (من زوجة تربوية، وثلاثة أبناء وابنتين، ومتحفزاً لمزيد العناية بوالديه، ولم يكن على علمٍ بأن الأقدار؛ تحبك له على الطريق مشهد النهايات؛ على يد (مُعتل نفسياً) صبّ عليه وابلاً من الرصاص، فأرداه قتيلاً، مغتالاً ابتسامة (أستاذ) لطالما حسدته الصباحات عليها.
قضى المعلم سعيد نحبه على مسار أداء الواجب الوظيفي والوطني والأخلاقي، واشتعلت النيران في سيارته إثر إصابة خزان الوقود بالطلقات، والتهمت أجزاء من الجسد لتكتب له بإذن الله (شهادة) وتناقلت الوسائط المشهد المأساوي والفاجع، ولم يكن مستغرباً أن يحضر شقيق القاتل للشرطة منتحباً ومديناً الفعل الغادر، ومستعيداً مآثر جمّة سمعها الجميع إلا سعيد. ونقلت مصادر لـ«عكاظ» أن الجاني متقاعد، وتفاقمت معاناته النفسية بدخوله في أزمة مع زوجته، التي قررت الانفصال عنه، ما أدخله في دوائر الشكوك وسوء الظن، واتهام محيطه بتخبيبها عليه.
وباشرت شرطة المخواة الحادثة، وقبضت على الجاني وأحالته إلى النيابة العامة.
فيما شكلت الجريمة صدمة للمجتمع المحلي والتربوي الذي أشاد أفراده بدماثة خلق المجني عليه، كما أعربوا عن استنكارهم للحادثة البشعة.