Connect with us

الثقافة و الفن

عدنان الصائغ: كأنّ تجربتي هذيان طويل

تعد تجربة الشاعر عدنان الصائغ من أنضج التجارب الشعرية لجيل السبعينيات العربي، كيف لا وهو الذي حياته قصيدة، وأيامه

Published

on

تعد تجربة الشاعر عدنان الصائغ من أنضج التجارب الشعرية لجيل السبعينيات العربي، كيف لا وهو الذي حياته قصيدة، وأيامه نشيد، وعلاقاته بحور وأنهار، وأماسيه أوزان وقوافٍ، يأسر الصائغ عارفيه ومحبيه بهذا السمت الهادئ، حتى يأتي الشِّعر فتغدو الكلمات فوّهات ألم وعذابات شأن البراكين التي لا تنتهي تماماً ولا تثور كُليّاً.. هنا نص حوارنا مع صاحب «نشيد أوروك» و«نرد النص»:

• من «نشيد أوروك» إلى «نرد النص»، كأنك ما زلتَ مسكوناً بألم يصعب التعبير عنه في مجاميع صغيرة.. ما تعليقك؟

•• الألم المرُّ والمريرُ الذي اعتصر حياتَنا كلَّها عقوداً من الحروب والطغيان والحصارات المتعددة، أضفى على تجربتي في الكتابة شكلاً مختلفاً كأنه هذيان طويل مسعور لا ينتهي، مضى بي إلى مديات تجريبية لا يمكن لأي نص أن يستوعبها. وهكذا وُلدتْ أولى سطور «نشيد أوروك – أو هذيانات داخل جمجمة زرقاء لا علاقة لعدنان الصائغ بها» وأنا وقتها كنتُ جنديَ احتياط مرمياً في إسطبل مهجور في قرية شيخ أوصال في كردستان (شمالي العراق). كان ذلك عام 1984، وانتهيتُ منها عام 1996 وأنا لاجئ في بيروت. كان الهذيان ممتداً على مساحة تجاوزت الـ550 صفحة ونحو 12 عاماً. ولم أكن أدري أو أتصور أين سترمي بي الأقدار ثانية؛ مكاناً أو نصاً.

غير أن القدر قادني مرةً أخرى في عام 1996 نفسه، من رمال بيروت الساخنة إلى ثلوج جنوب القطب (شمال السويد)، إلى تجربة نصٍّ مفتوحٍ أكثر غرائبية وتجريباً وطولاً لأنتهي منه العام الفائت 2022 بعد نحو 25 عاماً، و1380 صفحة، حمل عنوان «نرد النص».

لكن كما تعرف والكثيرون أنني مهتم وأميل إلى كتابة قصيدة الومضة والتكوينات القصيرة، وقد صدرت لي عدة مجاميع شعرية بهذا الشأن وعرفت بهذا النوع من الكتابة، وهناك دراسات كثيرة حول ذلك، حتى أن شاعرة طالبة دكتوراه اسمها هناء أحمد كانت تعد عدتها لأن يكون عنوان أطروحتها للدكتوراه عن قصيدة الومضة والنصوص القصيرة في شعري، غير أن دخول «داعش» إلى مدينتها الموصل، جعلها وعائلتها تلجأ إلى بغداد وهناك أكملت أطروحتها لكن بعنوان «عتبات النص في شعر عدنان الصائغ» لظروف الجامعة واشتراطاتها، وهكذا ظل الموضوع مفتوحاً.

• ألم تتخوف من تردد القارئ في اقتناء ديوان كبير يتجاوز 1380 صفحة، ناهيك عن قراءته؟

•• نعم كثيراً ما واجهني هذا السؤال ونحن نعيش زمناً مكثفاً بكل شيء لغة وإنجازاتٍ، وصولاً إلى الأغنية السريعة وتغريدات «الموبايل». وجوابي أنني أدرك ذلك تماماً، خصوصاً وأنا أعيش في الغرب منذ نحو ثلث قرن، حيث لا فائض من وقت أو كلام. لكن لم يكن الأمر باختياري حقاً؛ أي لم أكن أقصد التطويل ولا أحبذه في أي عمل أو خطاب. غير أن هاتين التجربتين كانتا مختلفتين عن كل تجاربي وجيلي أيضاً. وكأن قدرهما -مثلما هو قدري- أن تكونا كذلك. فعندما بدأت في العمل الأول «نشيد أوروك» كنت أتصور أنني سأنتهي منه بعد 10 أو 20 سطراً أو صفحة أو صفحتين أو 10 صفحات، وإذا به يجرني لما لم أتوقعه ولا الناقد جبرا إبراهيم جبرا، ولا الشاعر عبد الرزاق الربيعي، ولا خالي د. عبدالإله الصائغ، وهم من واكبوا بداياته.

والأمر نفسه حدث مع «نرد النص» فقد قادتني سطوره الأولى إلى مسالك جديدة ومتاهات لم أكن أحسب لها حساباً ولم أكن أتخيل أنني سأقترب منها يوماً. فطريقي الشعري غير هذا، لكن هذه هي مفاجآت النص التي قد يفاجئ حتى كاتبه بما لم يكُ يحسب له حساباً.

إنه؛ أي «نرد النص»؛ حرثٌ في المسكوت عنه والمعلن أيضاً، في متون وهوامش التاريخ والدين والميثولوجيا والسلطة والجنس والمجتمعات والنظم المعرفية وغيرها، كاشفاً وسائلَ ومُحاججاً في (وعن) تلك الإشكاليات الكبرى التي أثقلت الإنسان على مر التاريخ والحقب -وخصوصاً نحن العرب- مكبلةً ومكممة (ومسممةً أحياناً) الحياةَ والفكر والروح، لتحجب عنا -لقرون وما زالت- مسالك التنوير والتفكير والعلم والاجتهاد والابتكار والحداثة.

• هل يغدو النص بين يديك سرداً لا متناهياً؟ سردته القصيدة؛ إن صح الوصف؟

•• ربما نعم في حيز من القصيدة، وليس بالعموم؛ فقد يثقل السرد على النص، بل قد يقتله. الأمر كله يخضع ويعتمد -أولاً وأخيراً- على مهارة الشاعر وتمكّنه من أدواته وثقافته، وعلى موضوعاته التي يطرحها والشكل الذي لبسته أو ألبسها، وعلى اللغة والإيقاع والصورة وأشياء أخرى كثيرة.

والأمر يصبحُ معكوساً وصحيحاً أيضاً في الرواية والقصة والآداب والفنون الأخرى؛ فقد ترى فيها شعراً أو روح الشعر. وخذْ «خريف البطريرك» لماركيز، و«في مديح زوجة الأب» لماريو بارغاس يوسا، مثلاً. وبعض قصص زكريا تامر، وفيلم «عازف البيانو» للمخرج رومان بولانسكي، أو بعض أفلام المخرج عباس كيارستمي، أو مسرح صلاح القصب أو لوحات ج. م. و. تيرنر، أو علاء بشير، وفان كوخ… إلخ. وقوائم الجمال والشعر تطول.

• ألم تخطر ببالك كتابة الرواية؟

•• لا.. كذلك القصة أو الرسم أو الموسيقى، وذلك لإيماني وادراكي أن الشعر قادر أن يضم كل تلك الأنواع الأدبية والفنية والمعارف الإنسانية وحتى العلوم والفلسفات. وهذا ما تراه في النشيد وأكثر في النرد فقد تجد الفن التشكيلي والموسيقى والسينما وشكل الرواية والقصة القصيرة والهندسة والعلوم والمذكرات والرسائل والمناشير والأخبار والإعلانات… إلخ. إنه نص مفتوح على كل ما يخطر وما لم يخطر ببال وحال. لهذا، وعوداً على سؤالك السابق، فكثيراً ما عدوهما أي «نشيد أوروك» و«نرد النص» شكلاً من رواية شعرية، أو سرداً شعرياً.

• كيف تعيش التحديث في نصك، بحكم أن العراق مدرسة تجديدية؟

•• دائماً يذكّرنا الشاعر محمود درويش بذلك، في مقطعه: «الشِعْرَ يُولَدُ في العراقِ، فكُنْ عراقيّاً لتصبح شاعراً يا صاحبي!». وكنتُ قد التقيته في بغداد، وكذلك في عمان. وكذلك المفكر جاك بيرك في قوله: «العراق بلد شعري» وكنتُ قد التقيته في العراق أيضاً.

هذا الكلام وغيره ألقى على كاهلي -وغيري من الشعراء- مسؤولية مضافة ومضاعفة، خصوصاً والأمر الأكبر هو هذا الإرث الذي أحمله معي وفيَّ من أول ملحمة شعرية عرفها تاريخ الشعر في العالم «ملحمة جلجامش» مروراً بأغاني اينانا والنصوص السومرية والأكدية والبابلية والآشورية والعربية الإسلامية وكذلك المدارس الفكرية والتنوع الديني والعِرقي: العرب والأكراد والتركمان والسريان، والمندائيون، واليهود والمسيحيون، والكلدوآشوريون والإيزيديون، والشبك، والكاكائية والبهائية والزرادشتية… إلخ، مروراً بالمدارس النحوية: (الكوفة والبصرة وبغداد)، والمذاهب الفقهية والصراعات الفكرية (المعتزلة والأشاعرة والحنابلة والإمامية… إلخ)، ومعهم (القدريَّة والجَبريَّة… إلخ، وخلق القرآن… إلخ) ودخولاً وتوقفاً أمام انعطافات الشعر العباسي، وتجارب الفترة المظلمة، والبند وثورة الشعر الحديث (قصيدة التفعيلة على يد السياب ونازك والبياتي وبلند، وبعدهم سعدي يوسف وحسب الشيخ جعفر وفاضل العزاوي وفوزي كريم وعبدالكريم كاصد… إلخ)، ثم قصيدة النثر (سركون بولص وزاهر الجيزاني وخزعل الماجدي وهاشم شفيق وحكمت الحاج وطالب عبد العزيز… إلخ)، ثم النص المفتوح، والشذرات و(الهايكو)… إلخ.

وكنتُ أرى في تنويعات هذا الإرث الضخم، عاملاً مهماً للانفتاح ومواصلة التجريب (المدروس وحتى غير المدروس) دون خوفٍ أو تردد، ووجدتني أمضي في ديواني ما قبل الأخير (و..) وأكثر في ديواني الأخير (نرد النص)، إلى تخوم بعيدة جداً في افتراع الأشكال والمعاني وغير ذلك.

لأُجربْ، لتجربْ. ما الذي تخسره إن كنت واثقاً من نفسِكَ. وطُوبى لمن عاشَ التجربة في الشِعر والحياةَ.

• بين الأمسيات في الغرب وأمسياتك لجمهور عربي.. كيف تصف انفعالك وتفاعل جمهورك مع نصك في الأماسي الشعرية؟

•• سؤال جميل ينفتح عن ألبومات أثيرة ومثيرة عن ذكريات ولقاءات وحوارات رافقت أو أعقبت تلك الأماسي، عن مشهدين مختلفَين وجمهورَين متنوعَين ولغتين بينهما بحارٌ ومفازات وإرث وايقاعات وأسرار.

في الأمسيات العربية تصل اللغة/‏القصيدة مباشرةً وحارةً إلى جمهورها لا يقطعها شيء، لكن قد تجد أحياناً ثمة شروداً أملته أوضاعنا.

في الأمسيات الغربية تجد ذائقات مختلفة وجمهوراً مختلفاً ليس له من إرثٍ عنك مسموعاً أو مقروءاً إلا النزر، في الكثير من الأحيان، فتكون هي أمام موسيقى لغتك يتصاعدون معه حتى تطل الترجمة بينكما لتقربك أو تبعدك، قليلاً أو كثيراً.

وتحت ذلك الجسر الذي بينكما تتمازج الكلمات والصور والمشاعر. ولأنه جمهور احترف ثقافة الإصغاء فكثيراً ما تجده مشدوداً لهدير الصوتين معاً؛ الشاعر ومترجمه. وفي النقاشات واللقاءات في الأمسية أو بعدها تتلمس ذلك، وتتلمسه أيضاً في مقتنيات الكتب خلال الأمسية باقتناء نسخة أو أكثر من نسخة أحياناً موقعة لتُهدى لصديقٍ أو حبيبٍ أو عائلة.

نعم، لقد لمستُ -وغيري- الكثير من الحفاوة في بلاد الغرب، في السويد وبريطانيا اللتين عشتُ فيهما، وكذلك في العديد من عواصم العالم التي زرتها وألقيتُ شعري فيها، من كندا إلى هولندا، إلى كولومبيا، إلى الإكوادور، إلى كوبا، إلى اليابان وإلى وإلى…

• ألا يزال العراق يبتعد عنك كلما اتسعت في المنافي خطاه؟•• إنها معادلة صعبة لا يدركها إلا من تنقل في المنافي، وتقلَّب ببلده الحالُ والمآل. كأني أستعيد معه هذا النص الذي كتبتهُ قبل 27 عاماً:

«لي بظلِّ النخيلِ بلادٌ مسوّرةٌ بالبنادق

كيف الوصولُ إليها

وقد بعد الدربُ ما بيننا والعتابْ

وكيف أرى الصَحْبَ

مَنْ غُيّبوا في الزنازين

أو كرّشوا في الموازين

أو سُلّموا للترابْ

إنَّها محنةٌ -بعد عشرين-

أنْ تُبْصِرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ

السماواتِ غيرَ السماواتِ

والناسَ مسكونةً بالغيابْ»!

• هل هاجس الشاعر الأكبر هو الأمان؟

•• ليس من أمان لأي شاعر مختلف -خصوصاً في بلداننا المحكومة بالكثير من الممنوعات- وهكذا تجد أن الكثير من شعرائنا ماتوا خارج أوطانهم، وخذ الكاظمي والجواهري والصافي النجفي، وخذ بعدهم جيل الرواد البياتي ونازك وبلند، وبعدهم: سعدي وسركون وفوزي وأنور الغساني ومظفر النواب ومصطفى جمال الدين ومؤيد الراوي وجان دمو وعبدالأمير جرص، وبعدهم من أجيالٍ.. وصولاً إلى كريم العراقي الذي رحل عنا قبل أيام.

ولأن الشاعر الحقيقي ثورة دائمة ضد الثبوت الفج والظلم والقبح والقناعات والشعارات الفارغة فهو في صِدامٍ دائمٍ.

ولهذا فهو عندما يبحثُ عن الحرية والأمان والتقدم لوطنه ولناسه وللعالم وبالتالي له أيضاً، فكأنه يبحثُ عن «يوتوبيا»، لذا ترى قوائم التصفيات الجسدية والمعنوية والمطاردات والتشويهات تلاحقُ الشاعر دائماً وأبداً.

• إلى أي مستوى أنت راضٍ عن الحياة في ظل ما عشته من أهوال الحروب؟

•• أتذكر عنواناً جميلاً وضعه الشاعر التركي ناظم حكمت لكتابه: «الحياة هي جميلة يا صاحبي»، وقد عاش مرارات السجون والأقبية لعقود، والمنفى أيضاً حتى وفاته فيه، لكن ضوء الشعر كان يملأ كيانه ويمده بالكثير، وهذا الضوء دائماً كان معي في خضم تلك السنوات الحالكة والطاحنة من الحروب والقمع والحصارات، ثم التشرد والمنافى ومكابداتهما أيضاً.

• أي مجموعاتك الشعرية عبّرت عنك بموضوعية؟

•• في كلِّ مجموعة شعرية هناك بالتأكيد شيءٌ مني أو من مرحلةٍ من حياتي. وقد يتغير هذا الاِنشداد من ديوان لآخر، ومن عمرٍ لآخر، ومن حالٍ لآخر. فكل شاعر تجده في مرحلة أو حالٍ ما، ملتصقاً بنص أو ديوانٍ، حتى يأتي آخر فيجذبه إليه. وفي النهاية يجد نفسه مقسماَ كأنه يستعيد قول شاعر ما قبل الإسلام عروة بن الورد «أُقَسِّمُ جسمي في جُسومٍ كثيرةٍ».

لكن في خضم هذا قد يجد الشاعر نصاً لا يفارقه أو ديواناً أكثر قرباً إليه -كما ذهبتَ في سؤالك الكريم- وهذا ما لمْ أتلمسه بهذا الوضوح في حالي وتجربتي، لكنني رأيتهُ كثيراً عند قراءٍ لي ونقاد ودارسين، كانوا يميلون لنص أو ديوان دون سواهما، وهذا ما يستوقفني كثيراً للتأمل أو المراجعة.

• ماذا عن فكرة الديوان المسموع والقناة «اليوتيوبية» لإلقاء القصائد من خلالها؟

•• إنها فكرة جيدة للشاعر، تقرّبه من جمهوره وقرائه. وتنقل إليهم إيقاعات روح الشاعر وهو يمر بنبرته، بصمته، أو يتماوج بين الكلمات ونقاط التوقف، صعوداً أو خفوتاً وما بينهما، فيعطي للقصيدة مستوى ومناخاً وملمساً.

وقد أتيح أخيراً أن تكون لي قناة على اليوتيوب تضم الكثير من القراءات والأمسيات الشعرية والحوارات.

• ما الذي تنتظره مبدعاً من الذكاء الاصطناعي؟

•• الشعراء والفنانون يميلون إلى الطبيعة أكثر من ميلهم إلى كل ما هو اصطناعي أو آلي. لكن لا بأسَ أن يكون لهذا الذكاء «الجديد المُصنَّع» مكانةً ما في أسلوب حياتنا العصرية وأنماط احتياجاتنا. فالعصر والعلم يسيران بسرعة خارقة ولا يمكن ولا ينبغي لنا إيقافه عدا المُجْمَع على مضرته.

• كيف يمكن أن تصف تجربة دعوتك لمقهى هافانا في مكة المكرمة؟

•• هي دعوتي الأولى إلى الأرض السعودية عام 2010، وحدثت لي مفارقات لم أكن أتصورها خصوصاً أنني كنت قبلها بعام؛ أي 2009 مدعواً إلى العاصمة الكوبية (هافانا) للمشاركة في مهرجان شعر دولي.

بَلَدان متباينان أزورهما لأول مرة بأجواء وتقاليد مختلفة إلى حد ما، عما هي في بلدي وكذلك عن البلدان العربية والأوروبية التي سكنتها أو مررت بها. والحديث يطول ويُدهش وذو شجون وشؤون.

• ما أثر الإقامة في الغرب على قصيدتك؟

•• كان ذلك التأثير على ثقافتي وتجربتي الشعرية معاً، كثيراً ومهماً؛ فالاطلاع والانفتاح على العالم وثقافاته المتنوعة يفتح لك أكثر من نافذة وأفق، فالشوارع والجسور والناس والمتاحف والحدائق والتماثيل تنفتح أمامك أحياناً ككتاب، بما تراه من معالم فنية كلاسيكية وحداثوية، ومن تجارب وسطور.

• كيف ترى المملكة اليوم؟

•• أحلم وأتمنى دائماً أن أراها وبلداننا العربية وبلدي في ارتقاء وتطور إلى أفق مفتوح حر، ليس بالأبنية فقط بل بالبنية العقلية.

• ما مصدر سعادتك المتجدد؟

•• في نص قديم بعنوان «عن المسدسِ الذي أصبحَ شاعراً» نُشر بعنوان «بالون» في ديواني «مرايا لشعرها الطويل» عام 1992، أقول فيه:

«أنتَ تملكُ الصكوكَ..

وأنا أملكُ القصائدَ..

ورغم ذلك فأنا أكثرُ سعادةً منكَ

حياتُكَ: بنوكٌ، ومسابح من الفسيفساءِ، وسكرتيراتٌ أنيقاتٌ، وكونياك، وملاعق من ذهبٍ، وصفقاتٌ، ودم…

وحياتي: شوارع من الريحِ، وكمبيالاتٌ مستحقّةٌ، وأصدقاءٌ، ومطرٌ، وخبزٌ منقوعٌ بالباقلاء…

ورغمَ ذلك..

فأنا استطيعُ أنْ أضعَ رأسي على الوسادةِ وأَحْلُمُ

أمّا أنتَ فلا تستطيع أنْ ترى غيرَ الكوابيسِ»

وأجد بعد هذه التجربة أن ذلك الحلم (الزهد) ظل يتجدد دائماً وهو مصدر السعادة الذي لا ينفد.

• هل تجد قصيدة النثر عناية كافية في العالم العربي؟

•• إنها الأكثر تعرضاً للظلم والتشويه. أمام طوفان النصوص الرديئة من جهة، ومن جهة أخرى تكلس بعض العقول الثقافية التي ما زالت تمارس عمليات الاستخفاف بها أو إقصائها، رغم أنها الأصعب في فنون الشعر قاطبة. أقول هذا وقد جربت وكتبتُ بكل أنواع الشعر على مدى أكثر من 40 عاماً: القصيدة العمودية، قصيدة التفعيلة، القصيدة المدورة، قصيدة النثر، وأيضاً القصائد القصيرة جداً والطويلة جداً وما بينهما.

نعم إنها القصيدة الخالصة التي تعتمد على مقوماتها الفنية بعيداً عن تزويقات الوزن والقافية وغير ذلك. وقد تحدثت عن ذلك كثيراً في كتابي «القصيدة الآن – من عمود إلى النص المفتوح» الذي صدر قبل أيام عن نادي الأدب الحديث ودار قناديل. وقبله كتابي «اشتراطات النص الجديد، ويليه في حديقة التجربة» عام 2008.

• كيف ترى الثقافة العربية وأنت خارج دائرتها، على المستوى المحسوس؟

•• الثقافة العربية بحاجة ماسة أولاً إلى مناخات من الحرية والتجريب والبحث والتواصل. فطالما ظلت محكومة بقوانين اجتماعية وسلطوية، فإنها ستبقى أسيرةً.

الأمر الثاني الترجمة والتواصل مع العالم، وهذا شأن مهم جداً لم يجد إلا القليل من يلتفت إليه بجدية وحرص وعمل… إلخ.

• ما الذي يبقى في ذاكرتك عن العواصم؟

•• رغم أن ذاكرتي ثقبتها شظايا الحروب والسنوات، لكن يعلق فيها أثناء رحلاتي أو إقاماتي مشاهد وحكايا وصداقات ومفاجآت أظل أعيدها في ذاكرتي وروحي، وقد يتسرب بعضها إلى نصوصي.

• هل أنصف النقاد تجربتك؟•• أقول ربما نعم، قياساً إلى مجايليَّ من الشعراء الذين تتصاعد أصواتهم غالباً بالشكوى.

• أي الأسماء الشعرية السعودية تراهن عليها؟

•• أعد نفسي متابعاً جيداً للشعر في كل مكان، في بلدي والأوطان العربية، وبلدان العالم. وباستمرار يستوقفني هنا أو هناك صوتٌ مغايرٌ أو نصٌّ متفردُ.

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

رئيس تنفيذية الألكسو بالقاهرة: الرؤية السعودية تستثمر بالمستقبل

انطلاق أعمال المجلس التنفيذي للألكسو بالقاهرة. رئيس المجلس يشيد برؤية السعودية 2030 ودورها في تطوير التعليم والثقافة وتعزيز العمل العربي المشترك.

Published

on

انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة أعمال اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، وسط حضور دبلوماسي وثقافي عربي رفيع المستوى. وقد شهدت الجلسة الافتتاحية تصريحات هامة لرئيس المجلس التنفيذي للمنظمة، ركز فيها على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في دعم العمل العربي المشترك، مشيداً بـ «الرؤية السعودية 2030» واصفاً إياها بأنها رؤية تستثمر في المستقبل وتؤسس لنهضة تعليمية وثقافية شاملة.

أهمية الاجتماع في ظل التحديات الراهنة

يأتي هذا الاجتماع في توقيت بالغ الأهمية، حيث تواجه المنطقة العربية تحديات متنامية تتطلب تعزيز التعاون في مجالات التربية والعلوم والثقافة. ويهدف الاجتماع إلى مناقشة البرامج والموازنات الخاصة بالمنظمة، بالإضافة إلى استعراض تقارير الأداء وخطط التطوير المستقبلية التي تضمن مواكبة المنظومة التعليمية العربية للتطورات التكنولوجية العالمية المتسارعة.

الرؤية السعودية 2030: نموذج ملهم للتطوير

في سياق حديثه، أكد رئيس المجلس التنفيذي أن ما تشهده المملكة العربية السعودية من حراك ثقافي وعلمي غير مسبوق تحت مظلة رؤية 2030، يمثل نموذجاً ملهماً للدول الأعضاء. وأشار إلى أن الاستثمار في رأس المال البشري، وتطوير المناهج، والاهتمام بالذكاء الاصطناعي والرقمنة، هي ركائز أساسية تبنتها المملكة، مما ينعكس إيجاباً على منظومة العمل العربي المشترك ويعزز من مكانة اللغة العربية والثقافة الإسلامية عالمياً.

خلفية تاريخية عن منظمة الألكسو

تعد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، التي تأسست عام 1970 وتتخذ من تونس مقراً لها، إحدى منظمات جامعة الدول العربية المتخصصة. وتعنى المنظمة بالنهوض بالثقافة العربية وتطوير مجالات التربية والعلوم على المستوى الإقليمي والقومي. وتعتبر اجتماعات مجلسها التنفيذي المحرك الأساسي لرسم السياسات العامة ومتابعة تنفيذ القرارات التي تصب في مصلحة الشعوب العربية، مما يجعل من انعقاد هذا الاجتماع في القاهرة دلالة على عمق العلاقات المصرية العربية ودور مصر الريادي في احتضان الفعاليات الكبرى.

التأثير المتوقع ومستقبل العمل العربي المشترك

من المتوقع أن يخرج هذا الاجتماع بتوصيات هامة تتعلق بتحديث الاستراتيجيات التربوية العربية، وتعزيز مشاريع التحول الرقمي في المؤسسات التعليمية. كما يعول المراقبون على هذا اللقاء لتعزيز الشراكات بين الدول العربية لتبادل الخبرات، خاصة في ظل الإشادة بالتجربة السعودية، مما قد يفتح الباب أمام مبادرات مشتركة تستفيد من الزخم الذي أحدثته الرؤية السعودية في المنطقة، لاسيما في مجالات حماية التراث وصون الهوية الثقافية في عصر العولمة.

Continue Reading

الثقافة و الفن

كراسي ملتقى الميزانية والبشت السعودي: تصميم يجسد الهوية

تعرف على سر كراسي ملتقى الميزانية المستوحاة من البشت السعودي. تفاصيل التصميم، دلالات الزري الذهبي، وكيف يعكس هذا الابتكار الهوية الوطنية ورؤية 2030.

Published

on

شهدت منصات التواصل الاجتماعي والأوساط الإعلامية تفاعلاً واسعاً مع التصاميم المبتكرة التي ظهرت في التجهيزات الخاصة بملتقى الميزانية، وتحديداً تلك الكراسي التي استوحت تصميمها ببراعة من "البشت السعودي"، الرمز العريق للأناقة والوجاهة في المملكة العربية السعودية. هذا الدمج بين الوظيفة العملية للمقاعد وبين الرمزية الثقافية العميقة للبشت، لم يكن مجرد خيار جمالي عابر، بل هو تعبير بصري دقيق عن توجهات المملكة نحو ترسيخ الهوية الوطنية في كافة التفاصيل الدقيقة للمناسبات الرسمية.

رمزية البشت: أكثر من مجرد رداء

لفهم عمق هذا التصميم، يجب العودة إلى الجذور التاريخية للبشت في الثقافة العربية والسعودية. يُعد البشت (أو المشلح) زيّاً رجالياً تقليدياً يرتبط بالمقام الرفيع والمناسبات الرسمية والأعياد. وتتميز البشوت السعودية، وخاصة "الحساوي" منها، بدقة الحياكة والتطريز بخيوط الزري الذهبية أو الفضية. إن استلهام تصميم الكراسي من هذا الزي، عبر استخدام اللون الأسود الفاخر (اللون الملكي الأكثر شيوعاً في البروتوكولات) مع الحواف الذهبية التي تحاكي "القيطان" و"المكسر" في البشت، يبعث برسالة احترام وتقدير للحضور، ويضفي هيبة على المكان تتناسب مع ثقل الحدث الاقتصادي الذي يتم فيه إعلان ميزانية الدولة.

رؤية 2030 وإحياء التراث في التصميم الحديث

يأتي هذا التوجه الفني متناغماً تماماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتماماً بالغاً بالثقافة الوطنية والتراث غير المادي. لم تعد الهوية السعودية تقتصر على المتاحف أو المهرجانات التراثية، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النسيج العمراني والتصميم الداخلي للمؤسسات الحكومية والفعاليات الكبرى. يعكس تصميم كراسي ملتقى الميزانية تحولاً في مفهوم "البروتوكول"، حيث يتم استبدال الأثاث المكتبي الغربي التقليدي بتصاميم تحمل بصمة محلية، مما يعزز من الشعور بالانتماء والفخر لدى المواطن، ويبهر الزائر الأجنبي بجماليات الثقافة السعودية.

الأثر الثقافي والانطباع العالمي

إن دمج العناصر التراثية في الفعاليات السياسية والاقتصادية يمثل نوعاً من "القوة الناعمة". فبعد أن لفت البشت السعودي أنظار العالم في نهائي كأس العالم 2022، يأتي استخدامه كمفهوم تصميمي في الأثاث ليؤكد على استدامة هذا الرمز وقابليته للتطوير والحداثة. هذا النهج يشجع المصممين السعوديين على الابتكار واستلهام أفكار من بيئتهم المحلية، مما يفتح آفاقاً جديدة لصناعة الأثاث والديكور القائمة على الهوية. علاوة على ذلك، فإن الاهتمام بهذه التفاصيل الدقيقة يعكس احترافية عالية في تنظيم الفعاليات الوطنية، حيث تتكامل الصورة البصرية مع المضمون الاقتصادي والسياسي لتصدير صورة حضارية عن المملكة.

ختاماً، لا تُعد كراسي ملتقى الميزانية مجرد مقاعد للجلوس، بل هي وثيقة بصرية تروي قصة التمسك بالجذور مع الانطلاق نحو المستقبل، وتؤكد أن التراث السعودي غني وقابل للتكيف مع أحدث خطوط الموضة والتصميم العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

مجمع الملك سلمان يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بالأمم المتحدة

مجمع الملك سلمان العالمي ينظم احتفالية في مقر الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، تعزيزاً لمكانة لغة الضاد ودعماً لأهداف رؤية المملكة 2030.

Published

on

في خطوة تعكس الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في خدمة لغة الضاد وتعزيز حضورها الدولي، نظم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك. ويأتي هذا الحدث تأكيداً على التزام المجمع برسالته الاستراتيجية الرامية إلى مد جسور التواصل الحضاري وإبراز جماليات اللغة العربية وقيمتها التاريخية والمعاصرة أمام المجتمع الدولي.

سياق الاحتفال والخلفية التاريخية

يحتفل العالم في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وهو التاريخ الذي يوافق القرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 في عام 1973، والذي بموجبه تم اعتماد اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل في الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التاريخ محطة سنوية للاحتفاء بواحدة من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وللتذكير بإسهاماتها الغزيرة في مسيرة الحضارة البشرية، سواء في العلوم، أو الآداب، أو الفنون.

دور مجمع الملك سلمان ورؤية 2030

تأتي مشاركة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في هذا المحفل الدولي كجزء لا يتجزأ من مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يعنى بتعزيز الهوية الوطنية واللغوية. ويسعى المجمع من خلال هذه الفعاليات إلى تحقيق أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في المحافظة على سلامة اللغة العربية، ودعمها نطقاً وكتابة، وتيسير تعلمها وتعليمها داخل المملكة وخارجها. كما يهدف المجمع إلى توحيد المرجعية العلمية للغة العربية عالمياً، وسد الفجوة في المحتوى العربي الرقمي.

الأهمية الثقافية والدولية للحدث

لا تقتصر أهمية هذه الاحتفالية على الجانب البروتوكولي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً ثقافية وسياسية عميقة. فاللغة العربية تُعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتحدث بها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة. ومن خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات في قلب المنظمة الأممية، يرسخ المجمع مكانة اللغة العربية كلغة للحوار والسلام والتفاهم المشترك بين الشعوب.

وتتضمن مثل هذه الفعاليات عادةً جلسات حوارية رفيعة المستوى، ومعارض فنية تبرز جماليات الخط العربي، ونقاشات حول التحديات التي تواجه اللغة في عصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي لخدمة اللغة العربية وتمكينها في المحافل الدولية.

Continue Reading

Trending