Connect with us

ثقافة وفن

مواقع التواصل تسحب بساط العناية بـ«خير جليس»

بقدر ما تسجّل التقنية الرقمية حضورها في حياتنا، تفرض عادات وسلوكيات حادثة بمعطياتها الأحدث، وباجتياح الأجهزة

بقدر ما تسجّل التقنية الرقمية حضورها في حياتنا، تفرض عادات وسلوكيات حادثة بمعطياتها الأحدث، وباجتياح الأجهزة الذكية أوقاتاً وأمكنة، اضطُرَّ «مثقفون» للتخلي عن أدبيات تقليدية راسخة، وانسابوا مع الصرعات المسوّقة ولو ترتب على ذلك حرق المراحل، وبما أن علاقة البشرية بالقراءة من الكتب توطدت طيلة قرون، فمن اللافت أنه منذ اقتحام عالم الصوت والصورة لليوميات، وزيادة وسائل البث المرئي، وإتاحتها فرص التواصل عن طريقة غير القراءة والكتابة، تراجعت ساعات القراءة أو تضاءلت عن السابق، في ظل استعاضة بعض الشغوفين بالخلوة مع خير جليس، بمتابعة النوافذ المستجدة، والاكتفاء بما تطرح الميديا، وهنا نستطلع آراء عدد من المعنيين بالشأن الثقافي لنتعرف على أثر «الرقمنة» على وقت الاطلاع والبحث، وهل زاحمت الألواح الذكية، القراءة وغدت ضُرةً لها؟ أم سحبت البساط منها؟

تؤكد الناقدة الدكتورة رائدة العامري أن قضيةً كهذه تثير الكثير من النقاشات والآراء، إذ هناك من يرى أن مواقع التواصل ثقافة بلا محتوى؛ كونها أصبحت تنافس الكتب والمصادر التقليدية بسرقتها وقت النخب المثقفة. وترى العامري أن من الممكن النظر إلى الجانب الإيجابي للموضوع، من زاوية ما أحدثت التقنية ومنصات التواصل من مرونة إيجابية لخدمة الأدب والثقافة. وتذهب إلى أن النخب المتعلمة المثقفة أكثر حكمة في استخدام التكنولوجيا ومواقع التواصل، فهي لتوسيع دائرة المعرفة ونشر المحتوى الثقافي بشكل أكثر فاعلية لولادة قراءة جديدة ومناقشة الأفكار الثقافية، وفقاً لإستراتيجيات منهجية وبوضع أهداف واضحة ومناسبة في حدود زمنية، لتبادل الأفكار دون إخلال بعهد الالتزام بالقراءة، لافتةً إلى أن الاستخدام الذكي للتكنولوجيا يسهم في اكتساب المعرفة، ويتطلب الوعي والقدرة على ضبط الاستخدام وتحديد الأولويات.

فيما أوضح الشاعر أسعد الجبوري، أنه عقب أن تحررت الكتابة من الرقابة وأمزجة محرري الصحف والمجلات في العالم العربي، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة مكاتب ومنازل وملاجئ لكلّ من لم يجد طريقاً إلى تأسيس عالمه الخاص به. وقال: أنا أتحدث عن الآداب والفنون، والكتّاب والشعراء والروائيين والفنانين التشكيليين وكلّ من له باع في الإبداع أو لكلّ من اختار أن يكون من فئة الخلّاقين أدباً وفناً وثقافة بشكل عام.

ولفت إلى أنه لا يُستنكر دخول ملايين من العبثيين الطارئين على مختلف المهن، ليست الأدبية وحسب، إنما المهن الحرة كالحلاقين والطباخين والخياطين والنجارين والألوف المؤلفة ممن يخوضون الليل والنهار بعروضهم عن أشياء الحياة وبضائع الدنيا. ولم يخفِ الجبوري أنه أتاح الوقت المستقطع على الـ«فيسبوك» كلياً، لإدارة صفحته الشخصية الخاصة بنشر أعماله وكتاباته اليومية، إضافة إلى صفحات عدة منها: الثعالب (موقع للسرد الروائي)، وموقع الإمبراطور، وموسوعة بريد السماء الافتراضي، و«كتالوج» موقع خاص بالفنون التشكيلية، والممحاة، ومختبر اللغة، وكائنات الحرب، وموقع تاء التأنيث المتحركة، وصفحة نانو، وموقع الزمن الموسيقي السينمائي، وموقع الدليل الأنطولوجي الذي يضم بين طياته أعمال الشعراء العرب عبر نصف قرن من الزمن.

وأكد أنه يحاول التفاعل مع القارئ العربي لتأسيس رؤية للشعر وللحداثة بشكل خاص، بالاعتماد على الحوار وضخ المعلومات والمعارف الخاصة بكلّ ما يرتبط بالموضوع الثقافي، مشيراً إلى أنه ربما يختلف مع الآخر بالنظرة إلى الشعر الذي لا يراه شركةً استثماريةً تُلَبّي رغباتَ هذا القارئ أو ذاك، ليكون شريكاً في التأليفِ أو رقيباً عليه، كون الشاعر حين يهيمن على اللغةِ بطاقةٍ تصويريةِ عالية وباذخة، فهو يفتحُ أمام القارئ بابَ الفردوس الأحمر، ليحوز التَلَذَّذْ بسحر الخيال وموسيقى المجاز ومشتقاته النارية، عقب الاحتكاك بالكلمات التي تَفيضُ بكلّ ما هو فاتن في المعنى، وكذلك بالمَدّ الاختراقي الذي لا جَزْرَ بعدهُ في روح اللغة.

وعدّ الجبوري وقته فضائياً، ما يفتح أبواب الذهن لصياغة مشاريع أدبية أو العمل بطاقة المخيّلة لاختراع ما لم يكن مخترعاً من قبل، كما هو شأن بريد السماء الافتراضي الذي ضمّن ما يقارب 248 حواراً مع الشعراء الموتى، ويصفها بـ«ضربة ساحر».

فيما يتفق الناشر صالح البيضاني مع القول إن مواقع التواصل الاجتماعي سحبت البساط من الوقت المخصص للقراءة بالفعل، وحازت الوقت المخصص لمشاهدة التلفاز، واقتطعت قسماً كبيراً من حيز المتابعات الإخبارية للمنصات الإلكترونية؛ التي أصبحت أو كادت تكون الشكل الجديد للصحافة، في ظل تراجع الاهتمام بالصحافة الورقية.

وأضاف البيضاني: وعلى غرار ما فعلته المنصات الإلكترونية بوسائل المعرفة التقليدية ومنها الصحيفة والكتاب، استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي استقطاع مساحة أوسع من نطاق الاهتمام الكلاسيكي بوسائل المعرفة، وبتنا نشاهد كيف أصبحت تلك المنصات مساحة لتبادل الأفكار ونشر النصوص القصصية والشعرية، والمساجلات النقدية ما يوجب التسليم بما يفرضه الواقع والاستفادة من كل مُتاح.

ويؤكد الشاعر زكي الصدير أن صفحات التواصل الاجتماعي في بداية انطلاقها شكلّت عبئاً حقيقياً على وقت القراءة الشخصي لديه، في الفترة الزمنية منذ 2008 وانتهت بأفول ما سُمّي بالربيع العربي. وأوضح الصدير أنه عقب تلك الفترة لم تعد الصفحات كما كانت، فلا توقظ فيه أي حضور أو متابعة، وعاد شيئاً فشيئاً إلى عالمه ومكتبته وأفلامه وكتاباته كما كان قبل 2008.

ويرى أنها -وللأسف- لم تنتهِ تماماً من يومياته إلا أنها أصبحت مجرد قطعة صغيرة في آلية المعرفة الثقافية الهائلة، لا سيما عقب تسيّد منظومة التفاهة عبر دفع السطحيين من المشاهير والممثلين والمهرجين إلى الواجهة من خلال ترسانة المتابعين وتعالي أصواتهم أمام الأصوات الثقافية الحرة والرصينة.

فيما كشف الكاتب مجذوب عيدروس أنه يقوم بتقسيم اليوم، فعقب صلاة الفجر يخصص وقتاً لفتح الجوال للرد على بعض الرسائل، ومثله في المساء، لافتاً إلى أن مجمل ما يستهلك في الحالتين لا يستغرق نصف الساعة فيما برنامجه القرائي يمضي كما كان مخططاً له، ولا يخصم من زمن القراءة أكثر من نصف ساعة.

فيما قال الشاعر الدكتور أحمد يحيى القيسي: لستُ مثالياً، ولكن أوقات القراءة والكتابة في الغالب ثابتة لدي، ولا أشغل نفسي فيها بأي شيء يلهيني، خصوصاً استعمال تطبيقات الهاتف. ولا ينكر القيسي أن مواقع التواصل، استولت على معظم ساعات أنشطة الحياة الأخرى، «وربما يتفق كثير من الكتاب معي في هذا الرأي».

ويذهب الشاعر فتحي عبدالسميع إلى أن القراءة بالنسبة له هي قراءة الكتب، فلا يقرأ على الـ«فيسبوك»، مشيراً إلى أن «فيسبوك» أخذ الوقت المخصص لقراءة الجرائد ولم يأخذ الوقت المخصص للكتب، موضحاً أنه يدخل «فيسبوك» كما يدخل المقهى، إلا أن الإشكال في اتساعه، فما إن يدخل يتورط بتدوين كلمات العزاء أو التهنئة.

وأكد أن سقف التواصل الاجتماعي كان محدوداً جداً وصار بلا نهاية، إذ نادراً ما كان الكاتب يلتقي بالقراء، فيما أغلب قراء الكاتب حاضرون الآن على «فيسبوك» ولا يجب عليه تجاهلهم خصوصاً في المناسبات. وعدّ «فيسبوك» متاهة إلا أنه ضروري بالنسبة، ففيه يعلن عن أخبار كتبه ونشاطاته المختلفة، فيما كان قبل «فيسبوك» يتلهف على خبر في جريدة وكان الصحفيون يتحكمون في من يظهر، وبعض منهم كان فاسداً، في ظل عدالة بدرجة ما. ويرى «فيسبوك» «متاهة لا يمكنني الاستغناء عنها»، ولهذا يحدد لنفسه وقتاً، نصف ساعة في الصباح ونصف ساعة في المساء، ويتجاوز الموضوعات الطويلة، ولكنه بدخوله دون تحديد وقت يضيع، ويخسر الكثير من وقته وغالباً ما تنتهي جلسته بإحباط.

فيما يكشف الكاتب السوري شاهر نصر عن محاولته تنظيم وقت العمل والقراءة والراحة ليصبح وقت التواصل جزءاً من وقت راحته، وليس جزءاً من وقت القراءة والعمل. وأضاف: لهذا لم أشعر أن وقت القراءة تقلص، بل ازداد لأن الفضاء الإلكتروني فتح أمامي آفاقاً ومصادر جديدة وتساؤلات جديدة.

فيما يرى الشاعر محمد آل حمادي أنها تستقطع من وقت القراءة، إلا أن إرادة التركيز على نوعية المتابَعين ومستواهم الفكري والإبداعي يجعلها بنسبة مرضية جزءاً من القراءة ومتابعة الجديد، خصوصاً في منصة «فيسبوك». وعدها مصدراً مهماً لمعرفة الإصدارات الجديدة، ويرى لها فضلها الكبير في تعرّفه وقراءته لعدد من المبدعين المختلفين في الشعر والقصة والفلسفة والترجمة، على المستوى المحلي والعربي، مما لا يمكن أن تقدمه المكتبة ولا الصحافة بالسرعة والمواكبة ذاتها، ويؤكد أن للكتاب حقه علينا في إدارة الذات والوقت لصالحه.

Continue Reading

ثقافة وفن

سعوديتان.. ومصري وصومالي في معرض الاتجاهات الأربعة

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية

تنطلق غدا (الاثنين) فعاليات معرض الاتجاهات الأربعة الذي ينظمه أتيليه جدة للفنون التشكيلية لأربعة فنانين من السعودية ومصر والصومال، وهم: حنان الحازمي، وجواهر السيد من السعودية، وعاطف أحمد من مصر، وعبدالعزيز بوبي من الصومال.

ووفقاً لمدير الاتيليه هشام قنديل، سيقدم كل فنان تجربته الخاصة واتجاهه الخاص الذي يميزه عن أقرانه من الفنانين.

وتقدم الفنانة جواهر السيد 10 لوحات تمثل آخر تجاربها، التي يقول عنها الناقد تحسين يقين: «إن ما يميزها هذا التواصل اللافت بين النساء والأطفال، فضلا عن تعبير الألوان عن المشاعر بذكاء واحتراف».

وأضاف: «على شاطئ جدة الجميلة، أطالت الفنانة تأملاتها النفسية والاجتماعية، لتعبر عن ذلك خطوطا وألوانا، تتجاوز بها مكانها، لتعبر عن حال الإنسان اليوم في هذا العالم ذي النزعة الفردية».

وتقدم الفنانة حنان الحازمي 10 لوحات بأحجام مختلفة تجمع بين التعبيرية والتجريدية، وستضع في هذا المعرض أقدامها بقوة في المشهد التشكيلي السعودي. وحول تجربتها، قال الناقد المصري الدكتور حسان صبحي: «اعتمدت الفنانة حنان الحازمي على طرق تحليلية خاصة في إبداع التركيبات الفنية واستخدام أقل عدد ممكن من المفردات والوسائط التعبيرية ذات الكثافة والثقل في تعبيراتها البصرية لطرح نموذج طليعي يضيف إلى الفنون البصرية ويعلي عادات الرؤية لدى المشاهد، وهو أحد الاتجاهات المهمة التي تم التأكيد عليها في الفنون البصرية». ولفت إلى أن تلك الأعمال امتلكت طاقة مسالمة تكتنزها عناصرها وبناؤها التصميمي المشبع بطاقات التعبير والتفكير المفاهيمي.

أما الفنان المصري عاطف أحمد فيقدم 10 لوحات بأسلوبه الخاص المتمرد (ميكس ميديا) تمثل أحدث إبداعاته.

وعن أعماله قال الناقد صلاح بيصار: «أعمال عاطف تنحاز إلى الجموع من الفلاحين الذين يشكلون ملحمة الأمل والعمل، يتتبعهم في خُطاهم بعمق الدلتا من الحقل والحرث والحصاد».

أما الصومالي عبدالعزيز بوبي فهو عضو الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وتتميز تجربته كما يقول الناقد الدكتور عصام عبدالله العسيري بالنضج اللوني التجريدي الثقافي البصري العام.

وبملاحظة مفردات لوحاته سنجد استعارة رسوم وكتابات أرقام وحروف وخطوط ورموز وألوان وإشارات بصرية، يقدمها في تكوينات جميلة وجريئة وبديعة، لها قيم جمالية ثقافية، كالجداريات والمصغرات بألوان جذابة.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .