تيشينغ هسيه: تجربة العيش في قفص لمدة عام كامل

تجربة تيشينغ هسيه: فن الأداء في قفص

في عام 1978، قرر الفنان الجريء تيشينغ هسيه أن يخوض تجربة فنية غير مسبوقة، حيث عاش داخل قفص صغير بمساحة 911.5 قدم لمدة عام كامل. تخيل نفسك محاصرًا في مكان ضيق كهذا دون أن تتحدث أو تقرأ أو تكتب! نعم، لقد كان هذا هو الواقع الذي اختاره هسيه لنفسه.

القفص في Dia Beacon: رحلة عبر الزمن

بعد مرور أكثر من 45 عامًا على تلك التجربة الفريدة، يعرض متحف Dia Beacon في نيويورك هذا القفص كجزء من استعراض شامل لمسيرة هسيه الفنية. القفص يحتوي على أشياء بسيطة استخدمها خلال تلك السنة مثل الصابون ومعجون الأسنان، مع علامات عدد الأيام التي قضى فيها داخل القفص محفورة على جدرانه، وكأنها تقويم شخصي يروي قصة صمود وإصرار.

حرية نفسية رغم القيود

ربما تتساءل كيف يمكن لشخص أن يشعر بالحرية وهو محبوس بين أربعة جدران؟ بالنسبة لهسيه، كان الأمر يتعلق بالحرية النفسية. فقد كان يتجول داخل المساحة الصغيرة وكأنه في شارع مفتوح، مما يعكس صراعه الداخلي بين الحرية والاحتجاز. إنه درس عميق حول كيفية إيجاد السلام الداخلي حتى في أصعب الظروف.

حياة هسيه.. فن بلا حدود

لم تكن هذه التجربة الوحيدة لهسيه التي تتحدى الحدود الشخصية والجسدية. فقد قدم عدة أعمال أداء فني تركز على فرض قيود صارمة على حياته اليومية. إحدى تجاربه كانت الضغط على ساعة الحضور كل ساعة لمدة عام كامل! كما عاش عامًا آخر مربوطًا بحبل مع فنانة أخرى، مما يبرز التزامه العميق بفنه وتحديه للروتين اليومي.

الانسحاب والغياب: قرار جريء

في عام 1986، اتخذ هسيه قرارًا مثيرًا بالتوقف عن صنع الفن للعلن لمدة 13 عامًا. كانت هذه تجربة فريدة من نوعها عن الانسحاب والغياب، والتي تمثل جزءًا مهمًا من فلسفته في العمل والحياة. ربما أراد بذلك أن يستكشف جوانب جديدة من ذاته بعيدًا عن الأضواء.

إحياء التراث الفني وتقدير الوقت

واجه هسيه تحديات كبيرة في عرض أعماله بسبب وضعه كمهاجر غير موثق وصعوبة تصنيف أعمال الأداء الخاصة به. لكنه استطاع أخيرًا أن يجد مكانًا دائمًا لأعماله في Dia Beacon. يرى هسيه أن كل يوم هو فرصة ثمينة لنا جميعًا وأن عمله يساعدنا على إدراك قيمة الوقت الذي نملكه.

“كل لحظة هي جزء من حياتنا”. بهذه الكلمات يختتم تيشينغ هسيه حديثه مؤكدًا استعداده للمضي قدمًا بهدوء وتقبل لما تبقى له من حياة.