Connect with us

ثقافة وفن

محمد محفوظ: لا أُراجع كتبي.. وقنابل الماضي قابلة للانفجار

ما يميّز الباحث الفكري محمد محفوظ، أنه آمن بثقافة الإنتاج الثقافي والمعرفي والفلسفي منذ الثمانينيات، ولم يتوقّف

ما يميّز الباحث الفكري محمد محفوظ، أنه آمن بثقافة الإنتاج الثقافي والمعرفي والفلسفي منذ الثمانينيات، ولم يتوقّف وهو المُلمّ بالفقه ومدارسه، والواقع وتجانسه من عدمه، ويعتمد المنطق في المقايسات والمراجعات دون إغفال العاطفة والتجربة، رصد رهانات الإسلام والغرب، وأكد على مبادئ الوحدة الوطنية، ودعا للإصلاحات من الداخل، وتصدى لنزعة الكراهية، وما خبرته فيه ومنه، الوفاء، وتواضع العلماء، وعنايته بالعمل اليومي؛ بحثاً ومدارسة، لذا لا غرابة أن يكون له أكثر من 20 مؤلفاً كلها تنبع من وعي وتصب في محيط المثير للحوار والمعزز للسلم الاجتماعي، وهنا نص حوارنا معه:

• متى شعرت بأهمية دراسة الأفكار والكتابة عنها؟

•• الاهتمام الفكري والثقافي الجاد، هو الذي يقود الإنسان للاهتمام بعالم الأفكار وتاريخها وطبيعة التحولات التي مرت بها هذه الفكرة أو تلك، وبدأ اهتمامي يزداد في مرحلة النضوج الفكري والثقافي؛ وهي مرحلة تعتني بتفاصيل الأفكار وميكانيزماتها الداخلية.

وبداية الاهتمام بعالم الأفكار بدأت حينما قرأت كتاب (اغتيال العقل للمفكر السوري برهان غليون). وأعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب الفكرية التي أُلفت في القرن العشرين، وترك تأثيرات كبرى على فكري ومسيرتي الثقافية.

• ملاحظ إسهابك في تناول القضايا، رغم تناولك لمجمل الإشكالات المعاصرة، هل تعيد النظر في كتابة ما كتبت وتتناول القضايا مجدداً؟

•• لعل من العيوب الفكرية والثقافية التي لدي عدم مراجعتي لما أكتب. وهذا لا يعني أن الأفكار لا تقوم بمراجعتها، أراجعها من خلال كتابة نص جديد يراكم على مستوى المعالجة والرؤية ويتجاوز معالجة النص الأول.

والمثقف الذي لا يراجع أفكاره على مستوى الأدب والمعالجة الفكرية، سيتوقف ولن يتمكن من تحقيق قفزات نوعية في مسيرته الثقافية والفكرية. والرؤية النمطية لعالم الأفكار، أحد الأسباب الرئيسية ليباس الأفكار وتراجعها. لذلك فإن المراجعة والنقد لعالم الأفكار هما من السُّبل لتجاوز نقاط الضعف في عالم الأفكار.

• يرجع البعض الفكر العربي إلى علماء الكلام ثم المعتزلة، ما تعليقكم؟

•• في تقديري أن الفكر العربي استفاد من كل المدارس والتوجهات الفكرية والعقدية التي مرت بالعالم العربي. ولا ريب أن الفكر المعتزلي صنع تأثيراً إيجابياً في العقل العربي، كما أن علم الكلام صنع أخدوداً في المسيرة العربية. لذلك فإن الفكر العربي المعاصر استفاد من كل المدارس الفكرية التي تبلورت في الساحة العربية. كما استفاد الفكر العربي من عطاءات الأفكار والمدارس الفكرية الغربية؛ لأن الانفتاح والتواصل المعرفي مع الحواضر الفكرية والمعرفية الراهنة، هو أحد المداخل الأساسية لإحداث قفزة هائلة في عالم الفكر والثقافة.

• هل هناك أزمة فكر عربي؟ ما أبرز تمثلاتها في الواقع؟ وما مفاتيح الحلول؟

•• لا ريب أن الفكر العربي الراهن يعاني من انسداد وأزمة جوهرية تتعلق براهن العرب ومستقبلهم. ويمكن أن نحدد هذه الأزمات في نقاط منها: العبء القادم من التاريخ:

فالأزمات التي تواجه العرب والمسلمين بالأمس واليوم وغداً، هي تلك المشكلات والأزمات القادمة إلينا من عمق التاريخ وتطوراته وتحولاته المختلفة. وتبقى هذه المشكلات والأعباء القادمة لنا من التاريخ بمثابة القنبلة القابلة للانفجار في أي لحظة. وحينما تنفجر هذه القنبلة فإنها تدمر الراهن، وتقضي على الكثير من الآمال في وحدة العرب والمسلمين وتعايشهم السلمي مع بعضهم بعضاً. لدرجة أنه قد لا يخلو عقد من عقود هذا الزمن المتطاول من وجود أزمات ومشكلات هي في جوهرها قادمة من التاريخ. ولعل أمة العرب والمسلمين هي الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي يسفك دم أبنائها وتدمر بنية مجتمعاتها المعاصرة على قضايا ومشكلات هي في جوهرها مشكلات تاريخية. وسيبقى راهننا جميعاً ينزف باستمرار إذا لم نتمكن نحن جميعاً من معالجة الأعباء القادمة لنا من التاريخ. لذلك ثمة ضرورة قصوى اليوم لنا جميعاً للتفكير بجدية في إعادة بناء رؤيتنا وموقفنا من أحداث التاريخ ورجاله. ولعل المدخل الضروري والأساسي لبناء هذه الرؤية والموقف هو قول الله عز وجل (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون).

فأحداث الماضي ليست من صنعنا، ولا نتحمل مسؤولية مباشرة فيها، وتعدد وتنوع آرائنا وأفكارنا وقناعاتنا ومواقفنا من أحداث التاريخ ينبغي أن يضبط بضرورة الاحترام المتبادل وعدم الإساءة إلى مقدسات وثوابت بعضنا بعضاً. فمن حقنا، جميعاً، أن نختلف في تقويم رجال التاريخ. ولكن ليس من حقنا جميعاً الإساءة وتجاوز مقتضيات الاحترام المتبادل. أحسب أن هذه الرؤية هي المدخل الضروري لصناعة وعي عربي وإسلامي جديد يحول دون تحول التاريخ برجاله وأحداثه إلى عبء حقيقي على راهننا ومستقبلنا. وثمة أعباء ومشكلات مزمنة قادمة إلينا من الراهن بحيث أن كل طرف يرمي بالمسؤولية لما جرى على الطرف الآخر. فالأنا بريئة من العيوب وهي إيجابية دائماً، والآخر هو الذي يصنع الأزمات والمشكلات، وهو يمارس السلبية مع كل مبادرات الذات الإيجابية، فيتم التلاوم وتحميل المسؤولية الطرف الآخر. والكل يفكر أنه خارج نطاق المسؤولية على ما يجري في الساحة العربية والإسلامية. لذلك آن الأوان أن نتحمل مسؤوليتنا تجاه الراهن الذي نعيشه. فالكل يتحمل مسؤولية ما يجري، ولا يمكن التعامل مع الأعباء القادمة لنا من الحاضر والراهن، إلا بعقلية المسؤولية المشتركة التي تبحث عن حلول حقيقية تحول دون استمرار هذه الأحوال السيئة التي يعيشها العرب والمسلمون اليوم. وهنا من الضروري أن ندعو علماء الأمة ودُعاتها وحكمائها إلى التعالي على صعوبات الراهن والتكفير الدائم في سبل الخروج من هذا الواقع السيئ وليس تأبيده بخلق المبررات أو تغطيته دينياً واجتماعياً.

والعبء الثالث قادم إلينا من أنفسنا وخياراتها:

فبعض إخفاقاتنا وحروبنا هي من سوء تقديرنا وغفلتنا وخضوعنا إلى مقتضيات الغضب؛ الذي يقودنا إلى تقديرات خاطئة للواقع. فيدخلنا هذا الغضب ومتوالياته في معارك وحروب عبثية وأزمات مجانية. فليس كل ما نعانيه هو الآخرون ومؤامراتهم، بل بعض ما نعانيه هو من خياراتنا السيئة والخاطئة. وهذا الكلام ينطبق على عالم الأفراد كما ينطبق على عالم المجتمعات والأمم؛ لذلك ثمة حاجة ضرورية للتفكير في معالجة الأزمات والمشكلات القادمة إلينا من أنفسنا وخياراتها.

ولعل المدخل إلى ذلك هو امتلاك النفس اللوامة التي تفحص باستمرار في سلوكها وخياراتها وتنتقدهما، حتى نتمكن من تجاوز العيوب والثغرات المكتشفة في هذا الخيار أو تلك الممارسة.

وجماع القول: إننا اليوم بحاجة إلى عقلية جديدة من أجل التعامل الواعي والموضوعي مع تلك الأعباء التي ترهق واقعنا، وتجعلنا جميعاً أسرى إلى معارك دون أفق حضاري لها.

• لماذا يربط البعض بين أزمات الأفكار وبين الأديان؟ وهل الربط موضوعي؟

•• إذا نظرنا إلى الأديان بوصفها ظاهرة اجتماعية، فهي على علاقة مباشرة بعالم الأفكار والتأثير متبادل بينهما. فالأديان يمكن النظر إليها من خلال زاويتين؛ زاوية أن الأديان بوصفها ظاهرة معيارية تتجاوز حدود الزمان والمكان، وبالتالي فإن الأديان بهذا المستوى ليست لها علاقة بعالم الأفكار وعالم الأشخاص. والزاوية الثانية هو الدين بوصفه مُعاشاً ومتداخلاً مع عالم الإنسان وتطوراته وتحولاته وأفكاره.

لذلك فإن حديثنا يتركز على الدين المُعاش وليس الدين المعياري الذي يتعالى على انقسام الإنسان والمجتمع؛ لذلك فإن الدين بهذا المعنى له صلة مباشرة وعميقة بعالم الفكر والأفكار ولا يمكن الفصل بينهما. لذلك فإن التطور الفكري يقود إلى فهم متطور لعالم الدين ووظائفه العامة، كما أن الفهم الديني المتجدد يقود إلى واقع فكري متجدد؛ فالعلاقة بينهما متداخلة ومركبة والتأثير بينهما متبادل.

من هنا، فإن المجتمعات المتقدمة على الصعيد الحضاري قادرة على فهم قيم الدين بشكل حضاري ومتقدم. كما أن المجتمعات المتأخرة حضارياً تفهم الدين؛ وفق نسق تقدمها وطبيعة الأسئلة المحورية التي تعيشها.

• كيف ترى مشاريع النقد الديني في عالمنا العربي؟ وما سبب تحسس البعض من مراجعة المناهج والطرق التي سبقت زمن ما قبل الدولة؟

•• لا ريب أن عملية النقد إذا أحسنا التعامل معها تسهم في مراكمة العناصر الإيجابية وتوفر المناخ النفسي والاجتماعي لتجاوز العناصر السلبية في هذه التجربة أو تلك، لذلك ينبغي أن نتعامل مع كل حالات وأفكار النقد بوصفها ظاهرة إيجابية، وينبغي أن تختفي أي حالة من التوجس تجاه ظاهرة النقد الفكري والثقافي. ووفق هذه القناعة ينبغي أن نتعامل مع كل حالات النقد التي تتوجه إلى الفكر الديني؛ لأن النقد يساهم في تطوير الفكر الديني والمعالجات الاجتماعية التي تنطلق من خلفية دينية. وعلى المستوى الفكري لم يتطور أي فكر إلا بالنقد، لذلك من الضروري أن نعمل على اكتشاف العناصر والأفكار التي تحتاج إلى مراجعة ونقد. والنقد لا يتجه إلى الإسلام كدين، وإنما يتجه إلى الممارسات العامة التي تنطلق من خلفية دينية، وهذا يؤدي إلى تجويد الفكر والممارسات الدينية ويعالج بعض الثغرات في الممارسات الاجتماعية والدينية.

• ما أسباب تعلّق البعض بهوية ما قبل الدولة الوطنية؟ وما أبرز مخاطرالهويات المتعددة أو المزدوجة؟

•• من المؤكد أن الدول في التجربة الإنسانية من الظواهر الإيجابية والضرورية لعالم الإنسان والمجتمع. وعلى هذا الأساس ينبغي أن نتعامل مع هذه الظاهرة؛ وهي الإبداع الإنساني لتحقيق مصالح الناس جميعاً. ومن هنا ينبغي ألا نتعامل مع الهويات الفرعية بوصفها هويات غير مكتملة. وتكتمل كل هذه الهويات الفرعية من خلال مؤسسة الدولة.

والدولة هنا ليست بالضد من الهويات الفرعية، بل هي المعنية بحمايتها وتوفير الأطر القانونية والمؤسسية لها. ومن خلال الدولة وقوانينها وإجراءاتها تهذب كل الهويات الفرعية حتى لا تطغى على أساس الوحدة الوطنية.

والوحدة الوطنية والاجتماعية لا تُبنى إلا باحترام كل التنوعات الاجتماعية والثقافية المتوفرة في المجتمع. ومن دون الحماية القانونية لحالات التنوع لا يمكن بناء وحدة صلبة ومتماسكة.

• نشأت عدة مراكز للفكر ليس آخرها مركز تكوين، بماذا تصف هذه المراكز؟ وهل هي على مستوى الفكر الإسلامي؟

•• من المؤكد أن تطوير الحالة الفكرية في أي مجتمع، بحاجة إلى بناء مراكز ومؤسسات تعتني بقضايا الفكر وتعمل على توفير الإرادة المجتمعية لتطوير الفكر. ومركز تكوين ليس لدي رؤية متكاملة حوله. ولكننا ينبغي أن نتعامل مع كل المراكز والمؤسسات الفكرية بوصفها مراكز لتطوير الحالة الفكرية والثقافية في المجتمع.

• ماذا ترى بخصوص تجديد الخطاب الديني؟

•• من الضروري القول إن أي إنسان بحاجة أن ينسج علاقات جدلية ونقدية مع كل مقولاته وأفكاره؛ لأن هذه العلاقة الجدلية هي أساس التجديد في عالم الفكر والممارسات الفكرية. وهي القادرة؛ أي العلاقات الجدلية، على توفير الشروط النفسية والثقافية والاجتماعية لبلورة متطلبات التجديد. وطريق التجديد في مجتمعاتنا ليس معبداً أو سهلاً وأمامه العديد من الصعوبات والمآزق، ومن دون الاستعداد النفسي والعملي لدفع ثمن التجديد لن تتمكن مجتمعاتنا من القبض على حقيقة التغيير.

• هل تؤيد مشاريع الأنسنة، خصوصاً الثقافة والفكر؟

•• نحن نقف مع كل مشاريع الأنسنة على الصعيد الثقافة والفكر؛ لأن الأنسنة هي الخيار الطبيعي لإثراء الوجود الاجتماعي والإنساني.

• بماذا يمكننا امتصاص فورات التعصُّب من المكونات الاجتماعية في الوطن العربي؟

•• التعصب بوصفه ظاهرة نفسية ثقافية هو بحاجة لمعالجته من خلال بناء الحوامل الثقافية والاجتماعية المضادة لحقيقة التعصب النفسي والاجتماعي. ونعتقد أن هذا يتطلب منا إشباع الساحة الاجتماعية والثقافية بكل الآراء والأفكار؛ التي تعزز قيم الحوار والتسامح وتنبذ مقولات التعصب والتطرف، وبناء مؤسسات ثقافية واجتماعية تعنى بمكافحة التعصب وتعمل على إرساء معالم مؤسسية وثقافية مضادة لكل نزعات التعصب والتطرف. نعتقد أنه عبر هذه الخطوات نحن نعالج ظاهرة التعصب في الاجتماع العربي المعاصر.

• كيف تقرأ مواقف وائل حلاق، وطه عبدالرحمن، من الدين والدولة؟

•• أميل إلى مواقف وائل حلاق وبالذات في ما يتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة. وأعتبر أن ما كتبه الدكتور طه عبدالرحمن أقرب إلى الفكر الطوباوي والبعيد عن الممارسات التاريخية. فرؤية الدكتور طه عبدالرحمن رؤية طوباوية وتساهم في تعقيد العلاقة بين الدين والدولة.

• لماذا مال مفكرون كثر مع جورج طرابيشي في نقده لمحمد عابد الجابري؟

•• مال أكثر المثقفين إلى نقد جورج طرابيشي؛ لأن غالبية المثقفين اعتبروا أن محمد عابد الجابري تحول إلى سلطة معرفية، وأغلب المثقفين وقفوا ضد السلطة المعرفية التي تشكلت للجابري.

• أي المفكرين العرب خسرنا مشروعه؟

•• المفكرون العرب الذين خسرنا مشاريعهم الفكرية ثلاثة وهم: الدكتور حسين مروة؛ الذي برز في كل الأوضاع المغايرة لكتاباته الفكرية والمعرفية. والدكتور هشام جعيط؛ الذي قدم دراسة عميقة لمدينة الكوفة ودور هذه المدينة في الاجتماع الإسلامي. والدكتور فهمي جدعان؛ الذي بلور قراءة فكرية عميقة لظاهرة المحنة في التجربة العربية الإسلامية. فأحسب أن عطاءات هؤلاء المفكرين لم تحظَ باهتمام نوعي في العالم العربي.

• هل ما زال سؤال الغرب والشرق قائماً؟

•• نعم على المستوى الحضاري ما زال سؤال الغرب والشرق قائماً، ويبدو أنه سيستمر فترة زمنية طويلة.

• لماذا لم نرَ عبر التاريخ مفكرات من النساء، أو فيلسوفات؟

•• أحسب أن هذا النقص يطال كل المؤسسات التربوية والعلمية، ويتحملون مسؤولية مباشرة تجاه هذه الظاهرة المحيرة التي ينبغي أن تختفي من التجربة العربية والإسلامية المعاصرة.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزارة الثقافة تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين»

تنظم وزارة الثقافة النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتَين» في الرياض خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر المقبل في ميقا

تنظم وزارة الثقافة النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتَين» في الرياض خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر المقبل في ميقا استوديو بالرياض، وهو مهرجانٌ يجوب في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف المهرجان في هذه النسخة ثقافة الجمهورية العراقية ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويعيش فيه الزائر رحلةً استثنائية عبر الزمن، حيث يسلّط الضوء على محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، ويشمل أعمالًا فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعًا ثقافيًا أنيقًا وإبداعًا في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف» وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين، ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصورًا لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافية من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين، وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفن السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

وأخيرًا قسم «درب الوصل» الذي يستعرض مجالاتٍ مُنوَّعة من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، حيث يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافة السعودية والعراقية، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح، ومنطقة المطاعم التي تُقدم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءًا من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجارب فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الإستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة رؤية المملكة 2030.

Continue Reading

ثقافة وفن

وزير الثقافة يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في دورتها الثالثة

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم

برعاية وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، كرّم المجمع اليوم الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في أربعة فروع رئيسية، هي: (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها، وحوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية)، وبلغت قيمة الجوائز المخصصة للفئتين 1,600,000 ريال، إذ نال كل فائز من كل فرع 200,000 ريال.

وألقى الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي كلمة ثمن فيها الدعم والمؤازرة اللذين يجدهما المجمع من وزير الثقافة في عموم أعمال المجمع وبرامجه ومنها الجائزة؛ إذ تنطلق أعمال المجمع في مسارات أربعة وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، متوافقةً مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

بعد ذلك كُرّم الفائزون بالجائزة في دورتها الثالثة، من الأفراد والمؤسسات، من كل فرع بجوائزهم المستحقة، ففي فرع (تعليم اللغة العربية وتعلُّمها): مُنحَت الجائزة للدكتور خليل لوه لين من جمهورية الصين الشعبية في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنشر من المملكة العربية السعودية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (حوسبة اللغة العربية وخدمتها بالتقنيات الحديثة): مُنحَت الجائزة للدكتور عبدالمحسن بن عبيد الثبيتي من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، وللهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في فئة المؤسسات.

وفي فرع (أبحاث اللغة العربية ودراساتها العلمية): مُنحت الجائزة للدكتور عبدالله بن سليم الرشيد من المملكة العربية السعودية في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربية من جمهورية مصر العربية في فئة المؤسسات.

وفي فرع (نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعية اللُّغوية): مُنحت الجائزة للدكتور صالح بلعيد من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات العربية المتحدة في فئة المؤسسات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشمولية وسعة الانتشار، والفاعلية والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيمية للجان.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللغة العربية، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُوية اللُّغوية، وترسيخ الثقافة العربية، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبل زاهر للغة العربية، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وتمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللغة العربية، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.

يُذكر في هذا السياق أن جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية تؤكد دور المجمع في دعم اللغة العربية، وتعزيز رسالته في استثمار فرص خدمة اللغة العربية، والمحافظة على سلامتها، ودعمها نطقاً وكتابة، وتعزيز مكانتها عالمياً، ورفع مستوى الوعي بها، إضافة إلى اكتشاف الجديد من الأبحاث والأعمال والمبادرات في مجالات اللغة العربية؛ خدمةً للمحتوى المعرفي العالمي.

Continue Reading

ثقافة وفن

قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشِّعر عبد العزيز الفيصل

يحل رائد تحقيق الشعر الإسلامي والقديم في شبه الجزيرة العربية البروفيسور عبدالعزيز بن محمد الفيصل مساء غد (الاثنين)

يحل رائد تحقيق الشعر الإسلامي والقديم في شبه الجزيرة العربية البروفيسور عبدالعزيز بن محمد الفيصل مساء غد (الاثنين) ضيفاً على قيصرية الكتاب؛ بمناسبة صدور كتابه الأحدث «شعر بنى هلال في الجاهلية والإسلام إلى زمن التغريبة جمعاً وتحقيقاً ودراسة». ويتحدث الفيصل في الندوة، التي يديرها الإعلامي عبدالعزيز بن فهد العيد، عن جوانب من سيرته التعليمية والعلمية والعملية، وعلاقته الوطيدة بشعراء جزيرة العرب، إذ يعد من أوائل الأكاديميين السعوديين المتخصصين في الأدب العربي، وله ما ينيف على 20 مؤلفاً في الثقافة والأدب والتاريخ والشعر.

والفيصل من مواليد محافظة سدير عام 1943م، وشغل منصب أوّل عميد للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتولى تأسيس العمادة بكافة إداراتها ومرافقها، وأشرف على العديد من الرسائل العلمية، وعمل مستشاراً غير متفرغ في وزارة التخطيط لمدة ستة أعوام، وتم تكريمه من قِبَلِ الجمعية السعودية للدراسات الأثرية بجامعة الملك سعود، والنادي الأدبي بالرياض، ولُقّب من قِبَلِ هاتين الجهتين بـ«رائد تحقيق الشعر الإسلامي والقديم في شبه الجزيرة العربية». كما تمت إقامة ندوة عن المحتفى به، شارك فيها تسعة أكاديميين بسبعة بحوث عنه.

تعقد الندوة مساء غد في تمام الساعة ٧:٣٠ مساءً، بمقر قيصرية الكتاب بساحة العدل بمنطقة قصر الحكم بمدينة الرياض.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .