في بادرة مميزة تعكس تكامل وتناغم الجهات الثقافية لدعم المشهد الثقافي، نظمت جمعية الثقافة والفنون بجدة ونادي جدة الأدبي حفلاً مميزاً لتكريم الدكتور سعيد السريحي القامة النقدية والأدبية التي كان لها حضورها الكبير والفاعل في المشهد الثقافي العربي وفي التصدي مبكراً للجبهات المضادة لتيار الحداثة، فضلاً عن دوره الإعلامي المميز في بلاط صاحبة الجلالة.
أقيم الحفل بحضور جمع غفير من المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين وتضمن الحفل تدشين كتاب السريحي في الجناح الفوتوغرافي الذي حمل اسم (سعيد في الصورة).
ثم بدأ الحفل الخطابي الذي قدمه الإعلامي سعد زهير وتحدث عن مكانة سعيد السريحي وعن مواصلة الجمعية والنادي الأدبي العمل المشترك في جميع الفعاليات بتناغم مميز وانسجام يعكس وعي القائمين عليهما.
ألقى رئيس النادي الأدبي الأستاذ الدكتور عبدالله عويقل السلمي كلمة اللجنة المنظمة وقال: «لا نملك في هذا المساء الذي لا يتجاوز كونه تعبيراً رمزيّاً لمكانة هذا الرمز إلا أن نطلب منه أن يقبلها منا (نادياً وجمعية ثقافة وفنون) ولا أملك – شخصيّاً ونيابة عن رفيق الدرب وجار المكان والصديق الوفي محمد آل صبيح – إلا أن نقول: إن ما يقدمه السريحي للنادي والجمعية بخاصة وللأدب والثقافة بعامة يتجاوز كونه قطرات ندى تبل صدى مؤسستي جدة في زمن صوحت بل تصحرت حدائق الأدب الغنَّاء، لكنّه ناقد وطن، وأديب حقبة، ورمز مرحلة، فما قدّمه ويقدّمه د. سعيد السريحي هو كم من أضاميم المعرفة… وكنز في أضابير النقد، وجرابٌ من الوعي يحتسي منه كلّ مريد».
تلى ذلك تقديم فيلم بعنوان «رحلة العالم وعبق العالم» عن السريحي تضمن كلمات لكل من: الدكتور عبدالعزيز خوحة وحديثه عن مكانة سعيد واستحقاقه للدكتوراه كما تضمن حديث محمد آل صبيح عن الهدايا المقدمة للسريحي التي عمل عليها الفنانان التشكيليان هشام بنجابي ومها الكافي والفوتوغرافي خالد خضر، واستعرض الفيلم جلسات منتدى جدة للدراسات النقدية في الجمعية وتحويله من قبل جامعة الملك عبدالعزيز ممثلة في عمادة شؤون المكتبات إلى منتدى تقني يتوافق مع التطلعات.
وأكد وكيل العمادة الدكتور غسان النويمي أن هذا المنتدى يأتي تقديراً للسريحي الذي أسسه وعمل على أن يثري الثقافة والفكر العربي بمخرجاته.
ثم قدم الفنان حسن اسكندراني أغنية يا خليص التي كتبها السريحي
خليص
لخليص، لليل المشجر سواليف
ولوجيه بيض سدرة الروح ترقى
ولوجيه غابت عن مسانا مواليف
جينا نكز القاف غرب وشرقا
وللضحكة اللي في نباها تقاطيف
ضحكة طفل ما ناشها يوم فرقا
وللحسرة اللي في القلوب المواجيف
لو ما اسفرت غصت بها الروح شرقا
جينا على حدب القوافي المراهيف
يوم اقبلت يا شينها خيل برقا
يوم تجمعنا على زين توليف
وأيام تحرق كثلة الروح حرقا
كن السطر فيها رجال مكاتيف
والنقط من فوقه مخاليق غرقا
يا خليص درب الشعر عزم وتخويف
وحروف بيضٍ حبرها أنياب زرقا
والله لو ما الشعر موت وصواريف
كان المنية تسرق الروح سرقا
ثم أدار الأستاذ مهدي الزهراني ندوة «مسارات من حياة السريحي» و شارك فيها كل من: الدكتور عبدالله الخطيب في محور الخطاب الإنساني لدى السريحي.
أ. هاشم الجحدلي: في محور المسيرة الصحفية للسريحي.
الدكتور عادل خميس في محور خطاب السريحي النقدي.
وقال الدكتور عبدالله الخطيب «قضى سعيد السريحي حياتَه العلميَّة والمعرفيَّة محاوِلاً ضرب وتقويض المقولات المركزية التي تروج داخل الأقواس، لكنه لا يتردد في الإعلان عن أن ميدان معركته خارج هذه الأقواس، تاركاً المهمة للمتلقي في أن يجتهد في العبور إليها وتحمُّل مسؤوليَّة هذا العبور».
بينما قال الدكتور عادل خميس «فكرة النقض التي آمن بها السريحي مبكراً على هاجس فلسفي مهم يكاد يكون المحرّك الأول خلف سؤال النقد الحديث؛ وهو أن كل قراءة لا بد أن تحمل -ولو ضمنياً- تكسيراً في بناء سابق، بقدر ما تمثّل إضافة له».
في الجانب الآخر تحدث هاشم الجحدلي عن مهنية سعيد السريحي الصحفية ومواقفة النبيلة وقدرته على صناعة الدهشة وشهدت الندوة مداخلات عدد من الحضور.
في ختام الحفل تحدث السريحي بكلمة مؤثرة تفاعل معها الجميع.
وشهدت الندوة مداخلات كل من الدكتور عثمان الصيني والدكتور عبدالله دحلان وصالح بوقري والروائي عبده خال والدكتور الشاعر صالح الشادي والدكتورة صلوح السريحي وعدد من الحضور، وقبل التكريم تحدث السريحي بنبرة صوته الدافئ وقال: «كانت مجاملة منكم أخذت بها حتى ظننت أني مثل ما وصفوا»
وفي الختام قدمت عدد من الأعمال الفنية ومنها بورتريه للسريحي رسم على حجر العقيق عملت عليه الفنانة التشكيلية مها الكافي، وبورتريه عمل عليه الفنان هشام بنجابي، وصورة فوتوغرافيه من أعمال الفنان خالد خضر، ثم قدم الفنان فيصل الخديدي هدية من أعماله المميزة.