Connect with us

الثقافة و الفن

عوالم وأسرار وأساطير من «تيجان حِمْيَر»

لم يكترث الشاعر والأديب اليمني عبدالعزيز المقالح حين قرأ لأول مرة كتاب «التيجان في ملوك حمير» لوهب بن منبه، وكان

Published

on

لم يكترث الشاعر والأديب اليمني عبدالعزيز المقالح حين قرأ لأول مرة كتاب «التيجان في ملوك حمير» لوهب بن منبه، وكان يستغرب كثيراً من اهتمام الناس بهذا الكتاب واللهث وراءه، يقول: «قرأته لأول مرة -صدفة- في بداية حياتي الأدبية، حين عثرت عليه في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، ولم تثر قراءتي له أية حماسة، لأنه لا يزيد في نظري على مجموعة من الأساطير والأسمار والأخبار المثيرة، خاصة في ما يتعلق بأخبار آدم وبقية الأنبياء عليهم السلام، وما دار بين أبناء نوح من صراع، إن ما يسمى بالإسرائيليات واضح كل الوضوح في هذا الكتاب»، ولكن تدور الأيام والسنوات، وبعد إلحاح الناس وسؤالهم عن هذا الكتاب، قررت أن أقرأه مرة أخرى، يقول المقالح: لكن في هذه المرة أسرتني الدهشة وأصابني الذهول، واكتشفت أنني أمام كنز ثمين حقاً.

يعد وهب بن منبه (ت 114هـ) من أوائل المؤرخين العرب، يأتي اسمه في طليعة الشخصيات التي ساهمت في تدوين التراث العربي القديم، وقد اعتد به كثير من المؤرخين المعاصرين، وابتدأوا بذكر اسمه وآثاره حين يأتي الحديث عن بدايات التدوين التاريخي، وأوائل المؤلفات العربية، فأفرد له المؤرخ الكبير عبدالعزيز الدوي فصلاً في كتابه «نشأة علم التاريخ عند العرب»، وأشار له جواد علي في موسوعته «المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام»، وترجم له فؤاد سزكين في الجزء الثاني من «تاريخ التراث العربي»، وغيرهم كثر.

يمثل وهب بن منبه خطاً مختلفاً في التاريخ عن مدرسة المدينة، فهو رمز لمدرسة أهل اليمن، ويغلب على كتاباته النزعة اليمانية الواضحة، وعنايته بتاريخ الممالك العربية في اليمن، وإضافة إلى دوره الكبير في إدخال العناصر الأجنبية من الثقافة اليهودية التوراتية إلى المسلمين، في قصص الأنبياء وأخبارهم.

وقد ترجم له خير الدين الزركلي ترجمة ضافية في كتابه «الأعلام»، يقول: وهب بن منبه الأبناوي الصنعاني الذماري، (34 – 114 ه‍ = 654 – 732 م) أبو عبد الله: مؤرخ، كثير الأخبار عن الكتب القديمة، عالم بأساطير الأولين ولاسيما الإسرائيليات. يعد في التابعين. أصله من أبناء الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن. وأمه من حمير. ولد ومات بصنعاء وولاه عمر بن عبد العزيز قضاءها. وكان يقول: سمعت اثنين وتسعين كتاباً كلها أنزلت من السماء، اثنان وسبعون منها في الكنائس، وعشرون في أيدي الناس لا يعلمها إلا قليل من الناس. وفي «طبقات الخواص» أنه صحب ابن عباس ولازمه ثلاث عشرة سنة. ومن كتبه «ذكر الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم وقصصهم وقبورهم وأشعارهم»، رآه ابن خلكان في مجلد واحد، وقال: هو من الكتب المفيدة. وله «قصص الأنبياء» و«قصص الأخيار» ذكرهما صاحب كشف الظنون، حاجي خليفة.

ورغم أن عدداً من المؤرخين والرواة لم يأخذوا مؤلفات وهب بن منبه المبكرة بشكل جدي نظراً لطغيان الأسلوب القصصي الأسطوري في طريقة عرضه إلا أن بصماته أثّرت بشكل كبير على المؤرخين التالين له، حيث فتح لهم الطريق للنهل من مصادر أهل الكتاب، والاستعانة بالإسرائيليات لكشف تفاصيل قصص الأنبياء وأخبار الأمم السابقة، ويقرنه ابن كثير بكعب الأحبار في هذا الدور، حيث يقول في تفسيره: «سامحهما الله -أي كعب الأحبار، ووهب بن منبه- فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب، مما كان ومما لم يكن، ومما حُرِّفَ وبُدّل ونسخ». ويُذكر أن «الطبري روى عنه أنواعاً من الإسرائيليات تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية».

وفي كتابه المطبوع تحت اسم «التيجان في ملوك حمير» من رواية ابن هشام، يقدم لنا ابن منبه صورة شاملة عن تاريخ اليمن، بكل ما يحويه ذلك من أسمار وأساطير شعبية، فيبدأ بخلق العالم، وقصص آدم وأولاده حتى عهد نوح وأولاده، ثم يعرج إلى العرب من الساميين، وإلى عرب الجنوب خاصة، ويسرد تاريخ أقيالهم، وملوكهم، وغزواتهم في أرجاء الأرض، ويذكر هجرة عمرو بن عامر من اليمن إلى شمال بلاد العرب، كما يذكر بعض ملوك غسان.

يقول حسين نصار في كتابه «نشأة التدوين التاريخي عند العرب»: «لا يختلف كتاب التيجان لوهب كثيراً عن كتاب عبيد بن شرية الجرهمي (سبق تفصيله في مقال سابق)، فهما يطلقان لخيالهما العنان في تصوير الوقائع، ويلونان الحوادث التاريخية بأطياف خيالية قد تخرج بها إلى حد الخيال والأسطورة، ولذلك يصدق عليهما اسم القصص التاريخي أكثر من أي نعت آخر».

إن هذا الكتاب كما يصفه عبدالعزيز الدوري: «يقدم أسطورة يمانية شعبية مجيدة، هدفها كما يبدو أن تعطي صورة رائعة لعرب الجنوب، تجابه التفوق العام لعرب الشمال، وتعكس صورة للتفاخر بين الاثنين».

صدر الكتاب في طبعة حديثة أواخر السبعينات الميلادية عن مركز الدراسات والأبحاث اليمنية في صنعاء، وهي إعادة لطبعته الأولى التي ظهرت عام 1928 في حيدر أباد بالهند، وفي غلافه «كتاب التيجان في ملوك حمير، عن وهب بن منبه، رواية أبي محمد عبدالملك بن هشام، عن أسد بن موسى، عن أبي إدريس بن سنان عن جده لأمه وهب بن منبه رضي الله عنهم».

وقدم لهذه الطبعة الأديب الدكتور عبدالعزيز المقالح، الذي تحدث عن قصته مع هذه الكتاب، وموقفه منه، وشعوره حين قرأه للمرة الثانية، يقول: «بدأت ابحث عن هذا الكتاب الذي فتن عقول الشعراء والعلماء على السواء، وعرفت أن بلادنا لا تحتفظ سوى بنسخة واحدة منه.. وفي قلب العاصمة صنعاء، هناك عكفت على قراءته للمرة الثانية، قرأته هذه المرة بعين وقلب الشاعر، لا بعقل الباحث والمؤرخ، وقد أدهشني حقاً، وحملني إلى عوالم من الخيال والأساطير تتضاءل أمامها الأفلام الغربية المدهشة التي تمطرنا بها استديوهات هوليوود، إنه بحق تحفة فنية مرسومة بالكلمات».

لنطلع هنا على مقتطفات مما ورد في كتاب وهب بن منبه، عن قصة أحد أشهر ملوك اليمن: (عمرو بن عامر مزيقيا، ملك تُبّع):

عمرو بن عامر مزيقيا بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن ابن الأزد -وإنما سمي مزيقيا لأنه كانت تنسج له في كل سنة ثلاث مائة وستون حلة، ثم يأذن للناس في الدخول فإذا أرادوا الخروج استلبت عنه وتمزق قطعاً – ولذلك سمي مزيقياً، وكانت الحاكة بمأرب تقيم له حلة في كل سنة نسجها ذهب أحمر، وكان له عيد من الحول إلى الحول تعدله، فإذا أراد الرجوع إلى منزله مزقت عليه.. وكان اسم أبيه عامر ماء المزن لأنه كان إذا نزل بقومه جدب فتح بيوت أمواله وعالهم حتى يخصبوا ويقوم لهم مقام المطر إذا فُقد، وكانوا يقولون: كفانا عامر، هو ماء المزن لنا… وكان عمرو أعظم ملك بمأرب وكان له تحت السد من الجنات ما لا يحاط به. كانت المرأة تمشي من بيتها وعلى رأسها مكتل فلا تصل إلى بيت جارتها إلا وهي تملؤه من كل فاكهة من غير أن تمس منها شيئاً وكانت كما قال الله تعالى {بلدة طيبة ورب غفور} وإن الرجل يمشي تحت ظلال الشجر شهرين فلا تصل إليه الشمس من كثرة الجنات حتى دعوا على أنفسهم فقالوا: {ربنا باعد بين أسفارنا} فأرسل الله عليهم السيل… وكان لعمرو أخ أكبر منه يقال له عمران بن عامر، وكان ملكاً متوجاً قبله، وكان كاهناً لم يكن في الأرض، أعلم منه، وكان بيده علم من بقايا دعاة سليمان، وكان له حظ عظيم من ذلك، وكانت العرب لا تعدل بعلم عمران بديلاً وكان يخبر قومه أن بلادهم ستخرب آخر الزمان حتى يفترق قومها في مشرق الأرض ومغربها، وكانوا يكتمون ذلك من قوله ويقولون: شيخ قد كبر وبلغ من السنين أربعمائة عام، وكان أخوه عمرو بن عامر قد بلغ ثلاثمائة عام. فلما حضر عمران الموت دعا بأخيه عمرو وقال له: يا عمرو إني ميت وهذه البلاد ستخرب ويفترق أهلها، وينهدم هذا السد، ويفيض عليكم فيهلككم ويهلك زروعكم وجناتكم وأموالكم وتفترقون في الأرض، وتتغلب عليكم الحبشة».

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

السعودية تستعرض تراثها في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو

تشارك السعودية في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو لإبراز التراث الوطني والحرف اليدوية، تعزيزاً للتبادل الثقافي وتحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030.

Published

on

تستعد المنظومة الثقافية في المملكة العربية السعودية لتسجيل حضور لافت ومميز في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera) الدولي، الذي يُقام سنوياً في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه المشاركة في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة لتعزيز حضورها الثقافي على الساحة الدولية، وتسليط الضوء على الإرث الحضاري والتراثي الغني الذي تتمتع به مناطق المملكة المختلفة، وذلك من خلال استعراض مجموعة واسعة من الحرف اليدوية والفنون التقليدية التي تعكس الهوية السعودية الأصيلة.

أهمية معرض أرتيجانو آن فييرا عالمياً

يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» واحداً من أهم وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والصناعات التقليدية في العالم. يمتد تاريخ هذا الحدث لسنوات طويلة، حيث تحول إلى منصة عالمية تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم. ويوفر المعرض فرصة فريدة للزوار لاستكشاف ثقافات الشعوب من خلال منتجاتهم اليدوية، مما يجعله جسراً للتواصل الإنساني والثقافي. وتكتسب المشاركة السعودية في هذا المحفل أهمية خاصة، حيث تتيح الفرصة للجمهور الأوروبي والعالمي للتعرف عن كثب على جماليات الفنون السعودية ودقة الحرفية التي يتمتع بها الحرفيون السعوديون.

رؤية 2030 ودعم التراث الوطني

تأتي هذه الخطوة انسجاماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث، وتعتبره ركيزة أساسية من ركائز جودة الحياة والتنمية الاقتصادية. وتعمل وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، مثل هيئة التراث، على تمكين الحرفيين السعوديين وتوفير المنصات اللازمة لهم لعرض إبداعاتهم وتسويقها عالمياً. إن الحضور في ميلانو ليس مجرد مشاركة في معرض، بل هو تجسيد لاستراتيجية وطنية تهدف إلى تحويل القطاع الحرفي إلى رافد اقتصادي مستدام، يساهم في الناتج المحلي ويخلق فرص عمل واعدة لأبناء وبنات الوطن.

ماذا ستقدم السعودية في ميلانو؟

من المتوقع أن يضم الجناح السعودي تشكيلة متنوعة من الحرف اليدوية التي تمثل مختلف مناطق المملكة، بدءاً من فنون حياكة السدو المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، وصولاً إلى صناعة الفخار، والنقش على الخشب، وصياغة الحلي التقليدية، والأزياء التراثية التي تحكي قصصاً من عمق التاريخ. كما يركز الجناح عادةً على تقديم تجربة ثقافية متكاملة تشمل الضيافة السعودية والقهوة السعودية، ليعيش الزائر تجربة حسية متكاملة تنقله إلى أجواء المملكة.

الأثر الثقافي والاقتصادي المتوقع

إن التواجد في حدث بحجم «أرتيجانو آن فييرا» يحقق مكاسب متعددة؛ فعلى الصعيد الثقافي، يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويصحح المفاهيم من خلال تقديم صورة مشرقة عن الإبداع السعودي. أما اقتصادياً، فهو يفتح نوافذ تصديرية جديدة للمنتجات الحرفية السعودية، ويتيح للحرفيين الاحتكاك بالخبرات العالمية وتبادل المعرفة، مما يساهم في تطوير جودة المنتج المحلي والارتقاء به لمنافسة المنتجات العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

السعودية تستعد للمشاركة في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو

تعرف على استعدادات السعودية للمشاركة في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو، ودور ذلك في إبراز التراث الوطني والحرف اليدوية ضمن رؤية 2030.

Published

on

تجري الاستعدادات على قدم وساق لتمثيل المملكة العربية السعودية في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera)، الذي يعد أحد أبرز وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والفنون التقليدية، والمقرر إقامته في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الحضور الثقافي السعودي على الساحة الدولية، وإبراز العمق التاريخي والحضاري للمملكة أمام الجمهور الأوروبي والعالمي.

أهمية المشاركة في المحافل الدولية

تكتسب هذه المشاركة أهمية استراتيجية كبرى، حيث يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» منصة عالمية فريدة تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم، ويستقطب ملايين الزوار سنوياً في مركز معارض «فييرا ميلانو». وتعد المشاركة السعودية فرصة ذهبية لاستعراض التنوع الثقافي الذي تزخر به مناطق المملكة المختلفة، من فنون السدو والقط العسيري، إلى الصناعات الفخارية والخشبية والمشغولات اليدوية الدقيقة التي تعكس هوية الإنسان السعودي وارتباطه بأرضه.

التوافق مع رؤية المملكة 2030

تأتي هذه التحركات متناغمة تماماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث الوطني. وتسعى الهيئات المعنية، مثل هيئة التراث ووزارة الثقافة، من خلال هذه الفعاليات إلى تمكين الحرفيين السعوديين وفتح منافذ تسويقية عالمية لمنتجاتهم، مما يساهم في تحويل الحرف اليدوية من مجرد موروث شعبي إلى صناعة ثقافية إبداعية تساهم في الاقتصاد الوطني.

تعزيز التبادل الثقافي السعودي الإيطالي

على الصعيد الدبلوماسي والثقافي، تمثل هذه المشاركة جسراً للتواصل بين الشعبين السعودي والإيطالي، اللذين يجمعهما تقدير عميق للفنون والتاريخ. فإيطاليا، بكونها عاصمة عالمية للتصميم والفنون، تعد البيئة المثالية لتقديم الإبداع السعودي بصورة عصرية. ومن المتوقع أن يسهم الجناح السعودي في جذب الانتباه نحو الوجهات السياحية التراثية في المملكة، مثل العلا والدرعية، من خلال بوابة الفنون والحرف، مما يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويؤكد مكانتها كمركز إشعاع حضاري في المنطقة.

Continue Reading

الثقافة و الفن

الثلث الأول من رمضان في نهاية الشتاء: مميزات الصيام والأجواء

تعرف على خصائص تزامن الثلث الأول من رمضان مع الأيام الأخيرة للشتاء. كيف يؤثر الطقس المعتدل وقصر النهار على الصائمين؟ قراءة في الأجواء الروحانية والفلكية.

Published

on

يشهد العالم الإسلامي في هذه الفترة ظاهرة فلكية ومناخية مميزة، حيث يتزامن الثلث الأول من شهر رمضان المبارك مع الأيام الأخيرة من فصل الشتاء، مما يضفي على الصيام طابعاً خاصاً يجمع بين الروحانية العالية والأجواء المناخية المعتدلة. هذا التزامن ليس مجرد صدفة عابرة، بل هو نتاج للدورة الفلكية للقمر التي تجعل الشهر الفضيل يطوف عبر فصول السنة المختلفة.

الدورة الفلكية وتغير مواسم الصيام

من المعروف فلكياً أن السنة القمرية (الهجرية) أقصر من السنة الشمسية (الميلادية) بحوالي 11 يوماً. هذا الفارق الزمني يؤدي إلى تراجع موعد شهر رمضان كل عام، مما يجعله يمر بجميع فصول السنة الأربعة في دورة كاملة تستغرق حوالي 33 عاماً. وفي هذه الأعوام، يحل الشهر الكريم ونحن نودع فصل الشتاء ونستقبل بدايات الربيع، وهي فترة انتقالية تعرف بالاعتدال الربيعي، حيث يتساوي الليل والنهار تقريباً في العديد من المناطق، وتبدأ درجات الحرارة في الارتفاع التدريجي مع بقاء نسمات البرودة اللطيفة.

ميزات الصيام في نهاية الشتاء

يعتبر صيام رمضان في الأيام الأخيرة للشتاء وبدايات الربيع من أيسر أوقات الصيام مقارنة بأشهر الصيف القائظة. وتتمثل أبرز الميزات فيما يلي:

  • قصر ساعات النهار: في فصل الشتاء وبداية الربيع، يكون النهار أقصر نسبياً من الليل، مما يعني ساعات صيام أقل، وهو ما يخفف من مشقة الجوع والعطش على الصائمين.
  • اعتدال الطقس: تساهم الأجواء الباردة أو المعتدلة في تقليل فقدان الجسم للسوائل، مما يجنب الصائمين الشعور بالإعياء أو الجفاف الذي قد يحدث في مواسم الحر الشديد.
  • النشاط البدني: يساعد الطقس اللطيف الصائمين على ممارسة حياتهم اليومية والعبادات بنشاط أكبر، حيث لا يستنزف الحر طاقتهم.

الثلث الأول: أيام الرحمة في أجواء لطيفة

دينياً، يُعرف الثلث الأول من رمضان بأنه “أيام الرحمة”، وفقاً للأثر المروي: “أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار”. ومع تزامن هذه الأيام المباركة مع وداع الشتاء، تتجلى الرحمة الإلهية أيضاً في تخفيف المشقة البدنية على العباد. تتيح هذه الأجواء للأسر الخروج ليلاً للتراويح والزيارات العائلية دون عناء الحر أو الرطوبة، مما يعزز من الروابط الاجتماعية والروحانية التي يتميز بها الشهر الفضيل.

الاستعداد الصحي والغذائي

مع برودة الطقس النسبية في ليالي آخر الشتاء، ينصح خبراء التغذية الصائمين بالتركيز على الأطعمة التي تمد الجسم بالطاقة والدفء خلال وجبتي الإفطار والسحور، مثل الحساء الدافئ والأطعمة الغنية بالألياف، مع عدم إغفال شرب كميات كافية من الماء، حيث أن الشعور بالعطش يقل في الشتاء مما قد يؤدي لنسيان شرب الماء.

ختاماً، يمثل تزامن بداية رمضان مع نهاية الشتاء فرصة ذهبية لاغتنام الأجر في ظل ظروف ميسرة، حيث يجتمع صفاء الروح مع اعتدال الجو، ليكون موسماً مثالياً للطاعة والعبادة.

Continue Reading

Trending