Connect with us

الثقافة و الفن

فيلم هوبال: صلابة النموذج الزهدي وهشاشته

مجالات الكتابة عن السينما ليست محصورة على النقد السينمائي. فمن المنطقي أن تستهوي السينما، كفضاء جمالي ومجال تعبيري

Published

on

مجالات الكتابة عن السينما ليست محصورة على النقد السينمائي. فمن المنطقي أن تستهوي السينما، كفضاء جمالي ومجال تعبيري مكثّف، مهتمين من مجالات شتّى للكتابة عنها وحولها. لذلك، فإن هذه المقالة عن فيلم «هوبال» لن تكون نقداً سينمائياً صرفاً. وتحديداً، أحاول في هذه المقالة مداخلة الفيلم من زاوية التاريخ الاجتماعي لمجتمعنا. بالتحديد، من زاوية عدم صمود النموذج الزهدي المحلي في وجه التحديث، مقارنة بصلابة نظيره الأمريكي مثلاً.

باختصار، قصة الفيلم عن عائلة تعيش في الصحراء حياة البدو الرحّل، خيام وجمال وأساليب إنتاج (رعي الماشية) وألبسة ولهجة. غير أنهم ليسوا بدواً رحّلاً، بالمعنى التقني للمفهوم. بداوتهم مصطنعة. بتعبير أدق، بداوة دونكيشوتية. فالعائلة، لا تعيش حياة البداوة كجزء من قبيلة بدوية. إذ لو أطل أحد على المكان من علٍ فلن يرى مضارب بدو. بل فقط عائلة وحيدة اختارت عمداً أسلوب عيش في طور الزوال (القصة تحدث مطلع التسعينات. وقتها، مثّل السكان الرحل 2% من مجمل سكان المملكة، كما أظهرت نتائج تعداد 1992، مقابل نصف سكان المملكة في تعداد 1974). والمدينة لدى العائلة ليست فقط مرذولة أخلاقياً، كما كانت لأسلاف العائلة من البدو الرحّل. بل محرّمة دينياً. والصرامة الدينية بالغة مما لا تتسم به أساليب عيش البدو في الأزمان الغابرة، فتكيف البدو مع البيئة القاسية كان يستلزم نظاماً دينياً مرناً. نحن، إذاً، بإزاء بداوة مصطنعة. وهذا الاصطناع هو مدخلي لقراءة الفيلم. ففيلم (هوبال) ليس عن البداوة. بل عن الأزمة الوجودية للإنسان. عن ضياع اليقين في وجود تتضارب فيه مظاهر الحقيقة. وهذا ما تبدى في نهاية الفيلم، فالذي أخلص للأب في رحلته الأبدية داخل الدحل لم يكن أحد أبنائه الذين التزموا برؤيته. بل كان الأبن المنبوذ لأكله تفاحة المدينة. فيما رحل الابن الأصغر للمدينة المتحررة توّاً وورث شنار عن أبيه الرحيل في مجاهل البريّة.

ثيمة الفيلم صِيغت بلغة سينمائية رفيعة، من خلال ظاهرة بشرية متكررة، خاصة في الثقافات ذات الطابع الديني الزهدي. ظاهرة رفض العالم واعتزاله. أو ما يمكن تسميته بالانسلاخ عن المجتمع المحيط ومحاولة إنشاء مجتمع متطهر. الذي حدث في «هوبال» أن وقائع هذا الرفض جرت في بيئة بدوية، وكان نجاح الفيلم باهراً في تقديم حياة الجماعة في المعتزل البري. لكن كثيمة، كان يمكن أن تحدث وقائع القصة من خلال أي شكل اجتماعي، بدو رحّل أو مزارعين مستقرين.

الصورة التقليدية للانعزال لأسباب تعبدية عن العالم المنغمس في المشاغل الدنيوية، بخيرها وشرها، هي ظاهرة المعابد والصوامع والأديرة المنعزلة في أماكن تخلو من البشر، سواء صحاري أو غابات. وهناك نماذج لهذه الصورة في مختلف الديانات، السماوية والآسيوية والأفريقية. إنهم أشخاص صرفوا حياتهم للعبادة الصرفة. إنما المثير هو الانعزال لجماعات بأكملها، برجالها ونسائها وأطفالها، لأسباب يتداخل فيها الديني مع الهوياتي والأخلاقي. وهذه ظاهرة نادرة، وقد يخلو تاريخ مجتمعات منها بشكل تام. تلعب عوامل عدة في تكّون مثل هذه الجماعات. قد يكون الانعزال بسبب الذاكرة السلبية للجماعة مع الاضطهاد الديني من المجتمع المحيط. وقد يرجع «الانشقاق» أصلا لوجود قادة قرروا أخذ الجماعة إلى اعتزال المجتمع وآثامه. وكثيرا ما يحدث الانعزال كرفض للتغيرات الاجتماعية أو الدينية، خاصة مع التحديث، أو لكليهما سوياً.

أخبار ذات صلة

تعد جماعة الآميش في أمريكا تجسيدا لمجتمع كامل يعتزل المجتمع الأكبر، وليس فقط عبّاداً يعتزلون لأسباب دينية. الأساس التاريخي للجماعة هو رفض أي «تأويل» للكتاب المقدس، واتباع تعاليمه حرفياً. إذ ظهرت الجماعة ضمن عصر الإصلاح الديني في أوروبا، في القرنين السادس والسابع عشر، والذي تمخض عنه ظهور المذهب البروتستانتي. قبل ثلاثة قرون، فرّت الجماعة بدينها إلى أمريكا، حيث توجد إلى اليوم. من سماتها: العيش في مستوطنات منعزلة عن المجتمع الأكبر، ورفض واسع للتكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك السيارات، الاعتماد على العمل اليدوي مع احترام قيمة العمل (منتجاتهم مشهود لها بالجودة)، وأدوار تقليدية للمرأة، العائلة والمزرعة، وأخلاق زهدية، وسماحة، وتواضع. في قرى الآميش، لا كهرباء ولا سيارات ولا مكائن. الأسر تهجع إلى النوم باكراً جداً وتستيقظ قبيل الفجر للعمل طوال اليوم. تعليم الأطفال ديني وبسيط. إذا بلغ الشاب لديهم التاسعة عشرة من العمر أرسلوه للمدينة لسنة، ويقرر بعدها إن كان سيكمل حياته في المدينة، أم يعود إلى حضن جماعته. والغريب أن أكثر شبانهم يهجرون المدينة ويعودون إلى الجماعة التي نشأوا فيها.

لم يخلُ تاريخنا المحلي من جماعات حاولت أن تعتزل المجتمع الأكبر لأسباب دينية. حدث هذا مع مجموعات متفرقة وأكثر من مرة. وحدث لجماعات ذات أصول حضرية أو بدوية. وفي تاريخنا الاجتماعي، ينتج عن تفاعل المرجعية الدينية التطهرية مع تجربة المجتمع في التحديث المتسارع ظهور جماعات تختار اعتزال المدينة. يذكر ناصر الحزيمي، في كتابه «أيام مع جيهمان»، اختيار ثلاثة من أعضاء الجماعة السلفية المحتسبة الهجرة الطوعية إلى البر بُعداً عن خطايا المدينة وفتنها. ولأنها بداوة مصطنعة، حيث لا مراعي ولا «حلال» فقد تهاوت التجربة سريعاً. قبل ذلك بأكثر من عقد، اعتزل ثلاثة من سكان بريدة المدينة، وللأسباب ذاتها، مهاجرين إلى قرية بعيدة على أطراف منطقة المدينة المنورة. وأيضا لم تدم التجربة طويلاً. التجارب التي كانت لها استدامة أكثر كانت إنشاء أحياء خاصة ذات مظهر تطهري متقشف في بعض المدن، كما في حي الخبيبية غربي بريدة.

تتشابه التجربتين المحلية والأمريكية في أمور وتختلف في أمور؛ يتشابهان في صدورهما عن محاولة التطبيق الحرفي للتعاليم الدينية، وهذه منطقة تشابه بين السلفية الخالصة والتطهرية السلفية. ويختلفان في السياقات التاريخية لظهور هذا المنظور للدين ومدى استدامته. فإن كان المنظور النصي ذا أبعاد تاريخية عميقة في الدين الإسلامي، إذ هو أحد أوجه المدرسة السلفية، فإنه جديد نسبياً على التجربة المسيحية. فلم تعرف المسيحية هذا المنظور النصي للكتاب المقدس إلا مع حركات الإصلاح الديني في أوروبا خلال القرن السادس عشر؛ أي بعد أكثر من خمسة عشر قرناً من ظهور المسيح. لقد أفضت الفتوى اللوثرية بجواز ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات المحلية الأوروبية إلى تعميم القدرة على قراءة الإنجيل، بعد أن كان محصوراً على الكهنوت الكاثوليكي الحالي للكتاب المقدس داخل اللغة اللاتينية فقط، حارماً عموم المسيحيين من التواصل مباشرة مع خطاب الرب ومراده. نتج عن ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات المحلية وقراءته من قبل عموم الناس ظهور جماعات تريد أن تتبع الإنجيل حرفياً، كرد منطقي على تحريف الكنيسة الكاثوليكية وفسادها. وأحد نتاجات هذ التمثل الحرفي للكتاب المقدس كانت جماعة الآميش، التي ظلت، كجماعة وأسلوب حياة، قائمة لأكثر من أربعة قرون. في المقابل، لم يعرف عالم الإسلام جماعة بهذا «العناد». ففي سياقنا المحلي انمحى الرفض سريعاً وذابت الجماعات الصغيرة وسط المجتمع. الجماعات الانعزالية في تجربتنا المحلية هشة وغير قادرة على مقاومة الزمن. ويحدث التغير فيها خلال جيل واحد فقط.

جسّد فيلم هوبال هذه الهشاشة ببراعة. فالجماعة/‏‏‏‏الأسرة منعزلة بناء على قرار الأب، الذي ضرب حول المدينة سوار الخطيئة وحرّم ورودها على ذريته. الأسرة منشدة إلى الأب/‏‏‏‏ كلي القدرة ومنصاعة لتعاليمه بواعز من نظام أخلاقي قوي نجح الأبوان في زرعه داخل نفوس الأبناء والأحفاد، بلا استثناء. حتى الخارجين على تعاليم الأب فعلوا ذلك دون «قتل» للأب داخل النفوس. مع ذلك، فإن البناء الاجتماعي للأسرة هش. ثنائية حب الأب، ليام، وتهاوي تعاليمه تسري طوال الفيلم. اثنان من الأبناء قررّا تحدي تعاليمه صراحة. آخر، أي شنار، كومة من النفاق والثنائية، فهو أكثر من أطاع الأب وأكثر من تنعّم برفاه المدينة وطراوتها، محولاً تزلفه للأب إلى رأسمال للّهو واللذة. للابن الأصغر، بتّال، مخازيه الصغيرة (شرب التنباك) وتوقه للتحرر من أسر الأب. أما الابن المتّبع لأبيه بقلب سليم، أي نهار، فاستحال كومة من روح عذبتها آثام القتل في سبيل حراسة تعاليم الأب. وباستثناء الأم، صنو الأب وتابعته بإخلاص، فإن نساء العائلة مغتربات عن رؤية الأب وخياراته، مطمورات بالخوف والتعاسة ورغبة الانعتاق. حلّت الجائحة بالجماعة المنعزلة لتكشف عن هشاشتها، بنائها، وإمكانيات تهاوي نمطها تحت مطارق الموت، الموت الذي تقف شاهدا له السيارات المعطوبة والألبسة وشواهد القبور. ثمة تصدّع في خيار هجران الحياة الحديثة يحدث في الفيلم، مثلما حدث لتجارب هجران المدينة في تاريخنا الاجتماعي. هذا التصدع لم يلحق جماعة الآميش مثلاً، فصمد نموذجها في وجه التحديث والمدنية على مدى قرون! ولئن توسل الفيلم بعجز الطب التقليدي عن مقاومة الجائحة كثيمة للانهيار الكلي لخيار هجران المدينة، فإنه جسّد عدم ثبات أيديولوجيا الانعزال زهداً في نفوس جماعة ليام وعدم قدرة خيار الزهد على الاستمرار في صد مغريات المدنية، وهذا بالضبط ما حدث لنموذجنا المحلي في هجران المدينة زهداً وورعاً.

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

مسلسل علي كلاي: أحمد العوضي ودرة في دراما رمضان 2025

تعرف على تفاصيل مسلسل علي كلاي بطولة أحمد العوضي ودرة في رمضان. قصة ملاكم وسيدة من حارة شعبية في أول تعاون درامي يجمع النجمين في سوق التوفيقية.

Published

on

أحمد العوضي ودرة في كواليس مسلسل علي كلاي

في خطوة ترفع سقف التوقعات للموسم الدرامي الرمضاني المقبل، كشف الفنان المصري أحمد العوضي عن الصور الأولى من كواليس مسلسله الجديد «علي كلاي»، الذي يجمعه لأول مرة بالنجمة التونسية درة، في تجربة درامية تراهن على التيمة الشعبية التي حققت نجاحات واسعة في السنوات الأخيرة.

التعاون الأول: كيمياء فنية منتظرة

يعد هذا العمل هو اللقاء الدرامي الأول الذي يجمع بين العوضي ودرة، وهو ما أثار اهتمام الجمهور والنقاد على حد سواء. وقد شارك العوضي جمهوره عبر منصة «إنستغرام» صورة تجمعه بشريكته في البطولة، معلقاً: «علي وميادة.. استنوا النجمة درة في ميادة الديناري بمسلسل علي كلاي». هذا الإعلان لم يكن مجرد كشف عن أسماء الشخصيات، بل كان إشارة لبدء مرحلة الترويج لعمل يتوقع أن يكون الحصان الأسود في السباق الرمضاني، نظراً للشعبية الجارفة التي يتمتع بها النجمان.

الدراما الشعبية: ملعب العوضي المفضل

يأتي مسلسل «علي كلاي» استكمالاً لمسيرة أحمد العوضي في تقديم شخصية «البطل الشعبي» أو «ابن البلد»، وهي النوعية التي برع فيها خلال المواسم الماضية وحققت له قاعدة جماهيرية عريضة في الشارع المصري والعربي. وتدور أحداث المسلسل حول شخصية ملاكم يدعى «علي»، يجسد صراع الإنسان البسيط الذي يواجه تحديات الحياة بقبضته وقلبه، ممزقاً بين طموحه الرياضي داخل الحلبة وبين ضغوط الحياة اليومية القاسية.

درة تتخلى عن الأرستقراطية وتدخل «سوق التوفيقية»

في تحول لافت عن أدوارها السابقة التي غلب عليها الطابع الأرستقراطية أو الفتاة العصرية، تظهر الفنانة درة في «علي كلاي» بشخصية «ميادة الديناري»، وهي سيدة قوية تدير عدداً من المحلات التجارية في «سوق التوفيقية» الشهير بوسط القاهرة. يعكس مظهر درة في الصور المنشورة انغماسها الكامل في تفاصيل الشخصية الشعبية، من حيث الملابس وطريقة الظهور، مما يشير إلى رهانها على تقديم أداء تمثيلي مختلف يبرز قدرتها على التلون وتجسيد واقع المرأة المصرية المكافحة التي تمثل سنداً لزوجها في مواجهة الأزمات.

فريق العمل والسياق الإنتاجي

المسلسل من تأليف الكاتب محمود حمدان، الذي شكل ثنائياً ناجحاً مع العوضي في أعمال سابقة، ومن إخراج محمد عبد السلام. وتعتمد الحبكة الدرامية للعمل على المزج بين الإثارة والتشويق والدراما الاجتماعية الإنسانية. ويشارك في البطولة نخبة من النجوم، منهم يارا السكري، محمود البزاوي، سينتيا خليفة، انتصار، الشحات مبروك، ريم سامي، ومحمد ثروت. هذا التنوع في طاقم العمل يضمن تقديم لوحة درامية متكاملة تعكس نبض الشارع المصري وتناقش قضايا تهم قطاعاً عريضاً من الجمهور.

المنافسة الرمضانية وتوقعات النجاح

مع اقتراب شهر رمضان، تتجه الأنظار إلى الأعمال التي تعتمد على التيمة الشعبية، حيث أثبتت الإحصائيات في السنوات الأخيرة أن هذه النوعية من المسلسلات تحظى بأعلى نسب مشاهدة، خاصة تلك التي تلامس هموم الطبقة المتوسطة والكادحة. ومن المتوقع أن يحجز مسلسل «علي كلاي» مكاناً متقدماً في قائمة المشاهدات، مستفيداً من نجومية أبطاله والحبكة الدرامية التي تجمع بين «الأكشن» والمشاعر الإنسانية في إطار اجتماعي محكم.

Continue Reading

الثقافة و الفن

الفيلم السعودي اختطفت مرتين يفوز بجائزة الطاووس الذهبي

حقق الفيلم الوثائقي السعودي اختطفت مرتين إنجازاً عالمياً بفوزه بجائزة الطاووس الذهبي في قمة ICON، مما يعكس تطور السينما السعودية ضمن رؤية 2030.

Published

on

سجلت السينما السعودية إنجازاً دولياً جديداً يضاف إلى سجل نجاحاتها المتنامي، حيث حصد الفيلم الوثائقي السعودي «اختُطِفت مرتين» جائزة الطاووس الذهبي المرموقة ضمن فعاليات قمة «ICON SUMMIT». ويأتي هذا التتويج ليعكس المستوى الفني الرفيع الذي وصل إليه صناع الأفلام في المملكة العربية السعودية، وقدرتهم على المنافسة في المحافل الدولية عبر طرح قضايا إنسانية واجتماعية بأسلوب سينمائي متقن.

قفزة نوعية للسينما السعودية

لا يعد فوز فيلم «اختُطِفت مرتين» مجرد حدث عابر، بل هو مؤشر حقيقي على القفزة النوعية التي يشهدها قطاع الأفلام في المملكة. يأتي هذا الإنجاز في وقت تشهد فيه الصناعة السينمائية حراكاً غير مسبوق بدعم مباشر من وزارة الثقافة وهيئة الأفلام، وذلك تماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي أولت الفنون والثقافة اهتماماً بالغاً باعتبارها أحد ركائز جودة الحياة والقوة الناعمة للمملكة.

وقد ساهمت البنية التحتية المتطورة وبرامج الدعم والتمويل، مثل «ضوء» وغيرها من المبادرات، في تمكين المخرجين والمنتجين السعوديين من تحويل قصصهم المحلية إلى أعمال بصرية تلامس الوجدان العالمي. ويعتبر هذا الفوز دليلاً على أن القصص السعودية تمتلك مقومات العالمية متى ما توفرت لها الأدوات الإنتاجية المناسبة.

أهمية الفيلم الوثائقي في توثيق الواقع

تكمن أهمية هذا التتويج في كونه ذهب لفيلم وثائقي، وهو نمط سينمائي يتطلب جهداً بحثياً وسردياً خاصاً. تلعب الأفلام الوثائقية دوراً محورياً في توثيق الذاكرة الجمعية وتسليط الضوء على القصص الإنسانية المؤثرة. ويشير حصول الفيلم على «الطاووس الذهبي» إلى نجاح فريق العمل في تقديم معالجة بصرية وسردية متميزة جذبت انتباه لجان التحكيم الدولية، مما يؤكد نضج التجربة الوثائقية في السعودية.

الأثر الإقليمي والدولي

على الصعيد الإقليمي والدولي، يساهم هذا الفوز في تعزيز حضور المملكة على خارطة السينما العالمية. إن تواجد الأفلام السعودية في المهرجانات والقمم الدولية وحصدها للجوائز يغير الصورة النمطية ويعزز من التبادل الثقافي بين الشعوب. كما أنه يفتح الباب واسعاً أمام المواهب السعودية الشابة، محفزاً إياهم على خوض غمار التجربة السينمائية بثقة أكبر، مع العلم أن أعمالهم قادرة على الوصول إلى أبعد مدى.

ختاماً، يمثل فوز «اختُطِفت مرتين» في ICON SUMMIT لبنة جديدة في بناء صرح سينمائي سعودي قوي، يعد بمستقبل واعد مليء بالإبداع والتميز، ويؤكد أن الصوت السعودي بات مسموعاً ومقدراً في أروقة الفن العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

تحضيرات فيلم العيون الساهرة بقيادة فيليب نويس وهيئة الترفيه

تعرف على تفاصيل فيلم العيون الساهرة من إنتاج هيئة الترفيه وإخراج العالمي فيليب نويس. خطوة جديدة نحو العالمية في السينما السعودية ضمن مبادرات صندوق Big Time.

Published

on

بدأت العجلات تدور في أروقة صناعة السينما السعودية مع الإعلان الرسمي عن انطلاق التحضيرات الأولية لفيلم «العيون الساهرة»، وهو أحدث المشاريع السينمائية الضخمة التي تقف وراءها الهيئة العامة للترفيه في المملكة العربية السعودية. ويأتي هذا العمل ليشكل نقطة تحول نوعية في مسار الإنتاج السينمائي العربي، خاصة مع إسناد مهمة الإخراج إلى المخرج الأسترالي العالمي فيليب نويس، مما يعد سابقة مميزة في دمج الخبرات الهوليوودة بالقصص المحلية.

فيليب نويس: خبرة عالمية في خدمة السينما السعودية

يعد انضمام فيليب نويس لهذا المشروع مكسباً كبيراً للساحة الفنية في المنطقة، حيث يمتلك نويس سجلاً حافلاً في هوليوود يمتد لعقود. وقد اشتهر بإخراجه لروائع سينمائية جمعت بين الإثارة والدراما العميقة، مثل فيلم «Salt» للنجمة أنجلينا جولي، وفيلم «Clear and Present Danger» للنجم هاريسون فورد، بالإضافة إلى فيلم «The Bone Collector». إن وجود اسم بهذا الثقل الفني يعكس الرغبة الجادة لدى الهيئة العامة للترفيه في تقديم منتج بصري يضاهي المعايير العالمية من حيث الجودة الفنية، وتقنيات التصوير، والسرد القصصي، ليخرج عن النمطية المعتادة في بعض الإنتاجات المحلية.

سياق مبادرة Big Time ودعم المحتوى العربي

يأتي فيلم «العيون الساهرة» ضمن حزمة من المشاريع الاستراتيجية التي أعلن عنها المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، تحت مظلة صندوق «Big Time» الاستثماري. تم تأسيس هذا الصندوق خصيصاً لرفع جودة المحتوى العربي والارتقاء بصناعة السينما في المملكة والوطن العربي. وتهدف هذه المبادرات إلى ضخ دماء جديدة في الشريان السينمائي، ليس فقط عبر التمويل السخي، بل من خلال استقطاب الخبرات الأجنبية العريقة لدمجها مع المواهب السعودية الشابة، مما يخلق بيئة خصبة لتبادل المعرفة وتطوير المهارات.

رؤية 2030 وأثرها على المشهد الثقافي

لا يمكن فصل هذا الحدث الفني عن السياق العام الذي تعيشه المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030، التي أولت قطاعي الثقافة والترفيه اهتماماً غير مسبوق. فبعد سنوات قليلة من إعادة افتتاح دور السينما، تحولت المملكة إلى سوق سينمائي واعد ووجهة جاذبة للاستثمار الفني. إن إنتاج فيلم بحجم «العيون الساهرة» يرسخ مكانة المملكة كمركز ثقل لصناعة الأفلام في الشرق الأوسط، ويؤكد على استراتيجية توطين الصناعة السينمائية عبر الاحتكاك المباشر مع كبار صناع الفن في العالم.

التأثير المتوقع محلياً ودولياً

من المتوقع أن يحدث هذا العمل صدى واسعاً وتأثيراً ملموساً على المستويين المحلي والدولي. فعلى الصعيد المحلي، سيوفر الفيلم فرصاً تدريبية ووظيفية هائلة للكوادر السعودية في مجالات التصوير، والإضاءة، والإنتاج، والتمثيل، مما يساهم في بناء جيل جديد من المحترفين. أما إقليمياً ودولياً، فمن شأن هذه الشراكات مع مخرجين بحجم فيليب نويس أن تفتح الباب واسعاً أمام توزيع الفيلم في صالات عرض عالمية ومنصات بث دولية، مما يساهم في تصدير الثقافة السعودية وسرد قصصها بلسان محلي وتقنيات عالمية، معززاً بذلك القوة الناعمة للمملكة في المحافل الدولية.

Continue Reading

Trending