Connect with us

ثقافة وفن

«مِشقَة».. قراءة في تفاصيل الرحلة

بعض الباحثين في الفنون البصرية وتحديدا في الفنون التشكيلية، يرون ضرورة استدعاء التراث غير المادي كما هو دون زيادة

بعض الباحثين في الفنون البصرية وتحديدا في الفنون التشكيلية، يرون ضرورة استدعاء التراث غير المادي كما هو دون زيادة بحجة فهم الحاضر والنظر إليه بموضوعية انطلاقًا من تداعياته وسياقه المعرفي وأهميته التاريخية والمجتمعية.

ويؤكدون بأن التعامل العقلاني معه والتوجه إليه يأتي وفق شروط وآليات المعطى العصري وتعزيز هذا الخطاب الفني وتكريسه وربطه بالهوية وتشكيل علاقة مهمتها استكناه تفاصيل الحالة والدلالات المرتبطة بالذاكرة المتطايرة التي لم يقبض منها إلا على الشيء اليسير نتيجة لطمر خزان الذكريات والمعرفة والتوثيق في حينه، بدليل أنه لم يتبق لنا إلا لقاءات بسيطة تتعقب الأثر، برغم صعوبته عبر الأزمنة المتلاحقة يتم فيها جلسات المداولة لمجموعة من الفنانين لديهم إصرار على مسميات تراثية لعناصر القط يرون بأنها وثائق تأريخية ولدت من رحم هذه الفنون ودليلهم في ذلك بعض الشفاهيات التي سمعوا بها واطلعوا عليها من خلال بحثهم الشخصي وتوثيقهم المضني لها، وآخرون يعتمدون المواءمة العصرية في المقاربة بين الكائن والممكن وما سيكون..! مستندين في ذلك على نظرية التوقع والنزعة التخيلية في هذا المضمر التشكيلي الباذخ من خلال الكشف عن بعض التداعيات البصرية التي تفرضها طبيعة الموقف، باعتبار أن لا دراسات منهجية وبحثية حثيثة حققت في هذا الاتجاه.

في معرض «مشقة» الأخير وفي نسخته الرابعة ورحلته المترعة بالجمال وبنزعته الأزلية الذي أقيم في العاصمة السعودية الرياض في الفترة السابقة، طوع الفنانون المبدعون المشاركون في المعرض الخماسي (محمد شراحيلي، ماجد عسيري، محمد شايع، إبراهيم الألمعي، عبدالله الألمعي) أدواتهم ومفرداتهم التشكيلية وتجاربهم البصرية الملهمة لتضمين هذه القيم التراثية لصالح رؤيتهم ورسالتهم تجاه الفن بشكل عام والفن التشكيلي بشكل أكثر خصوصية، ولذلك شكّلت معظم هذه الأعمال المشاركة بتفاصيلها ومفرداتها وثيقة تاريخية ومرتكزا رئيسيا من خلال حالة النكوص والحيلة الإبداعية والنزعة الفطرية والتمرد الإيجابي وقدرتها على التماس مع طبيعة الحياة والبيئة والتي انطلق منها الزملاء في هذا المعرض عبر بناء تشكيلي وسياقات غير متناهية من النظم الفكرية والفنية والدلالية والوعي بالمضمون في مرحلة ما بعد الرحلة، وإدراك الجمالية المتصلة بالرسوم البصرية في الفن الحديث والمعاصر وصراخات متواصلة في نحت الفضاء متصلة بالتطورات التي تحاول نقلها كنتائج ثقافية غير متكلسة بغية كتابة وتعميق التجربة الشخصية القديرة التي تتكئ على عنصري المخيلة الإبداعية للفنان بمنطقة عسير واستلهام التراث بما يحمله من علامات وإشارات تراثية منغمسة في حقيقة الأرض كمشهد تصوري تجسيدي ولوحة فرجوية بصرية تستنطق المكان والوجدان وتتعلق أحيانا بالأساطير والقصص المتداولة، كما هو مثلا في سنابل الذرة والبلسنة والتعذيق في القط والإشارات المتعلقة بها التي ربما تتجه إلى الخصوبة والرزق، وبعض الرموز الأخرى كالأمشاط والمحاريب والعساكر التي قد تشير للرجولة والشجاعة واستدعاء المنازل كقيمة تاريخية شامخة وتوظيف الخيل العربي برمزيته الخالدة التي فتحت المجال في المجمل لأن تكون الفنون التشكيلية من خلال اللوحات المشاركة الشاملة اللافتة في استدعاء الموروث الثقافي الطبيعي والتأثيري، وبالتالي قد تصبح معادلة لمسألة المعاصرة في حدود التجربة التشكيلية المقدمة، لاسيما أنها تجمع في طياتها مفهوم التراث/‏ الهوية الفنية بعيدا عن الالتزام بمصطلح الأصالة الفنية المقوّلب الذي يعيد نفسه ويرفض الذهاب للأفق بما يحمله من أسئلة وارتباطات تتمسك بروح تقليدية مزعجة.

وهذا ربما أنه هدف أعلن عنه الأحبة الذين شاركوا في هذا المعرض والذي حظي بمتابعات جديرة من شخصيات اعتبارية كصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان وهو العارف القدير بعمق التجربة التشكيلية السعودية والخبير في تفاصيل المشهد، إضافة للأصداء الجميلة التي صاحبت المعرض من الزوار الذين مازالوا ينتظرون منهم هطولا آخر للغيث وإضاءة قناديل الحياة وفتح الستارة للتجربة القادمة لمشقة (5) وإثبات الخصوصية المميزة والضرورة الانتمائية الفنية للواقع والحياة والوطن.

Continue Reading

ثقافة وفن

مطلق الذيابي «سمير الوادي».. قبيلة من الحناجر والمواهب

من يتأمل سيرة مطلق الذيابي، الشهير بـ(سمير الوادي)، لا يقرأ تاريخ رجل فنيّ فحسب، بل يستعرض نشيداً من ذهبٍ خالص،

من يتأمل سيرة مطلق الذيابي، الشهير بـ(سمير الوادي)، لا يقرأ تاريخ رجل فنيّ فحسب، بل يستعرض نشيداً من ذهبٍ خالص، نُقشت حروفه بأوتار من شعور، وصيغت جمله بصوتٍ ينتمي إلى الزمن النقيّ، ذلك الزمن الذي كانت فيه الموهبة وحدها كافية لصنع الخلود.

لا تأتي فرادة هذا الرجل من موهبة مفردة يمكن الإمساك بها أو تقييدها في تصنيف، بل من طاقةٍ إبداعية مشبعة بالثقافة والذائقة والصدق، تنبض في كل اتجاه. فهو لا يُختصر في صفة، ولا يُؤطر في مجال، لأنه حالة تجاوزت مفردات المهنة لتلامس جوهر الفن. الشاعر المرهف، المذيع الجهوري، الملحن الشفيف، المطرب العذب، والكاتب الناقد.. كلها وجوه لرجل واحد، لكن كل وجه فيها كان يبدو وكأنه فنّ مستقلّ بحد ذاته.

حين أطلّ مطلق الذيابي، على الأثير، بدا وكأنّ الإذاعة تكتشف صوتها الحقيقي. خامته الصوتية لم تكن استعراضاً للطبقات، بل معبراً لحكايةٍ أكبر من الصوت ذاته. وحين غنّى، بدا كمن ينسج لحناً من ذاكرة البادية، ومن لهفة العاشق، ومن جمال الموروث الذي قرأه بوعي الشاعر وأدّاه بروح الفنان.

في مسرح التأثير، لا يطال المجد أولئك الذين يكتفون بأن يكونوا مكرّرين لصدى، أو ظلًّا لشهرة، بل أولئك الذين يخلقون حضورهم من مادة ذاتهم، وينحتون أثرهم بأسلوب لا يتقنه سواهم. ومطلق الذيابي، أو (سمير الوادي) كما اختار أن يُعرف في الساحة الفنية، لم يكن مجرد اسم عابر في دفاتر الغناء أو دفاتر الإذاعة أو دفاتر الشعر، بل كان حالة نادرة يتعذر اختزالها في عنوان واحد.

كان التأثير عنده لا يُصطنع، ولا يُستجدى، بل ينبثق من فرادة الموهبة واتساع المدارك. لم يأتِ التألق من احتراف الغناء وحده، ولا من براعة الكتابة فقط، ولا من تميزه الإذاعي، بل من هذه الفسيفساء التي تكوّنت في داخله؛ إذ اجتمع الأديب والموسيقي والمطرب والمذيع في جسد رجلٍ واحد، لكنه ظلّ يُغني وكأنه قبيلة من الحناجر، ويكتب وكأن الحرف لم يُخلق إلا ليستجيب له، ويتحدث كأن صوته هو المدى.

ولد في عمّان، لكنه حمل صوته إلى مكة المكرمة، ومنها إلى أثير المملكة كلها، ومن ثم إلى ذاكرة الخليج.

تأثر بمحمد عبدالوهاب، لكنه لم يكن صدى له، بل طوّر حسه الموسيقي بمنطق الباحث عن هوية، لا بمنطق المقلد لأثر. حين سُئل عبدالوهاب عن صوته قال: «أحب أن ألحّن له… صوته فيه حرارة ونبرة جديدة»، وهي شهادة كافية لنعرف كم كان مطلق استثناءً في زمنٍ لم يكن التميز فيه ترفًا، بل معركة وجود.

ولم يكن حضوره الإعلامي أقل بريقاً من حضوره الفني، ففي إذاعة جدة التي كانت آنذاك مصنعاً للأصوات والخطاب، كان صوت الذيابي أشبه بماءٍ يتدفق عبر الأثير. رخامة صوته لم تكن مجرد خامة، بل كانت أداة للإقناع، وشاعريته لم تكن زينة لغوية، بل مدخلاً للنفاذ إلى الوجدان.

أما أثره اليوم، فإنه لا يُقاس بعدد الأغاني المتداولة، بل بعمق الاسم في الذاكرة الثقافية. في زمن كثرت فيه الأصوات وتباينت فيه المقامات، يظل اسم “سمير الوادي” يُذكر بهيبة الرائد، وبدفء المبتكر، وبدقّة الفنان الذي لم يترك في عمله مكانًا للصدفة.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

«تخيّل».. بقيت حية 40 عاماً تحت ركام عبدالمجيد !

في مساحةٍ ما بين الشجن والتأمل، تقف الأغاني الخالدة مثل «تخيّل» للفنان عبدالمجيد عبدالله، كدليل حيّ على أن بعض

في مساحةٍ ما بين الشجن والتأمل، تقف الأغاني الخالدة مثل «تخيّل» للفنان عبدالمجيد عبدالله، كدليل حيّ على أن بعض الأعمال تُخلق لتبقى، لا تقاس بحجم انتشارها اللحظي، بل بمدى قدرتها على الاستمرار في ملامسة الإنسان، بعد مرور الزمن وتبدل الأذواق.

«تخيّل»، كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن، ولحن الموسيقار سراج عمر، ليست أغنية عابرة، بل تجربة شعورية متكاملة. قصيدة مغلّفة بالهدوء الداخلي، والمساءات الطويلة، والمراجعة الذاتية الصامتة. لحنها لا يتوسل الإثارة، ولا يفرض حضوره بقوة الآلات، بل يتسلل برهافة، كمن يختبر أثر الكلمة حين تُقال بصوتٍ خفيض. وهذا، بحد ذاته، سر من أسرار بقائها.

حين غناها عبدالمجيد عبدالله في بداياته، بعد عودته من القاهرة وعمله مع سامي إحسان، في ألبوم «سيد أهلي» 1984م، لم تكن «تخيّل» هي الأغنية الأشهر، ولا بطاقة دخوله إلى جمهور عريض، كانت خياراً شعرياً موسيقياً ناضجاً يشي بوعي فني مبكر، وارتباط عاطفي بالنصوص العميقة، وهي من الأعمال التي لم تُسلّط عليها الأضواء حينها كما سُلّطت على أعماله الأخرى، مثل «سيد أهلي»، و«علمتني»، و«انتظروني»، وغيرها.

ومع ذلك، فإن الزمن وحده كفيل بإعادة ترتيب الأهمية. والدليل هو ما نشهده اليوم من عودة «تخيّل» إلى التداول بكثافة في أوساط جيل لم يعش لحظة ولادتها. لم تعد الأغنية محصورة في الذاكرة القديمة، بل تحولت إلى عمل حي، يُكتشف من جديد بفضول صادق، كما لو أن المستمعين يتذوقونها للمرة الأولى، بعيداً عن أي مؤثرات إعلامية أو ترويجية.

هذا الشكل من العودة، بعيداً عن الطفرة الفايروسية التي تصنعها أحياناً وسائل التواصل، يعكس قيمة فنية لا ترتبط بالمناسبة بل بالمحتوى. فـ«تخيّل» تُطرح اليوم وكأنها صُنعت لهذا الجيل، بصياغتها النفسية ولغتها الرصينة وأداء عبدالمجيد الذي لم يكن يبالغ، بل كان يستسلم للمفردة ويمنحها مساحتها للتعبير.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

السينما العربية تنافس في «كان» بـ 3 أفلام

كشف مهرجان كان السينمائي الدولي تفاصيل دورته الـ78، في مؤتمر صحفي عُقد صباح اليوم (الخميس) في باريس، قائمة الأفلام

كشف مهرجان كان السينمائي الدولي تفاصيل دورته الـ78، في مؤتمر صحفي عُقد صباح اليوم (الخميس) في باريس، قائمة الأفلام المشاركة في المهرجان، وذلك بحضور مديره العام تييري فريمو ورئيسة المهرجان إيريس كنوبلوخ.

ويشهد مهرجان كان الذي ينطلق في الفترة من 13 إلى 24 مايو القادم، اختلافاً بعودة أسماء ونجوم عالمية بارزة في المسابقة الرسمية، ومن بينهم ويس أندرسون، ريتشارد لينكليتر، آري أستر، جوليا دوكورناو، وكيلي ريتشاردت، حيث يتنافسون بأعمالهم الجديدة على جائزة السعفة الذهبية.

وتشارك السينما العربية في الأقسام الرسمية بـ3 أفلام، وهي: The Eagles of the Republic أو «نسر الجمهورية» للمخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح، وتشارك مصر بفيلم «عائشة لا تعرف الطيران» للمخرج المصري مراد مصطفى في قسم «نظرة ما»، وفي نفس القسم تشارك فلسطين بفيلم «حدث ذات مرة في غزة» للمخرجين الفلسطينيين طرزان وعراب نصار.

واختارت إدارة المهرجان فيلم «Leave One Day» للمخرجة الفرنسية أميلي بونان، في افتتاح الدورة الـ78.

وكشف المدير العام لمهرجان كان السينمائي تييري فريمو، عن تلقي هذا العام عددًا قياسيًا من طلبات المشاركة بلغ 2,909 أفلام ضمن عملية الاختيار، وهو رقم يعكس الزخم الكبير الذي تحظى به هذه الدورة، ومن المتوقع إضافة أفلام أخرى في الأيام القادمة ضمن مختلف أقسام المهرجان.

وتضم قائمة الأفلام المختارة مخرجين بارزين بينهم الأمريكي ويس أندرسون بفيلم «The Phoenician Scheme»، وريتشارد لينكليتر بفيلم «Nouvelle Vague»، ويواكيم ترير بفيلم «Sentimental Value»، والإيراني جعفر بناهي بفيلم «In Simple Accident»، والإسبانية كارلا سيمون بفيلم «Romeria»، والأمريكية كيلي رايشارد بفيلم «The Mastermind».

أخبار ذات صلة

كما يمثل المخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح السينما العربية بفيلم «The Eagles of the Republic»، ويشارك الفرنسي دومينيك مول بفيلم «Dossier 137»، والبرازيلي كليبر مندونسا فيليو بفيلم «The Secret Agent»، وتشمل القائمة فيلم «Fuori» من إيطاليا لماريو مارتوني، و«Two Prosecutors» من أوكرانيا للمخرج سيرجي لوزنيتسا، و«Sirat» للمخرج الإسباني أوليفر لاكس بالشراكة مع المغرب وفرنسا، و«La Petite Dernière» للمخرجة الفرنسية الجزائرية حفصة حرزي، و«The History of Sound» للجنوب أفريقي أوليفر هيرمانوس.

وتشارك بلجيكا بفيلم «Young Mothers»، ويشارك الأمريكي آري آستر بفيلم «Eddington»، إلى جانب اليابانية تشيي هاياكاوا بفيلم «Renoir»، والفرنسية جولي دوكورنو بفيلم «Alpha»، بالإضافة إلى فيلم «Leave One Day» لأميلي بونان.

بينما شهد قسم «نظرة ما» عدداً من الأفلام، من بينهم فيلم «The Mysterious Gaze of the Flamingo» من تشيلي للمخرج دييجو سيبيديس، و«My Father’s Shadow» للبريطاني النيجيري أكينولا ديفيز جونيور، و«Urchin» للبريطاني هاريس ديكنسون، ويشهد هذا القسم أولى تجارب الإخراج للنجمة الأميركية سكارليت جوهانسون في فيلم «Eleanor the Great».

ويشارك أيضًا فيلم «Once Upon A Time in Gaza» من إخراج طرزان وعراب نصار من فلسطين، وفيلم «Aisha Can’t Fly Away» للمخرج المصري مراد مصطفى، وفيلم «Meteors» للمخرج الفرنسي هوبرت شارويل، و«Pillion» للبريطاني هاري لايتون.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .