Connect with us

ثقافة وفن

محمد آل زلفة.. طفولة خضراء وحياة فكرية صاخبة!

ولد الدكتور محمد بن عبدالله بن سعيد آل زلفة الرفيدي القحطاني في عام 1944، في قرية المراغة التابعة لمحافظة أحد رفيدة

ولد الدكتور محمد بن عبدالله بن سعيد آل زلفة الرفيدي القحطاني في عام 1944، في قرية المراغة التابعة لمحافظة أحد رفيدة في منطقة عسير لعائلة قحطانية الأصل والنسب.

توفي والده وهو طفل صغير، فتولت رعايته ورعاية أشقائه والدته وأخواله. عاش آل زلفة سنوات طفولته الأولى في المراغة، بعد أن أصبح جده الرابع من كبار هذه البلدة، إذ شارك في وضع حدودها الغربية الفاصلة بينها وبين أملاك جيرانهم من قبيلة آل الحجل، بموجب وثيقة تحدد بشكل دقيق معالم حدود القرية من جهتها الجنوبية. استمر حضور عائلة آل زلفة في هذه القرية الكبيرة بتولي والده نيابة القرية، قبل أن تنتقل منه بعد وفاته إلى آخرين لصغر أولاده.

عشق الأرض

كان يوم ولادته يوم عيد، وأخذت جدته جزءاً من حبل السرة بعد ولادته ودفنته في وسط إحدى مزارعهم اعتقاداً منها أنّ هذا سيربطه بمحبة بالأرض، وربما كانت جدته على حق فارتباطه بهذه الأرض كان يفوق الوصف، ولعلّ من الصدف أنّ الجزء الذي دفن فيه جزء من حبله السّري أصبح جزءاً من نصيبه من الأرض بعد توزيعها بينه وبين إخوته.

نشأ آل زلفة في عائلة ميسورة تدر عليهم مزرعتهم غلة جيدة تؤمن لهم عيشة العوائل الميسورة. عاش طفولته مثل بقية أطفال القرية، وشارك مع عائلته في أعمال المزرعة بما يناسب سنّه، لذلك كانت أولى مهمة توكل إليه رعي صغار الغنم، أو ما يسمى بالبهم من الغنم في أطراف المزرعة كأول مهمة توكل إلى أي طفل في سنيّه الأولى، كما التقى في طفولته بأبناء وبنات الجيران الذين في سنّه، وإلى جانب رعي البهم كان يقوم بكثير من الألعاب مثل بناء البيوت من الرمل، والتباهي والتفاخر بما يتمّ بناؤه من البيوت الكبيرة.

دخل آل زلفة المدرسة في سن الثامنة، إذ كان الوحيد من أبناء القرية الذي عليه الذهاب إلى المدرسة التي تبعد عن بيته مسافة تقدر بـ3 كم عبر الشعاب والهضاب والوهاد، وكان يشعر مع هذا الانضباط اليومي بأنه مقيد، وأنّ الحياة روتينية لا يعجبه العيش فيها بهذه الطريقة، في الوقت الذي يذهب أقرانه وبعض إخوانه الأصغر منه سناً إلى اللعب والمرح ورعي البهم والغنم في الشعاب القريبة من بيتهم وليس لديهم همّ الذهاب إلى المدرسة واتباع طقوسها الروتينية.

كانت زراعة الأشجار المثمرة وغير المثمرة تستهويه ويظنّ أنّها تحقق له حلم والدته في بناء بيت ظلّت تحلم به، ومن أجل هذا قاوم آل زلفة معارضة أخيه ثابت زراعة الأشجار في أطراف المزرعة، لأنها كما يقول إذا كبرت أصبحت مأوى للطيور أثناء قرب حصاد الذرة، فكان يقتلعها دون مقاومة، ومع ذلك تمكّن آل زلفة من زراعة شجرتين أمام واجهة الباب الشرقي من قصر النائب فكبرتا، وتحولتا مع الوقت إلى ملكيته الخاصة بعد توزيع تركة أبيه.

حمل آل زلفة هذا الحُبّ المبكّر للزراعة إلى يوم الناس هذا، فأصبح بيته محاطاً بالأشجار من كل جانب، إضافة إلى ارتباط طفولته بمتطلبات غريبة، فقد كان يحبّ أن يُقدم له الطعام في إناء خاص لا يشترك معه فيه أحد، إضافة إلى إجهاده نفسه في طفولته بكتابة الكلمات بإصبعه على رمل المسجد أثناء أداء الصلاة.

الكتابة للمغتربين

بعد تجاوز الصف الرابع الابتدائي أصبح محمد آل زلفة جيداً إلى حدّ ما في الكتابة، كان سعيداً حينما تستعين به بعض نساء القرية في كتابة رسائلهنّ إلى أزواجهنّ المغتربين في كل من الرياض والمنطقة الشرقية، ولكن الأغلبية في الرياض حيث شهدت تلك المرحلة هجرة كثير من الرجال إليها للبحث عن عمل، بعد تبنّي الملك سعود (رحمه الله) مشاريع تنموية كبيرة في الرياض وغيرها من المدن، واستقطاب كثير من المواطنين في القطاع العسكري والأمني. كان آل زلفة يعيش هموم أولئك النسوة وهنّ يبثثن مشاعر لوعة فراق أبنائهنّ وذويهن.

في أحد مساجد مدينة الطائف تعرّف آل زلفة على الميكرفون الذي لم يكن يعرفه ولم يسمع عنه من قبل، ولم يتصور أنّ صوت الإمام ينقل من المحراب إلى الصندوق الصغير المعلق بالقرب منه عن طريق هذه السماعة، وفي إحدى العشش الملاصقة لحلقة الخضار في الطائف أكل الفول والتميس الذي يراه ويذوق طعمه لأوّل مرة في حياته، وفي المقهى المجاور لحلقة الخضار طلب «براد شاي» بعد أن سمع العامل في القهوة المكتظة بالزبائن يقول بصوت مرتفع: «أربعة أسود حلا برّا» مع أنه لم يعرف ماذا طلب!

قصاصة تقوده إلى عالم الكتب

علقت بذاكرة محمد آل زلفة قصاصة من مجلة وجدها ذات يوم على قارعة الطريق فيها صور لأشخاص وأخبار ومواضيع عن قضايا تدور أحداثها بين مصر وبلاد الشام، لم يكن يعرف وقتها قراءة الصحف أو المجلات أو الكتب والروايات التي تتحدث عن عالم آخر غير عالمه، لذلك لم يكن يفكر في الوسائل التي توصله إلى هذا العالم أو ذاك، لكنّ هذه القصاصة علقت في ذاكرته بصورها وحكاياتها، ومع الوقت وجد آل زلفة متعته الأولى في الأماكن التي توجد بها مكتبات لبيع الكتب وخاصة الكتب النادرة، فكان من أشد هواة اقتناء الكتب النادرة والبحث عنها في كل مدينة يذهب إليها، كمدينة كمبريدج في بريطانيا حيث درس في جامعتها سنوات، ولندن وأكسفورد، وإستانبول التي يوجد فيها أكبر وأقدم سوق لبيع الكتب، وأصبحت هذه الكتب نواة مكتبة مركز آل زلفة الثقافي والحضاري في قرية المراغة بمحافظة أحد رفيدة.

أحداث شكّلت حياته

كثيرة هي الأحداث والمواضيع والقضايا التي شكّلت حياة آل زلفة، إلّا أنّ سفره من خميس مشيط إلى الرياض في رحلة استغرقت سبعة أيام على ظهر سيارة «لوري» طلباً للعلم كانت ذات أثر كبير في حياته، أما الرحالة الإنجليزي ويليام بالجريف الذي وضع وصفاً رائعاً وخريطة مفصلة لقصر الحكم القديم في الديرة بعد أن زاره في عام 1279هـ إضافة إلى تقديمه وصفاً شاملاً لمدينة الرياض، بأحيائها ومساجدها وقصورها وساحاتها وحتى مقابرها وبواباتها المتعددة على السور الذي كان يحيط بالرياض من كل جهاتها، فقد ارتبط برحلة آل زلفة مع الكتابة والترجمة، إذ ترجم ما أورده بالجريف عن القصر وحياة الأمير والأوضاع السياسية في عاصمة الدولة أثناء وجوده في جامعة كمبريدج، بعد أن اشترى هناك الطبعة الثانية من كتاب بالجريف المطبوعة عام 1862، إذ نشرت هذه المقالة لأول مرة في مجلة التوباد في شوال من عام 1408هـ بعد عودته من البعثة وما كان لهذه المقالة أن تُنشر لولا تدخل الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمير الرياض حينذاك)، بعد رفض وزارة الإعلام في وقتها نشر هذه الترجمة بحجة أنّ بها ذكر اسم لإحدى بنات الإمام فيصل بن تركي التي كانت تقوم بعمل المستشارة السياسية لوالدها وكاتبة رسائله المهمة.

الوظائف ودراسة التاريخ

عمل آل زلفة في عدة وظائف قبل أن يتفرّغ لدراسة البكالوريوس في جامعة الملك سعود ومن ثمّ واصل الماجستير والدكتوراه في التخصص نفسه عن قناعة، فقد كان التاريخ يشغل تفكيره منذ أيام طفولته، لذلك بقي مرتبطاً بتاريخ الأمكنة، وقراءة ما يكتب عنها، ولعلّ في رسالته التي كتبها للدكتور عبدالله المدني بعد قراءته كتاب المدني عن الخبر ما يربط بين الإنسان والمكان الذي يولد أو يعمل فيه، إذ كان هذا الكتاب كما قال في رسالته يروي جانباً مهماً من تاريخ حياته في تلك المدينة الساحرة التي عاش فيها أجمل سنوات شبابه المبكر. وأضاف آل زلفة: في مكتباتها اقتنيت أول كتب قرأتها، في استوديوهاتها التقطت أولى صوري، في مطارها كانت أولى إطلالاتي على العالم، في مطاعمها أكلت أول طبق خليجي، في مدرستها المتوسطة أكملت المرحلة الإعدادية، في معهدها الثقافي تعلمتُ أول درس في اللغة الإنجليزية، على أرضها خفق قلبي بأول نبضة حب.

شيطنة آل زلفة

في حياة الدكتور محمد آل زلفة الكثير من الخصومات الفكرية التي وقف فيها مدافعاً عن أفكاره وقناعاته، ولعلّ أهمّ تلك القضايا قيادة المرأة السعودية للسيارة، إذ تعرض إبّان كان عضواً في مجلس الشورى لهجوم ونقد لاذعين بعد دعوته إلى مناقشة هذه القضية تحت قبة المجلس، إذ كان من أوائل المنادين بقيادة المرأة السيارة في وقتها، ورفضت اجتماعياً، وقوبلت آراؤه فيها بهجوم وممانعة ورفض، بل وصلت إلى المصادرة والتهديد!

كان آل زلفة قد رأى في منع المرأة من قيادة السيارة تحجيماً لدورها، وانتقاصاً من حقوقها، بعد أن بدأت كفكرة معه في 2005، وصادف أن عرضت في مجلس الشورى فكرة تجديد نظام المرور، إضافة إلى قضية السائق الأجنبي والتكاليف التي تنفق عليه، ويبدو أنّ آل زلفة الذي كان وقتها عضواً في المجلس رأى أنّ الوقت مناسب لعمل دراسة تقود إلى تمكين المرأة من قيادة سيارتها، حيث طرحت القضية ووعد بطرح توصية حول الموضوع، وبعدها بدأت الضجة الكبرى في المجلس وخارج أسواره، إذ «كيف يجرؤ على التحدث في أمر محرّم ومحاط بمحاذير عدة»، وكيف يطرح بمجلس الشورى، وكانت مبررات المعترضين على ذلك عدم وجود نصّ شرعي!

هذه القضية وما دار حولها من جدل في الصحف والمواقع جمعه آل زلفة في ما بعد في مجلدين من 1300 صفحة، ويبدو أنّ هذه الآراء الجريئة التي صرح بها آل زلفة كانت -كما يؤكد السفير والكاتب تركي الدخيل- سبباً في شيطنة آل زلفة، لأنه كان يرى أنّ من حقه التعبير عن هذه الأفكار. ويصف الدخيل آل زلفة بأنه شجاع في رأيه الذي حارب التشدد والتطرف منذ سنوات، وأنّ اسمه شكّل «بعبعاً» للكثيرين مع أنه لم يخالف الثوابت ولم يهدم الإسلام من الداخل. اليوم وبعد 78 عاماً من العطاء، يرقد الدكتور محمد آل زلفة على السرير الأبيض بعد أن تجاوز كلّ هذه الظروف والمعارك الفكرية ومعه الكثير من الانتصارات والكتب والإنجازات التي تحققت لفاعل كبير في حقل المعرفة، وكان لحضوره الوطني المشرّف أثره الكبير والمؤثر.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

ثقافة وفن

رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «بـراغ»

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ براغ) طيلة 65 عاماً، وتضمن التوثيق 22 عنواناً فرعياً.

وسلّط المصدر الببلوغرافي الضوء على إقامة خال الجصاني الشاعر العربي محمد مهدي الجواهري، في التشيك قرابة 30 عاماً (1961-1991)؛ منها سبعة متصلة (1961-1968)، و كتب الجواهري خلال إقامته في (براغ) نحو 30 قصيدة ومقطوعة؛ عشر منها، وفيها، عن التشيك وجمال وعطاء بلدهم الذي أطال من عمر الجواهري كما يثبت ذلك في قصيدته:

أطلتِ الشوطَ من عمري، اطالَ الله من عمركْ

ولا بلّغتُ بالشرّ، ولا بالسوءِ من خبـركْ..

ألا يا مزهرَ الخلدِ تغنى الدهرُ في وتركْ.

واحتفظ المثقفون التشيك، باعتزاز بذكرى إقامة الجواهري معهم، وهم يدركون تميّزه الشعري، إضافة لكونه رمزاً عراقياً وعربياً، وإنسانياً، وجسراً وطيداً بين ثقافتي البلدين، وتم وضع نصب (معلم) تذكاري له جوار شقته التي عاش فيها أزيد من ربع قرن بمنطقة براغ السادسة.

كما تناول الكتاب، الفنان والمفكر الرائد محمود صبري، ذو العطاءات التشكيلية وصاحب نظرية (واقعية الكم) الذي أقام في براغ فناناً ومفكراً وطنياً، وباحثاً إنسانياً نصف قرن (1963-2013).. وكذلك الباحث والكاتب والمترجم القدير مصطفى عبود الذي أقام بها من أواخر السبعينيات إلى 1985. والكاتب والصحفي شمران الياسري (أبو كاطع) منذ النصف الثاني من السبعينيات إلى عام 1981.. والكاتب والروائي يحيى بابان – جيان، من منتصف الستينيات إلى عام 2023. والفنان الكردي العراقي البارز قادر ديلان؛ الذي أقام وعمل في براغ لنحو عقدين إلى وفاته عام 1999. والباحث الجدير فالح عبد الجبار من عام 1979 إلى 1981.. وبشرى برتو، وذنون أيوب، وفاروق رضاعة، وفيصل السامر، ونوري عبد الرزاق، ومجيد الونداوي، ومهدي الحافظ..

واستعاد الجصاني مسيرة إذاعة براغ العربية، ومن أسهموا فيها، ومنهم: أحمد كريم، وأناهيد بوغوصيان، وحسين العامل، وزاهد محمد، وصادق الصايغ، وعادل مصري، وفائزة حلمي، ومفيد الجزائري، وموسى أسـد، ونضال وصفي طاهر.

كما تناول الجصاني المجلات الثقافية التي صدرت، وكذلك المتخصصة في شؤون سياسية واقتصادية، والسفراء، والدبلوماسيين، وأمسيات شعرية، وندوات أدبية وفكرية، ومعارض فنيّة، وحفلات موسيقية، ومؤلفات وتراجم، وأفلام ومخرجين، ومترجمين ومحررين، وكتب ومكتبات، ومحطات إعلامية، ومركز الجواهري، الذي أطلقه رواء الجصاني والدكتور محمد حسين الأعرجي، والمستعرب التشيكي (يارومير هايسكي)، وبدأ نشاطاته في منتصف عام 2002: و(بابيلون للإعلام والنشر)، كما تناول الكتاب باحثين وأكاديميين وعلماء.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .