Connect with us

ثقافة وفن

هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟

رصد متابعون لأسواق الكُتب بوصلة القارئ المعاصر، وهي تشير نحو الآداب المترجمة إلى اللغة العربية من لغات أخرى، خصوصاً

رصد متابعون لأسواق الكُتب بوصلة القارئ المعاصر، وهي تشير نحو الآداب المترجمة إلى اللغة العربية من لغات أخرى، خصوصاً اللغات اللاتينية، ولا يستبعد نقاد وورّاقون، رجحان كفة الأدب المترجم بكفّة الأدب العربي بمبررات موضوعية، وهنا نستجلي رأي أهل الاختصاص؛ لتفسير أسباب الميل نحو بضاعة من كل البلاد، على حساب لغة الضاد، وكيف يمكن أن تظلّ لغتنا العربية حاضرة في المرتبة الأولى دون عنصرية..

الناقدة الدكتورة الريم مفوّز الفوّاز أوضحت أن سؤالاً كهذا يفتح باباً واسعاً للنقاش حول مكانة الأدب العربي مقارنةً بالآداب المترجمة، ويمكن النظر إليه من زوايا عدة: الإبداعية، والجماهيرية، والتأثير الثقافي، مؤكدةً أن الأدب العربي، قديمه وحديثه، يزخر بأعمال أدبية عظيمة أثّرت في الثقافة الإنسانية، من شعر الجاهلية إلى الرواية العربية الحديثة، ومع ذلك، فإن الأدب المترجم يُدخل القارئ العربي إلى عوالم جديدة، ويُعرّفه بتيارات فكرية وأدبية مختلفة، هذا لا يعني أن الأدب المترجم يتفوّق، لكنه يثري التجربة الأدبية، مشيرةً إلى زيادة شعبية الأدب المُترجم في العقود الأخيرة، خصوصاً في الرواية. ولفتت إلى أنه من حيث تفضيلات القرّاء هناك من يفضّل قراءة الأدب العربي، لما فيه من تعبير أصيل عن الثقافة والهوية، فيما هناك من تفتح له الآداب المترجمة نافذة على العالم. مضيفةً أنه لا يمكن إنكار أن بعض القرّاء يرون أن الرواية العربية الحديثة تعاني من التكرار أو عدم التجديد مقارنة بالأعمال المترجمة، وعليه، فالأدب المترجم لم يطغَ على الأدب العربي بقدر ما أصبح منافساً مؤثراً. إلا أنّ الأدب العربي ما زال قويّاً وله مكانته، والمستقبل يعتمد على مدى قدرة الأدباء العرب على التجديد والتفاعل مع القارئ العصري.

وترى الفوّاز أنّ كفّة الأدب المترجم ربما تكون راجحة على مستوى الانتشار والشعبية، إلا أنها لا تلغي أهمية الأدب العربي الذي يظلّ ركناً أساسياً في الثقافة والهوية، فالمسألة ليست منافسة بقدر ما هي تكامل بين المحلي والعالمي، فيستفيد الأدب العربي من الترجمة، ويقدّم هو أعمالاً تستحق العالمية.

أما الكاتبة سهام حسين القحطاني فأرجعت التزاحم الشعبي على «الروايات المترجمة» خصوصاً أكثر من الأدب العربي، إلى أسباب منها: الرغبة في اكتشاف عوالم مختلفة عن واقعه المحليّ، ونضوج التجربة الأدبية المترجمة وتنوعها، واهتمام الروايات المترجمة بالتجارب الموجهة لفئة المراهقين، والأسلوب السلس والرشيق للمترجمين، وتطور الصورة والأفكار الأدبية للرواية المترجمة، والانفتاح الثقافي، وسهولة الوصول إلى الرواية المترجمة، لافتةً إلى أن نفور الفئة الشعبيّة من القارئين من الرواية العربية يعود إلى الأفكار المستهلكة، وعدم التنوع، وكلاسيكيّة الصورة الأدبيّة، وعدم خبرة الرواية العربية في تقديم تجارب أدبية تتفهم احتياجات القارئ الأحدث، وتراعي الفئة الأكبر من القارئين، إضافة إلى غياب جاذبية وإبهار التجربة الأدبية التي تقدمها الرواية العربية، والتي تجعلها خارج الصلاحية الزمانية للأجيال الجديدة.

من جانبها، أوضحت سارة الزين، مديرة لإحدى دور نشر، أنّ الأدب العالمي المترجم حاز على اهتمام عربيّ واسع في الساحة، وحظي باندفاع كبير من أجيال متلاحقة، لاقتناء أبرز الأعمال وأهمّها بعين ناقدة، ونظرة موضوعية، مؤكدةً أنه لا يمكن ترجيح كفّة على أخرى، ولا تقاس قيمة الأعمال بالمبيعات وبعدد الواردين لها، بل بما فيها من قيمة وأثر وإرث فكري وحضاري تتناقله الأجيال، موضحةً أنّ لكل أدبٍ قيمته التي لا يضاهيها أدب آخر، وبما أنّ الإرث اللغوي البلاغيّ العربيّ هو إرثٌ عظيم وكبير، فهو بعين صاحبه لا يُقاس بأي ميزان كان.

من ناحيته يرى الناقد حامد بن عقيل أن الترجمة تكون عن لغات عدة، متنوعة ومنفتحة على تلبية ما يبحث عنه المترجمون والناشرون، وتنشط في مواسم محددة، بحسب إيمان القائمين على الشأن الثقافي بأهميتها. وعدّه أمراً جيداً، إلا أنها مجرد نصوص متوفرة بغير لغتها الأصلية. وأضاف: وبغض النظر عن اللبس في المحور الذي تطرحونه حول مفردة «رجحت»، إذ لا يمكن الجزم بأن هذه المفاضلة تستهدف الكم أم تستهدف الكيف؟ إلا أن هذا التساؤل يطرح أسئلة ضمنية عدة، منها المحتوى وعدد ما يتم إنتاجه، والمهنية في الكتابة الإبداعية أو النقدية العربية، وما يقابلها من مترجمات اللغات الأخرى.

وأضاف: بقي أن أشير إلى أن إضافة المزيد من مثل هذه التساؤلات حول هذا المحور تحديداً، ربما يكون موضوع ملتقى أو محاضرة عن الترجمة وأثرها وعلاقتها بالأدب العربي وتاريخه.

أخبار ذات صلة

ويرى الوكيل الأدبي عبدالله البطيّان أنه من حيث المبدأ ربما يكون الأدب العربي القديم هو القياس الراجح لتحديد مدى تلك المساحة للقراء، إلا أن إشكالية عدم وجود ضوء إعلامي هو الذي يحد من رجوح الكفتين، ويرى أن الأدب الحديث رغم أنه امتداد، إلا أن المنتج يقع تحت حركة الإعلام والاقتصاد أي أن التسويق له أثر والنشر هو الوجهة التي تعيق الناشر من ناحية الدواعي الاقتصادية التي يحتاج توفرها في الكتاب، وكذلك ضابطة حركة نشاط المؤلف ومدى تسويقه لإنتاجه، وذهب إلى أن اعتماد المؤلف على دار النشر في الأخذ بيده للنجاح يخلّ بالالتزام التكاملي، فهناك مسؤولية على الكاتب، ولا ينبغي أن يكتفى بتسليم العمل للناشر، ويؤكد أن أي ظاهرة لا يحكم عليها من حيث الإنتاج والمقارنات إلا عندما يُظهر الإعلام أرقاماً تحدد وتحصي وتوضح. وأضاف: دوري، باعتباري وكيلاً أدبياً، إقناع الجهات ذات العلاقة بالإنتاج، وأبادر ولو جزئياً في توفير متابعة إعلامية تظهر حركة الترجمة، إلا أن الإحصائية الفعلية، التي يمكن الاعتماد عليها غير متوفرة، عدا ما يُعلن من خلال مبادرة «ترجم» خلال ثلاث مواسم خلت. شدد على أن الكتاب العربي عموماً والسعودي خصوصاً حاضر في ظل ما تقدمه الدولة لقطاع الترجمة لدعم الكتاب السعودي ورفع الذائقة السعودية بنقل الأدب الأجنبي للغة العربية بما يتناسب مع معايير القيم الإنسانية في المملكة.

ويذهب الوكيل الأدبي حاتم الشهري إلى أن القارئ العربي لم يعد كما كان في الماضي مأسوراً بجغرافيا الأدب أو محصوراً في إطار ثقافي ضيق، كون زمن العولمة والانفتاح المعرفي بات يبحث عن الفكرة العميقة والتجربة الإنسانية الصادقة بصرف النظر عن لغة الكاتب أو جنسيته. موضحاً أن الأدب المترجم من لغات عالمية لم يطغَ على الأدب العربي بل أضاف إليه ووسع أفق القارئ حتى أصبح أكثر وعياً وانتقائية لا تستهويه جنسية الكاتب بقدر ما يجذبه عمق المحتوى وأصالته. وأضاف: وفي السابق ربما كان الأدب العربي في صدارة المشهد لدى القارئ العربي إما بحكم العاطفة والانتماء أو نتيجة ضعف حركة الترجمة، مشيراً إلى أن الأمور تغيرت وأصبحت المنافسة شرسة، فالأدب المترجم، منح القارئ فرصة الاطلاع على مدارس وأساليب جديدة، وأتاح له المقارنة بين إبداعات العالم، وإنتاجنا العربي. وأكد: مع ذلك لم يفقد الأدب العربي مكانته، بل تطور ليواكب هذا الانفتاح وأصبح أكثر تنوعاً وجرأة.

فيما أوضح الكاتب والمترجم هشام الوكيلي أن الأدب المترجم ينقل إلينا نتاج الأمم ويضخ في لغتنا جينات جديدة تمنعها من عاهات التزاوج اللحمي. وشبهه بظاهرة الاستنواع الجيني الصحّي في الطبيعة، بما يستنبت في اللغة فكراً ورؤى جديدة ويعلّق الجسور بين الثقافات، وأضاف: لا يمكن الحديث عن أدب عالمي دون ترجمة، خصوصاً أن الأدب المترجم أسهم في انتشار أنماط أدبية جديدة في العالم العربي (الرواية والقصة القصيرة) تحديداً، وفتح النقد الأدبي على مدارس جديدة (البنيوية، التفكيكية إلخ) مؤكداً أن الأدب العالمي المُترجم هو أقْصر طُرق للتنوير المعرفي والثقافي، وتتقلص المسافة أكثر كُلّما اتسعت الهُوَة بين مصادرِ الضوء والمساحات المُظلِمة، فيما عدّ الظاهرة الأهم التي صنعها الأدب المترجم في نظري هو أنه شكّل لنا مرآةً نرى من خلالها أنفسنا ورافداً حرّك مياهنا الثقافية نحو الأفق الإنساني.

المترجم متعب الشمري: التسويق وزيادة عدد المترجمين خلق رواجاً

أكد المترجم متعب بن فهد الشمري أن ذهاب البعض إلى أن الأدب المترجم لاقى رواجاً كبيراً في الوطن العربي في العقود الأخيرة خصوصاً منذ حقبة السبعينات من القرن الماضي وبشكل تصاعدي. ولفت إلى أن الانفتاح على حضارات البلاد الغريبة في السابق أصبح مطلباً ملحاً من قبل القراء في الأعوام الأخيرة خصوصاً الشباب منهم، لعوامل عدة أسهمت في تصاعد هذه الميول لدى الشباب، منها ازدياد عدد العاملين في حقل الترجمة بعشرات الأضعاف مقارنة بالأجيال الأولى من كبار المترجمين، إضافة إلى ظهور دور أولت اهتماماً بنشره، بل إن بعضها أصبح مختصاً بنشر الأعمال المترجمة حصراً في ظل المبادرات الترجمية من الجهات الحكومية لتلك الدور لدعم الحركة الترجمية ورعايتها، ما فسح مجالاً لانتشار الكتاب المترجم، الذي يحظى بالتسويق الإعلامي والإلكتروني خصوصاً الأعمال الأدبية العالمية، لافتاً إلى دور العمل السينمائي في الترويج للكتاب في حال اقتباس القصة من رواية، وظهور التوصيات القرائية، وسهولة الوصول إليه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي غدت العامل الأكبر في اختيار الكتب والتشجيع على اقتنائه، إضافة أن هذه المواقع تسوّق للمنتج المترجم، فيما يفتقده الكتاب العربي التقليدي. حتى أن أعمال أولئك الكتّاب الشباب ممن يؤلفون بالعربية لم تخلُ من أساليب لغوية وبلاغية هي في الأساس تدخل في منظومة الأجناس الأدبية الغربية وثيماتها، مثل أدب الرعب والفانتازيا ومصاصي الدماء والخيال العلمي، وهذا كله لمجاراة الأعمال الغربية الجديدة.

Continue Reading

ثقافة وفن

مصر.. انهيار عمارة «نور الشريف».. وسقوط ضحايا

شهدت منطقة السيدة زينب بمدينة القاهرة، في الساعات الأولى صباح اليوم (الأربعاء)، حادثاً مأساوياً عقب انهيار عقار

شهدت منطقة السيدة زينب بمدينة القاهرة، في الساعات الأولى صباح اليوم (الأربعاء)، حادثاً مأساوياً عقب انهيار عقار سكني مكون من 7 طوابق، وهو عقار قضي فيه الفنان الراحل نور الشريف سنوات طفولته.

وتلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة بلاغاً من الأهالي يفيد بحدوث انهيار كامل لعقار مأهول بالسكان في شارع محمد عنايت بمنطقة السيدة زينب.

وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية وسيارات الدفاع المدني والإسعاف إلى مكان الحادث لإزالة الحطام والركام الناتج، وتم فرض طوق أمني حول مكان الواقعة، ونقل المصابين إلى المستشفى وانتشال جثامين الضحايا.

وكشفت المعاينة الأولية عن وجود ضحايا تحت الأنقاض، ونجحت قوات الحماية المدنية في استخراج 7 بينهم وفيات من أسفل العقار، وتم نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج، وانتشال جثامين المتوفين ونقلهم إلى ثلاجة المستشفى، وتواصل فرق الإنقاذ عمليات البحث لانتشال بقية المفقودين تحت الأنقاض.

وتبيّن أن العقار شهد طفولة الفنان الراحل نور الشريف، الذي فقد والده في سن مبكرة ونشأ تحت رعاية أعمامه في هذا المنزل العريق، وفي عام 2021 طالب المخرج محسن أحمد بإطلاق اسم «نور الشريف» على المبنى تكريماً وتوثيقاً لمسيرته وتراثه الفني.

ومن جانب آخر، انتقل محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر إلى الموقع لتفقد عمليات إنقاذ المصابين واستخراج المتوفين، وإزالة الحطام والركام الناتج عن الانهيار.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

ما سبب المطالبات بسحب الجنسية المصرية من هند صبري؟

حالة من الجدل وموجة انتقادات أثيرت حول الفنانة التونسية هند صبري خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما تداول البعض

حالة من الجدل وموجة انتقادات أثيرت حول الفنانة التونسية هند صبري خلال الأيام القليلة الماضية، بعدما تداول البعض منشورات لها تدعم من خلالها قافلة الصمود المتجهة من تونس إلى قطاع غزة عبر الأراضي المصرية، ما اعتبره البعض تجاوزاً للموقف الرسمي المصري وأصبح الأمر حديث «السوشال ميديا».

واشتعلت الأزمة عندما تم تداول منشور لهند صبري عبر حسابها الشخصي بمنصة «إنستغرام» تؤيد فيه قافلة كسر الحصار المتجهة من تونس إلى غزة تحت عنوان قافلة الصمود، تلك المبادرة التي لاقت تفاعلاً واسعاً في العالم العربي وانقسمت الآراء فيها بين مؤيد ومعارض للفكرة.

وإثر انتشار تصريحات هند صبري حول تأييدها قافلة الصمود، هاجمها عدد كبير من الجمهور المصري، إذ اعتبر البعض تصريحاتها تجاوزاً واضحاً للموقف الرسمي المصري، ووصل الأمر إلى مطالبات بسحب الجنسية المصرية منها، وشطبها من نقابة المهن التمثيلية في مصر.

وفي منشور مثير للجدل على منصة «فيسبوك»، انتقد الدكتور أشرف صبري والد الفنانة ياسمين صبري، تصرفات هند صبري، وكتب: «تخيلوا أن الممثلة التونسية التي اشتُهرت في مصر تدعم القافلة ضد رأي الشعب المصري وحكومته، هؤلاء هم الأشخاص الذين نرفعهم، بينما يحقرون آراء المصريين».

وطالب أشرف صبري، بسحب الجنسية المصرية منها وترحيلها من مصر، موضحاً في منشوره: «أطالب بترحيلها وفصلها من نقابة الممثلين»، كما اعتبر دعمها للقافلة «جحوداً واضحاً» تجاه الدولة المصرية التي احتضنتها فنياً ومنحتها الفرصة للظهور، لافتاً إلى أن ما قامت به يعد إخلالاً بالاحترام الواجب للدولة التي تعيش وتعمل فيها.

في المقابل، دافع آخرون عن الفنانة هند صبري، مشيرين إلى أن دعمها يعد تحركاً إنسانياً وليس سياسياً، وكان من بين المدافعين عنها المخرج يسري نصرالله، وكتب عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك»: «هند صبري حبها لمصر وللمصريين صعب جداً أي حد يشكك فيه، جوّ إرهاب كل من يختلف معك، هو أكبر إساءة ممكن توجهها لمصر وللمصريين».

ووصف الناقد المصري طارق الشناوي الحملة على الفنانة بقصة وهمية، مضيفاً أنها محاولة لاغتيالها معنوياً، معلقاً عبر منصة «فيسبوك»: «واثق أن كل الأوراق سيتم فضحها».

ومن جانبها، لم تُصدر هند صبري حتى الآن أي رد مباشر على الهجوم ومطالبات ترحيلها من مصر التي أصبحت حديث «السوشال ميديا».

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

ميلا الزهراني هل تراهن على الاستمرارية أم يخدعها توهج المرحلة؟

منذ بروزها في المشهد الفني قبل نحو سبع سنوات، تواصل ميلا الزهراني، شقّ طريقها مُمَثِّلةً تحفر مكانها بهدوء، بعيداً

منذ بروزها في المشهد الفني قبل نحو سبع سنوات، تواصل ميلا الزهراني، شقّ طريقها مُمَثِّلةً تحفر مكانها بهدوء، بعيداً عن المبالغات الإعلامية أو الاندفاع نحو الأضواء. ما يميزها برأيي ليس فقط عدد الأعمال التي شاركت بها، بل الأسلوب الذي تؤدي به أدوارها: حضور فني ينتمي إلى ما يمكن وصفه بـ«السهل الممتنع»، إذ تبدو الشخصيات التي تؤديها قريبة، صادقة، غير مفتعلة، لكنها في العمق تحمل طبقات من التعبير والانفعال تلامس جوهر الموقف الدرامي دون أن تصرخ فيه.

هذا الأسلوب، جعلها تحظى بثقة عدد من أبرز المخرجين السعوديين، وفي مقدمتهم هيفاء المنصور التي منحتها بطولة فيلم «المرشحة المثالية»، وهو أول فيلم سعودي يُنافس في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا 2019م.

تجربة كهذه لم تكن مجرد محطة دولية لميلا، بل فتحت أمامها أفقاً احترافيّاً عزّز من وعيها السينمائي، وجعل النقاد يلتفتون إلى إمكانات ممثلة لا تزال في طور التكوين رغم السنوات الماضية، لكنها تعرف كيف توظّف تلقائيتها في خدمة الدور وتتقدم بشكل محسوب.

في فيلم «هوبال» مثلاً، وضمن تركيبة بطولة جماعية، أثبتت ميلا، أن وجودها لا يحتاج إلى مركزية الشاشة لتُرى، بل يكفي أن تدخل المشهد حتى تستقر في الذاكرة. هذا النوع من الحضور الناضج فنّاً يشي بموهبة لديها أكثر، ولم تقل كلمتها بعد، لكنها تقولها كل مرة بطريقتها الخاصة: دون صخب، ودون اصطناع.

رغم توهجها النسبي في الفترة الأخيرة، تظل ميلا ممثلةً في طور التشكُّل، ويبدو أن ما حققته حتى الآن ليس سوى بدايات ناضجة. ولعل الرهان الأكبر عليها لا يكمن في ما قدمته، بل فيما يمكن أن تقدمه إذا ما حافظت على وتيرة استمرارية مدروسة، وإذا ما واصلت صقل نجاحاتها عبر الاحتكاك بخبرات عالمية، واختارت أدوارها بعناية لا تقلّ عن صدق أدائها.

في هذه الحالة فقط، لن تكون ميلا مجرد وجه مألوف في المشهد السعودي، بل قد تصبح واحداً من ملامحه الرئيسية نحو سينما سعودية أكثر نضجاً وامتداداً.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .